نعم أصبحت الآن في الثلاثين من عمري، وكانت هذه السن بالنسبة لي تمثل نهاية لأحلامي، بمعني أنني كنت أظن - وبعض الظن إثم - أنني في سن الثلاثين سوف أكون قد وصلت لمنتهي غاياتي، فعندما كنت صغيرة كنت أقول مثلا: "لا.. دي كبيرة قوي دي عندها ييجي 03 سنة"، أو أقول "لما يكون عندي 03 سنة سأكون غنية ومشهورة"، وكأني أتحكم في الوقت كما يحلو لي، ولكن للأسف مرت الأيام بسرعة أحاول أن أسبقها فتسبقني ولا تتعب ولا تلهث ولا تبرك مثل الجمل المكسح. وأصل إلي سن الثلاثين، لا أحسست أنني كبيرة جدا ولاحتي وصلت لما كنت أحلم به، لكن ليس هذا هو المهم، المهم المواقف التي ترغمك علي تذكر الفرق بين بنت العشرين وبنت الثلاثين فمثلا كنت خارجة مع أصدقائي من أيام الجامعة كعادتنا منذ عشر سنوات كل يوم خميس وبعد قضاء الوقت وجدت ورقة علي السيارة موضوعة تحت المساحات افتكرت أنها من معجب زي ما كان يحدث زمان، حيث يترك المعجب اسمه ورقم تليفونه، لكن عندما فتحت الورقة وأنا أفكر وجدت مكتوبا عليها كيف سنضحك علي خيبة هذا المعجب، الذي مازال يمارس نفس الأسلوب القديم مع أن فيه حاجات كاجوال دلوقت، وعندما قرأت الورقة وجدت جملة واحدة لو سمحت يا مدام متركنيش هنا تاني"! وأحسست بجردل ماء بارد ينزل علي رأسي، وعندما سألتني صديقاتي مين المدهول علي عينه؟ ضحكت ضحكة صفراء وقلت لهم: "شباب فاضي احنا كبرنا علي الكلام ده، ومزقت الورقة بسرعة ولم أستطع أن أقول الحقيقة كنت هقول إيه يعني الزمان أكل علينا وشرب! ده غير مواقف أخري تصيب بالشلل والكساح، فمثلا أكون سايقة السيارة وألاقي شاب بيبصلي ويقول لي: لو سمحت يا طنط.. وبالطبع مبسمعش باقي الكلام لأن أنا مش طنط يا روح طنط وأمشي مذهولة فكيف لهذا الشاب بدقنه وشنبه أن يتجرأ ويلقبني بطنط يعني يا خالتي بالعربي مع أنه قد الشحط، يعني إيه سنتين وألاقيهم في الشارع بيقولوا لي تعالي أعديكي يا أمي؟! وأحيانا أخري تأتي الصدمة من الباعة عند الإشارات عندما يقف ويستعطفني ثم يبتدي قلبي يحن وفي اللحظة دي يقول لي: الله يخليلك ولادك يا حاجة! وأسمع نفسي تصرخ "كرهتني في عمل الخير يا ابن ال.." وهكذا ولكن من داخلي لا أحس بذلك علي الإطلاق، فأنا شابة كل ما في شاب مازلت أبدأ حياتي، وأخطط لها، قلبي يرقص مترقبا المستقبل البعيد متخيلة أنني مازلت في البداية، لكن الناس، الشوارع حتي الأطفال يصرون علي أنها النهاية.