بركان الغضب فى الأوساط القبطية، بعد نشر وقائع عن فساد الكنيسة فى هولندا، وكان التحقيق الذى نشرته «روزاليوسف» مثل الشرر المتطاير، فلم تقتصر ردود الأفعال على الكنيسة فى هولندا ولكنها امتدت لتصل إلى مسامع قداسة البابا تواضروس الثانى أثناء زيارته إثيوبيا لتفجر الكثير من المخفى والمسكوت عنه داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث سارع قداسة البابا بالاتصال بالكاتدرائية بالقاهرة للوقوف على حقيقة الأمر وطلب إعداد تقرير مفصل على وجه السرعة حول الموضوع وتحديداً فيما يخص زيارة الأنبا أرسانى إلى القدس مرتين. البابا كان قلقاً من انتهاك موقف وقرار تاريخى للكنيسة على مر أكثر من أربعين عاماً وعند عودة البابا من رحلته تفجرت المفاجآت أمام قداسته, فالأنبا أرسانى ليس الأسقف الوحيد الذى انتهك قرار البابا الذى يحظر فيه سفر الأقباط إلى القدس بل إن هناك العديد من أساقفة الكنيسة القبطية حذوا حذو الأنبا أرسانى خاصة أساقفة المهجر، إضافة إلى العشرات من كهنة الكرازة يذهبون سنوياً مع عائلاتهم لزيارة القدس وعلى أثر هذا قام قداسة البابا بالاتصال بالأنبا إبراهام مطران القدس الذى أكد بدوره المعلومات التى توافرت لدى البابا ولكن الأنبا إبراهام قال إن هؤلاء الأساقفة والكهنة لا يتم استقبالهم بشكل رسمى فى الكنيسة القبطية فى القدس، بل إن هناك البعض منهم لا يرتدون ملابسهم الكهنوتية أثناء الزيارة بل يرتدون ملابس عادية للتخفي وسط زوار المدينة المقدسة. لجنة استماع لم يكن بمقدور البابا - بعد نشر تحقيق كباريه قداسة الأنبا أرساني - أن يقف موقف المتفرج المكتوف اليدين أمام تنظيم أساقفة التطبيع مع إسرائيل، فذهاب أساقفة الكنيسة لزيارة إسرائيل يضع البابا والكنيسة فى حرج مع القوى السياسية والوطنية، كما أن ذلك يثير رعية البابا ضدة داخلياً وهو ما لا يمكن السكوت عنه أو المرور عليه مرور الكرام، فتنظيم التطبيع يضم العديد من الأساقفة منهم الأنبا يوسف أسقف جنوبأمريكا والأنبا كاراس أسقف نيوجيرسي، والأنبا أرسانى أسقف هولندا والعدد مرشح للزيادة فما كان من البابا إلا أنه قرر تشكيل لجنة استماع لأساقفة التطبيع مع إسرائيل تتكون من خمسة أساقفة ومطارنة من كبار أعضاء المجمع المقدس على هامش فعاليات اجتماع المجمع المقدس للكنيسة القبطية المزمع إقامته الشهر القادم تمهيداً لمحاكمتهم كنسياً. تطبيع مع سبق الإصرار زيارة القدس لم تكن الفرية الوحيدة ضد أساقفة التطبيع ولكنها كانت القشة التى قصمت ظهر البعير فجميعهم لديهم ملفات متخمة بالعديد من المشكلات ويأتى على رأس هؤلاء الأساقفة الأنبا يوسف أسقف جنوبأمريكا الذى حاول العام الماضى الانفصال بكنائس جنوبأمريكا عن الكنيسة القبطية الأم وتأسيس ما سمى بال(الكنيسة الأمريكية الأرثوذكسية)، وأصدر وثيقة تحدد معالم الكنيسة الجديدة وأنها كنيسة شقيقة للكنيسة القبطية وليست تابعة لها،الأمر الذى أثار ضده كل آباء المجمع المقدس، وتم استدعاؤه إلى القاهرة فتراجع عن الانفصال وادعى أن تلك خدمة جديدة يقدمها ضمن خدمات الكنيسة القبطية الأم تختص بالمصريين الناطقين باللغة الإنجليزية، وسحب وثيقة الانفصال وادعى أن الوثيقة كتبت بصيغة خاطئة أدت إلى أن يفهم منها أنها وثيقة الانفصال. وعلى الرغم من تراجع يوسف فإن كل المؤشرات تشير إلى أنه مازال يحاول الانفصال عن الكنيسة الأم، فقد أعلن عن زيارة إلى القدس تحت رعايته فى الشهر الماضي ولكى يتلافى الصدام مع قرار البابا بمنع زيارة القدس اشترط على من يريد الاشتراك فى الرحلة أن يكون حاملاً لجنسية غير مصرية وألا يكون السفر بواسطة جواز سفر مصرى حسب الجنسية الأخرى التى يحملها المصرى المشارك فى رحلة القدس فيكون بهذا قد سمح الأنبا يوسف للمصريين الذين يحملون جنسية أخرى بالسفر إلى القدس، ولم يخالف قرار البابا باعتبارهم رعايا للدول إلى يحملون جنسيتها الثانية، وهو ما يفجر قضية فى غاية الخطورة حول الانتماء الوطنى للمصرى الذى يحمل جنسية ثانية فهل هو مصرى الانتماء يلتزم بكل المواقف الوطنية بالداخل أم أن انتماءه للجنسية الأخرى التى يحملها؟ الأنبا يوسف ليس الوحيد الذى يستغل حصول المصريين فى الخارج على جنسيات ثانية من أجل التطبيع فكل أساقفة المهجر، بلغت بهم الوقاحة لإقناع رعاياهم بأن البابا فرض قرار المنع على أقباط الداخل، أما أقباط الخارج فلا يخضعون لهذا القرار لتمرير مخطط التطبيع مع إسرائيل مع سبق الإصرار والترصد. الإطاحة بالمعارضين الأنبا كاراس أسقف نيوجيرسى والنائب البابوى هناك يحفل ملف الاتهام الخاص به بالعديد من الاتهامات فهو الأسقف الذى ثار عليه شعبه داخل الكنيسة وقاموا بمنعه من الصلاة فما كان منه إلا استدعاء الشرطة لشعب الكنيسة والقبض على البعض منهم واقتياده إلى مقر الشرطة بنيوجيرسي، بل قام بتحريض البعض من الكهنة الموالين له بالاعتداء على الشعب وإحداث العديد من الإصابات بالمعارضين فى مشهد لم تألفه الكنيسة على مر تاريخها، ويرجع عداء الشعب فى نيوجيرسى للأنبا كاراس إلى أنه منذ أن تولى مهامه كنائب بابوي عمل على إقصاء الكهنة فى الكنائس وحل مجالس إدارتها واستبدالها بأخرى موالية له للسيطرة على منابع ومصادر التمويل. ويأتى القمص جورج جريس مؤسس كنيسة الشهيد أبانوب ببايون الذى يتمتع بشعبية عارمة وسط أبنائه على رأس الذين عصف بهم الأنبا كاراس وقام بإبعاده إلى مقاطعة ساوث كارولينا التى تبعد آلاف الأميال عن بايون ومنعه من الرجوع مرة أخرى وهو ما أثار موجة من الغضب ضد كاراس. الاعتراف فى القدس تتعدد طرق تحايل الأساقفة على قرار البابا بمنع الذهاب إلى القدس، ولكن الأنبا كاراس كان الأكثر تحايلا فزياراته للقدس لا تنتهى والسبب المعلن أن الأنبا إبراهام مطران القدس هو أب اعتراف الأنبا كاراس، وأن كاراس لا يذهب إلى القدس للحجيج والتبرك من الأماكن المقدسة ولكنه يذهب كمعترف يجلس تحت أرجل أب اعترافه يفضى له عن مكنوناته وحروبه الروحية وكأن النساء قد عقمت حتى لا يلدن أب اعتراف آخر للأنبا كاراس فى مصر أو نيوجيرسى لكى ما يكون ممارسته للسر المقدس مبرراً للخروج عن الجماعة الوطنية فى مصر، والسؤال الذى يطرح نفسه هنا كم تتكلف رحلات الأنبا كاراس إلى القدس لكى ما يفضى باعترافه وهى التكاليف التى تأتى خصماً من تبرعات الشعب فهل يدفع الشعب تكلفة دخول الأنبا كاراس ملكوت السموات؟ على كرسى متحرك يحل الأنبا أرساني ليحتل المرتبة الثالثة فى قائمة اتهام أساقفة التطبيع مع إسرائيل وقد أفردنا فى العددين السابقين من روزاليوسف الكثير من المخالفات المالية التى يمكن إجمالها حصراً فى أن أرساني يقوم بالاعتماد على مصادر مشبوهة للتمويل، إضافة إلى فساد روحي ورعوى يجتاح جنبات الكنيسة فى هولندا كل ذلك يتضمنه ملف الأنبا أرساني الذى يتم مواجهته فى لجنة التحقيق، إضافة إلى أنه قام بزيارة إسرائيل مرتين، والأمر المثير للدهشة أن الأنبا أرساني ذهب إلى القدس فى ظروف صحية قاسية استدعت أن يتجول فى زيارته علي كرسي متحرك، وكان تبريره بأنه فعل ذلك بناء على رغبة شعبه من أبناء هولندا، وهذا عذر أقبح من ذنب فأيهما أولى لدى شعب كنيسة هولندا العناية بصحة راعيهم ووضعه تحت العناية الصحية بهولندا أم إرهاقه بدنيا وصحياً برحلة شاقة وتعريض حياته للخطر، فالغرض من الزيارة يبدو أنه لم يكن روحياً والغرض الذى أعلن أنه سبب الزيارة لا يبدو مقنعاً وقد تكشف تحقيقات المجمع المقدس عن مفاجآت غير سارة فى هذا الصدد. الكاتدرائية تلتزم الصمت حاولنا الوقوف على مجريات الأمور داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية بشأن محاكمة تنظيم أساقفة التطبيع مع إسرائيل على هامش اجتماع المجمع المقدس فى نوفمبر القادم فيقول القس بولس حليم المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: «جدول أعمال المجمع لم يحدد بعد»، وعند سؤاله عن موقف الكنيسة من أساقفة التطبيع مع إسرائيل طلب منا معاودة الاتصال لحين الرجوع لقداسة البابا فى هذا الأمر وهو ما تم بالفعل فعاودنا الاتصال به أكثر من مرة ولكنه لم يرد وتصريحات حليم تثير الشك فالمجمع سوف ينعقد خلال أقل من شهر والمعتاد أن هناك لجانًا تحضيرية تنعقد قبل المجمع على الأقل بثلاثة شهور للتحضير لاجتماع المجمع، وهو ما يعنى أن جدول أعمال المجمع تم تجهيزه، ولكن القس بولس حليم فضل عدم الكشف عنه ولا يعقل أن المتحدث الرسمى باسم الكنيسة تجرى محاكمة أساقفة التطبيع بعيدا عن أعينه، ولكن طلبه الرجوع إلى قداسة البابا وعدم الرد علينا يؤكد حقيقة الأمر ولكن الكنيسة لم تقرر بعد كيفية التعامل مع الموضوع إعلاميا نظراً لحساسيته الشديدة. مصدر كاتدرائي رفيع المستوى أكد إعداد قائمة بالأساقفة والكهنة الذين ذهبوا إلى إسرائيل والقائمة حتى الآن طويلة رفض الإفصاح عن العدد والأسماء ومرشحة للزيادة وهو الأمر الذى قد يغل يد الكنيسة عن اتخاذ عقوبات كنسية صارمة على من خالف قرار البابا من الإكليروس «رجال الدين» حتى لا يثير هذا غضب شعب الإيبارشيات التى يرأسها هؤلاء الأساقفة، كما أن الكهنة الذين وردت أسماؤهم بالقائمة من ذوى النفوذ والسطوة داخل الكنيسة والنية متجهة لتوبيخ هؤلاء المخالفين والتعهد بعدم العودة مرة ثانية لهذا الأمر وعدم تنظيم رحلات من إيبارشياتهم إلى القدس، وفى النهاية سوف يطلب منهم تقديم اعتذار كتابي لقداسة البابا الذى سيقبل الاعتذار ويعفو عنهم وغالبا لن يتم الكشف عن إجراءات التحقيق وسوف تتم بعيداً عن أعين الإعلام».