بعد عقود من تفشى التهاب الكبد الوبائى «فيروس سى»، وتسببه فى إنهاك ملايين المصريين، استطاعت الدولة إنقاذهم، حيث انطلقت مبادرة السيد رئيس الجمهورية للقضاء على فيروس سى فى أكتوبر 2018 من خلال حملة قومية تستهدف الكشف المبكر عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدى (سى) والأمراض غير السارية (السكرى وارتفاع ضغط الدم والسمنة) لأكثر من 50 مليون مواطن مصرى، وتقديم خدمة المتابعة والتقييم والعلاج من خلال مراكز العلاج. التجربة المصرية كانت مصدر إلهام لمنظمة الصحة العالمية التى أشادت بجهود الدولة المصرية فى القضاء على هذا المرض اللعين، حيث استعرضت المنظمة العالمية عبر صفحتها الرسمية قصص بعض المتعافين ومنها قصة آمال أحمد، صاحبة ال52 ربيعًا، والمقيمة بمحافظة القاهرة، التى تحدثت عن كيفية أصابتها بفيروس سى، بقولها: «شعرت ببعض الأوجاع المستمرة فى منطقة الصدر والبطن»، مما اضطرها لزيارة مستشفى بمنطقة مدينة نصر لإجراء الفحوصات اللازمة والقيام ببعض التحاليل اللازمة نظرا لوجود بعض الشكوك الطبية حول إصابتها بتليف فى الكبد، والتى انتهت بتشخيص طبى يؤكد إصابتها بفيروس سى. وتضيف: «أول ما عرفت إن عندى فيروس سى خفت قوى وفضلت بالأيام قاعدة لوحدى مش بكلم حد ولا بتعامل مع حد.. كنت فاكرة مالوش علاج ولا حل وأول ما عرفت كان بيصعب عليا نفسى قوى، الناس كانت بتفضل تسألنى جالك منين؟!... أصل كنت أول واحدة يجليها فيروس سى فى العيلة». توجهت آمال بعد فترة إلى أحد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة والسكان، للاستفسار عن العلاج الخاص بفيروس سى بالمجان على نفقة الدولة، بعد وصول هذه المعلومة من إحدى صديقاتها والتى يخضع زوجها المصاب بفيروس سى للعلاج على نفقة الدولة. بدأت «آمال» علاجها لمدة ثلاثة أشهر، منذ شهر يونيو 2017 إلى نهاية شهر أغسطس 2017، وهو عبارة عن تناول 6 أقراص علاجية، موزعة على 3 جرعات يومية لمدة الأشهر الثلاثة. تصف السيدة آمال شعورها خلال فترة العلاج بقولها: «كنت فاكرة أنه مرض كبير مالوش علاج، بس دلوقتى الحمد لله قوى». «لسه شايفة بنت شكلها بيقول أنها عشرين سنة وعندها الفيروس طمنتها وقلت لها ما تخافيش له علاج وهتخفى». وتلخص تجربتها مع الفيروس بأنه بفضل الله والمبادرة الرئاسية تحول من كونه وحشًا مخيفًا إلى مرض مثل غيره من الأمراض يمكن علاجه والوقاية منه. قصة هذه المواطنة كانت واحدة من بين ملايين المصريين الذين أصيبوا بهذا الفيروس، وعاشوا سنوات طويلة يعانون منه، ومنهم من قضى بسبب، حتى إنه لم تخل أسرة من مريض بين أفرادها أو أحد أقاربها، أو حتى جيرانها. ويعد فيروس سى من الأمراض الخطيرة يصيب أكثر من 300 مليون شخص حول العالم، ويسبب عدة مشاكل فى الكبد مثل التليف والالتهاب وقد يكون مميتاً أو معدياً وكانت حالاته قبل المبادرة منتشرة بشدة فى مصر خلال العقود الماضية. هذا النجاح العظيم فى القضاء على هذا الفيروس جعل مصر التى كانت من أوائل الدول فى العالم الأكثر تسجيلاً للإصابة بفيروس سى تصبح خالية منه، حيث بادرت الدولة بأفكار ونفذت خطة لعلاج المصريين، وهو ما نجحت فيه بالفعل، حيث أصبحت مصر خالية من فيروس سى منذ 3 سنوات مضت. فالدولة خاضت معركة طويلة للقضاء على فيروس سى، وذلك من خلال مبادرات الكشف المبكر عنه إلى جانب تقديم العلاج للمصابين به حتى يتم الشفاء، ووفقاً للمكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية مصر عالجت ثلث مرضى فيروس سى بشرق المتوسط ونسقت حملتها وكشفت على 60 مليون شخص وعالجت 4 ملايين. ففى عام 2011 بدأ العمل على استراتيجية جديدة لعلاج المرضى وتم تطبيق تلك الإستراتيجية مع اكتشاف عقار سوفالدى عام 2014 الذى تم توفيره بسعر رمزى يوازى 5 من ألف من السعر العالمى، للبدء فى علاج المرضى بالمجان كما تم تصنيعه محلياً. «مبادرة 100 مليون صحة» فى أكتوبر عام 2018 أطلقت مبادرة رئيس الجمهورية للقضاء على فيروس سى من خلال حملة قومية تستهدف الكشف المبكر عن الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدى سى والأمراض غير السارية كالسكرى وارتفاع ضغط الدم والسمنة لأكثر من 50 مليون مواطن مصرى وتقديم خدمة المتابعة للمريض والتقييم أيضاً والعلاج وذلك من خلال مراكز العلاج بمختلف محافظات الجمهورية. كان الهدف من تلك المبادرة هو القضاء على فيروس سى بحلول عام 2020 وخفض الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية التى تمثل 70 % من الوفيات فى مصر. كان إجمالى تكلفة المبادرة للقضاء على فيروس سى والكشف المبكر عن الأمراض غير السارية نحو 4 مليارات جنيه، من بينها 2.5 مليار جنيه تكلفة المسح و1.5 مليار جنيه تكلفة العلاج. ونجحت المبادرة فى اكتشاف 2.2 مليون و4 آلاف و968 من حاملى الأجسام المضادة. كما تم أيضاً إطلاق امتداد للمبادرة فى ديسمبر 2018 وذلك بمسح 11 مليون و694 ألفًا و612 طالباً، وتم اكتشاف 25 ألفًا و911 حاملاً للأجسام المضادة، وهذا يعتبر إجراءً صحياً لم يحدث من قبل فى دولة أخرى فى العالم وهو الأمر الذى حصد اشادات من مختلف المنظمات الدولية، التى أقرت بنجاح التجربة المصرية. وفى أبريل عام 2019 أطلق برنامج فرعى للمبادرة الرئاسية وذلك بهدف مسح مرضى الأقسام الداخلية وتم تطبيقه فى 459 مستشفى، مما أدى إلى مسح 152 ألفاً و159 مريضاً واكتشاف 6102 إصابة بفيروس سى وأيضاً 893 إصابة بفيروس بى. واستطاعت الدولة القضاء على فيروس سى فى وقت قياسى بعدما كان مقررا أن تنتهى الحملة المصرية لمواجهة فيروس سى فى 2030، فقد تم فحص جميع المواطنين وعلاج كل الحالات التى تم اكتشاف إصابتها على نفقة الدولة فى مراكز العلاج التابعة للوزارة ، لتصبح مصر خالية من فيروس «سى». كما حققت تقدماً كبيراً فى مجال إنتاج أدوية فيروس سى حيث ان العلاج انخفض من 64 ألف دولار لكل مريض عام 2013 إلى 100 دولار حاليًا، وساعد ذلك فى توفير أكثر من 2.5 مليار دولار فى عملية استيراد الأدوية «توطين صناعة العلاج» يوجد فى مصر الآن 9 شركات لتصنيع مصل فيروس سى، وهذا وفر على مصر أكثر من 70 مليون دولار سنوياً، حيث إن مصر تصنع 79 بالمائة من احتياجاتها من العلاج. وفى إطار سياسية الدولة نحو توطين صناعة الدواء، كشفت شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، أن الحكومة نجحت فى فتح باب التصنيع المحلى لدواء فيروس سى وذلك ضمن حملة مواجهة فيروس وهو ما نتج عنه خفض سعر دواء فيروس سى من 14 ألف جنيه للمستورد إلى 400 جنيه فقط. وقام صندوق تحيا مصر بتوريد الجرعات العلاجية مجاناً طبقاً للبروتوكول العلاجى لوزارة الصحة والسكان للمرضى، حيث يتم إدراج بيانات المرضى وبيانات المسح الطبى على الحساب الخاص بصندوق تحيا مصر بقاعدة البيانات القومية لدى وزارة الصحة والسكان وبعد الانتهاء من جرعة العلاج يتم إصدار شهادة رسمية من وزارة الصحة تفيد تعافى المريض من الفيروس. ملحمة نجاح الدولة المصرية فى القضاء على فيروس سى، واحدة من ملاحم كثيرة وإنجازات عظيمة قامت بها الدولة المصرية فى عصر الجمهورية الجديدة التى وضعت المواطن فى قمة أولوياتها فى مختلف المجالات الصحية والتعليمية والإسكانية لعيش المواطن المصرى حياة كريمة حقيقية، أصبح يشعر بها القاصى والدانى، وستظل إنجازات الدولة المصرية المتواصلة موضع اشادات دولية وإقليمية. 1 2