تمنيت لو قبّلت جبين كل شابة وشاب فى الجامعات الأمريكية والأوروبية حاملى شعلة الثورة ضد إسرائيل.. ذلك الجيل الذى اكتشف حقيقة الكيان الصهيونى وتاريخه الدموى فى القيام بعشرات المذابح ضد الشعب الفلسطينى، وكلها طواها النسيان بفعل ممارسات اللوبى الصهيونى وأدواته الإعلامية المضللة.. وهو الجيل الذى يحمل رايات التغيير فى الدول الغربية فى المستقبل القريب.. فرغم اعتقال أكثر من 600 طالب وطالبة بينهم أساتذة جامعات بسبب التظاهر والاعتصام رفضاً لاستمرار حرب الإبادة فى غزة، لم يتوقف سيل الاحتجاجات والاعتصامات بل توسع وانتشر كالنار فى الهشيم. بدأت الشرارة هادئة فى جامعة كولومبيا بنيويورك، لكن ولاء رئيسة الجامعة للإمبريالية والصهيونية دفعها لسرعة استدعاء الشرطة لفض الاعتصام بالقوة، مخالفة بذلك الأعراف الديمقراطية وحرية التعبير. ولأن مكر الله أكبر، بدلاً من تحجيم المظاهرة، ثارت أكثر من عشر جامعات فى مختلف الولاياتالأمريكية بعد ما رأى الطلاب فى أنحاء أمريكا زملاءهم يسحلون فى حرم الجامعة.. ورغم ما فعلته الرئيسة لأهل الشر فإنهم أول من هاجموها وطالبوا باستقالتها لأنها لم تنجح فى السيطرة على المتظاهرين الذين تضاعفت أعدادهم وارتفع سقف المطالب فى كولومبيا ليس فقط التنديد بحرب غزة والمطالبة بوقفها، لكن أيضا وقف الاستثمارات الإسرائيلية فى الجامعة منها الاستثمارات العلمية والتكنولوجية مع الجامعات الإسرائيلية. لجامعة كولومبيا سجل حافل ومشرف فى نصرة الشعوب المقهورة والثورة على الاحتلال فقد هب طلابها فى مظاهرات كبيرة للمطالبة بمقاطعة نظام الفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا وسحب الاستثمارات بها وكانوا يهتفون باسم مانديلا وكان إرهابيا فى نظر الإدارة الأمريكية، ونددوا بحرب ڤيتنام حتى خرج الجيش الأمريكى يجر أذيال الخيبة.. كما كان لطلاب تلك الجامعة مواقف إيجابية، منها المطالبة بسحب استثمارات الجامعة من شركات السجون الخاصة.. وإضرابهم لسحب الاستثمار من جميع أنواع شركات الوقود الأحفورى.. وها هم طلاب كولومبيا يقودون الآن أقوى معركة بين الحق والباطل وما زالت إدارة الجامعة تتوعدهم بفض الاعتصام وترفض سحب استثماراتها فى الشركات الإسرائيلية. مشاهد تثلج الصدور عندما ترى الطلاب فى مختلف الجامعات الأمريكية عند القبض عليهم يبتسمون أمام الكاميرات، رافعين علامة النصر يملأهم إحساس الفخر بما يقومون به، مشهد آخر عندما قام طلاب جامعة جورج واشنطن بإحاطة تمثاله داخل الحرم بالكوفية الفلسطينية ووضع العلم الفلسطينى فى يده، مشهد ثان لتهليل طلاب جامعة كاليفورنيا بعد إعلان الإدارة سحب استثماراتها لشركات داعمة للكيان الصهيونى.. وثالث لسيطرة طلاب جامعة تكساس على مبنى الإدارة، مشاهد أخرى لاعتقال عدد من أساتذة الجامعة أو منعهم من مشاركة الطلاب فى الاعتصام، ثم اعتقال جيل ستاين مرشحة الرئاسة الأمريكية خلال مشاركتها مظاهرة طلاب جامعة واشنطن.. العدوى انتقلت للجامعات الأوروبية باحتشاد الطلاب فى جامعة السوربون ومعهد العلوم السياسية بباريس.. وداخل جامعة كامبريدج قام الطلاب بتمزيق لوحة آرثر جيمس بلفور صاحب الوعد المشهور مستخدمين الآلات الحادة.. تجلى إبداع الشباب فى كشف أكذوبة الديمقراطية والحرية فى بلاد العم سام بتحويل مشهد اعتقال طالبة جميلة فى جامعة تكساس إلى أيقونة نضالية بين رواد التواصل الاجتماعى بعد ما أعادوا رسم صورة اعتقال الفتاة وفوق رأسها تاج تمثال الحرية. فى النهاية، لعل ما يحدث فى جامعات أمريكا وأوروبا مقدمة لصحوة الشعوب الغربية لإيقاف خطط الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط باستخدام دويلة صهيون.