انطلاق فعاليات ندوة "طالب جامعي – ذو قوام مثالي" بجامعة طنطا    وزير المالية: بدأنا مرحلة تصحيحية لمسار الاقتصاد المصري لتجاوز التحديات    ڤودافون مصر توقع اتفاقية تعاون مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لدعم الأمن السيبراني    بروتوكول تعاون بين جامعة الفيوم والاتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية    قاضٍ مصرِي يَكشف تواريخ وأسباب تحطم طائِرات رؤساء الدول منذ عام 1936    أخبار الأهلي: الأهلي يكشف تفاصيل جراحة علي معلول    ضبط مكرونة وسجائر مجهولة المصدر في حملة تموينية بشرق الإسكندرية    تفاصيل عيد الأضحى 2024 ومناسك الحج: الموعد والإجازات    الإعدام لأب والحبس مع الشغل لنجله بتهمة قتل طفلين في الشرقية    حجز استئناف أحمد عز على إلزامه بدفع 23 ألف جنيه إسترليني لتوأم زينة    تطورات حالة والد مصطفى قمر الصحية بعد إجرائه جراحة    بعد طائرة الرئيس الإيراني.. هل تحققت جميع تنبؤات العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف؟‬    إيرادات "السرب" تتخطى 30 مليون جنيه في شباك التذاكر    6 نصائح لمواجهة الطقس الحار.. تعرف عليها    الوفد الروسي بجامعة أسيوط يزور معهد جنوب مصر للأورام لدعم أطفال السرطان    الليجا الإسبانية: مباريات الجولة الأخيرة لن تقام في توقيت واحد    استبدال إيدرسون في قائمة البرازيل لكوبا أمريكا 2024.. وإضافة 3 لاعبين    مدرب الزمالك يغادر إلى إنجلترا بعد التتويج بالكونفيدرالية    مصطفي محمد ينتظر عقوبة قوية من الاتحاد الفرنسي الفترة المقبلة| اعرف السبب    وزير الري: 1695 كارثة طبيعية بأفريقيا نتج عنها وفاة 732 ألف إنسان    البنك الأهلي المصري يتلقى 2.6 مليار دولار من مؤسسات دولية لتمويل الاستدامة    المؤشر الرئيسي للبورصة يتراجع مع نهاية تعاملات اليوم الاثنين    محافظ كفرالشيخ يعلن بدء العمل في إنشاء الحملة الميكانيكية الجديدة بدسوق    تأجيل محاكمة رجل أعمال لاتهامه بالشروع في قتل طليقته ونجله في التجمع الخامس    العثور على طفل حديث الولادة بالعاشر من رمضان    تأجيل محاكمة طبيب بتهمة تحويل عيادته إلى وكر لعمليات الإجهاض بالجيزة (صور)    سوزوكي تسجل هذه القيمة.. أسعار السيارات الجديدة 2024 في مصر    العمل: ندوة للتوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الوزارة فى مواجهتها بسوهاج    "النواب" يوافق على منحة لقومي حقوق الإنسان ب 1.2 مليون جنيه    الحياة على كوكب المريخ، ندوة علمية في مكتبة المستقبل غدا    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    إسبانيا تستدعي السفير الأرجنتيني في مدريد    افتتاح دورة إعداد الدعاة والقيادات الدينية لتناول القضايا السكانية والصحية بمطروح    «صحة الشرقية» تناقش الإجراءات النهائية لاعتماد مستشفى الصدر ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل    «السرب» الأول في قائمة إيرادات الأفلام.. حقق 622 ألف جنيه خلال 24 ساعة    مسرح التجوال يقدم عرض «السمسمية» في العريش والوادي الجديد    نائب جامعة أسيوط التكنولوجية يستعرض برامج الجامعة أمام تعليم النواب    شيخ الأزهر يستقبل سفير بوروندي بالقاهرة لبحث سبل تعزيز الدعم العلمي والدعوي لأبناء بوروندي    بروتوكول تعاون بين التأمين الصحي الشامل وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لتطوير البحث العلمي فى اقتصادات الصحة    في طلب إحاطة.. برلماني يحذر من تكرار أزمة نقل الطلاب بين المدارس    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    شكرى: الاحتياجات ‬الإنسانية ‬للأشقاء ‬الفلسطينيين ‬فى غزة ‬على رأس أولويات مصر    وزيرة الهجرة: نتابع تطورات أوضاع الطلاب المصريين فى قرغيزستان    تفاصيل أغنية نادرة عرضت بعد رحيل سمير غانم    فتح باب التقدم لبرنامج "لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة فى العلم"    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات مسابقة "الحلول الابتكارية"    مرعي: الزمالك لا يحصل على حقه إعلاميا.. والمثلوثي من أفضل المحترفين    باحثة سياسية: مصر تلعب دورا تاريخيا تجاه القضية الفلسطينية    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    ماذا يتناول مرضى ضغط الدم المرتفع من أطعمة خلال الموجة الحارة؟    عواد: لا يوجد اتفاق حتى الآن على تمديد تعاقدي.. وألعب منذ يناير تحت ضغط كبير    الأسد: عملنا مع الرئيس الإيراني الراحل لتبقى العلاقات السورية والإيرانية مزدهرة    ماذا نعرف عن وزير خارجية إيران بعد مصرعه على طائرة رئيسي؟    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    وسائل إعلام رسمية: مروحية تقل الرئيس الإيراني تهبط إضطراريا عقب تعرضها لحادث غربي البلاد    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النسوية الإسلامية (وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ): صيام شهر رمضان.. وسيلة للتقوى! 89
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 10 - 03 - 2024

يرى البعضُ أن تعاليم الإسلام تنظر للأنثى نظرة دونية مقارنة بالذكر، وهى رؤية تأسَّست على فهم غير صحيح لآيات قرآنية، مثل قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف 19، (أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) الطور 39، (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى) النجم 21.

نزل تشريع الصيام للمسلمين فى المدينة فى السنة الثانية للهجرة، وكان الصيام مفروضًا على الأمم السابقة ومعروفًا عند أهل الكتاب، ولكن صيامهم لم يكن فى شهر رمضان.

الكاتبة أمينة ودود مواليد 1952 م، أمريكية من أصل إفريقى، اعتنقت الإسلام 1972 م، وهى طالبة تدرس العلوم فى جامعة بنسلفانيا.
حصلت على درجة الماجستير فى دراسات الشرق الأدنى، ودرجة الدكتوراه فى الدراسات العربية والإسلامية من جامعة ميتشجان عام 1988، أمضت فترة الدراسات العليا فى مصر، درست اللغة العربية فى الجامعة الأمريكية فى القاهرة، وتخصصت بالدراسات القرآنية والتفسير الدينى فى جامعة القاهرة، والفلسفة فى جامعة الأزهر.
عملت كأستاذ مساعد فى مجال الدراسات القرآنية فى الجامعة الإسلامية العالمية الماليزية، ونشرت أثناء وجودها هناك دراسة حول القرآن والمرأة، تشمل إعادة قراءة القرآن من منظور المرأة، وعملت ودود كأستاذة للدين والفلسفة فى جامعة فرجينيا كومونولث.
تقاعدت عام 2008، وتولت منصب أستاذ خارجى فى مركز الدراسات الثقافية والدينية المختلفة فى جامعة فى إندونيسيا، وركزت على تفسير القرآن، وفهم الهدف من العبادات التى أمرنا تعالى بتأديتها ومنها الصوم.
صيام رمضان
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 183، وفى نهاية الآية جاء بها أن هدف الصوم هو التقوى.
بعد تقرير أن الصوم عبادة متوارثة وهدفه التقوى، تأتى عدة إضافات جديدة للتيسير منها، السماح بالإفطار للمريض والمسافر: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة 184.
والسماح بالعلاقة بين الزوجين: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) البقرة 187، بسبب وقوع بعضهم فى مباشرة الزوجة فى ليلة الصيام، وتستمر الآية: (عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ)، وأنه تعالى عفا عنهم وتاب عليهم، وأنزل هذا التخفيف عليهم، وتستمر الآية: (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ).
وجاء تحديد وقت الإفطار فى رمضان، وهو السماح بالأكل والشرب والعلاقة بين الزوجين من مغرب الشمس إلى طلوع الفجر، وظهور أول خيوط الضوء حين تتمكن العين من رؤية الفرق بين الخيطين الأبيض والأسود.
وجاءت إضافة أخيرة: (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِى الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) البقرة 187، فى منع العلاقة بين الزوجين أثناء الاعتكاف فى المسجد.
ويوضح الله تعالى ما يحتاج إلى توضيح فى أى تشريع جديد، ويوضح تعالى ما تم تحريفه فى أى تشريع موجود، وبذلك يكون بيان القرآن للناس ليتقوا الله: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) البقرة 187.
والتشريعات الإسلامية تقوم على أوامر وقواعد ومقاصد أو أهداف، والأوامر التشريعية تتبع القواعد التشريعية، والقواعد التشريعية تتبع المقصد التشريعى وهو التقوى، والتقوى هى الهدف من كل العبادات والأعمال الصالحة.
فمثلًا جاء الأمر بالصوم: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)، وتستمر الآية بالقواعد وأساسها التخفيف والتيسير: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة 185، فالتشريع الإسلامى يقوم على التخفيف: (يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا) النساء 28.
التخفيف والتيسير
من أصبح فى يوم من أيام رمضان مريضًا أو مسافرًا فله أن يفطر، ويقضى الأيام التى أفطرها بعد رمضان، ومن أصبح مريضًا أو مسافرًا ولكن أراد أن يصوم فهو خير له، ولو كان يستطيع الصوم ولكن بمشقة بالغة ولكنه تطوع بقبول مشقة الصوم فهو خير له: (وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُم إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة 184.
وجاء التخفيف الأخير فى تعديل مدة الإفطار، لتكون من بداية الليل بغروب الشمس، إلى أن يتضح الفرق بين الخيط الأبيض وبين الخيط الأسود بمعنى ظهور أول خيوط الضوء من الفجر.
والتقوى محلها ضمير الصائم الذى يمتنع عن الطعام والشراب والعلاقة بين الزوجين، لأنه بذلك يتعامل مع الله تعالى ويخشاه بالغيب، حين يكون وحيدًا يتمسك بصومه حيث لا رقيب ولا حسيب عليه إلا الله تعالى، ولذلك كانت عبادة الصيام وسيلة لتعلم التقوى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 183.
وفى التقوى توجد الإجابة عن كل أسئلة الصائمون، فالقرآن الكريم لم يحدد السفر الذى يسبب إرهاقًا يتساوى مع المرض، وترك ذلك لتقدير ضمير المؤمن.
ولم يحدد نوع المرض الذى يستدعى الإفطار، والمؤمن التقى عليه أن يأخذ رأى الطبيب المختص فى تحديد إن كان مرضه يستوجب الإفطار أم لا.
ولم يحدد الفدية التى يدفعها المفطر غير المريض وغير المسافر، قال تعالى: (فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)، والتحديد يخضع لتقوى المسلم، ويقدره ضمير المؤمن الذى يسعى لرضا الله تعالى عليه.
إن الله فرض الصوم ليس فقط للامتناع عن الطعام والشراب والعلاقة بين الأزواج، ولكن ليكون الصوم تدريبًا للتقوى، ولذلك لا يتوقف عند التفصيلات التى لا لزوم لها، وعن الخطأ بحسن نية يقول تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الأحزاب 5.
وفى قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)، أصل الفعل طاق، بمعنى القدرة على التحمل ضمن الطاقة الطبيعية، وبذلك فإنه على الذين يستطيعون الصوم ولكن هذه الاستطاعة تكون أكبر من الجهد الطبيعى، وقد جاءت بعد الترخيص للمريض والمسافر، والمعنى أنه على الذين يكون الصوم أو قضاؤه بعد رمضان يحملهم فوق طاقتهم فدية طعام مسكين: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة 184.
يقول تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، فمن أصبح مريضًا أو مسافرًا عليه أن يصوم أيامًا أخرى بعدد الأيام التى أفطر فيها، والاختيار متاح لمن يطيق الصوم بصعوبة أن يصوم: (فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ
بمعنى أيامًا قليلة، وبمعنى أننا نعد أيام شهر رمضان يومًا بيوم حتى نكمل الشهر: (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ)، إن كان الشهر كاملًا 30 يومًا، أو ناقصًا 29 يوم، تبع الحساب الفلكى للأشهر القمرية.
أما عن التقوى وموقف كل إنسان منها فى حالة الصوم، البعض يصوم لأنه تعود على ذلك، فيصوم ولا يصلى، أو يصلى فى رمضان فقط، فالصوم هو الهدف بالنسبة له، ولكنه لا يصلح شيئًا فى سلوكياته، فهو صوم بلا تقوى، فقد تحول رمضان إلى عادة اجتماعية، وشهر للجوع والعطش دون أى ترقية أخلاقية، والتقوى سبب للرقى الأخلاقى فى التعامل مع الناس وإخلاص العقيدة والعبادة لله تعالى.
التقوى والصيام
يقوم الصائم بالتركيز على الصيام مع إغفال للقواعد الميسرة للصوم، ومع تجاهل للتقوى، وفى كل رمضان تتكرر الأسئلة التى يسأل عنها الصائمون، والإجابة موجودة فى التقوى، مثل أن القرآن الكريم لم يحدد طبيعة السفر المرهق الذى يتساوى مع المرض ويكون سببًا للإفطار، وترك ذلك لتقدير ضمير المؤمن.
ومثل أنه لم يحدد نوع المرض الذى يحتاج للإفطار، وعلى المؤمن التقى أن يستشير الطبيب المختص لتحديد حاجة المريض للإفطار لأن الصوم يضره.
ومثل أنه لم يحدد مقدار الفدية التى يدفعها المفطر غير المريض وغير المسافر: (فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)، التحديد يرجع لتقوى المسلم.
وجاء تحديد بداية الصوم ونهايته متروكًا لضمير المؤمن الصائم، فالبداية من حين يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، ويمكنه احتياطا أن يمسك عن الطعام قبلها، وحدد وقت الإفطار بالليل، والغروب هو بداية الليل، بأن الإفطار بمجرد غروب الشمس، ولكن لمن أراد التأكد أن يفطر بعدها بعدة دقائق.
لقد أصبح الصيام هدفًا ينشأ عليه الطفل المسلم يتعلم الصوم ويؤديه كعادة، بجانب عادات أخرى فى الطعام والشراب وقضاء وقت رمضان، قامت عليها حرف ومهن وصناعات، وأصبح مفهوم الكثير من الناس للصيام يشمل كل شيء ما عدا التقوى، فالمهم هو الصوم لعدم الخروج عن إجماع المجتمع الصائم.
الهدف من الصوم ليس مجرد الحرمان وإنما هو التقوى، وبغياب التقوى فقد تحول الصيام إلى عكس ما يهدف إليه، فرمضان أصبح شهر الأطعمة فى الإفطار والسحور، وشهر يسهر فيه الناس الليل وينامون فيه النهار، أو يتكاسلون حتى يمضى اليوم، كما يجد البعض فى صومهم حجة للغضب.
لقد شرع تعالى العبادات كوسيلة للتقوى، وتزكية النفس وتطهيرها، بأن يصلى الإنسان لتتطهر نفسه، ويصوم لتتزكى وتتقى نفسه، ويحج لتتزود نفسه بالتقوى: (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) البقرة 197، فالتقوى هى مكسب المؤمن ليلقى الله بقلب سليم.
2


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.