بدون مبالغة هو شاعر «اكتشاف» فاجأنا بأغانيه الرومانسية وصدمنا وأحزننا على علاقتنا ببلدنا فى أغنية سياسية هزت مشاعر جميع المصريين بلا استثناء وأصبحت النشيد الرسمى للثورة والآن ومع اكتمال مرور عام على ثورة يناير، ذهبنا إلى «نصر الدين ناجى» صاحب كلمات أغنية «إزاى» الذى تعمد الاختفاء عن الأضواء وعدم استهلاك نجاحه الذى ارتبط فى أذهاننا بأحد أهم الأحداث السياسية فى حياتنا.. «نصر الدين ناجى» هو شاب موهوب من مدينة المحلة جاء إلى القاهرة ليبدأ مشوار نجاح بدأه مع الملك محمد منير بأغانيه «طعم البيوت، من غير كسوف، كان فاضل» ثم استمر تعاونه بعد هذا مع مجموعة كبيرة من المطربين.. حاورناه.. لنعرف معه بدايته والنجاح الذى حققه بالإضافة إلى سر غيابه الإعلامى، استضفناه مع اقتراب العيد الأول لثورة يناير ليحكى لنا كيف أن آلام ومعاناة المصريين هى سبب لومهم وعتابهم لمصر وهى أيضا سبب نجاحهم وليثبت لنا أن الثورة مازالت مستمرة مادامت أنجبت مواهب مصرية فى جميع المجالات. * فى البداية نريدك أن تقدم بطاقة تعارف لجمهور حصلت على إعجابه منذ أولى أغانيك؟ - أنا نصر الدين ناجى من المحلة الكبرى درست فى كلية تربية رياضية وهى بعيدة تماما عن مجالى الحالى، واتجاهى للكتابة بدأ معى فى مرحلة الجامعة، وجدت نفسى أنتج أعمالاً جيدة ويشيد بها من يسمعها ولكنى كنت بعيداً عن الفن بالشكل الاحترافى وكانت مجرد هواية، خاصة أنه فى الأقاليم تنتشر فكرة أن دخول الوسط الفنى فى القاهرة يحتاج إلى واسطة وأن الموضوع لا يتوقف على الموهبة فقط، استقررت فى القاهرة فترة ولم أكن أعرف أحداً من الوسط إطلاقا ثم علمت عن طريق زملائى الملحن أحمد جنيدى وأحمد فرحات وأخبرونى وقتها أن منير يجهز لألبوم جديد وقتها وهو «طعم البيوت» وسألونى إذا كان لدى أغان جاهزة وعرضت عليه «من غير كسوف» وكانت هذه أول تجربة لى معه وأنا كنت أحلم بتقديم أغنية واحدة له، فإذا به يسألى عن أغان أخرى فسمع منى أغنية «كان فاضل» وكتبت أيضا «طعم البيوت» وأعجب بها جدا وسعدت جدا بثلاث أغان لى مع منير. * ما العلامات فى حياتك، خاصة أنك فى بدايتك اعتليت السلم من أعلى درجاته وعملت مع النجوم على عكس المبتدئين؟ - بالرغم من أن بدايتى مع منير فى حد ذاتها علامة فى حياتى العملية وعرفت الناس بى إلا أننى بالنسبة للوسط مازلت مبتدئاً حتى هذه اللحظة التى نتحدث فيها، لأن النجاح من وجهة نظرى ليس نجاحاً مع نجم واحد أو مطرب واحد وأنا حتى الآن لم أحقق نجاحاً حقيقياً سوى مع منير وعندى أمل إن شاء الله أن أستكمل هذا النجاح مع باقى المطربين الذين سأعمل معهم مثل سميرة سعيد وأنغام، وحتى مع مطربين جدد غير مشهورين وإظهارهم بشكل مختلف وتجارب جديدة مختلفة من الكلمات والألحان ليمثلوا اتجاهاً جديداً فى الغناء، كل هذا سيحقق ويثبت علامات النجاح فى حياتى. * أغنية «إزاى» نشيد الميدان كيف كانت قصتها معك؟ - كنت كتبتها قبل الثورة بفترة طويلة جدا حوالى تسعة شهور وكانت قصيدة بعنوان «مفروض أعملك إيه» وبعدها كان أحمد فرحات عمل تيمة معينة وهى تيمة أغنية إزاى ووجدتها مليئة بالغضب والحدة فأخذت اللحن واقترحت عليهم تحويل هذه القصيدة لأغنية فتعجبوا لأن الألبوم المفترض أنه عاطفى وليس وطنياً أو سياسياً بعدها عرضتها على منير وفوجئت به يكلمنى ويخبرنى أنه معجب بها جدا وسجلنا الأغنية وقرر منير أنها ستكون «هيد» الألبوم القادم وبعد الانتهاء شعر منير أنه يجب طرحها وعدم انتظار الألبوم القادم ووقتها كان هناك اختناق فى الشارع المصرى وكنا قد سجلنا الأغنية وسافر منير لإجراء جراحة وعاد قبل الثورة بأسبوع وكنا سنصور الأغنية وفوجئنا بالثورة قد قامت، وكانت كل الأمور مختلطة وخاصة فى الإعلام ولم يكن أحد قد قرر بعد تقديم أى عمل عن الثورة ومنير قرر وقتها عمل المبادرة وطرح الأغنية، خاصة أنها ليست مكتوبة للحدث بشكل خاص بل هى مكتوبة منذ ما يقرب من عام ومن هنا وبعد 48 ساعة من عرضها حققت رد فعل أكثر من رائع وأصبحت تقريبا نشيداً فى ميدان التحرير. * ماذا عن منع عرضها؟ - لا أعرف بالتحديد موضوع منعها وليست لدى معلومات محددة حوله، لأننى لست من يخاطب وسائل الإعلام ولكن طلبت منى كلمات الأغنية لأن الوزير طلب الاستماع إلى كلمات الأغنية وسمعت بعدها أن التليفزيون المصرى رفض عرضها لاعتراضه على جمل وألفاظ معينة. * ولماذا لهجة الحدة واللوم والعتاب؟ - مصر هى إحنا وعندما نلومها فنحن نلوم أنفسنا والثورة حتى الآن لم نشهد بنجاحها وهذا ما يؤكد أننا كنا فى حاجة إلى ثورة على أنفسنا وضد سلبياتنا قبل أن نقوم بثورة ضد النظام نفسه فمشاكلنا فيما بيننا أكبر من مشاكلنا مع النظام، لذلك نحن مازلنا فى حرب مع أنفسنا، وجهاد النفس هو أصعب أنواع الجهاد ونحن الآن فى حرب مع أنفسنا ونجاهد معها لنصل إلى بر الأمان وطباعنا وأخلاقنا وعاداتنا بحاجة ماسة إلى التغيير، هذا هو ما أريد أن أقوله الآن لحل هذا التخبط فهناك حديث شريف يقول «كيفما تكونوا يول عليكم» فإن كنا صالحين كانوا مثلنا، وإن كنا فاسدين كانوا هم أيضا فاسدين وهذا يعنى أن حكومتنا وإدارتنا لن تتغير للأفضل إلا إذا تغيرنا نحن. * بماذا تفسر عدم نجاح أغان أخرى عن الثورة بل وصل أمرها إلى حد الهزلية؟ - هناك بعض الفنانين يستغلون أى حدث للمشاركة بعمل يتماشى معه كعيد الحب أو رأس السنة أو أى مناسبة، فما بالك بثورة فالكل أراد المشاركة فجاءت بعض المشاركات بشكل هزيل لأنها لم تتساو مع هذا الحدث التاريخى، وثورتنا لم تكن سياسية فقط بل هى ثورة فى مشاعر الناس، أيضا لذلك فإن أى عمل يتم تفصيله من أجل حدث قد لا يقابل بالنجاح. * هل سنكون خياليين إذا توقعنا أن يتغير الذوق العام لدى الجمهور وأن تكون هناك ثورة على ألوان غنائية دون المستوى؟ - لا أعلم هل الثورة ستطال الذوق العام أم لا، لأن هناك منتجاً يتحكم فى السوق على الرغم من أن هناك مللاً من نوعية معينة من الأغانى من قبل الثورة ومللاً من ألوان غنائية موجودة ولكن هناك طبقة من جمهور ال underground والفرق المستقلة وأن يقطع المواطن تذكرة ليستمع إلى فرقة غير معروفة لأنهم يقدمون أغانى حقيقية.. السؤال هنا: هل سيبدأ الإنتاج فى الاهتمام بهذه الفرق أم لا؟ الناس تساهم فى نجاح أى شىء حقيقى وستعمل على الارتقاء بالذوق العام والدليل هو نجاح بعض هذه الفرق حتى من قبل الثورة. * بم يوحى إليك المشهد الحالى إذا ترجمته فى إحدى قصائدك؟ - إحنا فى مرحلة تخبط شديدة جدا ولا أحد حتى الآن يعلم مصر فيها إيه ولا مستقبلها إيه لأن هناك حالة غريبة من العبث والتخبط وهذه الحالة دائما ما تنتابنى أننى أريد أن أكتب فى اتجاه معين ولكن للحظة أتمالك نفسى وأمنعها فأنا أحيانا أريد أن أعاتب بعض الفصائل السياسية المعينة كالإخوان والسلفيين على بعض التصريحات التى يطلقونها لأننى ضد الاختلاف فى المنهج بدون دراسة والآن قصائدى التى أريد كتابتها هى عن مساوئنا نحن وليس مصر وأن نعاتب أنفسنا وليس مصر. * لديك تجربة فى الأمسيات الشعرية كيف ترى أهميتها بالنسبة للشاعر؟ - هى تجربة لم أقم بالإعداد لها إطلاقا وكنت أريدها كنوع من الاختبار لنفسى وجاءت بسيطة جدا بدون دعاية كبيرة وكان معظم الحضور من أصدقائى ومعارفى وكانت عبارة عن إلقاء شعر يتخلله بعض الخلفيات الموسيقية وهذا اللون الفنى الآن بدأت أتجه إليه بشكل كبير وأنا أريد الاجتهاد لأقدم شيئاً واتجاهاً يشبهنى من الألف إلى الياء ومختلفاً، وغير متعارف عليه وهذا ينطبق على جزئية تلك الأمسيات الشعرية وأنا أتمنى أن تختلط تلك الحفلات الشعرية ببعض الفنون غير المتعارف عليها، كأن يصحب الإلقاء الشعرى فنان يرسم تلك القصائد بالرمل ويعرض على بروجيكتور لأن هذا الفن حديث وأصبح يستهوى الكثيرين أو أن يصحب الشعر رقص إيقاعى على القصيدة ما يضفى جواً فنياً ما على الأمسية وتكاد تشبه الحفلة وليس الندوة وتجعل ذهن المتلقى يقظاً وإبعاد عنصر الملل وأنا قريبا سأقوم بإعداد حفلة من هذا النوع.
* رغم النجاح الساحق لأغانيك وخاصة الصدى الذى حققته «إزاى» إلا أن وجهك غير معروف إعلاميا؟ - أنا لا أحب الظهور والانتشار الإعلامى كثيرا وعدد اللقاءات الإعلامية التى ظهرت فيها قليل جدا وكان تلبية لطلب أصدقاء لى فى الوسط الإعلامى لا أستطيع أن أخذلهم أو أرفض لهم طلباً، وهذا ليس حالى أنا وحدى فهناك كثير ممن يعملون فى هذا الوسط بعيدون عن الأضواء، مثلا فؤاد حداد لم يكن كثير الظهور وقليلون هم من يعرفون شكله وهذا هو عم شعراء العامية المصرية فأنا إذا اجتهدت وصنعت قيمة لنفسى فى المستقبل سيعرفنى الناس جيدا دون أن ألجأ إلى الظهور الدائم والانتشار عبر القنوات الفضائية وأنا أيضا شاعر والشعراء معظمهم ليسوا دائما معروفين خارج الوسط، المهم للشاعر هو أن يطلب بالاسم من فنانين لهم اسمهم وموثوق فى اختياراتهم وأن يصل كلامى إلى الجمهور وليس أن يعرفونى فى الشارع ويشيروا إلى. * ما هو جديد «نصر الدين ناجى»؟ - أغان لسميرة سعيد وأنا منتظر ردود الفعل لأن الألبوم بشكل عام مختلف وسترون سميرة سعيد بلون غنائى جديد مختلف تماما. * هل هناك أسامى معينة تتمنى العمل معها؟ - يضحك ويقول: «محمد منير».