يبلغ د. أحمد مجاهد رئيس هيئة قصور الثقافة من العمر ستة وأربعين عاماً قضى نصفها فى العمل الثقافى العام منذ أن استقدمه د. عز الدين إسماعيل للعمل معه بهيئة الكتاب عام 6891 ثم عمله مع د. جابر عصفور فى المجلس الأعلى للثقافة مروراً برئاسته لقصر ثقافة الطفل وصندوق التنمية الثقافية وانتهاء برئاسته لهيئة قصور الثقافة منذ شهر يوليو عام 8002 وحتى الآن، ود. مجاهد شخص مثير للجدل وتثار حوله دائماً الشائعات ويختلف معه كثيرون حول سياسته فى العمل الثقافى ورغم كل هذا إلا أن الرجل مستمر فى صعوده وحضوره كواحد من وجوه رجال الثقافة فى مصر. صباح الخير التقت د. أحمد مجاهد فى مواجهة صريحة حول قضايا العمل الثقافى بهيئة قصور الثقافة، وسياسته فى المرحلة المقبلة واستقبلنا مجاهد فى مكتبه ورد بكل وضوح وصراحة عن كل أسئلتنا التى لم تخل من انتقادات وفتح لنا قلبه وعقله. * بداية دعنا نتعرف على الجديد الذى تقدمه هيئة قصور الثقافة فى العام الجديد خاصة ونحن على بعد خطوات قليلة منه؟ - أود الإعلان عن ثلاثة أحداث مهمة نستقبل بها العام الجديد 0102 أولها انتهاء العمل بقصر ثقافة الغردقة وافتتاحه فى أول يناير القادم بعد أن ظل مغلقاً لمدة 02 عاماً وهو أول قصر ثقافة يضم 64 غرفة فندقية مجهزة لاستضافة الفنانين والمبدعين والمثقفين، وثانيها تخصيص أرض السامر بالعجوزة لتكون مقراً جديداً لهيئة قصور الثقافة وستعلن مسابقة كبرى لاختيار المشاريع المقدمة فى يناير القادم وسنركز على الانتهاء من المشروع فى أقرب وقت خاصة أن مقر الهيئة القديم أصبح غير مناسب لهيئة تضم 41 ألف موظف وتشرف على 055 موقعا ثقافيا فى كل محافظات مصر، وثالث أمر خاص بإسناد تأمينات الدفاع المدنى ببيوت وقصور الثقافة للقوات المسلحة نظراً لما تتمتع به من دقة وانضباط وحرصاً على عدم السمسرة فى أرواح البشر وتعرضهم للمخاطر مرة أخرى. * وهل انتهت قضية حريق قصر ثقافة بنى سويف بالنسبة لك؟ - قضية حريق قصر ثقافة بنى سويف كان فيها شق جنائى وحكمت المحكمة فيه ونفذ وكذلك حدث فى الشق التأديبى ولايزال الشق التعويضى رهن القضاء ولم يحكم فيه بعد. * ولكننا فوجئنا بالقضية تثار مؤخراً بعد الابقاء على السيد على شوقى رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية، والتجديد لمجدى شلبى المسئول عن الأمن وهو ما أثار موجة من الغضب عليك من قبل المثقفين؟ - أود أن أوضح أن هناك عريضة تم رفعها للنائب العام تعترض على التجديد لمجدى شلبى بحجة مخالفة القانون، وقد حول النائب العام العريضة لوزير الثقافة الذى أرسلها بدوره إلينا للرد عليها وبالفعل رد المستشار القانونى للهيئة مفنداً كل المغالطات وأحب أن أطمئن المثقفين والناس بأن اللجنة القانونية للهيئة عضو فيها نائب رئيس مجلس الدولة، وهذا أمر كاف لاستحالة مخالفة القانون داخل الهيئة. * تواصل * ولماذا تحدث خلافات حول إدارتك لهيئة قصور الثقافة وبالذات من المثقفين؟ - بالعكس، هذا أول خلاف يحدث بينى وبين المثقفين، ولم يحدث أى خلاف من قبل، فأنا أقابل المثقفين دائماً بشكل رسمى وشخصى وعلاقتى بهم ممتدة من سنوات وهناك تواصل حقيقى بينى وبينهم ومنهم أصدقاء ومعارف لى وأقابلهم دائماً فى المؤتمرات وقريب من مشاكلهم كما أننى لا أغلق باب مكتبى فى وجه أى مثقف وأتقبل وجهات النظر المختلفة بصدر رحب. * ولكن هناك خلافا آخر بينك وبين أمانة مؤتمر الأدباء بالإسكندرية وصل إلى انتقادك لعمل الأمانة فى ختام المؤتمر؟ - أحب أن أوضح أنه لم تحدث أى خلافات مع أمانة المؤتمر وأريد أن أفرق بين أمرين، عملى الوظيفى كرئيس للهيئة، وشغلى بالنقد الأدبى، فأنا لم أتدخل فى عمل أمانة المؤتمر على الإطلاق ووافقت على كل ما طرحه أعضاء الأمانة وفى ختام المؤتمر الذى أعتبره واحداً من أفضل المؤتمرات علقت على أننا لم نستفد من المؤتمر من الشعراء الكبار المعروفين الذين كانوا يشاركون فيه وكان من الأجدى أن نعقد شهادات أكبر عنهم، ونقيم موائد مستديرة حول أعمالهم. * البعض أرجع سبب الخلاف إلى أن أمانة المؤتمر أغلقت الطريق أمام المستفيدين بعد أن تحولت مؤتمرات الأدباء إلى سبوبة للرزق، فهناك وجوه متكررة تشارك فى أبحاث المؤتمرات وتحصل على مكافأة مجزية؟ - أنا أشكر أمانة المؤتمر أنها استنت سنة حسنة بأن رفضت مشاركة أعضائها فى تقديم أبحاث أو رئاسة الأبحاث، وهذا أمر حسن نتمنى أن يتكرر فى كل المؤتمرات المقبلة، وهناك ضوابط قانونية سيتم تفعيلها بحيث لا تتكرر الوجوه المشاركة فى المؤتمرات المختلفة بأبحاث لأن هذا أمر لا يصح حتى نتيح الفرصة لأكبر عدد من الوجوه الثقافية، وسنسعى للتوفيق بين الأجيال القديمة والأجيال الشابة فى المؤتمرات القادمة وأؤكد أن أمانة أى مؤتمر لديها الصلاحية بأن تختار الوجوه المناسبة وتطرحها وسوف ندعمها خاصة الوجوه الشبابية حتى يحدث تلاق للأجيال الأدبية والإبداعية. * دعنا نتطرق إلى مسألة انتدابك للعمل بهيئة قصور الثقافة من الجامعة والجمع بين الإدارة والتدريس وهو ما يؤدى إلى بعض الانتقادات الموجهة لك بعدم تفرغك للهيئة بشكل كامل؟ - أولاً أنا ساعات عملى فى الجامعة محددة ولا تتجاوز 6 ساعات أسبوعياً، وبالتالى فإن من يدعى أن صيغة الندب معناها عدم تواجدى بالهيئة فهذا كذب وافتراء لأننى أتواجد فى الهيئة كل يوم من العاشرة صباحاً ولا أترك المكتب إلا فى أوقات متأخرة كما أننى أسافر دائماً للمشاركة فى كل أنشطة الهيئة خارج القاهرة وفى كل المحافظات وثانياً عملى بالجامعة لا يؤثر على أداء عملى بالهيئة، وأنا حريص على الجامعة لأن العمل بها وظيفة مرموقة وثابتة، أما العمل الثقافى العام فمرتبط بشخص الوزير الذى يعتبر منصبا غير ثابت وإذا تركت الجامعة لا يجوز أن أصبح موظفاً إذا جاء وزير آخر واختار قيادات غيرى يثق بها وهذا حقه. * توضيح * ولماذا يقال أنك طفل الوزير المدلل ولماذا أيضاً تثار حولك شائعات كثيرة بشأن توليك مناصب أعلى، وهل أنت طرف فى هذه الشائعات؟ - لم أكن أعرف فاروق حسنى من قبل، وأول مرة قابلته فيها عندما توليت رئاسة قصر ثقافة الطفل لأعرض عليه خطة العمل بالمركز، ولا أخفى أن وزير الثقافة يشجعنى ويثق فى، أما حكاية الشائعات فأنا لست طرفاً فيها وأتجاهلها تماماً، وربما يكون نشاط الهيئة الممتد فى كل محافظات مصر يحدث حراكاً ثقافياً ويدفع الآخرين إلى الحديث عن نشاطات الهيئة ورئيسها، وأحياناً يتصور الناس أن وجود أخبار إعلامية تتعلق بالهيئة دعاية لشخص رئيسها، وهذا أمر خاطئ لأننى عمرى ما سعيت للإعلام ولا طلبت أمراً شخصياً، وأؤكد أن وجود 055 موقعاً ثقافياً على مستوى الجمهورية يجعل نشاط الهيئة موجوداً بقوة فى الإعلام فلو افترضنا كل موقع سيعمل نشاطاً واحداً فى السنة فسيكون هناك خبران على الأقل فى الصحف، فما بالك بكم الأنشطة المتنوع الذى يقام على مدار السنة. * إذن كيف تواجه الهجوم المستمر عليك فى الإعلام وفى أوساط المثقفين؟ - فى البداية كنت أتوتر كثيراً من هذا الهجوم وأرد عليه بنفسى، ولكنى بعد فترة أصبحت أفرق بين نوعين من الإعلام، إعلام لا يهدف للإثارة ويبحث عن الحقيقة، وهذا أهتم به كثيراً وأحقق فيما يثيره من قضايا وأرد على أصحابه وأسعى لتصحيح الأخطاء إذا كانت حقيقية، وإعلام يهدف إلى الإثارة ونشر المغالطات وهذا أقابله بابتسامة عريضة، وأنا عموماً شخص غير مثير للجدل وأتقبل الاختلافات ووجهات النظر المتنوعة. * ولماذا يقال أنك ديكتاتور فى الإدارة وتميل للمركزية؟ - اطلاقاً، أنا أحب الاعتماد على الآخرين وأدعم المشروعات الجيدة والجديدة التى يقدمها العاملون فى الهيئة والمثقفون فمنتخب كورال للهيئة المكون من مائتى فرد فكرة المطرب أحمد إبراهيم، وإنشاء إدارة جديدة لذوى الاحتياجات الخاصة مطلب محمد زغلول وهو من أبناء الهيئة وكفيف، ولكنى تحمست للفكرة وقررت إنشاء إدارة خاصة يتولاها وتدعم ذوى الاحتياجات الخاصة وتسمح لهم بالمشاركة فى جميع الفعاليات الثقافية والفنية التى غابت عنهم خاصة أن ذوى الاحتياجات الخاصة فئة كبيرة فى المجتمع وتتعرض للظلم وعدم الاهتمام، وبالمناسبة أرد على من يقولون أننى لدىّ مستشارون كثيرون يتقاضون مرتبات كبيرة بأن لدى ثلاثة مستشارين فقط، قانونى، وإعلامى، ومستشار لذوى الاحتياجات الخاصة وقلصت عدد المستشارين الذى كان كبيراً قبل قدومى للهيئة. * تعاون * تفتخر بوجود 055 موقعاً ثقافياً بمحافظات مصر تابعة للهيئة فى حين أن هناك قصور وبيوت ثقافة كثيرة معطلة أو مغلقة.. فما تعليقك؟ - أولاً يجب أن نفرق بين أمرين الإضافات الجديدة من بيوت وقصور ثقافة وهذه ستشهد طفرة فى العام الجديد حيث يوجد أكثر من 12 قصرا وبيت ثقافة مزمع افتتاحها فى عام 0102 أبرزها قصر ثقافة الغردقة، والسويس، وأسيوط، والجيزة، وقصر ثقافة المنشأة بسوهاج وتجديد مكتبة العريش بشمال سيناء، أما ما يتعلق بالترميمات التى تتم فى المواقع القديمة فهذه لا أحاسب عليها لأنها تتم وفقاً للميزانية التى تأتى من الدولة وأحاسب فقط على عدم تقديم النشاط الثقافى وأنا راض عن الأنشطة التى نقدمها داخل بيوت الثقافة وفى الشوارع، والحدائق، ومراكز الشباب وهناك بروتوكول مع المجلس الأعلى للشباب تم تفعيله للبحث عن بدائل لإقامة النشاط فى مراكز الشباب بدلاً من المواقع الثقافية المغلقة وغير المؤمنة وهناك تعاون مستمر مع المحافظين من خلال دعم الثقافة والمساعدة على إقامة أنشطة ثقافية كما أننا نجحنا هذا العام فى زيادة مليونى جنيه للأنشطة الثقافية لتصل إلى 42 مليون جنيه من إجمالى ميزانية الهيئة البالغة مائتى مليون جنيه، وهناك إقبال واسع على أنشطة الهيئة فى محافظات مصر باعتبارها المنفذ الوحيد للثقافة هناك. * وهل الهيئة نجحت فى الوصول للمبدعين فى أقاليم مصر واكتشاف المواهب الجديدة باعتبار أن هذه هى مهمتها الرئيسية؟ - نحن نستعين بالأدباء والفنانين من كل محافظة فى الأنشطة الثقافية والفنية التى تقام بوصفهم من أهل الخبرة وداعمين لموظفى الهيئة، ونسعى بكل قوة للوصول إلى المبدعين واكتشاف المواهب الجديدة، وقد وعدت على سبيل المثال بمضاعفة ميزانية النشر الإقليمى لكتاب وأدباء الأقاليم البالغة 581 ألف جنيه هذا العام بحيث يصبح لكل محافظة الحق فى نشر أربعة كتب لأدبائها المعروفين والجدد بدلاً من كتابين فقط بالإضافة إلى حقهم فى النشر فى السلاسل العامة الأخرى وبخاصة سلسلة إبداعات التى تعتمد على اكتشاف مواهب إبداعية جديدة. * صداع توزيع الكتب * وعلام تعتمد خطة نشر الكتب فى هيئة قصور الثقافة؟ - الجودة من المعيار الأول للنشر، ووصول الكتاب للهيئة، أما الموافقة على النشر فهو اختصاص رؤساء السلاسل وأنا لا أتدخل فى عملهم مطلقاً ولا حتى فى عمل المحكمين للكتب وكل ما أقوم به هو اختيار رؤساء السلاسل ودعمهم، وبالمناسبة لقد استحدثنا سلسلتين جديدتين هما الثقافة الرقمية، وحكاية مصر ليضافا إلى بقية السلاسل الأخرى. * هل وصلتك شكاوى بخصوص أن الكتب التى تصدرها الهيئة يصعب الحصول عليها وتنفذ بمجرد صدورها، ويتردد أن الكتب تتم سرقتها وبيعها لتجار الكتب بأسعار أعلى؟ - توزيع كتب الهيئة كان مسنداً لشركة قومية كبرى ولما وجدنا شكاوى متكررة من سوء التوزيع ألغينا التعاقد الشهر الماضى وتعاقدنا مع مؤسسة صحفية قومية كبرى لتوزيع كتب الهيئة بداية من العام القادم ونأمل أن تختفى المشكلات التى حدثت برغم أنى مؤمن بأن نفاد الكتب التى ننشرها تعنى نجاحنا وربما يكون توزيع كتب الهيئة من خلال مؤسسة كبرى لها باع فى التوزيع يقضى على مشكلة عدم وصول الكتب للناس، أما أن ينزل تاجر كتب إلى السوق ويحصل على كتب الهيئة فهذا أمر لا أستطيع التصرف فيه. * أخيراً.. بعد مرور ما يقرب من عام ونصف على توليك رئاسة هيئة قصور الثقافة هل أنت راض عن أدائك؟ - من حيث طبيعة العمل راض فالهيئة هى القلب النابض للأنشطة الثقافية فى كل محافظات مصر، وأنا أدمنت العمل فيها على الرغم من صعوبة العمل بحكم امتداده فى كل محافظات مصر، ومسئولية الهيئة عن 055 موقعاً ثقافياً و41 ألف موظف، ولكن فى نهاية الأمر عندما تدخل مكاناً لأول مرة مثل مركز نصر النوبة وتجد بهجة الناس به وتزور منطقة حلايب وشلاتين ضمن قافلة ثقافية وتكتشف مدى حاجة الناس للثقافة لتعميق انتمائهم.