لمصلحة مَنْ إهدار الطاقات وعدم استغلال طاقة وقدرة فتيات كثيرات علي العطاء؟! في خلال أيام قليلة مضت وصلتني أكثر من سيرة ذاتية لفتيات كثيرات، إحداهما تخرجت في كلية العلوم بتقدير جيد جداً، والأخري كلية تربية، وتلك خريجة الآداب، وأخري ليسانس دار علوم وأختها خريجة الحقوق.. كلهن لا يعملن.. كلهن راغبات وباحثات ومكافحات من أجل وظيفة محترمة.. ولكن المشكلة هي أنهن معاقات - وهذا دليل أكبر علي تحديهن للإعاقة وللصعوبات، كل هذا يثبت قدراتهن وكفاءاتهن الكبيرة لتجاوز هذه الأزمة واستطعن الحصول علي درجات جامعية وإتمام كل مراحل التعليم رغم أن أغلبهن من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة.. لكنهن استطعن أن يحصلن علي لقب جامعية. وفي رحلة البحث عن وظيفة وعمل.. لكل منهن قصة معاناة وكفاح كفيلة بأن تسحبهن إلي الإحباط والشعور باليأس. لكنهن واصلن التحدي.. ولديهن القدرة علي المواصلة والاستمرار في رحلة إثبات الذات أكثر وأكثر ولكن دون جدوي. رغم أنهن يملكن وثيقة رسمية من الدولة تثبت أنهن ذوات كفاءات ومهارات والدليل هو حصولهن علي شهادة بكالوريوس أو ليسانس، ومع ذلك فهن بموجب هذه الوثائق - محرومات من العمل والوظيفة الرسمية وكذلك من القطاع الخاص الذي لا يقبل - في أغلب الأحيان - توظيف المعاقين. قالت لي إحداهن: - "وآخرتها"؟! نحاول أن نثبت للمجتمع أننا أصحاء - نعاني ونكافح ونتحدي وفي النهاية لا نجد نتيجة، وكأنه كتب علينا "الحرمان". "الحرمان من الحق في العمل"، "الحرمان من الحق في نظرة محترمة ولائقة ونظرة تقدير من المجتمع، الحرمان من الحق في تعويض وجزاء إيجابي لمعاناتنا، الحرمان من ممارسة الحياة بالشكل الطبيعي، الحرمان من الحق في الحب والزواج، فالمجتمع يلخصنا علي أننا "غير قادرات" علي فعل أي شيء. كل ما نريده هو أننا عاوزين نعيش مراحل الحياة بشكلها الطبيعي الإنساني لمصلحة من.. الحكم علينا بوقف تنفيذ الحياة؟! ألم يفكر المجتمع كله وبمنتهي المسئولية ما مصير مئات الألوف من الفتيات المعاقات غير القادرات علي أن يعشن بشكل سوي رغم أنهن يملكن كل المقومات والقدرات التي تؤهلهن لأن يكن فاعلات وليس مفعولات بهن.