مع التطور التكنولوجى الذى يحدث فى العالم وظهور الذكاء الاصطناعى وتطوره تزداد مخاوف البشر من فقدان وظائفهم وأن ينتهى بهم الأمر دون عمل، وأصبحنا اليوم نعيش طفرة الجيل الرابع وأصبح الروبوت يعمل بديلًا للإعلامى والمهندس وغيرهما، لكن هناك من يرى أنه من المستحيل أن يصبح الروبوت بديلًا للموظف، ووفقًا لتقرير The Future of Jobs Report 2020 الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمى، ومن خلال استقراء الأرقام المنشورة فى مسح مستقبل الوظائف 2020، يتوقّع أصحاب العمل أنّه بحلول عام 2025، الأدوار الزائدة عن الحاجة بشكلٍ متزايد ستنخفض من كونها 15.%4 من القوة العاملة إلى %9 (تراجع 6.%4)، وأنّ المهن الناشئة ستنمو من 7.%8 إلى 13.%5 (نمو 5.%7) من إجمالى قاعدة الموظفين المشاركين فى الشركة.
بناءً على هذه الأرقام، نقّدر أنّه بحلول عام 2025، 85 مليون وظيفة قد يتم إزاحتها من خلال تحوّل فى تقسيم العمل بين البشر والآلات، بينما قد يظهر97 مليون دور جديد أكثر تكيفًا مع التقسيم الجديد للعمل بين البشر والآلات والخوارزميات، عبر 15 صناعة و26 اقتصادًا شملها التقرير، وفى التقرير ظهر أنّ هناك وظائف سوف يكون الطلب متزايدًا عليها مثل محللى البيانات وعلماء الذكاء الاصطناعى ومتخصّصى تعلم الآلة، ومهندسى الروبوتات، ومطوّرى البرامج والتطبيقات، وكذلك متخصّصى التحول الرقمى، ومع ذلك، فإن الوظائف مثل إخصصاصى أتمتة العمليات، محلّلى أمن المعلومات وإنترنت الأشياء، تظهر حديثًا بين مجموعة من الأدوار التى تشهد طلبًا متزايدًا من أصحاب العمل. وتقول الدكتورة غادة محمد عامر، عميد كلية الهندسة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا: بالنسبة لفقد الوظائف فى الحقيقة رغم إنه منذ ظهور OpenAIs ChatGPT فى القطاع المدنى واستحواذه على المستخدمين بشكل سريع وشبيه بالعاصفة، فقد استطاع الChatGPT اجتياز امتحانات كلية الطب، وامتحان البرمجة لمهندسى البرمجيات، واختبار المحاماة، وعمل بحوثًا للطلاب وغيره الكثير، لكن فى الحقيقة الأمر أكثر تعقيدًا من الإجابة البسيطة ب «نعم» أو «لا»، وهنا تكمن أهمية صعود ChatGPT فى مدى قيمة الأداة التى أثبتت قوتها، والطرق التى يمكنها من خلالها دفع حدود ما يمكننا وما لا يمكننا تحقيقه. وترى عامر أن التأثير الأكبر للذكاء الاصطناعى سيطال الوظائف التى تحتاج إلى الكتابة وإدخال البيانات والحوسبة، لكنّ الإنسان سيبقى موجودًا، فمع الثورة الصناعية، وُجدت الآلات لمساعدة الإنسان لكن لم تلغِه، ووفّرت عليه تعبًا وجهدًا، مثلًا مهنة الترجمة، قد يتحوّل جزء منها إلى مؤتمت ولكن لن تندثر، إذ تساعد مَن يعانى من صعوبات تعليمية فى حالات خاصة، فيمكن أن تقوم الآلة بالترجمة الفورية، إلا أنّها لا يمكنها أن تكشف كل الكلام، ولا بدّ من تدخل الإنسان للتحقق من صحة الحديث الذى ترجمته الآلة، فهامش الخطأ موجود دائمًا، ويتطلّب دومًا تدخل الإنسان، أمّا القطاعات الأقل تهديدًا لفرص العمل فهى القطاع الصناعى، لكن بالمحصلة، فى كل قطاع يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعى عاملًا مساعدًا أو عاملًا معيقًا، إلّا أنّه من المؤكد لن يحلّ مكان الإنسان أبدًا، فما يتغيّر مع الذكاء الاصطناعى هو دور الإنسان فى العمل، إلا أنّه سيبقى يعمل، مثلًا فى قطاع التعليم، لم يختفِ دور المعلّم برغم التعليم أونلاين، لكن ما تغيّر هو الدور الذى أصبح مسهّلًا، لكن هناك دائمًا من عليه تحضير المحتوى التعليمى والتصحيح، وفى كل تطوّر، الأدوار تتغيّر وتُخلق أدوار جديدة، لكن لا يحلّ التطوّر مكان الإنسان. من جهته، يقول الدكتور السيد تاج الدين عميد كلية الهندسة بجامعة المستقبل: أن الذكاء الاصطناعى لا يعد بديلًا عن البشر ولكن أرى أنه يساعد فى تطوير المهن وتنميتها وفى أن تقدم أفضل خدمة وتلقى الخدمات فمثلًا التطبيقات على الموبايل دائمًا تكون من صنع الإنسان والأفكار مصدرها الإنسان أيضًا ولكن الذكاء الاصطناعى هنا يساعد على زيادة كفاءة العمل. وأضاف تاج الدين: هل معنى هذا أن بعض المهن ستختفى فى المستقبل؟ نعم بالفعل هناك بعض المهن ستختفى ولكن ستظهر مهن جديدة تساعد الناس على أداء عملهم، وبالنسبة إلى الهندسة سنرى أن هناك تطورًا كبيرًا فى اتجاه المهن الهندسية أو الأقسام الهندسية ذات الصلة بالتكنولوجيا ويستطيع المهندس أن يدرب الآلة على العمل ومن ناحية أخرى يستطيع القيام بالتحليل الدقيق لتحديد الأنظمة التى تقدم الخدمة أو تقدم مُدخلات فى الروبوت أو أيا كان الجهاز الذى سيعمل بالذكاء الاصطناعى وبالطبع سنحتاج للإنسان الذى سيعمل على تحليل البيانات وكل شىء. ويرى أنه من المهن التى ستختفى مثلا مع الوقت مهنة المُحصل فى القطار وسيحل محله أنظمة جديدة تقوم بكل المهام وتلك الأنظمة لا أعرفها أنا ولا أنت ولا حتى المتخصصين حتى الآن لكن مع الوقت تتطور، وأيضًا مهن فى الإدارة مثل السكرتارية وغيرها ولكن لا أستطيع أن أذكرها كلها لأن هذا الموضوع بحره واسع جدا، وبالنسبة للطبيب الآن أرى أنه اختلف عن الطبيب سابقًا حيث إنه كان يعمل بطريقة واليوم يعمل بطريقة مختلفة ولكن الطبيب مازال موجود والطبيب الناجح مازال ناجح أيضًا وأصبح يتعامل مع الواقع فإذا كان لديه مريض أصبح للمريض ملف موجود به كل المعلومات عنه وعن تاريخه المرضى وكل البيانات التى تسهل عليه التشخيص وأصبح الطبيب لا يحفظ الدواء والمعلومات ولكن هناك أدوات تساعده فى السياق، يقول المهندس المعمارى محمد عبدالمنعم: مستحيل أن يحل الذكاء الاصطناعى محل المهندس لكن سيصبح وسيلة مساعدة له ويوجد اشياء تشبهها فى الوقت الحالى لكن ليست بنفس كفاءة الذكاء الاصطناعى وكلها وسائل لإظهار عملى كمهندس مثل البريزنتيشن وال 3DMax والأوتوكاد يعتبر كلهم وسائل مساعدة لعرض وإظهار عملك وتفاصيله لكن من المستحيل على الأقل فى المجال المعمارى أن أسلم أى عمل الذكاء الاصطناعى وأقول له أنا لدى شقة وتلك هى مساحتها وأريد أن تتكون من ثلاث غرف وأن تكون بالشكل الفلانى أو أحدد المساحات والاختلافات وأيضًا مهم جدا فى مجالنا التواصل الجيد مع العميل وتستطيع أن تعمل على منتج من لا شىء كل تلك الأمور مستحيلة لذلك فإن الذكاء الاصطناعى لا يمكن أن يكون محل المهن الإبداعية والمهن التى تحتاج إلى أفكار مختلفة باستمرار. وترى رشا عكاشة، معلمة دراسات اجتماعية، أن دور المعلم من الصعب أن يحل محله الذكاء الاصطناعى لكن من الممكن أن يشرح الذكاء الاصطناعى للطالب وأن يوصل المعلومة إليه ولكن لا يمكنه أن يعرف مدى استيعاب الطالب وهل يفهم المادة أم لا وهل المعلومة وصلت إلى الطالب بشكل صحيح؟ وأيضًا لغة الجسد والتواصل البصرى بين الطالب والمعلم شىء أساسى ومهم ولا يمكن أن يكون مع آله بالتواصل يشعر المعلم ويعرف هل الطالب متردد أو يشعر بالحرج فى أن يسأل عن أى معلومة. وتضيف، من الممكن أن يكون دور الذكاء الاصطناعى فى الأمور الإدارية أو فى تسجيل الدرجات ورصدها ومن المستحيل أن يكون لديه نفس المشاعر التى لدى البشر. 1 3