واقعيا تفوقت رياضة «المصارعة» على كرة القدم بلمس الأكتاف بعد أن تحركت إلى رياضة حرة مستقلة يخصص لها رجال الاستثمار الفضائى قنوات خاصة لعرض مبارياتها ومنافساتها وأشهر نجومها بعد أن كانت رياضة المصارعة محصورة فى برنامج واحد أسبوعيا فى نهاية التسعينيات وحتى بداية الألفية، أصبحت الآن لها فى مصر قنوات متخصصة وصلت إلى 4 محطات وهى «المصارع» و«الحلبة» و«جلاديتور» و«كلوب فايت» والبقية تأتى ومحبوها بالملايين لكن السؤال المهم هنا: ما هو سر ولع المصريين من مختلف الأعمار بهذه الرياضة العنيفة حتى أصبحت مادة مكررة فى كل بيت مصرى ومحور اهتمام الكبار والصغار؟! هل يتطلع الجميع إلى صورة «البطل الأسطوري» فى مجتمع يعانى الكبت والفقر أم لأن نجومها أصبحوا يتصدرون قوائم أثرياء العالم حسبما تشير المواقع المتخصصة وفقا لشعبيتهم الجارفة فى أنحاء العالم؟!
موقع «سيليبرتى نيتوورث» الشهير والمختص بتقدير ثروات المشاهير فى كل المجالات وضع قائمة أغنى المصارعين الحاليين والسابقين على مستوى الاتحادات العالمية وخصوصا اتحاد ال «WWE»، وجاء فى ترتيب القائمة والتى شهدت مفاجآت عديدة تربع «ماكماهون» وهو رئيس اتحاد ال«WWE» رغم استبعاده من القائمة، حيث وجد الموقع أن وضع الرئيس ضمن هذه القائمة يعد أمرا سخيفا لأنه من الطبيعى أن يكون أغنى المتواجدين فى ال WWEمادام هو الشخص الذى يعطى مصارعى الاتحاد مرتباتهم الضخمة، لكنه من الصعب تجاهل معلومة أن ثروة «ماكماهون» تصل إلى مليار دولار أمريكي.
وبذلك أصبح أول المتربعين على عرش أثرياء هذه الرياضة هو المصارع الأمريكى الأشهر «ذا روك» الملقب بالصخرة. والصخرة لمن لا يعرفه هو «دوين جونسون» وهو ابن المصارع الشهير «جونسون روكي» ووالدته هى «ساموا» ابنة عم الرئيس الأمريكى «باراك أوباما»، ونشأ الصخرة بحكم عمل أبيه وسط حلبات المصارعة فعشقها منذ الصغر، وبدأ مشواره فى عالم مصارعة المحترفين منذ عام 1996 حتى عام 2004 و فى المركز الثانى المصارع الشهير وغريم الصخرة اللدود «ستيف أوستن» و الذى حصد ما يقرب من 11 بطولة، ووصلت ثروته إلى 75 مليون دولار أمريكي.
فى المركز الثالث نجم نجوم الشباك كما يطلقون عليه وهو النجم الأشهر حاليا «جون سينا».. وهو جون فلكس آنثونى سينا ولد 23 أبريل 1977 وقد بلغت ثروة جون سينا التى جعلته يحل ثالثا فى القائمة حوالى 65 مليون دولار أمريكي.
ويأتىالمصارع الشهير «بيج شو» فى المركز الرابع . بيج شو ولد فى 1972 مصارع أمريكى يبلغ طوله 7 أقدام ووزنه فى حدود 441 باوند يلعب فى اتحاد WWE وفاز بجميع الألقاب وواجه البيج شو العديد من الخصوم الصعبية أمثال «بروك ليزنر وبوكرتى وجون سينا وروب فان دام وسابو وجون برادشو ليفيلد المعروف ب(جى بى ال) وأندرتيكر وكيرت إنجل وتربل إتش ومارك هنري».
اسم «بيج شو» الحقيقى هو «مايك بول وايت»، وقدر الموقع ثروة «بيج شو» بأنها تصل إلى نحو 50 مليون دولار أمريكي.
ويدخل «الحانوتي» أو المصارع المشهور ب«أندرتيكر» فى المركز الخامس واسمه الحقيقى «مارك ويليام كالاواي» ولد فى 24 مارس 1965 فى هيوستن الولاياتالمتحدةالأمريكية. المركز الخامس بثروة تقدر ب48 مليون دولار أمريكي.
ويأتى المصارع العملاق ال «تريبل إتش» فى المركز السادس واسمه الحقيقى «بول مايكل ليفاسك» ولد فى 27 يوليو 1969 ممثل ومصارع أمريكي. بدأ ليفاسك مسيرته المهنية فى المصارعة الحرة فى اتحاد ال« AWCW سنة 1993 وكان اسمه فى ذلك الوقت «تيرا رايزنج» ولاحقًا شارك ليفاسك فى الاتحاد العالمى للمصارعة فى سنة 1995 عندما كان اسمه المستعار «هنتر هيرست هلمزلي» الذى بدله لاحقًا إلى «تربل إتش». وأظهر صورة واضحة عن نفسه بتأسيس فريق «دى جنريتشن إكس» وبعدها أصبح «تربل إتش» من مصارعى الحدث الرئيسى وحاز الكثير من البطولات. وكجزء من القصة تزوج من «ستيفانى ماكماهون»، وفى 2003 كون فريقًا آخر من المصارعين أسماه «افولوشن» ويضم هذا الفريق إلى جانب «تربل إتش» كلا من «ريك فلير» و«باتيستا» و«راندى أورتن». وفى 2006 أعاد تأسيس فريق (DX) مع «شون مايكل»، وحصل «تربل إتش» على بطولة العالم 13 مرة، وأصبح بطل المصارعة العالمية الترفيهية 8 مرات و5 مرات بطل العالم للوزن الثقيل. وأيضًا أصبح ملك الحلبة فى سنة 1997 وفاز بالحدث الرئيسى فى مهرجان «الرويال رمبل» عام2002 فى خارج المصارعة شارك إتش فى العديد من الأفلام وبرامج التليفزيون، وقد بلغت ثروته حوالى 42 مليون دولار أمريكى.
وفى المركز السابع يأتى المصارع الشهير «شون مايكلز» واسمه الحقيقى «مايكل شون هكنبوتم» ولد 22 يوليو 1965 وقد وصلت ثروة «شون مايكلز» إلى 37 مليون دولار أمريكي.
ويأتى فى المركز الثامن المصارع «كيرت إنجل»، ويعتبر حصوله على هذا المركز من المفاجآت الغريبة أيضا، واسمه الحقيقى «كورت ستيفن إنجل» ولد 9 ديسمبر 1968 مصارع بريطانى محترف وممثل فاز بأولمبياد 1996 .
وبعد مغادرة WWE انضم إنجل إلى اتحاد TNA زوكان ثانى رجل ليحصل على بطولات الاتحاد الثلاث فى آن واحد وبدأت زوجته ''كارين آنغل بمشاركته إلى الحلبة وتشجيعه. وبلغت ثروته ما يقرب من 35 مليون دولار أمريكي.
ويدخل القائمة فى المركز التاسع المصارع ''كريس جيريكو'' واسمه الحقيقى هو '' كرستوفر كيث إرفين'' ولد 9 نوفمبر .1970 وهو مولود أمريكى ونصف كندى مصارع محترف. كذلك عمل فى التليفزيون والمسرح والراديو وموسيقى الروك. مسجل حاليًا فى اتحاد ال ''WWEس وحاز على بطولة العالم العديد من المرات وقد وصلت ثروته إلى حوالى ال 30 مليون دولار أمريكي.
وفى المركز العاشر يحل المصارع إيدج'' واسمه الأصلى '' آدم جوزيف كوبلاند'' ولد فى 30 أكتوبر 1973وهو مصارع كندى محترف فى الاتحاد العالمى للمصارعة ال ''WWEس ارتفع مستوى إيدج من خلال كونه جزءا من فريق إيدج وكريستيان'' و كريستيان هو صديق طفولة حقيقى ''لإيدج''. وهذا الفريق مشهور بكونه أكثر من حافظ على حزام الفرق الزوجية فى تاريخ ال«WWE» يفاز 14 مرة بأحزمة الزوجى وهو بطل للعالم فى 9 مرات وبطولة الوزن الثقيل العالمية خمس مرات و يعتبر إيدج المصارع الوحيد الذى فاز بجميع الأحزمة الستة الرئيسية لعرض الRAW، بالإضافة إلى بطولة وملك الحلبة سنة 2001وبالإضافة ال«WWE» ظهر إيدج كضيف فى برامج تليفزيونية، وبلغت ثروته ال 25 مليون دولار أمريكي.
والغريب فى هذه القائمة هو احتلال مصارعين أقوياء ومشاهير جدا فى ذيلها مثل الأسطورة «هوجان» بثروة تقدر ب 5 ملايين دولار، وذلك بعد أن كان يحتل مركزا متقدما بثروة تقدر ب30 مليون دولار ،وخسر «هوجان» ما قيمته 25 مليون دولار على خلفية طلاقه من زوجته السابقة «ليندا»، مما أدى إلى تراجع مركزه فى القائمة.
وأيضا من المفارقات الغريبة حلول نجم النجوم «المصارع الصهيوني» «سى إم بانك» فى المركز ال 19 بثروة تقدر ب 18 مليون دولار، وأيضا حلول النجم الخارق فى عالم المصارعة «ذا ميز» فى المركز ال 25 بثروة تقدر بنحو 15 مليون دولار أمريكي.
∎ الدكتور «محمد الجارحي» استشارى الطب النفسى يحلل ظاهرة ولع المصريين بهذه الرياضة بقوله: رياضة المصارعة الحرة مرتبطة فى مصر بشكل كبير بظاهرة انتشار العنف فى المجتمع والدراسات فى هذا الموضوع أثبتت أن الصغار الذين يحرصون على مشاهدة المصارعة الحرة على شاشات التليفزيون أصبحوا أكثر ميلا للعنف والتصرفات العدوانية مقارنة بالأطفال الآخرين أو مقارنة بسلوكياتهم السابقة هم أنفسهم، وأن الإناث كن أكثر تأثرا من الذكور بهذه الظاهرة. وأضاف: أكثر الفئات العمرية تأثرا بهذه الحلقات هم الأطفال، وهنا مكمن الخطر، حيث إن مشاهدة هذه الحلقات وبشكل مستمر يحدث تغيرات جذرية فى شخصية الطفل والذى يحدث هنا أن البناء النفسى للأطفال ينمو مع حب العدوان وتتأزم فيهم التشنجات العصبية بشكل تدريجي، ولذلك لا يمكن أن نتوقع لهذا الطفل المتوتر الأعصاب إلا أن يكون عدوانيا فى مدرسته وفى بيته وفى ارتباطاته الاجتماعية المستقبلية. وعن تأثير هذه الظاهرة على مجتمعنا قالت د. «فدوى الجندي» - أستاذ علم الاجتماع: انتشار ظاهرة العنف وما يرتبط بها من مشاهدات ينذر بتفكك الكيان الأسرى فى المستقبل. وتنقلنا د. فدوى إلى نقطة أخطر بقولها: إن مشاهدة العنف وحدها لا تكفى لانتشاره، ولكن مشاهدة العنف فى مجتمع يعانى من الكبت والعجز والفقر والأمية هو ما يساعد على تطبيق ما يشاهده الناس من عنف على شاشات التليفزيون عمليا فى الحياة، إلى جانب أن افتقاد المجتمع وبخاصة الأجيال الجديدة إلى القدوة والمثل السوى يجعلهم يبحثون عن البديل فى العالم الافتراضى مثل التليفزيون والإنترنت، وهذا ما يفسر انجذاب الناس إلى فكرة البطل الأسطورى الخارق والذى يستطيع أن يجمع الكل على حبه والالتفاف حوله. وبالتالى ليس غريبا أن نرى حب الناس وعشقهم لأبطال المصارعة بهدف خلق صورة بديلة لهذا البطل المطلوب، وخصوصاً «جون سينا» صاحب أكبر شعبية فى مصر لملامحه الشرقية وموهبته الخارقة فى الفوز على عمالقة اللعبة، لدرجة اهتمام الشركات المصرية لطبع صورته على «التى شيرتات» ووصلت إلى قلب ميدان التحرير وشهدت إقبالا كبيرا. المصارعة الحرة بنجومها وأبطالها أصبحت مثار إعجاب وعشق الملايين ممن يعانون الكبت وممن يفتقدون إلى القدوة فى مجتمعاتنا الشرقية، وبالتالى أصبح ولع المصريين بها محل دراسة وتأمل وسط الأحداث التى يشهدها المجتمع المصرى فى مرحلة عنق الزجاجة الآن.
