مثلما نطالب بمحاسبة أي تجاوز في جهاز الشرطة، أو خروج عن النص من بعض عناصره، وندعو دائما لمحاكمة الضباط الذين يخالفون القانون، ففي الوقت نفسه ندعو لتكريم كل فرد يبذل روحه في سبيل الواجب والوطن.. فكما نعاقب نكافئ.. الفيصل هو الفعل وليس مواقف مسبقة. قلب الأم المشروخ.. الثكلي بفراق الولد.. السند والظهر الذي انكسر.. فرحة العمر التي لم تكتمل.. لم يتحمل الحسرة وهي تتلقي خبر استشهاد النقيب البطل «محمد إبراهيم الخولي» وكان طلبها أن يجمعها الكفن بنجلها. الكلمات عاجزة، تهرب من مأساوية المشهد.. تتساوي في هذا مع كل أم فقدت فلذة الكبد غدراً.. ثائراً في الحق كان، أو مؤدياً واجبه حتي النفس الأخير. كما كان لزاما تكريم شهداء الثورة.. فإن الواجب يحتم تكريم شهداء الشرطة الشرفاء وكل فرد يدافع من موقعه عن الوطن أو يسهم في تقدمه ويؤدي واجبه.. المعركة كانت ولاتزال ضد تجاوزات الشرطة ولكن ليست ضد جهاز الشرطة الذي هو مثل غيره يضم الصالح والطالح! نفس الواجب يحتم أن يحتفي ميدان التحرير بعريس السماء النقيب «محمد إبراهيم الخولي» وأن تتلقي والدته فيه التهاني وليس التعازي والذي نحسبه عند الله شهيداً. إلي منزل العائلة ندعو أن يتوجه الثوار، يأخذون بخاطر الأم والشقيقات والزوجة، نحفر صورته في قلب الوطن جنباً إلي جنب ورد الجناين من شهداء الثورة. كان لافتاً الإشارة إلي خبر الوفاة وجنازة الشهيد في الصفحات الداخلية للصحف، لم تحتف به بالقدر اللائق، ولا بجلال الشهادة.. وكأن تعظيم القيم الإيجابية في أداء الواجب والانتماء طقس غير معترف به في الإعلام المصري الذي أدمن التركيز علي السلبيات، والنماذج الفاسدة، واختفت صور الأبطال وتصدر المشهد الشياطين. علي الإعلام واجب إنساني ومهني.. فبنفس القدرة علي النقد والتنقيب في السوءات والسلبيات.. أرض مصر عامرة بنماذج مشرفة يستحقون تصدر المشهد والتكريم اللائق.. رحم الله جميع شهدائنا وألهمنا وأهلهم الصبر والسلوان.