وكيل الأزهر في احتفالية "الأشراف" بالمولد النبوي: البناء الحقيقي للإنسان يكون باتباع سنة الرسول    مفاجأة.. تجارة أسوان في قمة الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة تجاري خمس سنوات    متحدث الوزراء يكشف تفاصيل جديدة بشأن استبدال الدعم العيني بالنقدي    الحرس الثوري الإيراني يتوعد إسرائيل بانتقام "ساحق" لتفجيرات لبنان    البيت الأبيض: وقف إطلاق النار بغزة سيهدئ التوتر بالمنطقة    حسام باولو ليلا كورة: منتخب مصر للكرة الشاطئية يطمح للفوز بأمم أفريقيا (فيديو)    «نهاية غير سعيدة للصيف».. بيان مهم بشأن حالة الطقس غدا الجمعة 20 سبتمبر 2024    مصرع ربة منزل بعد سقوطها من الطابق السابع في شبرا الخيمة    بينهم"خاطر ودياموند وأبو سريع"..نجوم الفن بافتتاح الغردقة لسينما الشباب (صور)    نقيب الأشراف: نفوض الرئيس في اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة للحفاظ على أمن وسلامة الوطن    النزلة المعوية في أسوان- تغطية خاصة بأبرز المستجدات لحظة بلحظة    أمير شاهين لمنتقدي حفل زفاف نجل شقيقه: كان صعب نأجل الفرح    غزل المحلة يفوز على التحدى الليبى استعدادا لانطلاق الدورى الممتاز    «أنا مسامح والدها».. صلاح التيجاني يكشف ل«البوابة نيوز» سر انفصال والديّ خديجة ومحاولته للصلح    البلشي: إطلاق موقع إلكتروني للمؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    مصرع ربة منزل سقطت من الطابق السابع في شبرا الخيمة    مصرع 3 أشخاص وإصابة 23 آخرين في حادث تصادم ميني باص بعمود إنارة بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي    مصرع سيدة وزوجها إثر انقلاب موتوسيكل بطريق السويس الصحراوى    مسئول روسى يعلن تدمير ثلثي دبابات أبرامز الأمريكية فى أوكرانيا    إعلام إسرائيلي: حرائق كبيرة في منطقة المطلة شمالي إسرائيل جراء قصف من الجنوب اللبناني    هيئة البث الإسرائيلية: عشرات الطائرات شاركت في الهجوم الأخير على لبنان    محافظ الدقهلية يتفقد أعمال رفع كفاءة كوبري المشاة أمام شارع المدير    فانتازي يلا كورة.. ما هي مباريات الجولة الخامسة؟    مستشفى "حروق أهل مصر" يعزز وعي العاملين بالقطاع الصحي باحتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    أمين الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعا وخيانة للأمانة    7 أبراج مواليدها هم الأكثر سعادة خلال شهر أكتوبر.. ماذا ينتظرهم؟    عاجل.. تطور مفاجئ في الانتخابات الأمريكية بسبب العرب.. ماذا يحدث؟    تعرف على شروط الانضمام للتحالف الوطنى    تكاليف مواجهة أضرار الفيضانات تعرقل خطة التقشف في التشيك    موقف إنساني ل هشام ماجد.. يدعم طفلًا مصابًا بمرض نادر    956 شهادة تراخيص لاستغلال المخلفات    "مجلس حقوق الإنسان": المجتمع الدولى لا يبذل جهودا لوقف إطلاق النار فى غزة    جوارديولا يحسم الجدل حول الذهاب إلى الدوري الإيطالي    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    الدكتورة رشا شرف أمينًا عامًا لصندوق تطوير التعليم بجامعة حلوان    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    إحباط محاولة تعدٍ على قطعة أرض مستردة من أملاك الدولة بالأقصر    الزمالك ينتظر خطوة وحيدة قبل التحرك القانوني ضد الجابوني أرون بوبيندزا    عاجل| رئيس الوزراء يكشف تفاصيل حالة مصابي أسوان بنزلة معوية    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    بنك إنجلترا يبقى على الفائدة عند 5 %    برلماني عن ارتفاع أسعار البوتاجاز: الناس هترجع للحطب والنشارة    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    الأوبرا تقدم العرض الأول لفيلم "مدرسة أبدية"    انطلاق المرحلة الخامسة من مشروع مسرح المواجهة والتجوال    وزير التعليم العالي: لدينا 100 جامعة في مصر بفضل الدعم غير المحدود من القيادة السياسية    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    محافظ المنوفية يضع حجر أساس لمدرستين للتعليم الأساسي والتجريبية للغات بالبتانون    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «الصحة»: ملتزمون بتعزيز سلامة المرضى وتحقيق أعلى معايير الرعاية للمرضى    «الأمر صعب ومحتاج شغل كتير».. تعليق مثير من شوبير على تأجيل الأهلي صفقة الأجنبي الخامس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نساء فى حياة الأنبياء النبى محمد.. وأول من صدَّقته: السيدة خديجة ثبات فى المواقف! "14"
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 10 - 10 - 2021

يرى البعضُ أن تعاليم الإسلام تنظر للأنثى نظرة دونية مقارنة بالذكر، وهى رؤية تأسَّست على فهم غير صحيح لآيات قرآنية، مثل قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف 19، (أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) الطور 39، (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى) النجم 21.
كانت خديجة بنت خويلد سيدة ذات شرف ومال، وكانت تعمل بالتجارة، وكان النبى محمد عليه الصلاة والسلام يرعى الغنم، ولكنه عمل معها وخرج فى تجارة لها إلى الشام مع غلامها مَيسرة، والذى رأى ما كان يتحلى به النبى من الصدق والأمانة والأخلاق، فلما رجع أخبر سيدته بما رأى من أخلاق النبى، فرأت أنه الزوج المناسب لها، ولم يتزوج النبى غيرها فى حياتها، وقد توفيت السيدة خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين.
والروايات لا يمكن الاعتماد على الأعمار أو التواريخ التى جاءت بها، فالعرب لم يكن عندهم وقتها توثيق للمواليد ولا للزواج.
والتأريخ به الكثير من المبالغات؛ حيث بدأ التاريخ شفهيًا فى مجالس قصص يتداولها الناس تعتمد على الغريب والعجيب لإبهار المستمعين، وبمرور الزمن من عصر الصحابة إلى عصر الأمويين والتابعين تكاثرت الروايات وتناقضت، ثم جاء العصر العباسى بالتدوين لكل ما يقال.

سن السيدة خديجة
فمثلاً عن سنّ السيدة خديجة عندما تزوجها النبى عليه الصلاة والسلام، لم يكن هناك تسجيل للمواليد فى مكة حتى نعرف تاريخ ميلاد الطفلة خديجة بنت خويلد، ولذلك اختلفت الروايات فى تحديد عمرها عندما تزوجت النبى عليه الصلاة والسلام.
قال ابن هشام فى «السيرة»: «فلما بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خمسًا وعشرين سَنة تزوج خديجة بنت خويلد»، ولم يذكر هنا سن السيدة خديجة، وقال ابن سعد فى «الطبقات الكبرى» أنها كانت فى الأربعين حين تزوجها النبى: «عن أبى حبيبة مولى الزبير قال سمعت حكيم بن حزام يقول تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة وهى ابنة أربعين سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة».
ثم يذكر ابن سعد أن عمرها كان 28 سنة حين تزوجها النبى: «عن ابن عباس قال كانت خديجة يوم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة ثمانٍ وعشرين سنة»، ثم ينفى هذا الخبر ويقول أنها كانت فى الأربعين: «قال محمد بن عمر ونحن نقول ومن عندنا من أهل العلم إن خديجة وُلدت قبل الفيل بخمس عشرة سنة وإنها كانت يوم تزوجها رسول الله بنت أربعين سنة».
فالروايات اختلفت فى سن أمّ المؤمنين السيدة خديجة عند زواجها بالنبى عليه الصلاة والسلام وأن عمرها كان بين 28 و40 سنة، ومع أنه توجد روايات للبيهقى والنيسابورى تدل على أنها كانت فى أواخر العشرينيات، إلا أن المفسرين أخذوا بروايات أوائل الأربعينيات.
زواج النبى من خديجة
وعن بداية تعامُل النبى مع السيدة خديجة فى الروايات نقل ابن هشام: (قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ امْرَأَةً تَاجِرَةً ذَاتَ شَرَفٍ وَمَالٍ. مَالِهَا وَتُضَارِبُهُمْ إيّاهُ بِشَيْءٍ تَجْعَلُهُ لَهُمْ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَوْمًا تُجّارًا؛ فَلَمّا بَلَغَهَا عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا بَلَغَهَا، مِنْ صَدْقِ حَدِيثِهِ وَعِظَمِ أَمَانَتِهِ وَكَرَمِ أَخْلَاقِهِ بَعَثَتْ إلَيْهِ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ فِى مَالٍ لَهَا إلَى الشّامِ تَاجِرًا، وَتُعْطِيهِ أَفَضْلَ مَا كَانَتْ تُعْطِى غَيْرَهُ مِنْ التّجّارِ مَعَ غُلَامٍ لَهَا يُقَالُ لَهُ مَيْسَرَةَ فَقَبِلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْهَا، وَخَرَجَ فِى مَالِهَا ذَلِكَ وَخَرَجَ مَعَهُ غُلَامُهَا مَيْسَرَةُ حَتّى قَدِمَ الشّامَ. فَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِى ظِلّ شَجَرَةٍ قَرِيبًا مِنْ صَوْمَعَةِ رَاهِبٍ مِنْ الرّهْبَانِ فَاطّلَعَ الرّاهِبُ إلَى مَيْسَرَةَ فَقَالَ لَهُ مَنْ هَذَا الرّجُلُ الّذِى نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشّجَرَةِ؟ قَالَ لَهُ مَيْسَرَةُ هَذَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمِ؛ فَقَالَ لَهُ الرّاهِبُ مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشّجَرَةِ قَطّ إلّا نَبِيّ). ونقل الطبرى هذه الرواية عن ابن إسحاق.
الغريب فى الرواية قوله: (مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشّجَرَةِ قَطّ إلّا نَبِىّ)، فهل أدرك هذا الراهب كل الأنبياء؟، وهل كل الأنبياء جلسوا تحت هذه الشجرة؟، وماذا إذا جلس تحتها غير الأنبياء؟.
وتستمر الرواية: (فَلَمّا قَدِمَ مَكّةَ عَلَى خَدِيجَةَ بِمَالِهَا، بَاعَتْ مَا جَاءَ بِهِ فَأَضْعَفَ أَوْ قَرِيبًا. وَعَمّا كَانَ يَرَى مِنْ إظْلَالِ الْمَلَكَيْنِ إيّاهُ. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ امْرَأَةً حَازِمَةً شَرِيفَةً لَبِيبَةً مَعَ مَا أَرَادَ اللّهُ بِهَا مِنْ كَرَامَتِهِ فَلَمّا أَخْبَرَهَا مَيْسَرَةُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ بَعَثَتْ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَتْ لَهُ- فِيمَا يَزْعُمُونَ- يَا ابْنَ عَمّ. إنّى قَدْ رَغِبْتُ فِيك لِقَرَابَتِك، وَسِطَتِكَ فِى قَوْمِك وَأَمَانَتِك وَحُسْنِ خُلُقِك، وَصِدْقِ حَدِيثِك، ثُمّ عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ يَوْمئِذٍ أَوْسَطَ نِسَاءِ قُرَيْشٍ نَسَبًا، وَأَعْظَمَهُنّ شَرَفًا، وَأَكْثَرَهُنّ مَالًا؛ كُلّ قَوْمِهَا كَانَ حَرِيصًا عَلَى ذَلِكَ مِنْهَا لَوْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ)، هذه الرواية هى التى تمهد للزواج قبل النبوة، وكان وكيلا السيدة خديجة فى الزواج، عمّها عمرو بن أسد، وابن عمّها ورقة بن نوفل، ووكيل النبى عمّه أبو طالب.
سيرة السيدة خديجة
لأنها ماتت قبل الهجرة ولم تشهد دولة النبى محمد فى المدينة ثم الأحداث التى غيرت تاريخ العرب والعالم فيما بعد فإن التأريخ لها شابه الكثير من الأكاذيب التى تعكس ثقافة عصرها وغرام القُصّاص بالغريب والعجيب لإبهار المستمعين.
هى التى وَلدت كل أولاد النبى وبناته عدا ابنه إبراهيم.. قال ابن سعد: «فولدت له ولده كلهم إلا إبراهيم زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة والقاسم وعبدالله، فأمّا القاسم وعبدالله فماتا فى الجاهلية وأمّا بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه».
ما فعلته خديجة جدير بسيدة اختارها القدر لتكون قرينة للنبى محمد عليه الصلاة والسلام، وموقف السيدة خديجة حين جاءها زوجها من غار حراء، حائرًا غريب النظرات، فترد إليه السَّكينة، وتضمه إلى صدرها قائلة: «إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضعيف، وتعين على نوائب الحق، فلن يخزيك الله أبدًا»، فاقت السيدة خديجة النساء والرجال إيمانًا.
تتفق كتب السيرة النبوية على أنها طلبت من الشاب محمد العمل فى تجارتها، ولما رأت حُسن أخلاقه وأمانته، تزوجته رُغم فقره لإعجابها بشخصه، فضّلته على أغنياء قريش الراغبين بالزواج منها، ثم كانت أول من آمن بدعوة النبى إلى الإسلام، صدّقته حين كذبه الناس، وأنفقت من مالها حين تفرغ لأمر الرسالة، لا يسمع شيئًا يكرهه أو يحزنه إلا فرج الله عنه بها.
حب حقيقى
وقفت خديجة مع النبى، وشاهدت ثباته وإصراره على الحق، فوقفت وعمّه أبوطالب مع الرسول بكل ما لديها من مال وجاه واقتدار، قاطعت قريش المسلمين وحاصرتهم، فلم تتوانَ خديجة فى الوقوف معهم، تخلت عن دارها لتمضى فى الشعب ثلاث سنين صابرة، تكابد الجوع والفقر والظمأ، وهى الغنية الشريفة، حتى تهاوَى الحصار.
خديجة هى الحب الأول الذى مازج قلب محمد، عاشت أيامه حلوها ومُرّها، قال عنها النبى الكريم: «أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون».
لم يتزوج الرسول عليها غيرها حتى وفاتها، سُمّى العام الذى رحلت فيه هى وعمّه أبوطالب عام الحزن، كان يذكرها ويفضلها على سائر زوجاته، حتى إن السيدة عائشة قالت: «ما غرت من أحد من نساء النبى كما غرت من خديجة وما رأيتها، ولكن النبى يكثر من ذكرها»، قالت له يومًا: «كأنه لم يكن فى الدنيا إلا خديجة، قال النبى: إنها كانت وكانت، وكان لى منها ولد»، ورغم حبه الشديد لعائشة فإنه كان أشد حبًا لخديجة، صحيح أنها فارقت الحياة لكنها ما فارقته.
يروى ابن هشام فى سيرته، أنه عقب غزوة بدر أراد المشركون أن يفتدوا أسراهم، وكان منهم العاص بن الربيع زوج السيدة زينب ابنة الرسول، فأرادت زينب أن تفتدى زوجها، لعل الله يشرح صدره للإسلام، وبعثت فى فدائه بقلادة السيدة خديجة، فلما وقعت عينا النبى على القلادة استسمح أصحابه: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها مالها فافعلوا، فقالوا نعم يا رسول الله، ففعلوا».
أحيت قلادةُ السيدة خديجة ذكرياته عليه الصلاة والسلام، فهى قلادة لامست يومًا المرأة التى أعطته كل شىء، نفسها وجهدها ومالها، وتركت له كل شىء، فصارت رضى الله عنها قدوة لنساء العالمين.
فى السنة الثامنة من الهجرة، دخل النبى عليه الصلاة والسلام مكة، وأقام خيمته إلى جوار قبر زوجته خديجة، وكأنما يستعيد ذكرياته معها عندما قالت له: «لن يخزيك الله أبداً»، وقت أن كانا هما الاثنان فقط المسلمين، فهى أول من سجد لله بعد النبى.
لقد بلغ النبى عليه الصلاة والسلام الرسالة، وكان للنساء والرجال من حوله عونًا فى تبليغ الرسالة، وقبل كل هؤلاء تأتى السيدة خديجة زوجته، فقد كانت علاقتهما من الحب الراقى القادر على تحدّى الصعاب وصُنع المعجزات؛ للخروج من ظلام الكفر إلى نور الإيمان، ومن يأس الماضى إلى أمل المستقبل.
5


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.