السيسي يشهد حفل تخرج جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة    أسعار الذهب اليوم الأحد 29-9-2024 في مصر    خبير علاقات دولية: دور مجلس الأمن في حفظ السلام معطل    حدث ليلا.. كواليس اغتيال حسن نصر الله وانقطاع الكهرباء عن 3.5 مليون أمريكي بسبب الإعصار «هيلين»| عاجل    مسئول أمريكي كبير يرجح قيام إسرائيل بتوغل بري محدود في لبنان    3 شهداء فى قصف الاحتلال الإسرائيلى شمال ووسط قطاع غزة    عاجل.. سقوط أمطار وتحذيرات من شبورة مائية على الطرق.. اعرف حالة الطقس اليوم    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى العياط    تفاصيل الحالة المرورية على الطرق والمحاور الرئيسية «فيديو»    شيرين توجه رسالة لشقيقها: «آسفة بعتك بأرخص تمن».. والأخير يرد    ريهام عبدالغفور تنشر صورة تجمعها بوالدها وتطلب من متابعيها الدعاء له    مجدي عبدالغني: الأهلي يحتاج لعودة خالد بيبو.. وتقدمت ببلاغ للنائب العام    حديد عز يتجاوز 43,000 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 29-9-2024    صدمة إسعاد يونس من ابنها بسبب علاقة غير مشروعة.. أحداث الحلقة 6 من مسلسل «تيتا زوزو»    فخري الفقي: 30% من الدعم العيني يذهب لجيوب غير المستحقين ويزيدهم ثراءً    المندوه: ركلة جزاء الأهلي في السوبر الإفريقي «غير صحيحة»    محمد طارق: السوبر المصري هدف الزمالك المقبل..وشيكابالا الأكثر تتويجا بالألقاب    مصر تسترد قطعا أثرية من أمريكا    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم الأحد 29 سبتمبر    إسرائيل تمهد لعمل بري في لبنان، وإيران تطالب بإدانة "العدوان الإرهابي"    قفزة في سعر الكتكوت.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    بحضور السيسي، الداخلية تحتفل بتخريج دفعة من كلية الشرطة، اليوم    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي.. أحمد موسى عن مناورات الجيش بالذخيرة الحية: «اللى يفت من حدودنا يموت»    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 29 سبتمبر    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    كتابة الاسم العلمي للدواء يقلل المشكلات الطبية.. تفاصيل    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    لصحة أفراد أسرتك، وصفات طبيعية لتعطير البيت    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    موعد مباراة ريال مدريد ضد أتلتيكو مدريد في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    «غرور واستهتار».. تعليق ناري من نجم الأهلي السابق على الهزيمة أمام الزمالك    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    عيار 21 بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد في مصر تثير دهشة الجميع «بيع وشراء»    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إذا اهتزت سلطة القضاء أو سيطرت مصالح المال علي الإعلام أو استولت سلطة دينية علي الحكم: د يحيي الرخاوى: احذروا.. حتى لا يحكمنا نظام ألعن من النظام السا
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 26 - 03 - 2011

ليس فقط لكونه أحد أكبر وأشهر أساتذة الطب النفسى.. ولكن أيضا لكونه مفكرا اجتماعيا وسياسيا من طراز رفيع.. فإن رؤية د. يحيى الرخاوى تتجاوز دائما حدود ما يمكن أن نراه على السطح من أحداث وظواهر.. لديه دائما قدرة فائقة وبطريقة السهل الممتنع على النفاذ إلى عمق الأشياء والمزج بين الفلسفة والوعى السياسى والحس الدينى لتحليل ما يحدث فى قلب وضمير المجتمع المصرى وتوقع ما سيحدث كما لو كان يرى المستقبل فى بللورة سحرية كاشفة.
وفى حوار د. الرخاوى ل«روزاليوسف» الكثير مما يجب الوقوف عنده بتأمل ويقظة.
ما حدث فى مصر خلال الشهرين الماضيين يحتاج إلى تحليل علمى وسيكولوجى حيث إنه لم يتوقعه أحد.. ما هو تحليلك وتفسيرك ورؤيتك لما حدث.. ولماذا لم يكن أحد يتوقع ما حدث؟
- أنا لى تحفظ على ما يسمى «تحليل نفسى» أو حتى تحليل علمى نفسى لأحداث سياسية واحتمال نقلات جذرية مثل التى نعيشها هذه الأيام، لأن هذا يوحى بوصاية ما يسمى العلم على ما هو أكبر من العلم، هذه أحداث تمثل بعض مراحل تطور الشعوب، وهى أكبر من المتاح بلغة العلم الحديث، وخصوصا العلوم النفسية أو الطب النفسى الذى هو أقرب إلى الفن بل إلى النقد، حتى أننى أسمى علاجى لمرضاى الآن «نقد النص البشرى» «لكل من المريض وشخصى».
أما حكاية أنه «لم يكن يتوقعه أحد» فدعينى أرفضها رفضا مبدئيا، فقد تصدق هذه العبارة على بعض المنتفعين بالنظام السابق، وكثير من العميان عما يجرى فى وعى الناس العاديين، وعما يتشكل داخل الشباب وغير الشباب، إن المتابع للإبداع خاصة فى الخمسة عقود الأخيرة، يعرف أن كثيرا من المبدعين بكل تنويعات الإبداع، قد توقعوه، بل إن بعضهم، ولا أستثنى نفسى ولا أخصها، قد رسم خطوطه وحدود بعض تفاصيله ويمكن تقديم عينات فى حديث مستقل.
ما هى توقعاتك للمستقبل؟
- أنا متفائل دائما، للأسف، وأدفع - مختارا - ثمنا باهظا لتفاؤلى هذا، أنا متفائل ليس بمعنى توقع الخير «من الوضع جالسا»، ولكن بمعنى أن التفاؤل المسئول يلزمنى بالإسهام فى تحقيقه ولو وحدى بدءا من هذه اللحظة، وبالرغم من هذا التفاؤل، فلابد أن أقر أننا فى موقف صعب وخطير معا، فأنا - مثلا - متوجس خيفة من النفخ فيما حدث دون وقفة مراجعة وحسابات يقظة، قبل أن نتبادل الأحضان والتهانى والمبالغة فى وصف ما حدث بأنه ثورة ليس لها مثيل فى العالم أو فى التاريخ، هذا الموقف ليس مفيدا إطلاقا، أنا لا أنكر فرحتى بكل ما حدث، ولا أخفى عرفانى بالجميل، وامتلائى بالأمل، لكننى فى نفس الوقت أتابع حركات الأيدى الخفية والظاهرة التى تدير الدفة، وتحاول الاستيلاء على النتيجة لصالحها، هى مناورات أقذر وأخبث وهى تطمع فى الانقضاض على كل أحلام الشباب، وإطفاء كل انبهار المصفقين جلوسا.
كانت هناك آراء تقول إن الشعب المصرى لن يقوم بثورة أبدا.. لماذا؟
- الثورة هى جزء لا يتجزأ من مسار التاريخ لكل الشعوب، التاريخ هو سلسلة إيقاعات حيوية تتبادل فيها الثورات مع الكمون الإيجابى عادة، والثورة هى إعلان لما تم أثناء الكمون المبدع الذى هو تمهيد للثورة التالية وهكذا.
الشعب المصرى ليس مختلفا عن سائر الشعوب، لكن يبدو أن صبره أطول، وكمونه أكثر ثراء، وطول ذراع دورات إيقاعه بين الثورة والكمون أطول، ربما يرجع ذلك ولو جزئيا إلى علاقته بالأرض المنبسطة، ودورات الفيضان والجفاف للنيل العظيم حتى اختلط إيقاع دورات الناس مع إيقاع دورات النيل العظيم.
ما الأسباب التى أدت فى رأيك إلى قيام الثورة وما تحليلك لما حدث يوم 25 يناير وخلال ال 18 يوما التى تلتها؟
- المفاجأة لم تكن فيما حدث، المفاجأة كانت فى التوقيت، وأيضا فى تحديد طليعة إيقاعية بها وعليها، وكانت أحوال مصر قبلها هى التمادى فى إفقار الفقير وإثراء الثرى، كان المتوقع أن تنفجر ثورة الجياع والفقراء، وتجرجر وراءها الشرفاء من الطبقة الوسطى وبعض القادرين الملتزمين، وبالتالى تكون ثورة انفجار جماعى من أسفل السلم الطبقى، جماعة تجهل التكنولوجيا الحديثة، وأيضا لا تحذق آليات التحرك الجماعى.
المفاجأة جاءت من أن الطليعة جاءت من خلف الكمبيوتر عبر التواصل الأحدث من طبقة القادرين نسبيا الذين يملكون تسهيلات «النت» ويتواصلون بالفيس بوك، ثم إن الشريحة التى سرعان ما انضمت إلى هذه الطليعة كانت مفاجأة أيضا لأننا كنا نصورها ونتصور أنها شريحة «فافى» لا تهمها إلا ملاهيها وملذاتها سواء الإيجابية «الديسكو والرقص والغناء» أو السلبية «الإدمان والانحراف»، المفاجأة أن هذه الشريحة نفسها هى التى انضمت بحماس وإخلاص إلى الطليعة.
المفاجأة الثالثة هى المسار الذى تطورت به هذه الحركة من الانتفاضة «المظاهرة الاحتجاجية» إلى هذا الحجم، وهذه القوة وهذا الإصرار الجماعى تقريبا، فكانت تماما مثل النار التى تشعلها قصدا أو تشتعل منك مصادفة، ثم تتمادى بالاشتعال الذاتى، «متى تشعلوها تشعلوها حميدة.. وتَضرى إذا ضرّيتموها فتضرِمِ» «بعد تغيير كلمة «ذميمة» إلى «حميدة».
هل كنت تتصور أن يوجد فى مصر شباب مثل الذى قام بالثورة.. وما رأيك فى الذين كانوا يشوهون صورة الشباب المصرى ودائما ما يصفونه بالسطحية والكسل وأنه لا يريد العمل.. ويتعاطى الإدمان؟
- بمراجعتى ما كتبت وما قلت فى كل إعلام متاح فى العشرين سنة الأخيرة، من مقالات وحتى إبداعات، رفضت هذه المقولات تماما وكنت أدافع عن هؤلاء الشباب طول الوقت كما كنت أتوقع منهم كل الخير، حتى أننى لم أتردد فى الدفاع عن اللغة الشبابية والنشاطات الشبابية داعيا إلى أخذ أمورهم جميعا بجدية ومسئولية للتعرف على هذا الوعى الجمعى الطازج النشط الذى أفرز هذه اللغة الشائكة والموجزة والصادمة أحيانا.
وفقا لما حدث.. هل تقييمك أن يتقدم جيل الشباب بحيث يحدث إحلال وتبديل واسع وإتاحة للأجيال القادمة فى المستقبل القريب للمشاركة فى السلطة ؟
- من حيث المبدأ «نعم» أما من حيث التوقيت والتفاصيل، فإننى أحذر من التمادى فى الفصل بين الأجيال، لأن مثل ذلك يمكن أن يكون خطأ جسيما، الأجيال تتداخل فى بعضها البعض بوعى جماعى عند الشعوب التى تحافظ على حركتها، وتفاعلها «أتجنب عامدا كلمة حوار لأنه يساء فهمها على أنها «مناقشات» إننى أؤكد على أنه ما لم يتداخل وعى الأصغر مع بعضه البعض ثم يحرك ظاهرا وباطنا وعى الأكبر كما حدث فى ميدان التحرير، فإن الفصل التعسفى بين الأجيال يصبح افتعالا ضارا على المدى القريب والبعيد معا.
وهل ترى فى تقييمك للأحداث أن الأجيال غير الشابة سوف تنسحب فى المرحلة القادمة.. تنكمش ويصيبها الاكتئاب أم ستكتسب طاقة جديدة بفعل الثورة التى فجرها الشباب؟
- هذا يتوقف على طريقة تعاملنا مع نتائج هذه الأسابيع الستة، وأيضا يتوقف على طريقة مواجهتنا شبابا وشيوخا لما يحاك لنا ويراد بنا، الشباب ليس هو السن المثبت فى شهادة الميلاد، الشباب هو القدرة على التغيير وعلى الدهشة وعلى المخاطرة وعلى التجدد وعلى الإبداع، وكل هذا يمكن أن يحدث فى سن التسعين، وهو الأمر الذى تأكدت منه حين عاشرت نجيب محفوظ فى هذه السن، أما الشيوخ فهم الذى يتوقفون ويتجمدون ويعيدون ويكررون أنفسهم ومطالبهم هى هى، حتى لو ذهبوا إلى التحرير كل يوم مع الإصرار على نفس الوقفة دون استيعاب نابض، ما قد يجمدهم تحت نفس السقف الذى لا يتحرك، هذا الموقف يعلن كهولة مهما كان عمر من يمارسه.
لا أظن أن الأجيال غير الشابة سوف تنسحب، ولا أنا أريد منها أن تنسحب ولا أحب وصف الانسحاب بهذا الوصف السخيف «يصيبها الاكتئاب». إنها يمكنها من خلال احترام حماس الشباب واستيعاب إنجازاته هذه أن تكتسب طاقة جديدة، وهذا يقتضى أن تحسن الاستماع، وأن تحترم آليات التغيير من الشباب وغير الشباب لأن هذا هو الذى يصنع دولة وشعبا واعيا على المدى البعيد.
ما تقييمك وتوقعاتك لشكل العلاقة بين طبقات المجتمع وشرائح المجتمع المصرى مستقبلا وفى ضوء الثورة ؟
- طبقات المجتمع وشرائح المجتمع لا يمكن جمعها هكذا بهذه البساطة حتى أعلن توقعاتى، فالطبقات المصنفة اقتصاديا واجتماعيا، غير الطبقات المصنفة مبدعين ومقلدين، غير الفئات المصنفة مسلمين ومسيحيين، توقعاتى أنه إذا تم توفير «الاحترام» لكل هذه الطبقات مع احتكاكات وعى صادقة وعميقة، فإن وعيا وطنيا عاما سوف يتشكل إيجابيا بحيث يمكن أن يفخر كل فرد فيه أنه مصرى يعيش مع مصرى آخر، فيسهم كل منهم فى صلاح وإصلاح بلده، ومن ثم صلاح وإصلاح العالم فى مواجهة ألعاب القوة العسكرية المالية المستغلة فى طول العالم وعرضه.
ما هى التشوهات التى أحدثها النظام السابق على مدى ال30 عاما الماضية فى الشخصية المصرية؟
- التشوهات حدثت على مدى أكثر من ستين عاما وليس على مدى ثلاثين عاما، ولكن فى بعض المراحل خلال هذه العقود الستة تم تحقيق بعض الإيجابيات التى غطت هذه التشوهات مرحليا، وحين تمادت التشوهات دون تحقيق إيجابيات تتوازن معها أو تغطيات ظهرت عارية بشعة، التشوهات تجلت أساسا فى غياب التعليم، وكذب الساسة، وموت الوقت، والفخر باللا أخلاق مثل الغش وشحذ مهارات الشطارة، وغياب العدل.
هل هناك آثار سلبية ظهرت أو بدأت تظهر بحيث تؤثر بالسلب فى المجتمع المصرى مستقبلا «بعد الثورة»؟
- طبعا، من هذه الآثار السلبية التوقف عن العمل والإنتاج أكثر من اللازم، وما ترتب ويمكن أن يترتب على ذلك من خراب ومزيد من الفقر والإفقار وهذا لن يدفع ثمنه إلا الطبقات الكادحة مهما تخلصنا من فاسدين أو استرجعنا من مليارات.
ومن الآثار السلبية أيضا أن ينقلب نبض الشباب إلى تقلصات متلاحقة دون استيعاب يحتوى ويتمثل الآثار الإيجابية ويستثمرها أولا بأول.
وكذلك أن يتمادى غرور الشباب فيستسهل التركيز على تغييرات جزئية أو فردية لكل من لا يعجبه أداءه بلا تقييم موضوعى للإنجازات الحقيقية، ودون اعتبار للثمانين مليونا البعيدين عن ميدان التحرير جغرافيا ووعيا.
كأستاذ وعالم فى الطب النفسى ومفكر ما هى توقعاتك وتقديراتك ورؤيتك وتصورك للسلوك وردود الأفعال التى يمكن أن يقوم بها رجال النظام السابق سواء كانوا داخل السجون أم خارجها؟
- كل شىء وارد، وبغض النظر عن التحالف السرى الحالى الذى شممت رائحته يوم «السبت 19/3» بين الإخوان وبين فلولهم بمناسبة اتفاقهم على «نعم» للتغييرات الدستورية وما صاحب ذلك من أشكال الدعاية الدينية الفجة فى مقام لا يجوز فيه مثل ذلك، فإن هذه السلبيات سوف تتجلى أكثر كثيرا بمجرد خوض تجربة انتخابات مجلس الشعب ما لم تتم الانتخابات بالقائمة، وأيضا بعد إتاحة الفرصة لتكوين أحزاب جديدة، تمارس نشاطها الحيوى فى الشارع السياسى بين الناس.
إن الانتخابات بالرقم القومى هى مجرد خطوة لا تكتمل إلا بعد إقرار الانتخابات بالقائمة، حتى أننى قدمت اقتراحا يسمح للمستقلين أن تكون لهم قوائم انتخابية بحد أدنى من الأفراد الذين يتفقون على خطوط إجمالية لتوجه ما، حتى ولو كانوا عشرة دون الإلزام بتكوين حزب، ومن لا يستطيع أن يتفق مع عشرة مرشحين فليس من حقه أن يمثل دائرة انتخابية من حيث المبدأ.
وهل تتوقع عودة النظام السابق من خلال الحزب الوطنى؟
- إن لم يعد النظام السابق تحت لافتة هذا الحزب، فقد يتخلق نظام ألعن منه بمجرد أن نستعمل آلية فاسدة مثل نظام الانتخاب الشخصى، أو اهتزاز سلطة القضاء أو التمييز فى تطبيق القانون لأسباب شخصية أو فئوية أو أية آلية تحرم الناس من التعبير فالتغيير، أى تجمع سلبى فاسد يمكن أن يتخلق بأية وسيلة مناورة خبيثة بما فى ذلك استيلاء سلطة ثيوقراطية على حق الكلام نيابة عن الله عز وجل، أو بفعل تأثير المال والإعلام المدعم به خاصا وعاما.
وما رأيك فى كم الفساد وكم المفسدين الذين كشفت عنهم الأحداث بعد الثورة و هل كنت تتوقع هذا الكم من الفساد؟
- اعتدت باستمرار ألا أصدق إلا أحكام القضاء، وطبعا أنا فوجئت مثل أى مواطن بالأرقام المعلنة، والتى يبدو أنها من كثرتها وتعدد مصادر إعلانها بها بعض الحقيقة على الأقل، ومع ذلك فأنا لا أعرف معنى كلمة «مليار» ولا أتصور إمكان أن أنجح فى عدّ أوراق المليار حتى لو كنت أعمل موظفا بمصرف لأن عمرى سوف ينقضى قبل أن أتم العد، فما بالك حين أقرأ أن فلانا استولى على كذا مليون متر مبانى «لا جنيه» على البحر الأحمر وكلام من هذا. أنا - مثل كثيرين - فى شوق شديد أن أعرف الأرقام الحقيقية وأحكام القضاء لأن ما ينشر فى الصحف هو أكبر من مدى خيالى بصراحة، وبالتالى فأنا لم أكن أتوقع هذا الكم من كل شىء، من المليارات والأفدنة وأمتار الأراضى، والتعذيب، والكذب، والبجاحة والوقاحة.
وهل الشخصية المصرية بطبيعتها تميل إلى الفساد والرشوة أم أن الظروف هى التى خلقت هذه القيم بداخلها؟
- الشخصية المصرية مثل أية شخصية إنسانية تتشكل بما حولها، وتطبق آليات التعامل من واقعها، حين يكون الشغب هو الأصل فى الامتحانات، والإكراميات والرشاوى هى الأصل فى التعامل والتسهيلات، والتهرب من الضرائب هو الأصل فى الوفاء بالالتزامات العامة، والقرابة والمحسوبية وأحيانا الدين هى الأصل فى التعيينات، فكيف لا تتشكل أية شخصية تعيش فى هذا الجو بكل هذه المبادئ والقيم السلبية.
ومع ذلك فأنا أرفض فكرة التعلل بالظروف، «بل الإنسان على نفسه بصيرا ولو ألقى معاذيره»، والمعاذير كثيرة هذه الأيام وأهمها الظروف المبررة للفساد أو الإفساد، بأن الكل هكذا.. الخ.
هل الشخصية المصرية هى التى ساعدت بما تتميز به من طيبة وتسامح «وعفا الله عما سلف» التى أدت إلى هذا الفساد.. أم أن هؤلاء المفسدين يتميزون بقيم الفساد بداخلهم؟
- الطيبة والتسامح وعفا الله عما سلف هى قيم إيجابية من حيث المبدأ، على شرط أن تصدر من شخص قوى، أما إذا ادّعاها شخص - مصرى أو غير مصرى - وهو فى موقف ضعيف فينبغى أن نحذر من تفسير أى سلوك سلبى بها.
كل إنسان هو مشروع قاتل بقدر ما هو مشروع مبدع، وهو مشروع لص بقدر ما هو مشروع راع مسئول عن رعيته، والتفاعل الجيد الخلاق بين هذه الاستعدادات هو الذى يصنع البشر حسب ما تتاح لهم من إمكانيات ترجيح هذا أو ذاك، على أن المسألة لا ينبغى أن تتركز على تصنيف الناس إلى خيرين وأشرار، وإنما هى فى إتاحة تربية صحيحة تحتوى الشر ولا تنكره لتنمو به فينقلب خيرا، وتحترم الخير وتنميه ليحيط بالشر ويروضه، إن الخيبة البليغة والعنصرية الغبية التى أعلنها «بوش» وهو يصنف العالم إلى محور الشر ومحور الخير «وهو يتصور أنه ممثل للأخير» ليست إلا تصنيفا عنصريا ضد الفطرة وضد خلقة ربنا، كذلك فإن بعض المتعصبين فى كل دين يوجد داخلهم مثل هذا التقسيم وإن كان العنوان ليس «شرا» و«خيرا» ولكن «صحيح» و«خطأ»، جنة وجهنم، فدينى هو الصحيح ودين غيرى خطأ، وهذا كامن بداخل أغلبنا للأسف مهما كثرت الأحضان والقبلات والولائم.
الأحداث بعد الثورة كشفت عن وجود شبكة جهنمية من الفساد والطغاة حتى إنها تستطيع إفساد أى شخص وتحويل أى شخص برىء إلى مجرم ومتهم.
كل الذمم «تباع وتشترى» هذا قول قديم أعتقد أنه سليم جزئيا، ومن لم يبع ذمته بعد هو الذى لم يصل المزاد إلى تثمينها بما تستحق كما يتصور صاحبها، وبالتالى فكلما زاد الفساد استطاع الفاسد أن يدفع ثمن ذمم الشرفاء أعلى فأعلى.
أما مسألة تحويل شخص برىء إلى مجرم ومتهم فهى لا تتم قسراَ إلا من خلال قضاء قاصر، فإذا كان السؤال يعنى إمكانية تحويل شخص ساذج إلى مساهم فى الفساد فالرد موجود فى ردى على الجزء الأول من السؤال.
ما هو تحليلك النفسى لشخصية حبيب العادلى ورجال الحزب الوطنى رجال وشخصيات النظام السابق؟ هل هم شخصيات سيكوباتية سادية فى رأيك أم ماذا؟ وهل هم مرضى نفسيون؟
- أنا لا أحلل شخصيات عن بعد بهذا الشكل، كما أننى أرفض إطلاق أسماء أية أمراض أو أعراض على ساسة أو حكام، لأن مرضاى - حتى السيكوباتيين - هم أطيب وأطهر مما وصلنى عن كثير ممن ذكرت فى سؤالك.
وما هى رؤيتك وتحليلك لشخصية الرئيس السابق حسنى مبارك منذ توليه السلطة وحتى اللحظة الأخيرة من حكمه وسلوكه وتحركاته فى المشهد الأخير من حكمه بداية من اندلاع الثورة فى 25 يناير وحتى تنحيته؟
- أرفض ذلك أيضا، وقد كتبت مقالات طوال العشرين سنة الماضية، فى شكل خطابات مفتوحة موجها كلامى إليه شخصيا وهو على قمة السلطة وفيها ما أردت قوله حينذاك بما فى ذلك رفض تصرفات له، وتحذيره نفسه وممن حوله ويمكن الرجوع إليها.
«نشرات: 14-3-15 2011-3-16,2011-3-2011»
أما بعد أن ابتعد عن الصورة والسلطة، وحيث إننى لا أعرف أية تفاصيل عن كل الأحداث والملابسات فأنا أشعر أن وصفى له بأوصاف مرضية أو سلبية تحت عنوان التحليل النفسى أو الطب النفسى هو موقف غير أخلاقى من حيث المبدأ.
لماذا فى رأيك ورغم ما حدث هناك من يؤيد النظام السابق رغم كل مساوئه ويريد عودته؟ ما هو تحليلك النفسى لذلك، وهل نحن شعب نتشبث بالماضى ونخاف من المستقبل حتى لو كان أفضل؟
- إذا ثبت بمرور الأيام - لا قدر الله - أن الناس كانوا يعيشون تحت حكم النظام السابق فى ظل أمان أكبر، وبإنتاج أوفر، وبإبداع ممكن، وبفرصِ تتزايد، عما آل إليه الحال الآن أو بعد مضى الوقت الكافى، فمن حق الناس أن يترحموا على هذا النظام، فالمسألة ليست قضية أخلاقية أو أحلاما مثالية وإنما هى مسألة تكوين دولة، ووعى عام، وعمل وإنتاج ووفاء بالتزامات الستة وثمانين مليونا، مع تطوير قدرات ما هو نقد مستمر وآليات تعبير لما نكتشفه من أخطاء وفساد أولاً بأول.
لعل بعض الناس وصلهم احتمال أن ما سبق من كل هؤلاء الفاسدين كان يوفر لهم ما يخشون ألا يتوفر بما هو جارٍ الآن، ومن حق الناس أن يريدوا عودة النظام الواقعى مهما ثبتت مساوئه من أن يتمسكوا بنظام هلامى مثالى مهتز، مهما بلغ علو صوته، وهذه الحقيقة جديرة أن تدفعنا وأن نسرع بتقديم الأفضل والأطول عمرا دون أن نكتفى لا بالرشاوى ولا بالوعود.
فى رأيك هل البطء فى اتخاذ القرارات وتحقيق مطالب الثورة على أرض الواقع كما يحدث الآن، خاصة فى تغيير الدستور بالكامل وليس تعديله وهو مطلب من مطالب الثورة فى صالح الثورة أم العكس، وهل هو نوع من الالتفاف على الثورة ؟
- لا يوجد بطء فى اتخاذ القرارات، ولا يوجد إلزام بأن كل المطالب هى واقعية أو صحيحة مائة فى المائة، ثم إن تغيير الدستور جارٍ، وهو دستور مؤقت، ومع أننى صوت ب «لا» فأنا لم أفعل ذلك لأنى أريد أن أغيره جذريا، وإنما لأسباب أخرى، من ضمنها مواجهة مناورات وصفقات أخبث تجرى بشكل خطير لا أكثر ولا أقل.
تعبير الالتفاف على الثورة ينبغى ألا يقتصر على الحزب الوطنى أو أصحاب المصالح سابقا، فالالتفاف وارد من الأمريكيين ومن القوى العالمية المالية، كما أنه وارد من السلفيين الذين يسخرون آيات القرآن الكريم للموافقة حتى على تغييرات الدستور، الالتفاف على الثورة لا يأتى نتيجة البطء فى الاستجابة، وإنما قد يتم أساسا من غفلة القائمين على ما يسمى أصحاب الثورة أنفسهم ومن عدم وعيهم بكل القوى الخبيثة التى تحيط بهم وفى أيديها خيوط تسير العالم لصالح المال والتكاثر الاستهلاكى عبر العالم.
وما هى تخوفاتك من المستقبل؟
- هى تخوفات بلا حدود، ولكنها لا تبرر أية رغبة فى التراجع، ولا تحل محل حقى فى الفرح بما تم، وهى لا تتعلق بالتماس أعذار لمن كانوا يحكموننا بكل هذا القهر والغباء معا، لكنها تظل تخوفات هائلة حتى تصل إلى ما يسمى التفكير التآمرى الذى أعتز به كإحدى آليات تطور الأحياء «البقاء للأذكى تآمرا»، وقد أوردت فى إجاباتى السابقة عينات كثيرة تحدد مصادر وأسباب تخوفى.
المشهد الآن تتصدره الشخصيات الدينية.. كيف ترى ذلك.. وهل تتخوف من الدولة الدينية؟
- لا يوجد شىء فى الدين أو الإيمان اسمه الدولة الدينية، الله سبحانه سوف يحاسب هذه الشخصيات التى تحتكر تفسير كلماته المقدسة حسابا عسيرا، فهم يتحدثون باسمه ويفرضون أفكارهم بل وأطماعهم على كلماته، وهم يستعملون ما أنزله الله لغير ما أنزل له، وأنا فى نفس الوقت ضد تهميش الدين وجعله مسألة سرية شخصية كما يدعو إلى ذلك العلمانيون، وبقدر ما أنا ضد استعمال الدين وجعل السلطة الدينية وصية على كلام الله فى السياسة وغير السياسة، فأنا أيضا ضد تقسيم الحياة المتكاملة بهذا القول الشائع «إن الدين لله والوطن للجميع»، وكأنها تورتة متنازع عليها، فالدين لله والوطن لله، لكن لا يوجد وكلاء لله لتنفيذ أحكام ملكية الدين أو الوطن، وأيضا أنا ضد شطب الديانة من البطاقة الشخصية، لكنى مع ترك هذا الخيار لكل مواطن: من يريد أن يثبته فليفعل، ومن يترك الخانة شاغرة فهو حر، أنا أفرح بابنتى التى تعلق الصليب فى مكان ظاهر حول جيدها نفس فرحتى بابنى الشاب الذى يرتدى خاتم الخطوبة أو الزواج من معدن غير الذهب، لكى أعبد الله على دينى لابد أن أسمح لغيرى، حتى الكافر، أن يفعل مثلى «قل يا أيها الكافرون...»... «لكم دينكم ولى دين» صدق الله العظيم كما أنى أيضا أريد أن أعلن هنا أننى أتواصل مع مواطنين مرضى وأصحاء بكل ما هو أنا، وليس فقط بما يظهر منى على سطحى، الدين أصل فى الوجود، وطريق للإيمان، وليس له علاقة بهذه الشعارات التى تسخره ضد فئة من البشر، ولصالح فئة أخرى للاستيلاء على سلطة بزعم أنها الأقرب إلى الله.
أنا أرفض كل وصاية من أية سلطة دينية أو سياسية إلا لصالح الناس ولنفع الناس وتعمير الأرض وإطلاق الإبداع كدحا إلى وجه الله تعالى من دون وصاية من أى فئة على غيرها خصوصا الفئات التى تتبوأ كراسى الحكم.
لا ضرر ولا ضرار، وما ينفع الناس يمكث فى الأرض وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر إذن فلا يوجد شىء اسمه «الدولة الدينية بالصورة الشائعة أصلا، ولا بغير الصورة الشائعة، لقد كانت خطأ تاريخيا وتم تصويبه، ثم رفعت الأقلام وجفت الصحف والله على ما أنوى شهيد».
وهل فى رأيك أن الأحزاب الدينية سوف تنجح فى انتخابات مجلس الشعب؟
- سوف تنجح بقدر ما تتمكن من المناورة ودغدغة الغرائز الدينية «لا الدين، ولا الإيمان»، أى بقدر ما تستغل سذاجة الناس بالتلويح والرشاوى والتمييز فى الدنيا والآخرة، حتى لو أخفت كل ذلك تحت لافتات ليس فيها ذكر للدين.
إذا جاء رئيس الجمهورية فى الانتخابات المقبلة ذا خلفية دينية ما رأيك فيما سيحدث فى المستقبل فى مصر؟
- سيتوقف ذلك على حقيقة نوع الديمقراطية التى نمارسها، فإذا كانت ديمقراطية قادرة فسوف نحسب أداء هذا الرئيس بالإنتاج والإبداع والتصدير والنقد والتعليم والحرية، أما إذا كانت ديمقراطية مغشوشة مناورة فسوف يستعملها هذا الرئيس وفرقته فى تغيير الدستور باسم الدين، ويتم قمع الاختلاف، بالتكفير أو النفى أو الإعدام باسم الدين، وسوف يحسب له أداؤه من قبيلته وعشيرته ليس بالمقاييس السالفة الذكر لصالح الناس وتعمير الأرض ونمو الإبداع وإنما بمدى مطابقة أداء هذا الرئيس لظاهر التدين، وهنا قد يطول عمره بعض الوقت فى السلطة حتى تقوم ثورة جديدة تكشف مدى بعد نظامه عن الدين الحقيقى فالإيمان وهكذا.
فى تقديرك ورؤيتك وتصورك ما هى المواصفات المثالية التى يحتاجها المجتمع فى قادة الرأى العام، الآن وفى المستقبل، وهل هذه المواصفات تتوافر فى القادة الحاليين للرأى العام؟
- لا يوجد حاليا ما يسمى «قادة الرأى العام» فى العالم كما كان عبر أزمان سابقة، يحدث هذا فى مصر بوجه خاص، ثم إنه بعد ثورة التوصيل والتواصل أصبحت المسألة تتوقف على كفاءة حركية البشر، وخاصة الأصغر منهم وهم فى حالة تخليف ما أسميه «الوعى البشرى العام الجديد»، وأتصور أن هذا يتكون تلقائيا عبر العالم فى مواجهة ألعاب وأسلحة الانقراض الشامل التى يمارسها ما يسمى «النظام العالمى الجديد» : بالمال القذر والسلاح القاتل للجنس البشرى كافة.
هناك وقائع كثيرة فى العالم، وفى مصر أيضا أكدت أن الشعوب تستطيع أن تصنع التغيير حتى بدون قائد، فهل تتوقع أن يستطيع الشعب المصرى أن يسقط فكرة ارتباطه تاريخيا والممتدة إلى مئات السنين بوجود قائد أو زعيم.. ومن هو الزعيم والقائد فى رأيك وتصورك الذى سيظهر خلال هذه الفترة؟
- هذا صحيح، الاستغناء عن قائد له كاريزما احتمال وارد، لكنه صعب ويحتاج لوعى جديد لتنظيم التواصل والوقوف فى مواجهة تكوين وعى سلبى نوعى متحيز جديد بنفس تسهيلات آليات ثورة التواصل، لقد أصبح النقد ممكنا أولا بأول عبر الإعلام اللامركزى «النت والفيس بوك»، حتى سمح بالشك حتى فى تسيير الظواهر التى كنا نعتبرها طبيعية جدا جدا مثل زلزال اليابان وقبل ذلك زلزال هاييتى وتسونامى ولكن لهذا حديثاً آخر.
ما رأيك فى الشخصية المرشحة لمنصب الرئيس؟
- رأيى ينبغى أن ينبع من دراستى لبرنامج هذا الرئيس وتقييمى لقدرته على تنفيذه أكثر مما يتعلق بتحليل نفسى له أو توصيف شخصه، المسألة سياسية تقاس بالإنجاز السياسى والنجاح العلمى لتوفير حاجات الناس وتأمينهم وإطلاق طاقات إبداعهم بغض النظر عن نوع شخصية من يكون القائم بذلك، وهذا يتم حين تصبح الدولة دولة مؤسسات لا عزبة أفراد.
فى وقت سابق نشرت عشرين اسما يمكن أن ينالوا هذا المنصب، بشكل جدى مرة، وبشكر ساخر أخرى، والآن أكرر أنه حين تكون الدولة - كما قلت حالا «دولة مؤسسات» - يصبح أى فرد يحترم قواعد المؤسسة وعنده قدرة تسييرها.. هو الأصلح.
هناك تشكك الآن داخل الشعب لكل ما يدور حوله هل هذا الشعور خطر على المجتمع.. وعلى الثورة وهل سيستمر.. وكيف ستعود الثقة للشعب ويطمئن على مستقبله ؟
- الثقة لا تعود بالوعود ولا بالتصريحات ولا بتغيير الأفراد ولا بتحقيق المطالبات بإعلان ميثاق أو حتى دستور، الثقة تعود بالممارسة، والنقد أولا بأول، ومن ثم التصحيح أولا بأول من واقع الواقع، من أول طوابير الخبز، حتى حجم النشر والتثقيف وانطلاق الفنون مرورا بالتعليم فى المدارس، وانتظام حركة المرور، وانتشار الأمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.