«مآذن المحروسة» «والحادثة اللى جرت» «ووطن الجنون» «وملك الشحاتين» «وبراكسا» «وقطط الشارع» وغيرها من الأعمال المسرحية هى محاولة جريئة لإحياء المسرح الغنائى بعد أن دخل غرفة الإنعاش منذ فترة طويلة، غلب على تلك التجارب، الطابع السياسى، والسطور القادمة يتحدث فيها أصحاب هذه التجارب. مسرحية «مآذن المحروسة» هى محاولة جادة من المطرب محمد الحلو للعودة إلى المسرح الغنائى من جديد، تأليف محمد أبو العلا السلامونى وإخراج محمد حسن وأشعار محمد العسيرى وألحان محمد باهر.. ويتناول العرض فكرة مناهضة المصريين للتطبيع مع إسرائيل. فى البداية قال الشاعر محمد العسيرى: الطفرات الحقيقية حدثت فى المسرح الغنائى فى فترات التحرر الوطنى التى كانت مرتبطة بتوجه وطنى فى معظمها لأن الغناء كان وقتها صاحب الصوت العالى. لذلك أتساءل: إذا كانت الدولة تريد أن تبحث عن هوية لمصر لابد أن تهتم بالمسرح الغنائى وفنونه التى لها علاقة بالأساس بالتراث لذلك السؤال المطروح الآن هل الدولة مهمومة بتحديد هوية هذا الوطن أم لا؟! وإذا كانت الدولة مهتمة بذلك فكان من الأولى أن تخصص ميزانيات كبيرة لكى يكون هناك مسرح من الأساس حتى يكون هناك مسرح غنائى بدلاً من الميزانيات الهزيلة التى لاتكفى للتقديم عمل مسرحى غنائى متميز خاصة أن العروض الغنائية مكلفة للغاية. وتابع قائلاً: فى فترة من الفترات كان الفن بديلاً لمواجهة التطرف أما الآن فهو البديل الوحيد لمواجهة العشوائية الأخطر كثيراً من التطرف لذلك ظهور أكثر من خمس مسرحيات بعضها غنائى والبعض الآخر درامى يحتوى على بعض الأغنيات هو نوع من الإنقاذ فى لحظة تاريخية تبحث فيها الدولة عن مخرج لإعادة تشكيل هوية المواطن المصرى الذى يعانى من العشوائية. مسرحية «الحادثة اللى جرت» أثارت إحدى أغنياتها «هتفتشكو» حفيظة الرقابة فطالبت بخذفها بدعوى إساءتها للسياسة الأمريكية تجاه العرب، تأليف أبو العلا السلامونى وإخراج ماهر سليم وأشعار محمود جمعة وألحان عز الدين طه، وتتناول المسرحية انعكاس ما حدث فى الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر على المجتمعين العربى والإسلامى. مخرج العرض المسرحى ماهر سليم أكد: مصر هى رائدة المسرح الغنائى الذى ظل مسيطراً لعهود طويلة وكان أوج ازدهاره على يد المبدعين أحمد شفيق أبو عوف وسعيد أبو بكر ومحمود السباعى وكرم مطاوع وحسن عبد السلام وغيرهم، وشهد هذا المسرح من خلال الفرقة الغنائية الاستعراضية التى تأسست عام 1963 مجموعة من العروض منها حمدان وبهانة وبنت بحرى وزباين جهنم وملك الغجر والعشرة الطيبة. ولفت سليم: الأمر ازداد سوءا الآن بعد اعتماد العروض المسرحية الغنائية على الموسيقى والألحان المسجلة وليس العرض الموسيقى الحى كما أصبحت العروض لاتنتمى فى معظمها للمسرح الغنائى الحقيقى مثلما يحدث الآن. الجمهور عاوز كده مسرحية «وطن الجنون» نالت إقبالاً جماهيريًا كبيرًا وقت عرضها، تأليف وأشعار نبيل خلف وإخراج ناصر عبد المنعم وألحان مصطفى قمر، وتناقش المسرحية مسألة العولمة وقضية «الإنسان دون أوهام من الممكن أن يموت». وعلّق الشاعر نبيل خلف على إقبال الجمهور على عمله المسرحى بالرغم من انهيار المسرح قائلاً: عندما يجد الجمهور عملاً فنياً جيداً يتمسك به مما يجعلنى أكره دوماً مقولة «الجمهور عاوز كده» والمؤكد أن لدينا نقصا فى المسرح الغنائى الاستعراضى منذ أيام سيد درويش وبديع خيرى ورغم أن لدينا كتاباً ومطربين ومخرجين وممثلين على درجة عالية من الكفاءة فإن المؤسسة أو العقل الذى يقود تلك الكتيبة غير موجود. وعن أغانى مسرحيته «وطن الجنون» أشار خلف إلى أن أغانى المسرحية قام بتلحينها بمجرد المصادفة المطرب مصطفى قمر الذى طلب بعد انتهائه من قراءة النص أن يضع بعض الألحان ثم اختفى لفترة وفاجأنى بتلحين 45 أغنية دون البحث عن أجر مادى، وأرى أن قمر تعامل مع الأغانى بحرفية شديدة، وأعتبره مكسباً للمسرح الغنائى لثقتى فى قدراته على التعبير الموسيقى. مسرحية «ملك الشحاتين» التى سبق أن قدمها المخرج جلال الشرقاوى على مسرح البالون عام 1990 يعاد تقديمها الآن فى محاولة أخرى لإعادة إحياء المسرح الغنائى من جديد بعد سنوات من التوقف، تأليف وأشعار نجيب سرور وإخراج محمد الخولى وألحان صلاح الشرنوبى، وتعد المسرحية إسقاطاً غير مباشر على وضع الدول العربية فى الوقت الحالى وتعاملها مع الدول الأجنبية التى سمحت لها بالتدخل فى شئونها. مخرخ العمل محمد الخولى أرجع اختياره لمسرحية «ملك الشحاتين» لتقديمها الآن قائلاً: غلب على نجيب سرور الطابع الشعرى فى كتابة المسرحية أكثر من الدرامى وأرى أننا نفتقد تلك النوعية من الأعمال المسرحية بعد أن ابتعدنا منذ زمن عنها بسبب عدم وجود كتاب يجيدون كتابتها لأنها تتطلب شخصاً يمتلك موهبة حقيقية خاصة جداً.