بعد تحريك أسعار الوقود.. ننشر تعريفة الركوب الجديدة لسيارات الأجرة بالقليوبية| تفاصيل    ل أصحاب السيارات.. ننشر سعر بنزين 92 اليوم 18 أكتوبر    صيد ثمين، الجيش الإسرائيلي يحدد هدفه التالي بعد اغتيال السنوار    جيش الاحتلال يزعم اغتيال قائد منطقة الطيبة في حزب الله    الاتحاد الأوروبي يصدر بيانا موجها إلى إسرائيل بشأن هجماتها على قوات اليونيفيل    شولتس: ألمانيا يجب أن تضمن عدم اتساع الحرب في أوكرانيا إلى الناتو    برلماني أوروبي: الدعم لنظام كييف قد ينخفض إذا فاز ترامب    زعيم كوريا الشمالية يشدد على جنوده بضرورة معاملة كوريا الجنوبية كعدو أجنبي عدائي    بعد مفاوضات بيراميدز والزمالك.. إبراهيم سعيد يوجه نصيحة لمحمد شريف    موعد مباراة بوروسيا دورتموند وسانت باولي في الدوري الألماني والقناة الناقلة    حالة الطرق اليوم، اعرف الحركة المرورية بمحاور وميادين القاهرة والجيزة بعد زيادة البنزين والسولار    اليوم.. تامر عاشور يحيي حفل غنائي بمهرجان الموسيقى العربية    وفاة الشاعر أحمد علي موسى    لا يسخر قوم من قوم.. تعرف على موضوع خطبة الجمعة اليوم مكتوبة    فصائل فلسطينية تستهدف جرافة عسكرية للاحتلال بعبوة ناسفة بطوباس بالضفة الغربية    أسماء تشكيل هيئة مكتب أمانة حزب مستقبل وطن بكفرالشيخ    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الجمعة 18 أكتوبر بعد التراجع الأخير.. بكم الكيلو    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 18 أكتوبر    «الأرصاد» تكشف توقعات طقس ال6 أيام المقبلة.. برودة وسقوط أمطار    بناء سردية محلية لانتقال عادل للطاقة.. الابتكار كجزء جوهرى    نقيب الفلاحين: ثقوب الطماطم غير ضارة.. والأفاعي بريئة منها    حذف أغنية «ابتسمت» لشيرين عبدالوهاب بعد ساعات من طرحها    أسعار الفائدة على الشهادات في البنوك الخاصة بعد اجتماع البنك المركزي    طالب يصيب نجل عمومته بخرطوش في سوهاج    رضا عبد العال يكشف أسباب كثرة المشاكل في الكرة المصرية    محمد فاروق: الاستعانة بخبير أجنبي لإدارة لجنة الحكام بشروط.. وجاهزين لإدارة السوبر المصري    قصة المسدس الذي عثر عليه بحوزة السنوار بعد استشهاده    اليوم، إطلاق 6 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية    اليوم.. وزارة الأوقاف تفتتح 32 مسجدًا بالمحافظات    الحماية المدنية في الأقصر تُسيطر على حريق هائل بالقرب من «هويس» إسنا    قرار من النيابة بشأن حادث تصادم سيارتين بدهشور وإصابة 10 أشخاص    نائب رئيس قصور الثقافة يفتتح مهرجان أسوان بحضور جماهيري كبير    لصوص «الزيتون» في قبضة مباحث القاهرة    اخترق موبايله على الهواء.. مستشار الأمن السيبراني يصدم حمدي رزق| شاهد    أزهري: الزواج الشفهي بدون ورقة أو مأذون حلال    اعرف حقك.. حقوق الموظف في الإجازة المرضية وفقا للقانون    الوحدة المحلية بدمنهور تنظم قافلة سكانية وتثقيفية لدعم الصحة النفسية والمجتمعية    الصيادلة: أزمة نواقص الأدوية تنتهي تماما مطلع نوفمبر.. ولا زيادات جديدة بالأسعار    لطفي بوشناق: مصر وتد الأمة العربية.. عشت بها وأكلت من خيرها    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك ببداية تعاملات اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    محمد دياب ل مدرب الأكشن ببرنامج "كاستنج": "ازاي بتخليهم شاطرين كدة؟"    عمرو سلامة معلقا على تأدية متسابقي "كاستنج" مشاهد الأكشن: "الموضوع صعب جدا"    إنهاء كافة الاستعدادات للاحتفال بمولد العارف بالله إبراهيم الدسوقي    محافظ الإسماعيلية يشهد احتفالية العيد القومي ال 73    سنن النبي يوم الجمعة .. 7 أمور اغتنمها قبل الصلاة وبعدها    أمين الفتوى: تركيب الرموش والشعر "الاكستنشن" للزوج فقط    دخان ورائحة حريق.. القومية للأنفاق توجه رسالة عاجلة لهذه المنطقة    رابطة الأندية تكشف ملامح لائحة عقوبات الدوري للموسم الجديد    لولو بتحب مها.. محمود شاهين يكشف سبب بكاء إلهام صفي الدين بحفل زفافه    أستاذ باطنة: ارتجاع المريء يتحول لمرض مزمن فى هذه الحالة    لجنة تقييم المتقدمين لشغل الوظائف القيادية تتختم أعمالها    نشرة التوك شو| تصفية السنوار وأصداء الافتتاح التجريبي للمتحف المصري الكبير    دلالة على قوة مصر.. وزير الري الأسبق يكشف لمصراوي مكاسب أسبوع القاهرة للمياه    ضبط شخص يدير كيانًا تعليميًا بدون ترخيص في الدقي    استمرار غياب طارق حامد حتى نهاية أكتوبر    وزارة الرياضة: وجدنا مخالفات في بعض الاتحادات تم تحويلها إلى النيابة    بطريرك الروم الأرثوذكس يختتم زيارته الرسمية بقبرص.. صور    فاروق جعفر: صعب نشوف بيراميدز وسيراميكا فى نهائى السوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آية الله.. الشاطر

قال الرجل الإخوانى لصديقه الليبرالى: «نحمل الخيرت لمصر». فرد عليه الليبرالى: «جزاكم الله خيرت». تعكس هذه الدعابة المشهد السياسى فى مصر، تترجم حالة الاستقطاب الحادة التى بدأتها جماعة الإخوان بالفرز والتجنيب والإقصاء، حتى داخل الجماعة، الذى يسمع ويطيع يصبح ابنا بارا للجماعة، أما الذى يفكر على استقلال فهو من أبناء الجحيم حتى ولو كان من المقربين للرجل الحديدى للجماعة.

وكلما نظرت إلى أسرة الإخوان الداخلية جرى أمام خاطرى مشهد الفنان حسن البارودى وهو يقول بعباراته الممطوطة الممدودة للفلاح المغلوب على أمره شكرى سرحان فى فيلم الزوجة الثانية وهو يحضه على تطليق زوجته: «هييه يا أبوالعلا يابنى.. أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم، طلق فاطمة يابنى واسمع كلام العمدة» إلا أن أبوالعلا قاوم جبروت العمدة ما وسعته المقاومة حتى اضطر للرضوخ وقلبه يقطر دما، عندما يتكرر هذا المشهد بصورة أو بأخرى داخل جماعة الإخوان نادرا ما يقف الأخ المغلوب على أمره موقف المقاومة، فأنى له أن يقاوم قرار القيادة التى ترتدى ثوب الإسلام وهو الذى جُبل على الطاعة وفقا لذلك التلبيس الذى يدخلونه على الفهم الصحيح للآية الكريمة «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم».

لم تنتقل جماعة الإخوان من الفكر المدنى إلى طريقة الإدارة العسكرية إلا من خلال السمع والطاعة والثقة فى القيادة، ومن خلال هذه الآفة الإنسانية تسربت كثير من الأفكار التكفيرية إلى نسيج الإخوان وقد استقبلها الشباب الغر على أنها «دين» وعلى أنها «ذروة سنام الإسلام» وأذكر أنه منذ أكثر من عشرين عاما كنا نحضر كتيبة إخوانية موحدة للمنطقة كلها فى بيت حسن مالك بالمنطقة الثامنة بمدينة نصر، كان الحشد لهذه الكتيبة على أشده وكانت التنبيهات على الجميع بأنه لا ينبغى لأحد أن يتخلف عن هذه الكتيبة مهما كانت الظروف، وقتها كان مسئول مدينة نصر هو المهندس «محمود سالم» وهو شخص لين العريكة يحمل قلبا مفعما بالإيمان والإخلاص، يعرف الطريق الصحيح للدعوة، وأظن أنه ينتمى إلى نوعية من الإخوان كادت أن تنقرض، وكان من حسن طالعى أننى كنت معه فى أسرته الإخوانية فتعلمت منه حسن التفكير، وكان محمود سالم قد نبه على منطقة مدينة نصر كلها بحضور هذه الكتيبة للأهمية، وكان المحاضر فى هذا اليوم هو النجم الإخوانى الصاعد وقتها خيرت الشاطر، وكان قد تقلد مسئولية محافظة القاهرة - إخوانيا - وفى ذات الوقت كان قد تم تصعيده ليكون عضوا بمكتب الإرشاد، وهنيئا لمن كان مقربا وقتها من الحاج مصطفى مشهور، وفى محاضرته ظهر لى أن خيرت رجل حاد الذاكرة يجيد الحديث والاسترسال فى الكلام، وحين بدأ المحاضرة سكت الجميع، فخيرت كان يتحدث عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ثم إذا به يأخذ من دروس هذه الهجرة ليطبقها على الواقع الذى نعيشه، فتحدث عن دولة الكفر ودولة الإيمان، وقال إن الإيمان بالإسلام ليس أمرا شكليا أو مجرد نطق للشهادة ولكن يجب أن يؤمن المسلم بتحكيم شرع الله وبغير ذلك لا يكون مسلما واستدل بالآية الكريمة: «إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه» والآية: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم» واسترسل فى شرح المعانى المستمدة من هاتين الآيتين وأنزلهما على واقعنا الذى نعيشه.


كانت الأفكار التى طرحها خيرت وقتها مأخوذة من كتاب سيد قطب «معالم فى الطريق» ويبدو أن خيرت كان يحفظ الكتاب عن ظهر قلب، إذ كان يقرأ فقرات طويلة منه دون أن ينظر إلى ورقة أو كتاب، أعجبتنى محاضرة الشاطر وقتها فقد كان عرضه رائقا سلسا، إلا أن بعض عباراته التى يصم المجتمع فيها بما قاله «كفر دون الكفر» أوقفتنى، فقد قال إن المسلم يخرج من ربقة الإيمان إن قام بتحكيم القوانين الوضعية دون شرع الله، وإن المجتمع كله مجتمع جاهلى لأنه يقبل أن يُشرع له مجلس الشعب قوانين فيكون بهذا قد أشرك بالله، وأن مرحلة الاستضعاف لها فقهها ومن فقه هذه المرحلة قبول ما لا يجب قبوله فى ظل دولة الإسلام وفقا لقاعدة «الضرورات تبيح المحظورات» وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وأننا نلج أبواب الجاهلية ظاهريا لندخل منها إلى دولة الإسلام!! فعدت إلى كتاب معالم فى الطريق أنهل منه إلا أننى وجدت فيه أمورا لم أستسغها ولم يتقبلها منطقى، وأعدت ما سمعته من خيرت على قلبى وعلى الفكر الوسطى المعتدل، فكر الدعاة لا القضاة فوجدت البون شاسعا.

ومرت السنوات والسنوات وحدث فيها ما حدث من وقائع وتصاريف وقيَّض الله لى أمر الفرار بعقلى من تلك الجماعة المستبدة، وقامت الثورة وقال الإخوان سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ثم ركبوا الثورة واستغلوها لمصلحتهم من باب «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب»، ولكن قانون الله وسنته فى كونه لابد أن تقع، فكما تدين تدان، وكما ركْبت الثورة لنفسك لا لدينك ووطنك، فانتظر من سيركبك لنفسه وما أرى هذا اليوم إلا قريبا، وأطاح خيرت بعبدالمنعم أبوالفتوح لأنه يقف على أرضية فكرية أخرى تختلف عن أفكار خيرت ورجاله الذين تحكموا فى كل شىء وقاموا بتربية الشباب الغَرِ على شاكلتهم فكأنهم يقلبون الجورب على الناحية الأخرى ليبدو لنا جديدا وما هو إلا ذاته الجورب القديم، وبالإطاحة بأبى الفتوح وطد خيرت نفسه للوصول لأعلى مواقع البلاد ورتب أمره على ذلك فكانت الاتفاقات والصفقات بدءًا من التعديلات الدستورية المشبوهة وصولا إلى إعطاء الشيخ أبوإسماعيل كتفا قانونيا تمهيدا لنزول الشاطر الذى قرر خوض انتخابات الرئاسة تحت منطق «أنا شجيع السيما أبوشنب بريما»، ولكن شجيع السيما خيرت الشاطر لا يقدم نفسه على أنه وحش الشاشة، ولكن يقدم نفسه على أنه رجل الدين، وما أسهل القيام بهذا الدور خاصة على رجل طلق اللسان مثله.
وقبل - وبعد - إعلان خيرت عزمه خوض الانتخابات جلس مع رموز التيار السلفى وأجمعوا أمرهم على أن يجعلوا حازم أبوإسماعيل فى غيابة الطرد من الترشح ويجعلوا من أبى الفتوح عبرة لمن يعتبر، كان الثمن الذى قدمه الشاطر هو أن يكون الرئيس الفعلى للبلاد هو الجسم الإخوانى ولكن الفكر يكون للسلفية الوهابية، كان رأس هذا الاتفاق الشيخ محمد يسرى السلفى أحد الأصدقاء المقربين من الشاطر الذى عقد جلسات عديدة وجمع بين الطرفين، وقرَّب القلوب، وكانت الجلسة الأخيرة والتى كانت بعد خبر ترشيح خيرت تحمل التفاصيل النهائية للاتفاق، وقد جرى فيها ما جرى، ووافق خيرت الشاطر على أن يضع نظاما جديدا فى الحكم عبارة عن «هيئة العلماء» وهى التى كان الإخوان قد كتبوها فى برنامج حزبهم الافتراضى عام 2008 إلا أنهم وقتها تراجعوا عنها بعد أن انقلبت الدنيا عليهم، هيئة العلماء هذه شديدة الشبه بولاية الفقيه فى إيران، وفى تصورهم لها اتفق الإخوان والوهابيون على أن يكون لهذه الهيئة الحق الأعلى فى التشريع حيث ينبغى أن تمر فكرة التشريع أولا على هذه الهيئة قبل العرض على مجلس الشعب ثم يكون لها الحق فى الرقابة على التشريع بعد أن يصدر بحيث لا يصبح نافذا إلا بإقرار هيئة العلماء التى ستضم أولئك الذين يظنون أنهم يحتكرون فهم الدين وحدهم دون غيرهم.


انتظروا إذن فى فترة ولاية السلطان خيرت الشاطر ظهور دولة «ولاية هيئة العلماء» سيبسطون نفوذها لكى تنقلنا من الجاهلية إلى الإسلام!! فنحن فى نظر خيرت ورفاقه أهل «كفر دون الكفر» وجاهلية أشد وطأة من جاهلية العصور السابقة على الإسلام لأنها فى ظنه جاهلية تختفى خلف الإسلام فتحدث لبسا عند الناس، فى حين أن الجاهلية الأولى كانت جاهلية ظاهرة تعلن كفرها صراحة، ومن خيرت الشاطر إلى الحوينى وحسان ويعقوب ستكون مصر شركة دينية لها، يستثمر الشاطر أموالها ويضع الحوينى تشريعاتها ونحن ضيوف عليهما، وربنا يستر.

إسلامنا إذن غير إسلامهم، فإسلامهم يقوم على الاستعباد والرضوخ والتكفير، الأعلى يستبد والأدنى يرضخ، أما إسلامنا فهو إسلام العزة والحرية والتفكير، فمتى استعبدتم الناس ياخيرت وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، العبودية لا تكون إلا لله وحده، العبودية لله هى قمة الحرية والخضوع لله هو قمة العز، فمتى سيفهم الإخوان أنهم عباد لله لا لخيرت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.