حسام عبد الهادى روزاليوسف الأسبوعية : 04 - 02 - 2012 يظل «عادل إمام» اسماً مثيراً للجدل بآرائه وأفكاره وتصريحاته وأزماته وأفلامه ومسرحياته ولكن مهما كانت توجهاته صادمة، فإن هذا لا يعنى أن نقيم عليه الحد أو نضع يديه فى الأساور الحديدية بسبب ما يمارسه من حرية إبداع، خاصة إذا كان من يريد أن يدخله إلى القفص الحديدى مدعو البطولات وراغبو الشهرة و«الشو» الإعلامى، وهم فى الأصل لا قيمة ولا تاريخ ولا وزن لهم - مهما اختلفنا أو اتفقنا مع أفكار «عادل إمام» نفسه، خاصة السياسية - فهذا لا ينفى أن له وزنه الفنى وتاريخه الذى يحمل علامات مضيئة فى تاريخ السينما المصرية والتى كانت بمثابة البوصلة التى تشير إلى الهدف للتعامل معه، خاصة فيما يشكل خطراً على المجتمع كالإرهاب والفقر والعجز والفساد مثل «الإرهابى»، «الإرهاب والكباب»، «الحريف»، «المولد»، «المشبوه»، «حتى لا يطير الدخان»، «المنسى»، «النوم فى العسل» الأزمة الأخيرة التى تعرض لها «عادل إمام» - رغم أننى لا أراها أزمة بقدر ما أراها حالة تعيدنا إلى الوراء بظهور الحسبة من جديد التى تهدد حرية الإبداع المصرى - تحتاج إلى وقفة ولابد من التصدى لها حتى لا نسمح ل«طيور الظلام» بالعودة إلى الحياة مرة أخرى ليفسدوا علينا حياتنا وإبداعاتنا وهذه الفئة هى التى ظل «إمام» يطاردها فى أفلامه لتنبيه المجتمع إلى وجودهم. الغريب أن الفيلم الذى قدمه بنفس الاسم «طيور الظلام» منذ أكثر من 15 سنة جلب له العديد من المشاكل وكاد يدخله إلى السجن بعد أن وصلت الدعوى القضائية التى رفعها ضده «منتصر الزيات» بسبب اتهامه له بازدراء الأديان إلى ساحات المحاكم، وهى نفس التهمة التى نسبت إليه خلال الأسبوع الماضى بعد صدور حكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وغرامة 1000 جنيه بناءً على الدعوى القضائية التى أقامها ضده المحامى «عسران منصور» الذى يتردد أنه تربطه صلة وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين، وأنه أقام دعوته ضد «إمام» مجاملة لهم بعد صعودهم إلى سدة الحكم. «منصور عسران» استند فى قضيته التى رفعها فى عام 2011 على أدوار «إمام» فى العديد من الأفلام منها «الإرهابى» و«حسن ومرقص»، و«مرجان أحمد مرجان» ومسرحية «الزعيم» اتهمه فيها بازدرائه للدين الإسلامى والإساءة إلى المسلمين وعليه أصدرت محكمة جنح الهرم - باعتبارها المحكمة التابع لها محل إقامة «عادل إمام» - حكمها السابق برئاسة المستشار «محمد عبدالعاطى»، وكان الحكم قد صدر غيابياً وهو ما يطلق عليه فى القانون جنحة غير مباشرة بعريضة. «عادل إمام» أكد أن الحكم كان غيابياً ومن حقه الطعن عليه ومعارضته مادام أنه لم يمر عليه أكثر من شهر وقال: لم أكن أعلم بالقضية إلا من خلال المكالمات الهاتفية التى تلقيتها من الأصدقاء والزملاء والمعارف للاطمئنان علىَّ، فلم يكن قد وصلتنى أية إخطارات من قبل لاستدعائى إلى المحكمة التى نظرت القضية، وبالتالى لم يذهب المحامى الخاص بى للدفاع عنى، وأكد «إمام» أن الحكم مادام أنه غيابى لا قيمة له، وقد وكلت المحامى الخاص بى بتقديم طعن وبالفعل تم قبوله وتأجلت القضية إلى 3 إبريل القادم ليتم بحثها من جديد فى محكمة استئناف القاهرة. عادل إمام تعجب من تصرف المحامى الذى يريد الشهرة على أكتافه وقال: كنا فى زمن رقابى لا يسمح أبداً بالهجوم على الأديان أو ازدرائها فى الأعمال الفنية، فلو كانت أعمالى كذلك، فكيف سمحت بها الرقابة؟! ولو كان فيها ما يسئ إلى الأديان سواء الإسلامى أو المسيحى لكانت الرقابة أوقفتها، ويؤكد أن أعماله المتهم فيها بازدراء الدين الإسلامى جاءت فى إطار مجتمعى من أجل الصالح العام بعد انتشار ظاهرة الإرهاب التى كانت تمثل خطرًا على المجتمع فدفعه واجبه الوطنى للقيام بها وتقديمها لتنبيه الناس بوجود هذا الخطر. اللافت أن الحكم على «عادل إمام» أثار غضب الكثير من الفنانين والمثقفين الذين أعربوا عن قلقهم من احتمالية تكرار ما حدث ل«إمام» لهم، وهو الشعور الذى أصابهم منذ صعود التيارات الإسلامية إلى الحكم وخوفهم من فرض قيود على حرية الإبداع، وهو ما جعلهم يشكلون جبهة لمواجهة هذه القيود فى حال فرضها والدفاع عن حرية الإبداع، أطلقوا عليها «جبهة الإبداع المصرى»، هذه لم تكن المرة الأولى أو الثانية التى يتعرض فيها «عادل إمام» للحبس بسبب أعماله الفنية، بل إن معظم أعماله بل وآرائه أيضا عرضته للسجن، ووصل الأمر فى بعض الأحيان إلى إهدار دمه مثلما حدث بعد تصريحه الشهير ضد منظمة «حماس» الفلسطينية التى حملها مسئولية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منذ أكثر من 5 سنوات، وأصدر تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب العربى فتوى بإهدار دمه بدعوى هجومه على المقاومة الإسلامية. أيضا فى عام 1983 تعرض «إمام» للسجن عندما سخر فى فيلمه «الأفوكاتو» من شخصية المحامى «حسن سبانخ» التى يقوم بها، وسخر أيضا من السلطة القضائية وتقدم- وقتها- 150 محاميًا بدعوى ضد المسئولين عن الفيلم «عادل إمام»- تمثيل- رأفت الميهى» إخراج، «يوسف شاهين» إنتاج، وصدر حكم بحبسهم برئاسة المستشار «مرتضى منصور» وكان حكما صادماً اتهمته فيه الصحافة بأنه حول نفسه من قاض على المنصة إلى رقيب سينمائى، وتدخل كبار الدولة لوقف الحكم الصادر، وعلى إثر ذلك استقال «منصور» من على المنصة كقاضٍ، بعد عدة شهور استغل «مرتضى منصور» قيام «إمام» بالهجوم عليه فى إحدى المجلات مما اعتبره «منصور» سبًا وقذفًا فى حقه حصل بمقتضاه على حكم بحبس «إمام» 6 أشهر وتعويض مليون جنيه، إلا أنه بعد تدخل العديد من الشخصيات المهمة للوساطة بينهما انتهت الأزمة بتنازل مرتضى عن بلاغه مقابل أن يقوم «عادل إمام» بنشر اعتذار له فى الصحف المصرية الرسمية. بعد الأزمة الأخيرة اتصل كثير من الفنانين وناشطى حقوق الإنسان ب«عادل إمام» للاطمئنان عليه وأعلنوا جميعا تضامنهم معه. «أشرف عبدالغفور» نقيب الفنانين رغم مرضه بنزلة برد شديدة ألزمته الفراش منذ أسبوع، إلا أنه قرر تضامنه مع «إمام» وأكد لى أنه سيطلع وهو ومحامى النقابة على حيثيات الحكم التى سيقوم بإحضارها يوم غد الأحد «صفوت حسين» محامى «عادل إمام» للوقوف جميعا على أسباب الحكم وتقرير ما سيتم اتخاذه بهذا الشأن الذى اعتبره «عبدالغفور» قيودا على حرية التعبير عن الرأى والإبداع وهو ما لا يقبله أو يسمح به أبدا سواء كفنان أو كنقيب للممثلين، «عبدالغفور» أكد أن الدعوى لم تكن مرفوعة فقط ضد «عادل إمام» وحده وإنما كانت تشمل كلاً من «وحيد حامد» و«لينين الرملى» قال: نحن كنقابة الممثلين لن نتخلى عنهم جميعاً.