هل يعقل أنني لم أجد مكانا يستوعبني لأسترجع فيه لحظات مرت علينا معا ؟! ففي كل مكان بشر ينظرون يراقبون وربما يتكلمون ولا أعلم ولا أدري لماذا توجهت للحمام؟ ربما لأنه المكان الوحيد الذي سأنعم فيه بخصوصية..! أفتح الماء لأملأ البانيو وربما سأضع بضع نقاط من ماء الورد، وذلك السائل الذي يحيل الماء إلي فقاقيع إلا أنني لا أجده واستعضت عنه بمسحوق الغسيل فقد كنت أتمني أن أحصل علي فقاقيع !! .... وأعود بالذاكرة إليك حينما أخبرتني أنك لن تستطيع ولن تقدر... ولم أفهم ولم أعِ كلماتك فلم يكن ما بداخلي يتمني أكثر من وجودنا معا! فلم أكن أعرف أنك تحبني إلا حينما تساءلت وببساطة: هل تحبني ؟! وجاء ردك: نعم أحبك من الأمس ومن سنوات ألحظك أراقبك يعجبني كل شيء فيكِ ... وفرحت إلا أنني اندهشت فكيف لم أعرف هذا وأنا علي حد علمي دقيقة الملاحظة ؟! وحينما سألتك لماذا لم تخبرني ؟ كان ردك أن هناك حواجز كثيرة وحسابات أكثر! ولأنني لا أمتلك خبرات ولا أحسب عواقب الأمور ولا أجيدها فلم أهتم لا بالحدود ولا الحسابات التي أسمعتني إياها. لايزال صوت خرير الماء البطيء يصل إلي أذني وأنا أنظر إلي البانيو الذي لم يمتلئ ولم تعل فيه تلك الفقاقيع السينمائية ! لقد نسيت أن أضع السدادة ! ووضعتها وتأخذني الذاكرة إليك لا إلينا وإلي الأماكن التي ذهبنا فيها معا وأتساءل: هل ذهبت إليها مرة أخري هل تذكرت همساتنا وتلك اللحظات المسروقة ؟ ولا أعرف لماذا صدرت مني تلك التنهيدة التي آلمتني ربما لتذكري كل الآلام التي تسببت أنت فيها ! أو ربما أتنهد لأنني لم أدر أنك فعلا كنت صادقا حينما قلت ومنذ البداية لا أستطيع؟ هاهو البانيو قد امتلأ للنصف وأتذكر كم مرة تركت يدي في منتصف الطريق ولم يعر اهتمامك الألم الذي تسببت فيه وكيف أنني كنت أنسي بمجرد أن يأتي صوتك شارحا أسبابا وأعذارا أصدقها نعم فقد كنت أصدقك وتتعلق يدي بيديك وأنظر في عينيك لأنسي تركك إياي في منتصف الطريق ونكمل معا ... إلا أنك بعد خطوات تترك يدي وتظل يدي معلقة تنتظر عودتك لها ... وترن في أذني كلماتك آسف أعرف أنك ستتفهمين وتمسك يدي مرة أخري ويتكرر نفس الشيء مرات ومرات وأصدق وأغفر وأتناسي .... هاهو البانيو قد قارب علي الامتلاء وترتفع الفقاقيع السينمائية وأقفز بداخله مطرطشة حولي إلا أنني لا أبالي فأنا أعلم قدرتي علي تنظيف المكان وإعادته لشكله الأول بلا أي آثار للطرطشة ... يغوص جسدي كله داخل الماء، أفرد يدي أتركها ربما تعود لتأخذها وتسوق أعذارا ! إلا أنني لم أفعل بل ضممت يدي معا مغمضة عيني بعد أن غصت برأسي في الفقاقيع السينمائية ... نعم وحشتني افتقدك وأشتاق إلي صوتك إلا أن يدك لم تعد تلك اليد التي أنتظرها فقد ملت يداي يدك ... إلا أنني ما زلت أشتاق إليك!