الوضع الاقتصادى الراهن الذى تمر به مصر يستدعى الاستعانة بالخبراء لتقديم روشتة العلاج ورسم خريطة طريق للخروج من المأزق الحالى، لذا طرقنا باب دكتور على لطفى رئيس الوزراء ووزير المالية الأسبق لنستعين بخبراته ورؤاه، والحقيقة أننا فوجئنا أنه بالرغم من سوء الأوضاع إلا أنه أكد لنا أنه متفائل بالمستقبل ومن هذه النقطة المضيئة بدأ حوارنا الذى ناشد فيه الشباب للتحلى بالصبر لكى تتحقق الأمنيات، ونصح على لطفى بعدم إقامة أى مشاريع قومية لأننا فى مرحلة إنقاذ، وأكد ضرورة البحث فى مغارة على بابا «الصناديق الخاصة» لأنها ستنقذنا من الأزمة الاقتصادية خلال الفترة الحالية. وتحدث عن مركزنا السياسى خلال الفترة من 52 يناير 1102 وحتى 52 يناير 2102 قائلا: واضح لكل متتبع لسياسة مصر الداخلية من يوم 52 يناير حتى الآن هو الآتى: رقم واحد فى تقديرى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو بالحكم القانونى والدستورى قائم بأعمال رئيس الجمهورية وأعمال مجلس الشعب، أعتقد أنه قام بهذا الجزء من العمل الوطنى على خير وجه، قد يكون هناك تباطؤ فى بعض القرارات هذا صحيح.. ولكن العذر فى ذلك هو أن المجلس العسكرى مكون من 91 لواء والمشير، حيث عملهم الأساسى هو العمل العسكرى، وكلهم قيادات فى القوات المسلحة، فمازالوا مسئولين عن عملهم بالقوات المسلحة، وعملهم فى إدارة شئون البلاد يعد بمثابة العمل الإضافى وهو عمل إضافى خطير لأنه بديل عن الرئيس الجمهورية وعن مجلس الشعب وإصدار القوانين، ولا توجد لديهم الخبرة فى هذا المجال، ويجب علينا التماس العذر لهم فيما يخص التباطؤ. ∎ قناة السويس غير مستغلة ∎ التجربة السنغافورية أشاد بها العالم كله وليس لديها سوى مورد ملاحى واحد، ونحن لدينا العديد من الموارد وعلى رأسها قناة السويس أقصد الجانب الخدمى وفقط لا تتعدى الأربعة مليارات ونصف المليار فكيف نستطيع استغلال مواردنا الاقتصادية بشكل أفضل؟ - تحدثت فى هذا الموضوع كثيرا من عشرات السنوات ولم يلتفت له أحد، فقناة السويس منذ حفرت وحتى الآن تستخدم استخداماً واحداً فقط، وهو كمجرى ملاحى وتجلب خمسة مليارات دولار سنويا، ولكن يمكننا زيادة هذه النسبة إلى 51 ملياراً، لأن القناة تتميز بضفتين من مساحات شاسعة من الأراضى غير مستغلة، ولكن مبرر عدم استغلالها هو الدواعى الأمنية وعدم الدخول فى مشاكل دولية وأنا أعتبر هذا فكراً عقيماً يجب أن ينتهى، ولا بد من تعمير الصحراء المترامية على أطراف وجانبى قناة السويس، فهى مصدر جيد لمشروعات سياحية لا حدود لها يمكن تزيد عدد السائحين من 51 مليوناً ليصل إلى 02 مليون سائح سنويا، فنحن أفضل من إسبانيا أو فرنسا التى يصل عدد السائحين فى أى منهما إلى 06 - 07 مليون سائح. ∎ حكومة الإنقاذ ∎ وهل نستطيع استكمال مشروعاتنا القومية المتوقفة مثل توشكا وشرق العوينات والنهوض بها خلال الفترة القادمة؟ - بالطبع لا، فنحن لدينا الآن حكومة إنقاذ بمعنى أن حالنا حال الغرقان الذى يتم انتشاله وإنقاذه من الغرق، وهذه المشروعات لديها عشرات السنوات ومئات المليارات من الجنيهات، فهذا ليس بالوقت المناسب لفتح ملفات تلك المشروعات، فلابد من النظر لمشاكل الحالة العاجلة فلدينا مشاكل أكثر خطورة، فاحتياطى النقدى انخفض من 63 مليار ال81 مليار دولار ومتوقع انخفاضه خمس مليارات أخرى خلال هذا الشهر وهناك سداد مديونيات، أنا غير موافق على إقامة أى مشروعات خلال هذه الفترة. ∎ ماذا عن رؤيتك للاقتصاد المصرى خلال الوقت الراهن هل نحن فى أزمة حقيقية؟ - الاقتصاد المصرى حاليا يعانى من مجموعة كبيرة جدا من المشاكل منها عجز فى الميزان التجارى، وعجز فى ميزان المدفوعات بعد ما كان لدينا فائض فى العام الماضى، وعجز فى الموازنة العامة وصل إلى 431 مليار جنيه ومتوقع وصوله إلى 061 مليار، بالإضافة إلى ارتفاع فى الأسعار قد يصل إلى 81٪ فى السنة، وزيادة نسبة البطالة إلى 31٪ حيث أضيف هذا العام لطابور البطالة حوالى مليون عامل، وانخفاض رهيب فى احتياطى مصر من النقد الأجنبى فى البنك المركزى من 63 مليار دولار إلى 81 مليار دولار، علاوة على تعطل وغلق 0051 مصنع، ثم انهيار فى السياحة بنسبة تزيد على 04٪ هذا هو الوضع الاقتصادى اليوم فى مصر وهو وضع خطير إلى حد ما. ∎ إذن هناك ثورة جياع قادمة؟ وهل يتم احتواؤها؟ - لا أحب هذه المعانى الكبيرة ولكن أنا غير متشائم بالرغم من خطورة الوضع ولا بد من إنقاذ الوضع الاقتصادى. ∎ روشتة الحلول ∎ فهل هناك إذن مخارج وحلول للخروج من الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد حاليا؟ - بالطبع هناك مخارج وحلول أولا تحقيق العدالة الاجتماعية، فقيام الشباب بثورة كان من أسبابها الحرية، والعيش والعدالة اجتماعية فكيف نحقق العدالة الاجتماعية؟ أولا نعود إلى الضريبة التصاعدية، ثانيا زيادة جزء من الدخل المعفى من ضريبة كسب العمل ،ثالثا تنشيط تحصيل متأخرات ضريبية وهى تصل حاليا الى 06 ملياراً، رابعا وضع خطة سريعة لمحاربة التهرب الضريبى الذى إذا تحقق سيدخل لنا من 02 - 03 مليار جنيه، خامسا نفعل قانون الضريبة العقارية بعد تعديله بحيث لا ينطبق إلا على ذوى الدخل المرتفع، هذه تعد خمسة حلول تحت عنوان الضرائب، وكيفية استغلال هذه الأداة لتحقيق العدالة الضريبية، ثانى دواء أنصح به فى الروشتة عن الإنفاق العام لابد أيضا من ترشيد الإنفاق العام فى الموازنة، سواء فى السيارات الحكومية أو المطبوعات أو التليفونات والكهرباء إلخ، أقترح أيضا إعادة توزيع الإنفاق العام، فهناك إجمالى إيرادات موزع بشكل معين ولكن نحن الآن فى حاجة إلى إعادة توزيعه مرة أخرى على أولويات إنفاقنا المختلفة، فعلى سبيل المثال عندما تم إهدار 4 مليارات وتخصيصها فى الطريق الصحراوى لإقامة 21 كوبرياً خاصاً ببعض المسئولين سواء أحمد نظيف أو المغربى، هذا يعد إهداراً للمال العام فإذا تم تخصيص هذه المليارات للمناطق العشوائية، فيجب تغيير المنظومة بعد الثورة، بعد ذلك هناك الصناديق الخاصة وتطرقت لها من قبل، فهى مثل مغارة على بابا وغير معروف عنها شىء حتى الآن واقترح تشكيل لجنة من الجهاز المركزى للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية والبنك المركزى وإدارة الكسب غير المشروع ووزارة المالية ليقوموا بإعداد بيان تفصيلى عن عدد الصناديق ومن يمتلكها ونسبة إيرادها، والفائض بها لأنها مليارات ضائعة على الدولة ولا بد من إعادتها للخزانة العامة، أيضا المستشارين المعينين بالقطاع الحكومى ويبلغ عددهم 22 ألف مستشار يتقاضون مليارات، ومد الخدمة بعد سن الستين ولدينا الآلاف من الشباب بدون عمل، هناك العديد من الحلول العديدة التى تنهض بالاقتصاد المصرى. ∎ عجلة الإنتاج ∎ هل لو لم تقم الثورة كانت ستتوقف عجلة الإنتاج؟ - عجلة الإنتاج لم تتوقف ولكنها تباطأت أثناء الثورة ولكن ليس بسبب الثورة ولكن المسئول هو الانفلات الأمنى، فبسببه فقدنا السياحة والمستثمرين سواء مصريين أو أجانب، إذن فالانفلات الأمنى هو المسئول الأول و بدون الأمن والأمان لن نستعيد الاقتصاد المصرى، ولن تحل مشاكلنا على الإطلاق، وهناك أيضا سبب آخر لوضوح الأمر وهى كثرة الوقفات الاحتجاجية والمطالبات الفئوية التى أثرت على الاقتصاد المصرى، فكل شخص لديه رغبة يضرب ويعتصم ويمنع رئيس الوزارة من دخول مكتبه، والأمور زادت على حدها وأدى إلى عجز الموازنة الذى كان متوقعاً أن يكون 431 مليار جنيه وصل إلى 061 ملياراً بسبب هذه المطالبات الفئوية واستجابة الحكومة، أيضا المليونيات التى تنظم فلا يوجد أدنى شك أنها حق دستورى ولها نوايا طيبة ولكنها كل مرة تبدأ سلمية وتنتهى دموية، وبالتالى رصد ونقل هذه الأحداث من الفضائيات للعالم كله أدى وساعد على تراجع السياحة بدلا من تنشيطها. ∎ الحقيقة المرة ∎ هل تقصد سيادتك أن الإعلام له دور فى هذا؟ - لا بالطبع فالإعلام غير مسئول عما يحدث، ولكنه ينقل الحقيقة المرة فهذا هو دوره، ونحن المسئولون عن ذلك الخلل، فكل شخص له دور فى تنمية الاقتصاد المصرى: المدرس فى مدرسته وكذلك الطالب، والعامل فى مصنعه والفلاح فى حقله والدكتور فى المستشفى، كل يعمل فى مجاله ولابد أن نصبح كخلية النحل، كل ما بها يجب أن يعمل وينتج. ∎ هل الحكومة الحالية صالحة وقادرة على تخطى الأزمة أم لا؟ - د. الجنزورى لديه الخبرة ولكنه يحتاج لفرصة وأعجبنى مقولة للشيخ الشعراوى رحمه الله عن تعريفه للثائر الحق فقال هو الذى يثور ويقضى على الفساد ثم يهدأ ليبنى الأمجاد، والثوار ثاروا وقضوا على الفساد ولم يهدأوا وأنا أناشد شبابنا من خلال حديثى هذا بمجلة «صباح الخير» وأرجوهم الهدوء حتى يستطيع د.الجنزورى والمجلس الأعلى أن يعملوا. ∎ هل للتغيير القادم تأثير على الاقتصاد المصرى؟ وإلى أى مدى؟ - لا أعتقد أن يكون هناك تغيير كبير فى المرحلة المقبلة يؤثر على الاقتصاد، وبالرغم من حصول التيار الإسلامى على أغلبية مجلس الشعب فأنا غير متخوف على الإطلاق من وصوله لأغلبية المجلس، فجماعة الإخوان المسلمين منذ إنشائها عام 8291 والتى أنشأها هو الشيخ حسن البنا رحمه الله فى مدينة الإسماعيلية إلى اليوم كانت جماعة محظورة، ولم تصل إطلاقا إلى كرسى الحكم، فدعونا نجرب دورة لمدة خمس سنوات، ثانيا الإخوان المسلمون فى غاية الذكاء ويعلمون جيدا أن جزءا من الشعب المصرى متخوف وأنا غير متخوف فهم سيحاولون تهدئته وإعطاءه الاطمئنان فلا أعتقد أنهم يقومون بأى تغييرات شديدة فجائية وكبيرة مثل فرض الحجاب بالقوة وتعديل البنوك وجعلها إسلامية أو إلغاء سعر الفائدة كما يتردد، ثالثا إذا بالغوا فميدان التحرير موجود ومجلس الشعب موجود وخامسا هو الدستور والإعلان الدستورى فمن حق رئيس الجمهورية حل مجلس الشعب وهم أذكى من أن يحل ولا يبغون ذلك. ∎ هل لدى القوى السياسية القادمة برنامج جيد لتنمية الاقتصاد المصرى أم لا؟ - بالطبع لديهم برنامج جيد وقادرون على حل المشاكل بالتعاون مع الحكومة والمجلس العسكرى. ∎ متفائل رغم سوء الحالة ∎ هل سيادتك متفائل اللغد وكيف ترى المستقبل؟ - أنا متفائل رغم كثرة المشاكل لأن ثورة يناير هى ثورة بيضاء وسلمية والحمد لله لم يحدث لنا كما حدث فى ليبيا وسوريا واليمن، وأنا لا أرغب فى تشاؤم الناس فغداً أفضل من اليوم إن شاء الله.