فى ترقب حذر ينتظر المصريون يوم التاسع من شهر مارس القادم الحكم الحاسم فى القضية الأشهر إعلاميا .. «قضية مذبحة بورسعيد» التى راح ضحيتها 72 مشجعا من الأولتراس الأهلاوى بعد أن أحالت المحكمة أوراق 21 متهما فى القضية إلى فضيلة المفتى فى حكمها الذى أصدرته فى الثانى من فبراير الماضى.
قضية مذبحة بورسعيد فرضت نفسها على أجندة المواطن المصرى بعد أن أصابت شظاياها الجميع ومازالت توابعها مستمرة فى بورسعيد «الطرف الثانى» فى القضية التى تشهد - الآن - عصيانا مدنيا اعتراضا على الظلم الذى وقع على المدينة الباسلة وأبنائها الذين استشهدوا جراء الأحداث المؤسفة التى تلت إعلان الحكم. وهو ما يبعث الخوف فى النفوس من تداعيات الحكم القادم والتى ستكون فى كل الأحوال مؤثرة خاصة بعد التغير الذى طرأ على تفاصيل المشهد سواء بالنسبة لمتهمى أولتراس النادى المصرى بمجموعاته الثلاث «جرين إيجلز ومصراوى وسوبر جرين» الذين استوعبوا درس «العنف» جيدا وساروا على نهج غريمهم أولتراس الأهلى، إذ اتبعوا استراتيجية سلمية ناجحة للضغط على الدولة نالوا بها دعم الشارع البورسعيدى الذى أضفى كثيرا من الشرعية والغطاء للدفاع عن قضيتهم.
لكن يبقى البعد السياسى إلى جانب البعد «الجنائى» هو الأبرز، والأكثر خطورة، إذ يواجه الأولتراس الأهلاوى بمجموعتيه «أهلاوى وديفيلز» حالة حادة من الغضب الثورى واتهامات بالتخاذل وخيانة الثورة، خاصة بعد ما كتبه سعد الشاطر نجل نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين على مواقع التواصل، إذ قال إن الأولتراس الأهلاوى إخوانى وأنه أحد قياداته.
دعم ذلك موقف أهلاوى فى مسيرة وزارة الدفاع والتى شاركهم فيها نشطاء سياسيون بعد أن رفضوا الهتاف ضد الرئيس مرسى أو المرشد العام للجماعة واكتفوا بالهتاف ضد المشير طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق الأمر الذى أدى إلى مناوشات وصلت لحد الاشتباك، بينما جاء الموقف الأخير للأولتراس الأهلاوى ليزيد من حالة الجدل بشأنهم بعدما اعتدوا على فريق من ناشئى نادى الرباط والأنوار البورسعيدى للكرة الطائرة وحطموا الأوتوبيس الخاص بهم لمجرد أنهم ينتمون إلى المدينة الباسلة فى محاولة لوضع بورسعيد كمدينة متهمة فى الجريمة، وهو ما انفردنا به سابقا عندما أكدنا أن الأولتراس الأهلاوى لن يترك ثأره مع جمهور بورسعيد والأولتراس البورسعيدى حتى لو جاء القصاص وفقا لأعراف الأولتراس التى تعتبر ما حدث إهانة للمجموعة المعتدى عليها بغض النظر عن كونها جريمة.
وهو ما سيتكرر دائما من الجانبين سواء الأولتراس الأهلاوى أو البورسعيدى المصدومين من مواقفهم والحالمين بدعمهم والمتهمين لهم بالخيانة كلهم مخطئون.
فهم يتحركون دائما صوب مصلحة المجموعة أينما كانت ومع من كانت.
الأولتراس الأهلاوى الذى يضم بين جنباته تيارات سياسية مختلفة ومتضادة ومنها حركة 6 إبريل والإخوان المسلمين والعلمانيين والليبراليين والفلول.. مجموعة رياضية غير مسيسة ولم ولن تكون فى يوم من الأيام فصيلا ثوريا «كمجموعة».
وعندما شاركوا فى فعاليات الثورة المختلفة لم يشاركوا إلا ببضع مئات من أفراد المجموعة اقتنعوا بفكرة الثورة، وهو عدد غير معبر عن الأعداد الحقيقية للمجموعة والتى تقدر بالآلاف، بينما شاركوا بمعظم قوتهم فى المسيرة التى سبقت الحكم فى قضية المذبحة.. وهو ما يؤكد الفكرة.
والمؤكد أيضا أن قيادات الأولتراس الأهلاوى مارست الانتهازية السياسية، إذ استخدمت القوى الثورية للحصول على غطاء سياسى يخدم قضيتهم وهدفهم نحو القصاص لشهدائهم فى بورسعيد.. وهذا ما تحقق لهم «جزئيا» وهو ما يفسر مشهد احتفالهم داخل ميدان التحرير بالحكم ثم انسحابهم منه، وهو نفس التفسير لرفضهم الهتاف ضد الرئيس مرسى أو جماعة الإخوان ومرشدهم، فهم ليس لديهم أزمة مع الرئيس أو جماعته حتى الآن، الوعود بقصاص عادل لهم من قبل قيادات الجماعة تحققت، وقرار اعتماد شهداء المجموعة كشهداء للثورة صدر!
يوم التاسع من مارس القادم الذى بدأ الحشد له تحت شعار «لو غاب العدل فلا تلوموا إلا أنفسكم» سيكون هو البوصلة التى ستحدد وجهة الأولتراس الأهلاوى وفقا للسيناريوهات المطروحة.
السيناريو الأول:
أن يتم تأكيد الحكم بالإعدام على المتهمين وحينها ستزداد بورسعيد اشتعالا وسيحتفل الأولتراس الأهلاوى «مؤقتا» بالقصاص لشهدائه وسيعود إلى المدرجات التى رفض العودة إليها اليوم فى مباراة النادى الأهلى فى السوبر الأفريقى مع بطل الكونغو مستكملا مسيرته فى المطالبة بالقصاص من المحرضين على الجريمة والمسئولين عنها سياسيا.. وهم وفقا لآرائهم:
«وزارة الداخلية ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق المشير طنطاوى».
السيناريو الثانى: أن يتم الحكم بأحكام مخففة على بعض المتهمين أو تبرئة البعض الآخر، وعندها سيكون الأولتراس الأهلاوى فى مواجهة السلطة المتمثلة فى الإخوان وسيكون البديل حالة من الفوضى ستمس حياة المواطن العادى، بالإضافة إلى توقف مسابقة الدورى التى تخطو خطواتها الأولى. يوم الحسم يقترب والدولة مازالت فى غيبوبتها غارقة فى أزماتها وأمراضها التى تفشت فى الجسد المصرى نتيجة سوء الأداء والصراعات السياسية، لابد أن تتحرك الدولة فورا لنزع فتيل أزمة أخرى فى الطريق، يجب أن يتم الاستماع أولا لبورسعيد وأهلها الذين ظلموا فى كل الأنظمة، لابد أن تفتح تحقيقات عاجلة تكشف المتورطين فى قتل أبناء بورسعيد يوم 2 فبراير وماتلاها، لابد من تقديم المتورطين فى مذبحة بورسعيد والمخططين لها وهم مازالوا بالخارج ينعمون بحياتهم وأزعم أن تقرير لجنة تقصى الحقائق الثانية والتى عملت فى كل جرائم قتل الثوار بما فيهم تلك الجريمة والذى تم تقديمه قبل النطق بالحكم الأول فى الثانى من فبراير الماضى بأيام يكشف العديد من المفاجآت والتى أؤكد أن من بينها تورط شخصية مهمة من اتحاد الكرة المصرى وفقا لتصريحات حصرية من مصادر خاصة داخل اللجنة.