السينما تعبير عما يحدث في الحياة حولنا وعندما ترتدي زيا أخلاقيا مصطنعا فإنها ستكون عاجزة عن تناول قضايا وظواهر كثيرة، وستكون مقيدة وهي تعبر عن كثير من الشخصيات، وهذا هو الحال الذي كانت عليه السينما في السنوات القليلة الأخيرة بعد أن وصل إليها مد أخلاقي مزيف وسمعنا شعارات لم نكن نسمعها من قبل مثل السينما النظيفة، ورغم أن نجمات كثيرات لم تكن هذه قناعتهن، لكنهن خفن من الخروج عن الاتجاه السائد بدليل أنه عندما تغير هذا الخط وجدنا نفس هؤلاء النجمات أكثر جرأة. ولم تكن النجمات فقط هن المسئولات عن هذا المد الأخلاقي المزيف، وإنما بعض النجوم الشباب أيضا وتحت شعار إعادة الأسرة إلي السينما أعلنوا رفضهم لوجود قبلات وأحضان وغيرهما من مشاهد الإغراء في أفلامهم، بل منهم من كانوا يفرضون علي نجمات أفلامهم احتشاما في الملابس التي يظهرن بها في الأفلام! وكانت الرقابة هي الأسعد بهذا المد الأخلاقي المزيف لأنها أراحت نفسها من الدخول في صراع مع صناع السينما علي مشهد أو جملة. لكن السينما بهذا الحال كانت كمن تغمض عينيها عما يدور حولها، ولذلك كان من الصعب أن يستمر هذا الوضع طويلا لأن السينما التي تفتقد الجرأة تموت سريعا، وأتحدث عن الجرأة الفنية وليس مجرد مشاهد تغازل شباك التذاكر .. تلك الجرأة التي بدأت تعود من جديد للشاشة الكبيرة .. عادت مع يسري نصر الله ووحيد حامد ومني زكي في (احكي يا شهرزاد) وعادت مع داود عبد السيد وبسمة في (رسائل بحر) ومع أسامة فوزي ويسرا اللوزي في (بالألوان الطبيعية) ودون الدخول في تقييم المستوي الفني لتلك الأفلام إلا أنها أعادت من جديد قدرة السينما علي مواجهة تيار المد الأخلاقي المزيف لتتحرر السينما من قيود فرضت عليها ويصبح من حقك أن تقدم ما تريد ومن حق غيرك أيضا أن يقدم ما يريد دون أن يسود اتجاه سينمائي واحد يمنع غيره من أن يكون جريئا في فكره وفي التعبير عن هذا الفكر بالصورة، ولذلك أهلا بعودة السينما الحرة المستقلة.