ما جرى مع القضاة فى المرحلتين الأولى والثانية دفع البعض منهم إلى الدعوة لمقاطعة الإشراف على انتخابات الإعادة والمرحلة الثالثة لمجلس الشعب، وذلك بسبب استمرار المعاملة السيئة للقضاة؛ إلى جانب الاعتداء عليهم بصورة مهينة؛ فضلاً عن اعتداءات المتجمهرين أمام اللجان على القضاة؛ كل هذه الأسباب دفعت بعض القضاة إلى التفكير فى الانسحاب؛ وعدم الإشراف على الانتخابات فى جولة الإعادة والمرحلة الثالثة. كان المستشار أحمد الزند رئيس نادى قضاة مصر قد أكد على حرص نادى القضاة على علاقته الجيدة مع اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات البرلمانية التى تشهدها مصر فى الوقت الحالى، وشدد على أن نادى قضاة مصر ليس فى خصومة مع أى جهة؛ وأن علاقته باللجنة العليا للانتخابات هى علاقة تكامل من منطلق الحرص على مرور الانتخابات بصورة مشرفة تليق بمصر دون أن تشوبها أى عقبات. وأثنى الزند على جهد اللجنة العليا للانتخابات، ورئيسها المستشار عبدالمعز إبراهيم رئيس محكمة استئناف القاهرة فى إنجاح العملية الانتخابية على الرغم من الصعوبات الكثيرة التى تواجه اللجنة. وأشار الزند إلى أن رسالة نادى القضاة هى إسداء النصح لكافة الجهات المعنية بإدارة العملية الانتخابية حرصاً من النادى على إتمامها على الوجه الأفضل، وقال إن قضاة مصر يسعون بكل جهدهم إلى أن تخرج الانتخابات بشكل يليق بمستقبل مصر. وأضاف أن تعرض النادى للسلبيات والتجاوزات التى شهدتها الانتخابات لا يعد انتقاصاً من قيمة اللجنة العليا للانتخابات وأعضائها وجهدهم، وإنما لتوضيح سير الأمور والحقائق التى من شأنها العمل على إخراج العملية الانتخابية فى صورة أفضل. وقال الزند إن قضاة مصر تحملوا صعاباً كثيرة فى سبيل إنجاح الانتخابات فى مرحلتيها الأولى والثانية، وأشار إلى أن نادى القضاة يعكف على إعداد وثيقة فى ختام العملية الانتخابية تتضمن كافة التجاوزات والتعديات التى جرت بحق القضاة المشرفين على الانتخابات وتقديمها للجنة العليا للانتخابات كوثيقة استرشادية فى كافة الانتخابات المقبلة التى تشهدها مصر بعد ذلك. استقالة قال المستشار محمود الشريف، عضو لجنة غرفة عمليات نادى القضاة، إن القضاة كانوا قد حذروا من عدم وجود تأمين كافٍ للجان العامة وأثناء عمليات نقل الصناديق، وتعذر وصول مئات القضاة إلى أماكن اللجان العليا لفرز الأصوات، وأضاف أن كل ذلك ساهم فى حدوث حالة من عدم انتظام اللجان، ووسط تعرض القضاة للإهانة بصورة لا يمكن السكوت عليها أشار إلى أن تذمر القضاة يرجع إلى تعاملهم مع أشخاص لا يقدرون معنى العدالة. وأوضح الشريف أن بعض القضاة هددوا بتقديم استقالات جماعية فى حالة استمرار المهزلة الانتخابية، وطالب بضرورة معاينة أماكن اللجان التى يتم فيها الفرز والطرق المؤدية إليها، لتلافى الأخطاء فى المرحلة الأخيرة من الانتخابات. كما طالب الشريف بضرورة حماية القضاة فى المرحلة المقبلة، وأن يتم التعامل مع القضاة بالاحترام اللازم حتى لا تدخل مصر فى نفق مظلم ويتراجع القضاة عن الإشراف القضائى على الانتخابات، فالقاضى الذى يجلس على المنصة هو نفس القاضى الذى يقف فى عملية الفرز. باطل وقال المستشار أحمد عبدالرازق بهيئة قضايا الدولة إن امتناع القضاة عن الإشراف على الانتخابات يعنى أننا مقبلون على أزمة حقيقية؛ فإشراف القضاة على الانتخابات أصبح أمراً ضرورياً لا يمكن التراجع عنه؛ وإلا اعتبرت نتائج الجولات السابقة باطلة؛ وكأنها لم تكن . أما المستشار حسن البدراوى، أمين عام مساعد نادى قضاة مجلس الدولة فقال إن إشراف القضاة على الانتخابات أمر غير ملزم لهم، وإنما يكون ذلك عن طريق انتداب الهيئة القضائية التابع لها، حيث يمكنه الاعتذار عنه لأى سبب ناجز. وأضاف البدراوى أنه لا يمكن إجراء الانتخابات فى مصر بدون إشراف قضائى، حيث نص الإعلان الدستورى الصادر عن القوات المسلحة على أن الانتخابات البرلمانية لا تجرى إلا تحت إشراف قضائى كامل، وأن القضاء هو الجهة الوحيدة صاحبة الحق فى الإشراف على العملية الانتخابية. وقال إن اللجنة العليا للانتخابات ستكون وحدها المسئولة إذا حدث وتطورت الأمور إلى حد يصل بجموع القضاة إلى الاعتذار الكامل عن الإشراف على الانتخابات. العسكرى وقال أحد القضاة الذى رفض ذكر اسمه إنه إذا وصلنا للاعتذار عن الإشراف على الانتخابات، فسترفع كل هيئة قضائية مذكرة رسمية باعتذار قضاتها، إلى اللجنة العليا للانتخابات، ليصبح الحل أحد خيارين، إما أن تبحث اللجنة العليا عن وسيلة لعلاج أسباب الاعتذارات، أو رفع الأمر إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته المسئول عن إدارة شئون البلاد، ليصدر مرسومًا بقانون يحسم به الأمر، إما بإلزام القضاة بالإشراف على الانتخابات، أو إسناد الأمر إلى جهة أخرى يشرف أعضاؤها على العملية الانتخابية. وأوضح المستشار محمد عطية بمحكمة النقض أن أعظم ما فى الانتخابات هو الشعب المصرى، وأن أكثر من تحملوا فى الانتخابات هم قضاة مصر، وقال إن هؤلاء الرجال قبلوا ما لا يقبل من أجل الانتخابات ونزاهتها، كما أنهم أعلوا الحق والأمانة ولا ينتظرون جزاءً ولا شكورًا. ودعا عطية الجميع إلى التفريق بين القضاة وبين اللجنة العليا للانتخابات قائلاً: »هؤلاء الرجال صمدوا وتحملوا انتقادات لا ذنب لهم فيها، وسيأتى يوم لنرويها«. وقال المستشار حسام محمد، رئيس محكمة بمحاكم الاستئناف العالى، إن ما حدث من تقصير متعمَّد ومحاولة إهانة القضاة وإجهادهم فى الجولة الأولى من المرحلة الأولى من الانتخابات هو استمرار للمحاولات السابقة؛ لثنى القضاة عن الإشراف على الانتخابات، ودفعهم دفعًا إلى الانسحاب منها. وأضاف أنه على ثقة من تكاتف وتعاون قضاة مصر وإصرارهم على أداء تلك المهمة الوطنية مهما لاقوا من تقصير وتعنت.