أنا مع إغلاق المدارس وتأجيل الدراسة طول فصل الشتاء الذى تشتد فيه حدة فيروس إتش 1 إن 1 المعروف بإنفلونزا الخنازير. لقد تحول النقاش حول سؤال نفتح المدارس أم نغلقها؟! إلى معضلة فرضت نفسها على كل بيت، وانقسمت الآراء وامتزجت بصراخ الأمهات وحدة الآباء فى الفضائيات ما بين أشمعنى المدارس والفيروس موجود فى كل مكان، وبين الفصول هى أكثر مكان لانتشار الفيروس والدليل أن أكبر إصابة بالمرض بين تلاميذ المدارس. الأرقام تقول أنه حتى 81 من الشهر الحالى وصل عدد حالات الإصابة بإنفلونزا الخنازير 6556 حالة منها 3671 فى المدارس و443 فى الجامعات. ولأن لكل فريق منطقه وأسبابه وظروفه الخاصة فلابد من مناقشة موضوعية لهذه المعضلة بعيدا عن العواطف والمصالح وليس بعيدا عن الهلع لأن من حق بل من واجب كل أم أن ينتابها الهلع الشديد على أولادها من مرض تسبب فى وفاة 08 إنساناً فى أقل من شهرين. وقبل أن يقول فريق افتحوا المدارس انظروا إلى أعداد حوادث المرور والأمراض المزمنة قلب - كبد - كلى، نقول لهم إننا نتحدث عن أطفالنا الأصحاء وخطر مرض جديد نحاول مع إيماننا بالقضاء والقدر حمايتهم خاصة إذا كان ذلك فى يدنا. أما أغرب حجج فريق الفتح فهى أشمعنى المدارس، الأولاد يذهبون للنادى والسينما ومراكز الدروس، ونحن نرد النادى مكان مفتوح أكثر من جيد التهوية ونحن الخائفات على أطفالنا لا نتركهم يذهبوا إلى السينما أما مراكز الدروس فالأعداد بها محدودة بالنسبة للفصول ويذهب إليها تلاميذ الشهادات فقط وهم معزلون فى بيوتهم بحكم الساعات الطويلة فى الاستذكار، وذهابهم مسئولية الأسرة وليس مسئولية المدرسة التى تجمع بين صفوفها من الحضانة إلى الثانوية. الأمهات الآتى يطالبن بإبقاء المدارس مفتوحة هن من العاملات الآتى يحصلن على راتب كبير يتطلب وقتا أطول فى العمل، ولا يجدن سوى المدارس كأماكن لجمع الأطفال التلاميذ أطول وقت ممكن وهذه مشكلة خاصة لا يجب أن ندفع ثمنها نحن الأمهات اللاتى نرى أن أبناءنا أهم من أموال الدنيا، وأن وجود خطورة على صحتهم يعترف بها العالم كله يتطلب منا التحذير من إبقاء التلاميذ فى فصل مغلق - بحكم الجو البارد - يسهل فيه انتقال الفيروس من طفل إلى آخر. إذا كان كل العلماء والحكومات تؤكد أن المرض تشتد خطورته خلال شهر يناير وفبراير لانخفاض الحرارة، فلماذا لا نؤجل الدراسة خلال هذين الشهرين ونمد الدراسة إلى شهور الصيف؟ المقارنة بدول أوروبا وأمريكا وأنها لم تغلق المدارس ليس لها مجال لأننا نعرف الإمكانيات الصحية لهذه الدول وأنها قادرة على علاج أى مصاب - غنى أو فقير - بمساواة وشفافية وإتقان واهتمام حيث لا يموت المريض هناك إلا بقضاء الله بعيداً جدا عن الإهمال والروتين. أما البكاء على التعليم والمدارس والعملية التعليمية فهو نوع من الضحك على الذقون أو عدم الاعتراف بالواقع، لأننا كلنا نعرف أن ما يحدث فى المدارس الحكومية والخاصة هو شىء بعيد عن التعليم وينحصر فى تلقين معلومات وحفظ إجابات نموذجية هدفها المرور من الامتحان والحصول على شهادة، وفى النهاية إذا قارنا بين الشهادة والصحة فسوف تختار أى أم ويختار أى أب الصحة. وعودة إلى المدارس فى مصر نجد أنها تنقسم إلى نوعين: مدارس حكومية وتضم تحت راياتها ما يسمى بالتجريبية، ومدارس خاصة مقسمة ما بين لغات وشهادات أجنبية.. وهى التى تشهد حالات الإغلاق لقدرة الأهل الاقتصادية على اكتشاف الإصابة بالمرض ومن ثمة قدرتهم على إجبار المدارس التى يدفعون لها دم قلبهم على الإغلاق، خاصة أن هذه النوعية من المدارس تخاف على سمعتها التى ستتأثر فى حالة وفاة أحد تلاميذها لا قدر الله. وأنا أعتقد أن النقاش حول إغلاق أو فتح المدارس يدور - غالبا - بين أهل تلاميذ المدارس الخاصة لأنهم الأعلى صوتا اجتماعياً، وعادة ما ينتقل التلاميذ بسهولة ويسر من صف لآخر اعتماداً على امتحانات الشهور وأعمال السنة التى يتساهل المدرسون فى تقييمها بسخاء حرصا على مستقبل المدرسة التى تحرص على استمرار المصاريف المعقولة أو الباهظة، وتكمن المشكلة فقط فى سنوات الشهادات التى تحل بالدروس الخصوصية، ولأن هذه النوعية من المدارس تستطيع استخدام التكنولوجيا وأساليب التعليم عن بعد فإن إغلاقها لن يسبب ضررا، إلا فى زيادة العبء على الأمهات ومنهن من لا يرغبن فى ذلك. أما المدارس الحكومية التى يعرف جميع من يذهبون إليها أن حكاية العلم والتعليم كذبة لايصدقها أحد وأن الأمر كله مجرد شهادة تنتهى ببطالة، ولكنهم متمسكون بها كواجهة اجتماعية يتزوج بها، أو على أمل أن تنصلح الأحوال فالحل الواقعى الذى تلجأ إليه هو جملة أنتم جيتوا ليه يلا روحوا التى يكررها المدرسون كل صباح والنتيجة أن الفصل الذى به 04 تلميذاً لا يذهب إليه الآن سوى 7 تلاميذ فى أفضل الأيام، لذلك لا مجال لحكاية الإغلاق أو الفتح. لعل الحسنة الوحيدة فى مرض إنفلونزا الخنازير هى اللجوء إلى أساليب جديدة فى التعليم عن بعد مثل الإنترنت والقنوات الفضائية والفيديو كونفيرانس، وهى حلول يجب مناقشتها وتطويرها لتصل إلى كل تلميذ فى أى مدرسة حتى نتفرغ إلى تدريب المدرسين وتطوير المناهج وإصلاح العملية التعليمية التى نسمع عنها منذ سنوات طالت. لذلك كله أطالب بإغلاق المدارس خاصة فى شهور الشتاء ومد الدراسة إلى شهور الصيف، وإلى أن يحدث ذلك فلن يذهب ابنى إلى المدرسة لأننى بصراحة وصدق أرى أن صحته أهم من وهم التعليم الذى نتحدث عنه.؟