بعد عرض الفيلم التسجيلى ملف خاص فى المركز الثقافى الفرنسى عرضا خاصا أقيمت بعده ندوة مع الجمهور الفرنسى والمصرى، ذلك العرض الذى جهزت له الأستاذة لطيفة فهمى المسئولة الرئيسية عن النشاط الثقافى بالمركز، منذ شهور لإدراكها أهمية وحساسية الطرح الذى يطرحه الفيلم الذى يستوجب المناقشة المفتوحة والمستنيرة، وبالفعل كان عرض الفيلم إيجابيا،ذلك الفيلم الذى قمت بعمل السيناريو والبحث له،وكذلك إنتاجه بالاشتراك مع مخرج الفيلم سعد هنداوى، الفيلم يدور حول مناقشة مفهوم الشرف وماذا تعنى العذرية؟ هل هى الدليل الرئيسى على الشرف؟ ولماذا كان مفهوم شرف البنت فى المجتمع يتلخص فى عذريتها، فما هو شرف الرجل إذن؟ وما هى نظرة المجتمع من الفتاة التى اغتصبت؟ هل يقبل شاب عادى الزواج منها أم أن هناك منطقة صراع بداخله تجعله غير قادر على مواجهة المجتمع؟! من يدفع ثمن الخطيئة؟! لماذا تدفع الفتاة الضريبة رغم أن هناك شريكا آخر فى الخطأ قد يبارك له المجتمع حريته وانفتاحه وربما تعدد علاقاته ويصفه بأنه مقطع السمكة وديلها؟! لماذا لا يتزوج الشاب غالبا من فتاة أحبته وأقامت معه علاقة ويعتبرها مفرطة فى عرضها حتى لو طلب منها ذلك بنفسه، فيكون جزاؤها هو أن يتركها ويتخلى عنها؟! الفيلم يطرح الجدل وتتم مناقشة هذا الجدل من وجهة نظر اجتماعية، حيث قامت د. هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة الزقازيق كمستشار سوسيولوجى للفيلم بهذا الدور التحليلى الاجتماعى، كما طرح الفيلم الموقف الدينى الإسلامى والمسيحى معا من قضية الشرف وكيف أن الأديان تتسامح أكثر من المجتمع، وأن الله سبحانه وتعالى أرحم من عباده على عباده. جدل واسع أيضا تم فى الندوة، لاحظت خلالها أن هناك شابا يسأل بمنتهى التحضر، إذا كان المجتمع يعانى هذا الخلل فما الحل.. ماذا تقدمون لحل هذه الازدواجية؟! قلت له: سؤالك أشبه بالسؤال الفلسفى الصعب: كيف تطالبنا بحل وكأننا بالفعل لدينا ما يفك شفرات هذا المجتمع المعقد؟ لماذا لا تسأل نفسك أولا: هل أنت قادر على تغيير نفسك وأفكارك؟ هل أنت قادر على حل الصراع الذى بداخلك مثل أى شاب؟ هل تقبل الزواج من فتاة فقدت عذريتها؟ هل تقبل إتمام زيجة مع فتاة اعترفت لك أنها رفضت إجراء جراحة تجميلية لإعادة عذريتها وفضلت أن تبدأ حياتها معك بصراحة؟! الحقيقة أننى لم أعرف الشاب مطلقا، ولم أقصد استفزازه بشكل شخصى، لكننى فقط أردت أن أوضح أن مشاهدة الأفلام لا تعنى انتظار الحلول لا من الفيلم ولا من صناع الفيلم، لكن الحل يأتى من المتلقى، فالمشاهدة دون المشاركة لا تكفى ولا تصلح لأى حلول اجتماعية. تصورت أننى سألقى إجابة حماسية من الشاب يقول لى فيها: من أدراك أننى لم أحل الصراع، تصورت الشاب وهو يرد على ثائرا، من أين لك بهذه المصادرة؟ طبعا سأوافق على الزواج من فتاة سواء كانت مغتصبة أو غير مغتصبة مادامت شريفة والشرف يعنى أنها مخلصة فى حبها وفى صدقها وصراحتها. كنت مدركة أننى أطرح السؤال بشكل خاطئ ومستفز وغير علمى، وبعد أن أنهيت سؤالى وأنا أنظر فى وجه ذلك الشاب، وجدته يبتسم بهدوء وبخجل، ولا يرد على أى سؤال طرحته.. وصمت! خرجت من القاعة فإذا بأب مصطحب ابنته الصحفية الشابة المتدربة، الأب يعمل مهندسا استشاريا، قال لى كلاما رائعا وإيجابيا عن الفيلم ومدى سعادته بأن ابنته شاهدت الفيلم ويحمسها أن تتبادل معى أرقام التليفونات لعمل حوار صحفى حول موضوع الفيلم، وأبديت إعجابى بالأب المستنير الذى فهم رسالة الفيلم بهذا الاتزان والتحضر، وقبل أن يودعنى قال لى: بصراحة أنت ساهمت فى كشف الازدواجية التى نعانى منها فى هذا المجتمع - لكن عاوزة الحق - هكذا قال الأب المهندس والد الصحفية: أنا لو بنتى عملت كده.. ح ادبحها بإيدى! وباقولها قصادها - اللى أنت قلتيه فى الفيلم مضبوط.. لكن اللى إيده فى الميه مش زى اللى إيده فى النار.. وصمت آخر!