دائمًا كنت أرى للسوشيال ميديا سلبيات كثيرة أنها على المستوى العام كانت وسيلة لغسيل الأدمغة بمفاهيم بعيدة عن تراثنا ووطنيتنا أو قوميتنا، وعلى المستوى الفردى أبعدت كل شخص عن أسرته أو أصدقائه والأهم عن القراءة الورقية.. لكن ثبت قوة تأثير السوشيال ميديا فى نقل وعرض تفاصيل الإبادة الجماعية والمذابح التى تقوم بها إسرائيل فى غزة صوتًا وصورة لايف كما يقال، جريمة الحرب تلك ستوثق كأبشع جرائم الحرب على مر التاريخ الحديث.. وقد سبق لدولة الإرهاب إسرائيل القيام بمذابح كثيرة وثقت بالصور فقط، أشهرها مذبحة قرية دير ياسين التى وقعت عام 1948 على يد الجماعات الإرهابية الصهيونية فى منظمتى الأرجوان وشتيرن، تم خلالها قتل 360 فلسطينيًا منهم نساء وأطفال، وتم طرد بقية أهالى القرية والاستيلاء على الأرض ليتم ربطها بالمستعمرات الصهيونية المقامة واستيطانها ليس ذلك فقط، بل تم إقامة المبانى على أنقاض المبانى الأصلية لقرية دير ياسين، وأطلقوا أسماء قتلة شهداء المذبحة على الشوارع المبناة.. واستمرت مجازر إسرائيل ضد العرب أشهرها مذبحة بحر البقر عام 1970، فى محافظة الشرقية، حيث قامت إسرائيل بضرب مدرسة بحر البقر بقنابل من طائرات الفانتوم، نتج عنها وفاة 30 تلميذًا وإصابة أكثر من 50 تلميذًا.. أما جنوبلبنان فلم يسلم من بطش وإرهاب إسرائيل الممنهج، فوقعت مجزرة سحمر عام 1982، ثم مجزرة إقليم التفاح عام 1985، وتعد مذبحة قانا 1996 هى الأشهر بعد دير ياسين، حيث استهدفت إسرائيل مركز قيادة فيجى التابع لقوات اليونيفيل «الأممالمتحدة»، واستشهد 175 لبنانيًا وأصيب أكثر من 300، ثم مجزرة قانا الثانية فى 2006، تم خلالها قصف عدة مبانى سقط جراؤها 55 شخصًا منهم 27 طفلًا. كل هذه المجازر رغم توثيقها بالصور فإن العالم لم يهتم بها أو يدينها ربما لأنها لا تعنيهم أو لم تؤثر فيهم الأحداث الدامية التى قامت بها إسرائيل لعدم وضوح جرائمها إعلاميًا.. على عكس ما حدث فى مجزرة غزة التى أعقبت عملية طوفان الأقصى وقامت إسرائيل على إثرها بتدمير غزة ودكها فوق رأس أهلها وتعدى عدد شهدائها 8500، أكثرهم من الأطفال، حتى كتابة هذا المقال، وما زالت إسرائيل تحصد أرواح الفلسطينيين بموافقة رؤساء الدول الغربية.. العكس هنا أن المجازر والهدم والرعشة التى أصابت كل أطفال غزة وجثث الشهداء وضرب المستشفيات والمساجد والكنائس ونفاد الطعام والمياه وقطع الكهرباء.. كل ذلك وثق بصور حية شاهدها العالم، ولأول مرة تنتفض كل الشعوب فى مظاهرات لم يحدث لها مثيل بعدما رأت المجازر من خلال الفضائيات وبوستات الفيسبوك وتويتر وفيديوهات التيك توك التى انتشرت كالنار فى الهشيم، وتلك أهم ميزة للسوشيال ميديا.. وأظن أنه مهما طال الوقت ومهما ازداد عدد الشهداء فلن تفلت إسرائيل تلك المرة لأن الضريبة اليوم أقسى وأفدح.
