في «كل رجال الرئيس» يفتح الكاتب الكبير «عادل حمودة» الملفات الشائكة لكل حاشية الرئيس المخلوع «حسني مبارك» ليكشف كم الفساد الذي تسببت فيه هذه الحاشية، وبالتالي كانت السبب في خراب مصر.اقتراب «حمودة» من قلب الأحداث ومطبخ «النظام» بفكره وحسه الصحفي العالي وعلاقاته المتشعبة هو الذي أوصله لكل هذا الكم من المعلومات والتي لم تتح لمن اقتربوا جسدا وروحا وفعلا من النظام، والذين لم يكن لهم هم سوي التخديم عليه فعميت عيونهم ولم يروا الحقيقة بل تعمدوا ألا يروها إرضاءً للنظام حتي لا يغضبوه، «عادل حمودة» الذي يسير علي خطي أستاذه الكاتب الكبير «محمد حسنين هيكل» في الصحافة، يسير عليها أيضا في الإعلام، فرغم أنها الطلة الأولي ل«حمودة» علي شاشات التليفزيون كمقدم برامج إلا أنه يبدو كمحترف بما يظهره في أدائه من ثقة وتمكن من أدواته المعلوماتية، وحضور طاغ نتيجة «الكاريزما» التي يتمتع بها، وفوق كل هذا وذاك المصداقية التي هي أساس النفاذ إلي القلوب في العمل الإعلامي، «حمودة» الذي حمل علي عاتقه- كعادته- وكما علمنا نحن تلاميذه في مدرسة «روز اليوسف» - كشف الفساد والمفسدين، راح ينقب عن أدق التفاصيل الغائبة عن الكثيرين والمتعلقة بحاشية «مبارك» من «صفوت الشريف» ل«زكريا عزمي» ل«حبيب العادلي» ل«أحمد عز» ل «جمال مبارك» وغيرهم، ليعلنها وكأنه يوجه رسالة له يقول فيها: كل حلفائك خانوك يا«مبارك» حتي «زكريا» الأمين. والأمانة هنا رغم أنها جاءت في سياق الحوار الذي نطق به لسان «حمدي غيث» - ريتشارد قلب الأسد- في فيلم «الناصر صلاح الدين» مرددا جملته الشهيرة «كل حلفائك خانوك يا ريتشارد» حتي «آثر» الأمين كان يقصد الأمانة والثقة التي منحها إلي «آثر» خادمه المطيع الذي غدر به وكان سببا في هزيمة الصليبيين، وهي نفس الثقة التي منحها مبارك ليس ل«زكريا عزمي» فقط كخادم مطيع له- وإن كنت أشك في كونه أمينا- وإنما لكل رجاله. بالمناسبة فيلم « الناصر صلاح الدين» كان من الأفلام المغرم بها «مبارك» حيث أوهمته حاشيته وعلي رأسهم «صفوت الشريف» «جوبلز إعلامه» بأنه يشبه إلي حد كبير صلاح الدين الأيوبي في بطولاته وانتصاراته وإنجازاته، ولذلك كان يسعد مبارك عرض فيلم «الناصر صلاح الدين» علي شاشات التليفزيون المصري في سهرته الرئيسية في عيد ميلاده وهي السُنة التي سنها «الشريف» سنويا. اختيار اسم «كل رجال الرئيس» لبرنامجه لم يكن اختيارا عشوائيا، وإنما اختيار مدروس ليس لطبيعة الموقف والظروف والأحداث التي نعيشها فقط بسبب سقوط النظام البائد، وإنما لدرجة تأثر «حمودة» ب الكاتب الصحفي الأمريكي الشهيير «بوب وودي وورد» صاحب الكشف عن فضيحة «ووتر جيت» الشهيرة والتي تم تقديمها من خلال فيلم سينمائي عام 1976 يحمل نفس الاسم من بطولة «داستن هوفمان» تأثر «حمودة» الشديد ب«وورد» والذي كتب عنه وأشار إليه كثيرا في مقالاته وأيضا بالفيلم الذي يحكي قصته جعل هذا التأثير ينعكس - أكيد من خلال وجهات نظر متبادلة بينه وبين القائمين علي القناة في شكل الديكور وخاصة الأقنعة المتعددة الموجودة علي الجدران والتي تعبر عن تعدد الوجوه التي ترمز إلي حاشية الرئيس ورجاله.