رغم أن الثورة المصرية لم تكمل شهرها الرابع إلا أن هناك عددا من المخرجين قرروا تقديم أعمال سينمائية عن أحداث الثورة وهو ما طرح تساؤلاً حول أهمية تقديم أفلام توثق للثورة رغم وجود دعوة بين شباب «الفيس بوك» للقيام بالثورة المصرية الثانية يوم 27 مايو الجارى تحت عنوان : «أنا محستش بتغيير.. أنا نازل التحرير» الأمر الذى يعنى عدم الاتفاق - حتى الآن - على مكتسبات الثورة وأهمها عدم الوصول إلى أحكام رادعة لرموز النظام السابق المتورطين فى قضايا الفساد. غروب وشروق من افلام ثورة يوليو وهو ما يجعل البعض يتساءل حول فائدة تقديم أعمال تتناول ثورة 25 يناير قبل اكتمالها، خاصة أن أهم الأفلام التى تناولت وأرخت لثورة يوليو 52 كانت فى منتصف الستينيات من القرن الماضى، وهو ما يعنى مرور أكثر من 10 سنوات كاملة على نجاح الثورة ولذلك كانت هناك علامات سينمائية بارزة سواء الأفلام التى مجدت الثورة مثل «السمان والخريف» و«لا تطفئ الشمس» و«غروب وشروق» أو تلك التى انتقدت ثورة 23 يوليو ومنها «شىء من الخوف» و«المتمردون» وخلال الأسابيع القليلة القادمة ستشهد الساحة السينمائية تخريج الدفعة الأولى من أفلام الثورة. البعض اعتبر أن تقديم أفلام عن الثورة فى الوقت الحالى هو نوع من المتاجرة والبعض الآخر اعتبره نوعًا من التربح السريع باعتبار أن أى فيلم يتحدث عن الثورة سيحقق إيرادات كبيرة. «الميدان» هو أول أفلام الثورة الذى يقوم بإخراجه وكتابته مجدى أحمد على والذى يؤكد أن الفيلم عانى فى البداية من أزمة تمويل لعدم وجود منتجين متحمسين لفكرة إنتاج فيلم عن الثورة باعتبار أنه مجازفة - من وجهة نظرهم - وبالتالى قررت أن أعتمد على التمويل الذاتى من أجل خروج الفيلم للنور. وعن أهم النقاط التى يرتكز عليها الفيلم قال: «سيكون الفيلم إنسانيا من خلال شخصية الدكتور طارق حلمى الذى يعمل جراح قلب لأن عمله دقيق ويحتاج لتركيز فهو مثل أغلب الأطباء الذين يهتمون بمرضاهم فقط ومنفصل عن العالم من حوله وتأتى نقطة التحول فى حياته وهى انطلاق مظاهرات 25 يناير ثم يقرر النزول إلى التحرير لمشاركة الشباب للمطالبة بالإصلاح والحرية ويقرر أن يتطوع لخدمة المصابين». مجدى دافع بشدة عن نفسه من الاتهامات التى تقول إنه من المتاجرين بالثورة ومن الساعين للتربح من ورائها وقال: «هل أصبحنا الآن نسعى للركوب على أكتاف الثورة فقد شاركت منذ اليوم الأول ولم يكن فى ذهنى فكرة إخراج فيلم عن الثورة وإنما كان الهدف الأساسى هو المشاركة الفعلية لحلم كل المصريين فى إسقاط النظام». الفيلم الثانى هو «بلطجية 28 يناير» الذى يقوم بإخراجه خالد مهران وكتبه محمود فوزى وبطولة فتحى عبدالوهاب ورانيا محمود يس. المخرج خالد مهران قال إن الفيلم يبدأ «فلاش باك» من كلمة «اخترناك» وينتهى بكلمة «ارحل»، حيث يبدأ بحادثة محاولة اغتيال الرئيس مبارك فى أديس أبابا وهتاف الجماهير عند عودته «اخترناك» وينتهى عند جمعة الغضب وهتاف الجماهير «ارحل» وقال إن أحداث الفيلم ستركز أكثر على بلطجة الأمن وهو السبب فى تسمية الفيلم بذلك وليس بلطجية موقعة الجمل وإن كانوا جزءا من البلطجة التى طفحت على السطح فى عصر مبارك. مهران قال إنه سيستعين بصور قام بتصويرها خلال مشاركته فى مظاهرات التحرير كما سيظهر العديد من الشخصيات الحقيقية التى شاركت فى الثورة كضيوف شرف. الفيلم الثالث هو «صرخة نملة» الذى قام المخرج سامح عبدالعزيز بتغيير نهايته لكى يتلاءم مع أحداث الثورة، طارق عبدالجليل مؤلف الفيلم قال إن الفيلم يدور حول شاب مصرى محبط من عدم وجود عمل يقرر السفر إلى العراق لإيجاد وظيفة إلا أنه يعود محبطًا أكثر بعد غزو العراق، ويبدأ رحلة البحث عن العيش الكريم فى بلده، فيكتشف كم الفساد الذى يطفو على سطح المجتمع ويحاول التصدى له وكشفه. وحول المشاهد التى تم تعديلها يقول عبدالجليل إن السيناريو السابق يقرر الشاب فيه الذهاب إلى الرئيس ليعرض عليه حالته، إلا أن السيناريو المعدل يدفع البطل للذهاب إلى ميدان التحرير لمشاركة المتظاهرين بالمطالبة بسقوط النظام وتنحى الرئيس، لتمتزج تيترات النهاية مع صوت الشاعر هشام الجخ. وعن اسم الفيلم يقول «عبدالجليل»: كان الفيلم يحمل اسم «الحقنا يا ريس» إلا أننا بعد الثورة وجدنا الاسم غير مناسب فسميناه «صرخة نملة». الفيلم الرابع «ليلة سقوط الرئيس» إخراج محمود كامل الذى قال إنه ينتظر انتهاء السيناريست سامى كمال الدين من الكتابة لتبدأ بعدها عملية ترشيح الأبطال. كامل قال إن الفيلم تدور أحداثه فى يومين فقط، بل يوم وليلة التنحى، كامل أكد أنه فى مرحلة جمع معلومات تتعلق بالضغوط التى تعرض لها مبارك لكى يتنازل عن الحكم. هناك مشروعان فى طور التفكير وهما «5 ساعات فى حياة الرئيس» ويقوم بكتابته السيناريست عبدالرحيم كمال الذى قال: أنا اخترت الساعات الخمس الأخيرة فى حكم مبارك وبالتحديد بعد خطاب التنحى وحتى سفر الأسرة بأكملها إلى شرم الشيخ بما فيها من مفاجآت وأسرار. والفيلم الآخر هو «الشارع لنا» للمخرج خالد يوسف حيث يعقد جلسات عمل مع السيناريست ناصر عبدالرحمن من أجل التحضير للفيلم . ورغم كل هذه الأعمال عن الثورة إلا أن المخرج داود عبدالسيد كان له رأى آخر حيث قال: لا داعى للتعجل فى تنفيذ أعمال فنية عن الثورة، كما أن الفنان فى حاجة ل«هضم» ما حدث حتى يستطيع أن يخرج بأعمال تليق بالحدث نفسه. الكاتب «يسرى الجندى» قال: حينما نتحدث عن إبداع حقيقى فكل هذه الإبداعات لا تستطيع أن تظهر فى أعقاب الثورة مباشرة، ومن يفعل هذا فى رأيى جاهل أو انتهازى لأن هذا ببساطة متاجرة رخيصة لأنها تأتى فى إطار تعبير عن متغيرات غير مكتملة، ويجب أن نعترف بأن الثورة لم تكتمل حتى الآن. فالفن لابد أن يكون ناقدًا ومتجاوزًا لأى فعل إنسانى أو ثورى.