أزمة المنتقبات على بوابة الجامعة مشكلة كل عام المسكوت عنها والتى تبدأ عادة بمناوشات منهن وتنتهى فى الآخر بتنازلات من رؤساء الجامعات، لكن هذه هى المرة الأولى التى تواجه فيها هذه الأزمة بقرار واضح وصريح من الوزير د. هانى هلال داعما ومساندا لقرار رئيس جامعة القاهرة. وكأن رؤساء الجامعات الأخرى كانوا فى حاجة لانطلاق إشارة بدء لينطلقوا متسلحين لتنفيذ قرار سبق أن اتخذوه مرارا وتكرارا لكن لم ينفذوه ألا وهو منع النقاب داخل المدن الجامعية للبنات. تتزامن بل تتكالب على الجامعات الآن العديد من المشكلات التى تستدعى المواجهة وجعلها فى موقف لا تحسد عليه بل هى فى امتحان صعب يبدأ بأنفلونزا الخنازير وصحة طلابها مرورا بمشكلة طلاب الانتساب وانتخابات اتحادات الطلاب القادمة على الأبواب إلى أن نصل لأهم الأزمات وهى المنتقبات - فهى بالتأكيد طغت على الأخريات من المشكلات والحقيقة أن مشكلة المنتقبات ليست بالجديدة، ولا قرار منعهن من دخول المدينة الجامعية للبنات إلا بعد خلع النقاب ليس بجديد. فهو مشهد كل عام الذى تشارك فيه الطالبات المنتقبات بالتحدى للقرار الإدارى الذى يقضى بكشف وجوههن داخل مجتمع البنات فى المدينة وذلك بكثير من الحجج منها وجود عمال ورجال صيانة داخل المدن.. وأمام تلك الحجج يبدأ سيل التنازلات من رؤساء الجامعات على طريقة هاتنزل المرة دى لكن المرة الجاية! وهو ما جعله قرارا روتينيا - فاقد الصلاحية لأنه معروف آخره يكاد المشهد أن يمر هذا العام أيضا على نفس السيناريو ولكن الصدفة البحتة التى سببتها أنفلونزا الخنازير وقادت د. هانى هلال لزيارة المدينة الجامعية للبنات لتفقد الإجراءات الاحترازية لمواجهة ذلك الوباء ليستفزه المشهد على بوابة المدينة وهو تجمع العديد من الطالبات المنتقبات المطالبات بحقهن فى السكن والرافضات الخضوع للقرار الإدارى لرئيس الجامعة بضرورة خلع النقاب داخل المدينة والسؤال الذى يطرح نفسه حاليا بعدما أصبح كل القائمين على أمر المؤسسات التعليمية فى مصر الدينى والمدنى على قلب رجل واحد فى مواجهة مع التشدد أو ضد النقاب داخل تجمعات الفتيات - هل من الممكن أن تتصاعد تلك المواجهة وينسحب القرار إلى الحرم الجامعى أيضا؟ وما الذى وصل بالجامعات إلى هذا الحال - رغم أنها كما هو المفروض - حائط الصد الأول عن المجتمع ولماذا تركت بناتها ولم تواجه الفكر بالفكر وتأخرت كعادتها عن المواجهة؟! هذا ما واجهت به رؤساء جامعات وأيضا وزير التعليم العالى. نقاب ما قبل الامتحان د. عادل زايد نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون التعليم والطلاب والمسئول عن تقديم وتأمين خدمة المدن الجامعية للطلاب يقول: موقفنا كجامعة من زى وليس من عقيدة فنحن لا ندخل فى جدلية هل النقاب فرض أم سنة؟ شرعى أم غير شرعى؟ ولكن موقفنا تأمينى فقط والدليل هو وجود المنتقبات داخل الحرم الجامعى ولدينا داخل المدينة 002 طالبة منتقبة فقط من بين 0007 طالبة أى بنسبة واحدة لكل 53 طالبة مشكلتنا معهن تأمينية بالأساس سواء داخل المدينة أوأثناء الامتحانات، ففى المدينة ثبت مرارا دخول من غير المقيمات فى المدينة بالأساس تحت ستار النقاب أما الامتحانات فمشاكلها كثيرة خاصة فى ظل أجهزة الموبايل الحديثة التى يتم وضعها تحت النقاب وهناك طالبات ينتقبن فقط أثناء الامتحانات، لذلك معظم حالات الغش التى يتم ضبطها يكون النقاب بطلها سواء عن طريق البلوتوث فى الموبايل أو لزق أوراق تحت البيشة وبدون أن يشعر أحد تستطيع الطالبة قراءة ونقل ما تشاء من إجابات وهو بلا شك ما يسىء إلى فكرة النقاب. ويضيف د.عادل: لم أصادف عضو هيئة تدريس سيدة منقبة داخل جامعة القاهرة وعموما نحن ننتهج منهج التوعية النابعة من الاعتدال والوسطية استنادا للعلماء، فنحن لا نميل للتطرف بأى شكل من الأشكال والموسم الثقافى موجود، لكن فقط نقوم بتوزيع الأولويات. فهذا العام نواجه مجموعة من الإشكاليات على رأسها مواجهة وباء أنفلونزا الخنازير وما تبعها من إعادة جدولة للامتحانات والأماكن غيرر المتاحة لها ومشروع الدعم والكتب، وحينما تستقر كل تلك الأحوال ستكون المواجهة مع أصحاب الفكر المتشدد بالفكر المعتدل عن طريق اللقاءات والنقاشات التى لن تكون على شكل محاضرات من طرف واحد بالعكس ستكون مناظرات نقاشية أكثر منها سمعية. ليس لدينا سيدات صيانة د. ماهر الدماطى رئيس جامعة الزقازيق الذى انضم للمواجهة مع النقاب فى المدن الجامعية يدافع عن عدم تبعية قراره للوزير قائلا: قرار منع النقاب داخل المدن الجامعية للبنات هو قرار متفق عليه بين رؤساء الجامعات كلهم منذ سنوات، وكل عام تحدث فيه مناوشات من المنتقبات مثل الاعتراض على وجود رجال صيانة داخل حرم المدينة لكن أقول لهن نحن غير مؤهلين لكى تكون لدينا سيدات صيانة، ففى أى لحظة قد تنفجر مثلا ماسورة مياه داخل المدينة من الذى يتصدى لإصلاحها! فأقول كلهم بناتنا ومن حقهن علينا أن نضمن لهن حياة سليمة آمنة فى إطار لوائح الجامعة وقراراتها. وعن تباطؤ المواجهة مع المشكلة يقول د. ماهر: المواجهة تكون على قدر المشكلة فقد سمعنا فى جامعات أخرى عن 51 حالة تنكر دخلت المدن الجامعية للبنات، هل ننتظر حتى تحدث عندنا لذلك أتخذنا قرارات احترازية لحماية طالباتنا. والحقيقة أن النقاش المجتمعى لهذه القضية وهى انتشار ظاهرة النقاب فى المجتمع بدأ منذ عامين وهى ليست قضية د. هانى هلال فهى مشكلة كل عام وكنا نحلها بطريقة أو بأخرى مثل وضع سيدة كشافة على البوابات نتيجة بعض الضغط ولكن إذا كانت الأمور قد تصل إلى حدوث أشياء لا نستطيع تفادى وقوعها فلابد من المواجهة لأن مشكلة أو اعتداء واحد على طالبة فى المدينة بالتأكيد أول من يحاسب عليها هو رئيس الجامعة نفسه. ويضيف د. ماهر قائلا: المدينة الجامعية هى جزء من المؤسسة التعليمية والتعامل مع مجهول داخل المؤسسة التعليمية شىء صعب جدا وأعتقد أن هناك من الأسباب المقنعة التى تجعل الجامعة تفكر حتى فى منع دخول النقاب داخل الحرم الجامعى نفسه إذا ما تكررت حوادث مشابهة داخله، فالحفاظ على أمن وسلامة الطلاب هو هدفنا ومن حقها أن تتخذ من القرارات ما يتماشى مع ظروف الجامعة. ويكمل د. الدماطى قائلا حول الزعم بأن المواجهة مع المنتقبات هى مواجهة دولة وليست مؤسسة تعليمية: والله العظيم تلاتة وأنا مسئول عن قسمى هذا أنه لم يكلمنا مسئول ولا أى جهة من الدولة سواء أمنية أو حكومية، لا على مستوى المجلس الأعلى للجامعات ولا على المستوى الشخصى، وعموما نحن نقدم خدمة المدن الجامعية تحت شروط ولوائح إذا قبلها الطالب كما هى فأهلا وسهلا وإذا لم يقبلها فأمامه البدائل الأخرى. الزحمة كشفتهم كلما توغلت فى الجامعات الإقليمية بالذات فى الصعيد تجد ظاهرة النقاب فيها أكثر شيوعا ويرجعه رئيس جامعة المنيا د. ماهر جابر إلى المستوى الاجتماعى والاقتصادى والثقافى فكلما انخفضت هذه المستويات تجد التشدد فى النقاب والعكس صحيح نسبيا وازدياد الأعداد والزحام داخل الجامعات هو ما أظهر حجمهم المتزايد، فمثلا عندما تكون طالبة أو اثنتان فى الدور الواحد بالمدينة الجامعية من الممكن معرفتهما وتمييزهما مع زيادة عددهن أصبحت المسألة صعبة ومسئولية تأمين الطالبات تستلزم منا تنفيذ القرار بمنع النقاب داخل المدن والعام الماضى تحدثنا وتحاورنا معهن وبعضهن استجاب وبعضهن لم يستجب، لذلك هذا العام أخذنا القرار من البداية لا نقاب داخل مدينة البنات، والوزير ليس هو متخذ القرار فكل رئيس جامعة مسئول عن جامعته وقراره. أمانة فى رقبتى د. محمود الطيب رئيس جامعة حلوان يقول.. أنا كرجل مسئول عن طلبة جامعتى وعن الشابات اللاتى وضع أهاليهن أمانة تأمينهن وسلامتهن فى رقبتى، كيف يتأتى لى الانتظار حتى يدخل إليهن بطريق غير مشروع أى شقى أو منحرف متخف فى زى النقاب نحن لا نمنع طالبة من ارتداء النقاب ولكن من المتوقع أن نعيد النظر فى تواجده فى داخل الحرم نفسه، إذا ما حدثت مشكلة تؤثر وتؤذى الآخرين فيه.. وأما القول بأنه حرية شخصية، فهو كذلك خارج نطاق تأمين وسلامة الحياة الجامعية لأبنائنا. من الشباك وليس من الباب د. عبد الحى عبيد رئيس أكاديمية أخبار اليوم حاليا عندما كان رئيسا لجامعة حلوان منذ سنوات ومن قبلها نائبا لشئون التعليم والطلاب فى منتصف التسعينيات وهو يطبق هذا القرار منع النقاب داخل مدينة الطالبات ويبرر ذلك قائلا: لا يصح أن تكون هناك طالبات داخل المدينة الجامعية يعشن بالنقاب بين زميلاتهن وذلك خوفا من تعود عيون الفتيات على وجود منتقبات داخل المبنى، وبالتالى إذا دخل إليهن رجل كيف لهن أن يعرفنه - فالقانون الخاص بتنظيم الجامعات ليس فيه نص واضح وصريح لمنع المنتقبات فى الدخول للجامعة أو للمدينة ولكنه يحتم اتخاذ التدابير والقرارات التى تمنع وقوع أى حوادث. والحجة التى تقال هى وجود كشافة سيدة تتحقق من شخصية الطالبات وهنا أقول نحن نتحدث عن الوقائع غير الطبيعية فالمنحرف لن يدخل من الباب ولكن من الشباك ولأنه وضع غير طبيعى لابد له من موانع أكثر صرامة ثم إن المدن الجامعية لا ترى ظلا لرجل والعمالة والموظفين كلهم سيدات. وأخيرا أقول لبناتنا ماتخافوش لسنا فى مجتمع يخطف السيدات وصيانة البنت من داخلها فى آدابها وخلقها وتربيتها أكثر من المظهر الخارجى.؟