في الوقت الذي ترددت خلاله تصريحات منسوبة للدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب «المنحل» والمتهم بالتحريض علي المتظاهرين في ميدان التحرير بأن له دورا في أكبر مشروعين قوميين في مصر. أولهما مكتبة الإسكندريةالجديدة. إذ عندما كان وزيرا للتعليم كان هو صاحب فكرة إنشاء المكتبة التي حصلت علي موافقة اليونسكو وكانت هذه التصريحات بمثابة صدمة جديدة للمؤرخ الدكتور مصطفي العبادي.. الرجل الذي ظل أكثر من أربعين عاما لا يعترض.. لم يتذمر ولم يصرخ ولم يشكُ الظلم والتجاهل وعدم التكريم اللائق، إذ كان مشروعه - إحياء مكتبة الإسكندرية القديمة - شاهدا علي ذلك، منذ أن كان خاطرا في خيال قلة قليلة من أساتذة جامعة الإسكندرية ثم أصبح مشروعا هندسيا وثقافيا متكاملا اعتنقته مصر ورعته منظمة اليونسكو! العبادي قال لنا: أين كان الدكتور سرور آنذاك.. وما دوره الحقيقي في بناء هذا الصرح الثقافي العظيم؟.. وكيف جرؤ علي أن ينسب لنفسه دور البطولة في هذا المشروع القومي؟! مردفا: يعود اهتمامي بتاريخ مكتبة الإسكندرية القديمة إلي سنوات دراستي بجامعة كمبردج بإنجلترا حين دعيت عام 1954 لإلقاء محاضرة عامة بالنادي المصري هناك، وكان يسمي بنادي الفراعنة. وأصدرت كتابي الأول عن المكتبة في العام .1974 وفي عام 1983 تقرر تحويل المشروع من فكرة إحياء المكتبة القديمة وإنشاء مركز ثقافي متعدد الأنشطة، كما أنني غادرت الإسكندرية للعمل في جامعة بيروت العربية فيما بين 80 -.1984 وبتولي الدكتور فريد مصطفي رئاسة الجامعة استدعاني لإحياء الفكرة مرة أخري وكون لجنة ثلاثية من الدكتور لطفي دويدار وأنا والدكتور محسن زهران أستاذ العمارة بدلا من الدكتور محمد فؤاد حلمي الذي توفاه الله. وفي يونيو 1986 توجت كل هذه الجهود حين انعقد المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو في باريس وقرر بأغلبية تقترب من الإجماع «49 صوتا ضد صوتين» الموافقة علي تبني المشروع ودعوة المدير العام للتعاون مع الحكومة المصرية للتنفيذ ليكون مركزا حديثا للبحث العلمي باستخدام أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا المعلومات لبعث الحركة العلمية في مصر والعالم العربي والأفريقي. وتقرر أن يبدأ البناء علي نهاية 1990 علي أن يستغرق خمس سنوات ليكون الافتتاح في عام 1995 وذلك مقابله لبدء تأسيس المكتبة القديمة حوالي 295 ق.م وهذا لم يتحقق بسبب غزو العراق للكويت ثم غزو أمريكا للعراق. وفي 16 أكتوبر 2002 افتتحت المكتبة رسميا في احتفال مهيب لم أدع له ولكنني أعتبره حدثا ثقافيا عالميا شاركت فيه بجهدي وعرقي وأبحاثي لينقذ الحركة العلمية في مصر والعالم العربي والأفريقي من التخلف. واستطرد العبادي: لقد كان المشروع فكرة في العقول وتجسد الآن صرحا رائعا علي أرض الواقع. فأين كان السيد سرور في كل هذا؟! أعتقد أنه شاهد ما شافش حاجة!