سعد هجرس د. لميس جابر رغم التحول المثير الذى شهده الإعلام المصرى «المرئى والمسموع والمقروء» وارتفاع سقف الحرية بصورة غير مسبوقة فإن بعض برامج «التوك شو» كشفت سريعًا خللاً واضحاً وعورات أصبح وجودها غير مقبول يمكن وصفها «بالفوضى الإعلامية». «روزاليوسف» فتحت ملفاً حول الأداء الإعلامى فى فترة ما بعد الثورة وهل ستكون هذه «الفوضى الإعلامية» التى ظهرت بوادرها فعلاً ستتصدر المشهد بعدما حولت عبود الزمر- قاتل السادات- إلى بطل قومى مرورًا بالاستفتاء على التعديلات الدستورية حيث لعبت دور الوصى على المشاهد من خلال توجيهه بنعم أو لا، إلى ظهور للدعاة السلفيين ومنهم أسامة القوصى الذى ظهر فى أكثر من 6 برامج خلال 4 أيام فقط تحدث فيها عن كل ما يتعلق بالجماعة السلفية من آراء وأحكام سياسية وشرعية، وما هو السيناريو الأفضل للأداء الإعلامى خلال الفترة القادمة للارتقاء بالمادة الإعلامية؟
جابر القرموطي * خلل وتخوين الإعلامى جابر القرموطى اعترف بوجود خلل وعدم اتزان فى منظومة الإعلام يعكس الخلل الموجود فى المجتمع كله، وأضاف: للأسف الشديد ظهرت فكرة التخوين بين الإعلاميين وبعضهم البعض فكما كنا نرى فى ميدان التحرير السؤال الشهير هل أنت مع الثورة أم خاين لمصر؟ فهناك برامج احتفت بعبود الزمر واستضافته باعتباره بطلاً ثم عادت وهاجمته فى الحلقات التالية فأصبحت تستضيف شخصيات يتحدثون عن مساوئه وقامت بانتقاد الصحف التى صورت خروجه من السجن بعودة البطل إلى وطنه!! وأعتقد أن السبب فى ذلك هو «الصدمة الثورية» لأننا كنا نعيش طوال 30 عامًا من الحكم الفردى وكنا فى منظومة مغلقة لها عدة إطارات أهمها أن رئيس الجمهورية لا يمكن التعامل معه على أنه شخص زائل، كما يوجد سبب آخر هو «التلون» الشديد الذى يصيب العديد من الإعلاميين خصوصًا فترة ما بعد الثورة حيث غيروا جلدهم عدة مرات حتى بعد نجاح الثورة. القرموطى اقترح للخروج من هذه الفوضى الإعلامية إقامة حوار إعلامى على غرار الحوار الوطنى ليظهر من بيننا الخائن الحقيقى ويظهر أصحاب الأجندات لأن ما نشاهده اليوم هو أن كلاً منا فى جزيرة منعزلة ولا يمكن استمرار هذه الحالة لأنها تنعكس سلبًا على صاحب الرسالة الإعلامية. صفوت العالم * صورة النظام أما د. صفوت العالم فقال: لا شك أن الإعلام ينقل صورة النظام السياسى القائم وبالتالى فهو يعكس الصورة المطلوبة منه ولذلك فسابقًا كان يعكس صورة النظام طوال 30 عامًا، وهو أمر متبع فى دول نامية عديدة ولذلك عندما قامت الثورة تحول معها، ولكن المشكلة الحقيقية التى تواجهه أنه لابد من وجود تحول مؤسسى وأن توجد بوصلة يتحول من خلالها الإعلام وبالتالى طالما لم تتحقق الرؤية ولم تتحدد حتى الآن أهداف الثورة ولا توجد حكومة مستقرة، فأمر طبيعى أن يحدث هذا التخبط، كما أنه يوجد تحول سريع لوسائل الإعلام بوصف النظام السابق «بالنظام البائد» بسبب تعاظم الفساد خلال الفترة الماضية من تاريخ مصر والبطانة السيئة لرجال الأعمال أيضًا كان لها يد فى وصف النظام بذلك، وبالتالى كان دور الإعلام خلال الأسابيع الماضية هو ملاحقة الفساد ومحاولة استعادة أموال الدولة التى نهبت، وبالتالى هناك تحول سريع ولكنه متخبط فى نفس الوقت، فالحرية التى منحت مؤخرًا للإعلام جعلته غير قادر على التمييز لأنه كان إعلاماً مسجوناً طوال 30 عامًا، وبالتالى كان لديه العديد من الأخطاء مثل الاحتفال غير المبرر بالسلفيين ورموز الإخوان أيضاً ظهر ذلك فى الاحتفاء بعبود الزمر وظهور الداعية السلفى أسامة القوصى مرات عديدة متتالية وكان هذا فى رأيى نوعاً من التخبط الشديد. وبسؤاله حول تأثير ذلك على المشاهد أجاب: الأثر سيكون استفهامياً لأن بعض المشاهدين سيعتقد أنه نوع من النكاية فى النظام السابق والبعض الآخر سيذهب إلى أنهم هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون باعتبار أن كل من كان ضد النظام السابق هم أبطال، وكما أن هناك فريقاً آخر سيذهب إلى أنها نوع من اختلاف الرؤى فى عرض وجهات النظر وللخروج من هذا النفق علينا أن نستعيد ميثاق الشرف الإعلامى وأن نكون حياديين قدر المستطاع. * نتيجية طبيعية فى حين أكد الكاتب سعد هجرس أنه لا يمكن اختزال الإعلام إلى برامج ال«توك شو» فقط لأن الإعلام أوسع من ذلك، وإذا نظرنا إلى تلك البرامج سنجد أنها لا يوجد بها حرية بالمعنى الحقيقى ولكن بها حرية «الفضفضة» ولكى يوجد لدينا حرية حقيقية فى الإعلام لابد أن يوجد حق لإصدار الصحف وحق لامتلاك القنوات حتى نرى الرأى والرأى الآخر، وإذا عبر أحد الإعلاميين عن رأى خاص به يكون هناك رأى آخر لكى يطرح وجهة نظر أخرى ولنترك للمشاهد حق التصويت على القضية المثارة، أعتقد أن الأهم الآن هو إتاحة حرية للأشخاص أنفسهم ولكن حرية مشروطة بالقيم الإعلامية المتفق عليها. وفى رأيى والكلام «لهجرس» أن المشكلة التى نراها الآن من فوضى إعلامية هى نتيجة طبيعية لحالة التردى الإعلامى فى عهد الرئيس مبارك ومن قبله السادات لأنه كان إعلامًا قائمًا على الولاء المطلق لشخص الرئيس، وبالتالى تراجعت المعايير المهنية، أما بعد ثورة يناير تحتاج مصر إلى خطة إعلامية لها معايير محددة تبنى عليها أفكارك وخططك المستقبلية، وبدون ذلك لا نتوقع أكثر مما نشاهده الآن من مشاهد سيئة ظهرت عندما تم تحويل قاتل بمعنى الكلمة إلى بطل. وينقلنا الكاتب سعد هجرس إلى سبب آخر هو نقص المهنية لدى العديد من مقدمى برامج التوك شو ويوضح أكثر بقوله: هؤلاء اعتقدوا أن التحول المفاجىء فى طريقة تناولهم للأحداث فى مصر ستبنى لهم رصيداً جديداً مع عهد الثورة، ولكن حدث العكس بسبب نقص مهنيتهم وتعودهم على تقديم قالب واحد من الخط السياسى فى برامجهم، وسيكون أثر ذلك على المتلقى بالطبع أثراً سلبياً ولكن يمكن معالجته بإتاحة مزيد من الحرية المسئولة وليست الحرية الفوضوية. أما الكاتبة لميس جابر فقد اعتبرت أن الإعلام المقروء يصنع تاريخًا «خيالى» للتاريخ الحقيقى وانتقدت بشدة ما ينشر فى العديد من الصحف بأنه يضلل الرأى العام وغير موضوعى بوصف فترة حكم مبارك بأنها كلها سيئة، وأضافت: لابد أن تكون هناك حيادية فى التناول لأن النغمة المسيطرة الآن على الجميع هى أننا عشنا 30 عامًا فى فساد والصدق هو أن فترة حكمه- الطويلة- من المفترض أن تقسم خصوصًا آخر عشر سنوات عندما ظهر ما يسمى بالفكر الجديد الذى قاده جمال مبارك وهو ما أساء لأبيه بشكل مباشر، وأعتقد أننا نعيش فى حالة إعلامية «مسفهة»، فالإعلام المرئى أصبحت لغته متدنية حتى فى فترة ما بعد الثورة ولا أعرف كيف يقال على الهواء فى قناة الفراعين أن «شورى المرأة تجيب ورا» فى إشارة لحرم الرئيس السابق وهى لغة لم نعهدها من قبل وللأسف كل ذلك يتم وضعه تحت مسمى الإعلام الحر الذى فى رأيى إعلام غير مسئول. وهنا تتساءل د. لميس: ما سر الاحتفاء بعبود الزمر والاحتفاء بالسلفيين وكأنهم دعاة الأمة الحقيقيون وهل يعقل أن يتم تسريب أوراق من أمن الدولة تدين العديد من الشخصيات البارزة فى المجتمع ومنهم شيخ الأزهر أحمد الطيب ولا يتم المساس بأى قيادى فى جماعة الإخوان؟ عمومًا أعتقد أن هناك شبه مؤامرة مدبرة لا نعرف أبعادها خصوصًا بعد الاحتفاء الذى نشاهده يوميًا لرموز السلفية فى مصر لأننى غير قادرة على تفسير ما يحدث حولى من مشاهد تستحق التحليل الآن.