يشارك الأزهر الشريف- للعام السابع على التوالى- بجناحٍ خاص فى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته ال54 وذلك انطلاقًا من مسئولية الأزهر التعليمية والدعوية فى نشر الفكر الإسلامى الوسطى المستنير الذى تبناه طيلة أكثر من ألف عام. وشهد جناح الأزهر هذا العام حضورًا قويًا لفت انتباه كثيرمن رواده والذى كان من أبرزهم ممثل منظمة الأممالمتحدة للطفولة- يونيسيف جيرمى هوبكنز، حيث زار ركن الطلاب الوافدين، مشيدًا بوحدة الدعم النفسى الموجوة به، وأنه أول جناح يزوره يقدم خدمة الدعم النفسى بالمعرض، كما أثنى على اللوحات الفنية المعروضة للطلاب الوافدين. كما زار هوبكنز، متحف المخطوطات بجناح الأزهر، وتفقد الوثائق التاريخية والمخطوطات والصور النادرة، مؤكدًا أنها تمثل ثروة قومية لطلاب العلم وللمهتمين بالمخطوطات التاريخية، وفى نهاية زيارته أهداه د. نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، مجموعة من الكتب باللغتين العربية والإنجليزية وهى: (جريمة الانتحار.. الأسباب وطرق الوقاية من المنظور الإسلامى، دعوى الإسلاموفوبيا النشأة- الأسباب- الآثار - العلاج، فى مواجهة الإلحاد المعاصر وعقائد العلم) باللغة العربية، و100 سؤال عن الإسلام للشيخ الغزالى، وكلمات فى التسامح والسلام لفضيلة الإمام الأكبر، باللغة الإنجليزية. وكان أبرز ما تميز به وجود الأزهر فى معرض الكتاب هو التواجد الفنى بجناح الأزهر حيث نظم جناح الأزهر الشريف ندوة بعنوان، «دور الفن فى تعزيز القيم الأخلاقية»، شارك فيها، الفنان محسن محيى الدين، وخلال الندوة قال الفنان محسن محيى الدين، إنه من الممكن استثمار الفن للحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز القيم المجتمعية، ومعالجة القضايا الشائكة، بما يتناسب مع فطرة الإنسان التى تحركه وتؤثر فى سلوكه إيجابًا وسلبًا، مبينًا أن القصص المعروضة فى القرآن خير دليل على أن تغير الظروف والسلوك الإنسانى قابل للتأثر بالمجتمع والظروف المحيطة، ولذلك فمن الضرورى التفكير فى المقصود والمغذى المهم من الفن. وأشار محسن محيى الدين، إلى أن الفن الهادف رسالة ووسيلة مهمة من وسائل التعبير عن النفس والخبرات الحياتية المفيدة والحفاظ على القيم، بمخاطبته للعقل والمشاعر والفطرة الإنسانية، ويستطيع المشاهد من خلال القراءة والبحث والتحليل أن يحافظ على قيمه وثقافته وهويته والحدود الإلهية التى وضعها الله سبحانه وتعالى له للوصول إلى مرحلة معينة من الثقافة، فقد وضع الله سبحانه وتعالى حدودًا وحقوقًا مطلوبة للأسرة والجار والأهل، لذلك من المهم معرفة هذه الحدود لتوظيفها والاستفادة منها فى لم شمل الأسرة والاستفادة مما تعرضه الساحة الفنية من أعمال متنوعة ونماذج من الممكن الاستفادة من الحسن منها والابتعاد عن سيئها، وتقديم حلول ناجحة لمشكلات المجتمع من خلال رسائل فنية توعوية تحفز السلوك القويم وتعزز القيم الدينية والوطنية وتؤدى إلى التماسك الأسرى والمودة والرحمة. وأوضح الفنان محيى الدين، أن المشاهد من خلال فطرته السليمة واستمرارية النظرة التحليلة للفن ودوره قد ينجح فى معالجة الظواهر والقضايا السلبية من خلال البحث عن المفيد فى الرسالة الإعلامية واستثماره من أجل تعزيز القيم الأخلاقية، وعلى الأسرة دور كبير فى اختيار المناسب لها ولاحتياجاتها من الرسالة الإعلامية، مع التذكير دومًا بأن هناك حدود وضعها الله سبحانه وتعالى، وأن الفن من الممكن توظيفه بشكل إيجابى ليؤدى دورًا فعالاً فى التوعية والتثقيف والحفاظ على القيم الأخلاقية، مع ضرورة تحقيق التوازن بينه وبين الحدود الإلهية والمساحة الآمنة المطلوبة ليؤدى الفن دوره واستخداماته المرجوة. غناء وأناشيد كما شهد جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، حضور نجم برنامج «الدوم» الحاصل على عضوية نقابة الموسيقيين والمشارك فى افتتاح مدينة المنصورة الجديدة بحضور السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث قدم العديد من الابتهالات والأناشيد الدينية التى أطربت أسماع جمهور معرض الكتاب ومنها أنشودة «قمر سيدنا النبى قمر»، و«برضاك يا خالقى» الأنشودة الشهيرة لأم كلثوم. فارس مصطفى عبر عن سعادته بالإنشاد داخل جناح الأزهر لا سيما أنه نشأ على حب الإنشاد الدينى، والموشحات والقرآن الكريم، وقال: لقد بدأت فى الإنشاد الدينى منذ سنوات مضت، وقررت أن أثقل موهبتى فالتحقت بمدرسة الإنشاد الدينى فى القاهرة بقيادة الشيخ محمود ياسين التهامى منذ عام مضى، واجتزت الاختبارات الأولى داخلها، وتخرجت فيها، وقدمت المدرسة لى خلفية أكبر عن المقامات الصوتية فى الارتجال والابتهال وعلمتنى كيف أشكل صوتى، بجانب تلقى الموشحات الدينية من التراث لإحياء التراث الدينى. وشهدت الأنشطة الفنية التى يقدمها طلاب ومواهب الأزهر من قطاع المعاهد الأزهرية ومكتب الأزهر لدعم الابتكار وريادة الأعمال، الإقبال الأكبر، حيث قدم الطلاب أناشيد وابتهالات دينية وأعمال فنية مسرحية تتناول عددًا من القصص الدينية والقيم والأخلاق ونشر حب العمل والولاء للوطن. كما شهد ركن مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين توافد الزوار لتفقد الأعمال الفنية اليدوية والرسومات والصور الإبداعية، وغيرها من الأعمال والزخارف التى نسجها ورسمها الطلاب الوافدون بالأزهر. فتوى بمعرض الكتاب وقد شهد ركن الفتوى بجناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته (54) إقبالًا كثيفًا وحرصًا من قبل جمهور معرض الكتاب، على الالتفاف حول واعظى وواعظات وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية ومركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، وذلك للاستفسار عن الفتاوى والتساؤلات المُلحة بالنسبة لهم، والحصول على النصائح والمشورة فى مختلف الموضوعات والقضايا الدينية والعقائدية والاجتماعية وقضايا المواريث والزواج والأسرة والشباب والمرأة والتعامل مع الأبناء. الشيخ محمد العليمى، عضو مركز الأزهر العالمى للفتوى، أوضح أن هناك توجيهات مستمرة من الإمام الأكبر بضرورة الاستماع لكافة تساؤلات رواد معرض الكتاب، وتقديم الإجابة والرأى الفقهى لطالبى الفتوى بحرص واهتمام، موضحًا أن ركن الفتوى بمعرض الكتاب يستقبل منذ بداية أيام المعرض مئات الأسئلة ويجيب عليها، مشيرًا إلى أن أبرز التساؤلات تدور حول قضايا الميراث والأسرة والخلافات الزوجية ومعالجة حالات الفهم المغلوط للدين، وحكم تصوير الكتب والاستفادة العلمية منها وبيعها دون إذن صاحبها. ووفقًا لتصريحات العليمى عالج ركن الفتوى كثير من الظواهر السلبية الدخيلة على المجتمعات مثل الشذوذ والتحول الجنسى، ويجيب على تساؤلات خاصة بأحكام الحجاب والإيجار القديم، وأحكام الشريعة الإسلامية الخاصة بالتجارة والربح ومحاربة الاحتكار، وحدود طاعة الوالدين وما إذا كانت طاعة عامة أم أن هناك ضوابط، مؤكدًا حرص القائمين على ركن الفتوى على تقديم النصح والمشورة وتعزيز ثقافة الحياة وضبط التعاملات الإنسانية، والعيش فى أمان وسلام بين بنى الإنسان. فيما تجيب واعظات الأزهر الشريف بركن الفتوى على تساؤلات وفتاوى النساء رواد معرض الكتاب، اللاتى يتحرجن من طرحها على وعاظ الأزهر، ويجدن فى الواعظات مصدر ثقة وأمان لتساؤلاتهن الخاصة، وفى هذا الإطار تبين إسراء محمد عتمان، واعظة بمنطقة كفر الشيخ، أنه تم معالجة أكثر من مائة قضية منذ بداية المعرض، مشيرة إلى أن معظم الأسئلة تدور حول أحكام الزينة وعمليات التجميل والليزر، وصلة الرحم وأحكام البنوك والاستثمار، مع تقديم برنامج متكامل وحلول مستمرة لمشكلات الأسرة ولكيفية احتواء الأمهات لأولادهن حتى لا يتعرضوا للأفكار المتطرفة. وبينت الشيماء محمد رمضان، الواعظة بمنطقة القاهرة، أن هناك قضايا عقدية وفقهية كثيرة تمت معالجتها بركن الفتوى بمعرض الكتاب منذ بدايته، وتساؤلات تمت الإجابة عليها من فئة الشباب حول التحرش وزكاة الذهب وحكم وضوابط التعامل مع الآخر، وحماية النشء من الأفكار المتطرفة والعنف الأسرى. متحف المخطوطات وكان من أبزر نشاطات الأزهر فى معرض الكتاب الورشة الفنية لترميم المخطوطات والوثائق والكتب التاريخية، حيث قام الباحثون من مكتبة الأزهر بأعمال الترميم بأدوات وأجهزة مخصصة، حيث تهدف أعمال الترميم إلى محاولة إعادة المخطوطة أو الكتاب إلى صورتها الأصيلة والحفاظ عليها من التلف أو الأعراض التى تؤثر على جودتها. ركن للوافدين كما خصص جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، ركنا للطلاب الوافدين، لعرض أعمالهم الفنية واختراعاتهم، تقديرا لهم ورعاية لمواهبهم وتنميتها، كما يقدمون مواهبهم من خلال بانوراما الأزهر، فضلا عن الأناشيد الدينية والابتهالات وفقرات الشعر وتلاوة للقرآن بصوت عذب، وسط استحسان زوار جناح الأزهر، كما تم تقديم محاضرة لهم عن كيفية مواجهة الضغوطات النفسية، حاضر فيها الدكتور سامح سعاده، أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة الأزهر، قدم خلالها نصائح للطلاب الوافدين لتنمية الثقة بالنفس وإدارة الذات. إصدارات أزهرية وشهد جناح الأزهر العديد من الإصدرارات الهادفة، حيث يقدم لزواره أكثر من 100 كتاب بأسعار لا تتجاوز العشر جنيهات للكتاب الواحد، بتكلفة الطباعة، دون أى زيادة، وتتنوع هذه الكتب وتتناول الكثير من الإصدارات الدينية والقضايا الفقهية المعاصرة والاقتصادية وتناقش الكثير من القضايا والموضوعات فمنها: الإسلام كما يراه الأوروبيون ويبين رؤية الغرب للإسلام، كما تتناول بعض هذه الكتب ترجمات عن القرآن الكريم مثل كتب ترجمة للقرآن الكريم، ودراسات عن القرآن الكريم، وشريعة القرآن من دلائل إعجازه. كما تتناول بعض هذه الكتب القضايا الاقتصادية مثل كتاب من قضايا المال والأعمال، ولم ينس الأزهر دوره التوعوى عن قضية القدس فهى فى مقدمة أولوياته والتعريف به فى طليعة اهتماماته ويقدم العديد من الكتب عن القدس منها: القدس بين اليهودية والإسلام، والمسلمون واسترداد بيت المقدس، وكتاب عودة القدس. وتناقش بعض إصدارات الأزهر قضية الإلحاد وتواجهها بأكثر من كتاب منها حوار مع صديقى الملحد، وكتاب حوار الإيمان والإلحاد. كما قدم جناح الأزهر الشريف لزوراه من الأطفال كتاب «رحلات قمر فى إفريقيا»، بقلم إبراهيم حفنى ورسم إبراهيم عمرو، من إصدارات مجلة نور للأطفال، الصادرة عن المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، يتناول أهمية نهر النيل لدول قارة إفريقيا، وكيفية الاستفادة منه والحفاظ عليه، وكذلك كتاب «تيكا والكوكب الأخضر»، من إصدارات سلسلة كتب مجلة نور للأطفال، الصادرة عن المنظمة العالمية لخريجى الأزهر، تستهدف النشء من سن 4 إلى7 سنوات، لتعريف الأطفال بخطورة الممارسات الضارة على البيئة.
