محمد بديع فجرت الإدارة الأمريكية مفاجأة من العيار الثقيل ربما تؤدي إلي تحول جذري في علاقاتها بالمنطقة العربية والشرق الأوسط خلال المرحلة القادمة حيث أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلاري كلينتون» لأول مرة عن استعداد واشنطن فتح حوار علني مع جماعة الإخوان واعترفت بوجود مثل هذا الحوار في السابق ولكن كان عادة يتم بطرق غير معلنة وهو ما كانت تنفيه دائما الجماعة. قيادات جماعة الإخوان في مصر رحبوا بالخطوة الأمريكية واعتبروها تتويجا لجهود طويلة بذلها رموزها طوال السنوات الماضية لتعديل الأخطاء الأمريكية في الماضي، عندما تجاهلتهم علي مدي نصف قرن ظلت خلاله تتجنب الدخول معهم في أي تنسيق علني، حفاظا علي مصالحها مع الأنظمة القمعية السابقة. وكانت السفيرة الأمريكية «مارجريت سكوبي» التي ودعت القاهرة بزيارة ثلاث وزارات هي: المالية، والخارجية، والتعاون الدولي، بالإضافة إلي زيارة كل من شيخ الأزهر ورئيس مجلس الوزراء وأمين عام جامعة الدول العربية الجديد قد اقتصرت لقاءاتها مع الجماعة طوال ثلاثة أعوام علي لقاء بعض نوابها في البرلمان المنحل عبر توجيه دعوات خاصة للعديد منهم للعشاء.. كانت تتجنب خلالها التطرق لمناقشة القضايا السياسية الجدلية في حين اقتصرت هذه اللقاءات علي تبادل المجاملات والترحيب والتعارف. من جانبها تتوقع مصادر بالسفارة الأمريكية أن يفتح الموقف الأمريكي الجديد الباب أمام السفيرة الأمريكية «آن باترسون» للقاء علني مع مرشد الجماعة وقيادات حزبهم الجديد خاصة بعد رفع الحظر الذي كان يضعه النظام السابق علي أي اتصالات بين جماعة الإخوان وسفراء أمريكا في مصر علي مدار أكثر من نصف قرن. دبلوماسيون مصريون فسروا التوجهات الأمريكيةالجديدة بأنها نتيجة طبيعية لنجاح النموذج التركي، حيث تراهن واشنطن علي إعلان الجماعة المتكرر تخليها عن العنف والمرونة في التعامل مع ملف الأقباط وتحرير المرأة، فضلا عن دورها المتنامي علي الساحة السياسية المصرية في أعقاب التغيير الذي أحدثته ثورة 25 يناير، ويرون أن واشنطن تسعي إلي استبدال تحالفها السابق مع الحكومات الديكتاتورية التي لم تصمد كثيرا في مواجهة ربيع الحرية العربي، بحكومات «هجين» تجمع بين العسكريين والإسلاميين، معتمدة في ذلك علي التجربة «الأردوغانية» في تركيا التي أوجدت حلا للمعادلة الصعبة في التوفيق بين القوي السياسية ذات التوجه الإسلامي القادرة علي الوصول إلي البرلمان والرئاسة عبر صناديق الانتخاب بالتحالف مع العسكريين وبدون الدخول معهم في صدام. ويبدو أن زلزال السقوط السريع لأنظمة الحكم العربية التقليدية التي ظلت حليفة للولايات المتحدة علي مدي أكثر من نصف قرن، شكلت صدمة هزت مراكز التخطيط في واشنطن.