جلسة مغلقة لفت انتباهي أن هناك فتيات يرددن كلاماً كثيرا علي أنه أفكار وقيم ثابتة في عقولهن، أو بمعني أدق يرددن جملاً أقرب إلي الكليشيهات الثابتة التي يتعاملن معها علي أنها قناعات تكونت بناء علي خبرة وتجربة ومعايشة .. والحقيقة أن النموذج الذي بصدد رصده أبعد ما يكون عن التجربة الذاتية التي بعدها قد يستخلص المرء بعض القناعات والأفكار أو يحدد رأياً وفلسفة في الحياة، لكنهن اكتسبن هذه الأفكار عن طريق السمع أو من خلال تجارب الآخرين - التي سمعن عنها أيضاً - ومن ثم يتخذن منها منهجاً وطريقاً واحداً في التطبيق علي حياتهن. قد يكون الكلام غامضاً بعض الشيء وغير محدد المقصد، ولكنني سأوفر عليكم جهد الاستنتاج وسأروي لكم بعض نماذج من أفكار الفتيات «التي تستوجب» أن نقول عنها: «البنت دي حافظة مش فاهمة»! كم مرة سمعت من فتاة قد لا يتجاوز عمرها الثامنة عشرة مثلاً وهي تقول: لا يوجد حب في هذا الزمن ! أو تقول مثلاً: لا يوجد رجل يستحق حبي! ألا تشعرك هذه الجمل أن قائلتها لابد أن تكون قد مرت بتجارب عاطفية كثيرة أوصلتها إلي مرحلة استخلاص النتائج العامة المطلقة علي كل الحب وعلي كل الرجال. أخطر ما في هذه الجمل أو ما يشابهها من أفكار أنها تحمل أفكاراً (غير صحيحة)، ولكن الفتاة عندما ترددها كثيراً فإنها تصدقها أو بمعني أدق فإنها تؤكدها وتساهم في تحقيقها وفقاً لقانون الجذب: The Law of attraction الذي تحدث عنه كتاب «السر» (The secret) ، وهو أن الجملة التي نرددها لأنفسنا كثيراً، فإنها بمثابة أمر نعطيه للعقل الباطن لتنفيذه، والأفكار المنطوقة ما هي إلا ترسيخ لعادات وأفعال نتبعها في حياتنا، فما بالكم لو كانت هذه الأفكار غير صحيحة أو أنها أفكار وهمية لا تعتمد علي أية تجربة واقعية، ففي الوقت الذي ينادي خبراء التنمية الذاتية والمتخصصون بضرورة أن نصنع من أفكارنا وتجاربنا السيئة معاني إيجابية تساعدنا في فهم معان جديدة وفعالة لحياتنا، تتعمد بعض الفتيات قليلات الخبرة أن يصنعن لحياتهن معاني سلبية غير معتمدة علي أي جانب صحيح أو إيجابي. أليست مسألة خطرة توقع الفتيات في تجارب سيئة «هن صنعنها بأنفسهن»؟! من الأمثلة الصارخة التي تؤكد أن كثيرا من الفتيات يصنعن واقعاً سوداوياً بأيديهن أحياناً، بسبب الأفكار التي يقلنها لأنفسهن هذا النموذج من الفتيات: نجد أن هناك فتيات مرتبطات، سواء في خطوبة أو علاقة عاطفية يرددن دوماً رأياً مثل: لن أعبر عن مشاعري تجاه شريك حياتي ولن أعامله بتلقائية حتي لا يتصور أنني ضعيفة، والحقيقة أن بعض هؤلاء الفتيات من الجائز أنهن تعرضن لخبرات سابقة أو سمعن وشاهدن خبرات الآخرين التي علي أساسها بنين هذا الراي وما هو إلا حيلة دفاعية تستخدمها الفتاة للدفاع عن نفسها وحماية ذاتها من التعرض لأي ألم، وقد تنجح هذه الحيل الدفاعية مع البعض، ولكن الفتاة غالباً ما تكون تعيسة في هذه العلاقة لأنها «في حالة بذل مجهود مستمر» لإخفاء حقيقتها أو علي الأقل لممارسة هذه اللعبة مع الآخر.. والمشكلة أن هذه الفتاة التي تنتمي لهذا النموذج غالباً ستتغير وتتحول وتصبح شخصاً آخر غير نفسها وغير حقيقتها، خاصة أن العلم يثبت أن المخ قادر علي تكوين العادات وترسيخها بعد21 يوماً من فعلها المتوالي. هذا يثبت أننا لو قررنا أن نصبح إيجابيين أو نرسخ بعض العادات التي ستنمي وتطور حياتنا ومهاراتنا وشخصياتنا، سننجح لو قمنا بهذا السلوك أو قمنا بتطبيق الفكرة التي نرددها بشكل صادق من داخلنا، فإننا سننجح في إكساب أنفسنا سمات وطباعا جديدة إيجابية قد تكون أحد أسباب نجاحنا أو سعادتنا أو حتي تغييرنا للأفضل، ولكن المشكلة أن هناك من يختار كل ما هو سلبي للتركيز عليه ولصناعة وبناء عادات وطباع سلبية في شخصيته وبقراره غير المدرك أو الواعي لبشاعة ما يفعله في نفسه. وبالتطبيق علي هذا النموذج: هناك فتيات يجلبن لأنفسهن التعاسة ويحبسن أنفسهن في منطقة مظلمة، هن صنعنها بأفكارهن مثل: «لا توجد علاقة مثالية في هذا الزمن، لا يوجد رجل واحد مخلص»، وغالباً ما ستقع هذه الفتاة في علاقة سيقوم فيها شريكها بخيانتها، لأنها أعطت أمراً خفياً للكون لتحقيق فكرتها. هناك فتيات يرددن جملة: «أشعر أنني سأفشل في حياتي»، «أشعر أنني لن أنجح في عمل مستقبل ناجح ولن أتمكن من الحصول علي حياة مستقرة».. قد تقول هذه الفتاة ذلك الكلام من قبيل الخوف، بمعني أن ما يحركها هو الخوف أو شدة الحرص. للأسف إن هذه الفتاة التي تتحرك بمشاعرها الخائفة اللاواثقة، المترددة، ستقودها إلي طريق شديد السلبية والمعوقات التي ستواجهها في حياتها ستكون كثيرة، وهذا ما أثبتته قوانين الجذب التي تحدثت عنها سابقاً، بمعني أن ما نركز عليه سيزداد في حياتنا، لو ركزنا علي السلبي سيزيد ولو ركزنا علي الأفكار الإيجابية ستزداد .. وهذا هو الاختيار الذي نصنعه في حياتنا .. إما أن نركز علي أفكارنا بشكل سلبي أم بشكل إيجابي. القرار قرارك. أن تكوني مدركة تماماً لنمط تفكيرك، لما تقولينه لنفسك، لما تطبقينه علي حياتك. أنت الوحيدة القادرة علي إصدار قانون للجذب إما أن يكون قانوناً تحققين به عادات وسمات إيجابية تصل بك إلي الطريق الناجح .. وإما أن تقولي وترددي دون فهم ما تقولينه وكأنك «حافظة مش فاهمة»!؟
مسموح وللا ..... واجهي خوفك ... بمواجهة نفسك ! قاومي مخاوفك بهذا التدريب البسيط .. فقط تحدثي مع نفسك عن أن المخاوف ما هي إلا أفكار نصنعها بأنفسنا عن الفكرة التي تخيفنا. تعاملي مع مشاكل الحياة علي أنها هدايا من الله ليدربك ويحصنك لمواجهة الحياة ويعلمك تحديات جديدة لمواجهة هذه المشكلات. تذكري دائماً أنك خلقت في هذه الحياة بطاقة ربانية كبيرة تؤكد لك أنك قادرة علي فعل الكثير. رددي داخلك أن هناك إنجازات صنعها الآخرون، وأنك تملكين مهارات وقدرات أيضاً تجعلك مستعدة أيضاً لإنجاز أشياء لها قيمتها في الحياة. المهم هو أنك تتعلمين وتعيشين في الحياة بمنطق «سأتعلم لأنجز، سأبذل مجهودا حتي أستحق الراحة والمتعة». لا تنسي أن تكوني مسئولة عن قراراتك واختياراتك في الحياة، ولا تلعبي مع نفسك لعبة أنك ضحية في هذا الكون. الفرق كبير بين أن تنظري لذاتك علي أنك ضحية ظروف ما وبين أن تتعاملي مع ذاتك علي أنك إنسانة قادرة علي مواجهة التحديات التي يخلقنا الله بكفاءة مواجهتها واستخدامها لصالحنا ولتطورنا. تعلمي أن تواجهي خوفك من الفشل في أي مجال بأن تسألي نفسك: ماذا لو ؟ دربي ذاتك علي التخيل حتي وإن كانت أسوأ السيناريوهات المحتملة .. ستجدين نفسك في حالة تقبل دائم. تقبلي نفسك كإنسانة لها كيانها واحترامها وقدراتها التي تسعي دوماً لصقلها وتطويرها.