مايكل مسعد «25 عاما»، تخرج فى كلية الحقوق جامعة حلوان، هو رئيس منظمة تحمل اسم «المنظمة الليبرالية لحقوق الإنسان»، هو وحيد والدته، ومرتبط بفيفيان مجدى «خطيبته ومخرجة مسرحية». مايكل الآن فى ذمة الله، راح ضحية المطالبة بالمساواة فى الحقوق أثناء المسيرة السلمية التى خرجت أمام مبنى ماسبيرو. مايكل مسعد دفع حياته ثمنا للمطالبة بإرساء مبدأ المواطنة واليوم هو عريس السماء هو وكل الشهداء الذين سبقوه إلى جنة الخلد. حاولنا الحديث مع والدة مايكل ولكنها نظرا للحالة النفسية السيئة التى لا تزال أسيرتها بعد وفاة ابنها الوحيد مايكل لم تستطع أن تحدثنا عن فلذة كبدها ولم نجد خيرا من صديقه أحمد سعيد «20 عاما» وطالب بكلية الحقوق ليكلمنا عن مايكل الإنسان. فبدأ حديثه معنا بصوت ملأه الحزن والأسى: تعرفت على مايكل وخطيبته فيفيان منذ ثلاثة أشهر من خلال عمل فنى جمعنا نحن الثلاثة وهو مسرحية «سماسرة الموت» التى تناولت الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط والتى دعمتها المنظمة الليبرالية لحقوق الإنسان التى يرأسها مايكل وعُرضت تلك المسرحية يوم الحادى والعشرين من سبتمبر الماضى فى يوم التسامح العالمى. طيلة هذه الأشهر الثلاثة كان مايكل بالنسبة لى بمثابة الأخ والصديق فلم يكن بيننا ما يسمى بأنا مسلم وهو مسيحى!! ثم تنهد أحمد قليلا وسكت برهة ثم قال وكأنه يتذكر أصعب ليلة فى حياته: لم أخرج مع مايكل فى مسيرة يوم الأحد فكنت فى منزلى عندما اتصلت بى صديقتى وزميلتى فى الجامعة «أمل يونان» والتى كانت سبب معرفتى بمايكل وفيفيان وقالت لى: «مايكل مات» ثم أغلقت التليفون.. وقع علىّ الخبر كالصاعقة وتمنيت من كل قلبى أن أكون قد سمعت خطأ.. فاتصلت بها مجددا لأتأكد من صحة ما سمعت فقالت لى: نحن الآن فى المستشفى القبطى.. فقلت لها سأحضر حالا.. فقالت لى: «لا تأت فيه ضرب!!».. لكننى فى الحقيقة لم أعر اهتماما لكلامها وذهبت إلى المستشفى.. لا أخفى عليك طول الطريق كنت أشعر أننى فى كابوس وإن شاء الله سأستيقظ منه على خير ، فكنت لا أصدق ما سمعته ، وكنت على يقين تام بأننى سأذهب إلى المستشفى لأراه هناك.. لأننى اعتدت عندما أذهب إلى أى مكان أجده فيه.. وصلت إلى المستشفى وأخذت أبحث فى وجوه الناس لعلى أجده.. فمايكل كان معى منذ ثلاثة أيام واتصلت به قبل وفاته بيوم. كانت المستشفى مكتظة بالآلاف من أسر الشهداء والمصابين فكان منظرا مخيفا.. والمنظر الذى لا يغيب عن بالى هو مشهد الجثث التى كانت ملقاة على الأرض. أخذت أقلب فى الجثث حتى عثرت على جثة مايكل.. كان مشهدا مهيبًا لا أستطيع أن أنساه فوجدت ساقى مايكل مقسومة اثنين مثل رغيف الفينو الذى تشقه من نصفه كما كان لديه كسر فى قاع الجمجمة.. هذا الشاب هو مثل أى شاب خرج مع خطيبته فى مسيرة سلمية وهو لم يكن معتادا على النزول فى المسيرات .. كان هذا الشاب يساعد الناس ويحضر لهم المياه وكروت الشحن.. ظل هناك حتى آخر قطرة فى دمه ليساعد زملاءه فى المسيرة الذين تعرضوا للضرب والموت رغم مطالبات خطيبته العديدة لكى يعود إلى منزله وتوسلات أقاربه الكثيرة لكى يكتفى بهذا القدر من المشاركة فأجابهم «سأستشهد اليوم» رفض مايكل العودة إلى منزله، مبرره فى ذلك هو مساعدة الناس وعدم تركهم بمفردهم. ثم سكت أحمد قليلا ثم قال: أتذكر جيدا أن هناك جملة يحبها مايكل ويرددها دائما: «أنا شهيد تحت الطلب».. ثم انفعل أحمد بعدما استحضرت ذاكرته كل تلك الصور قائلا : لمصلحة من أن تفقد والدة مايكل ابنها وتعيش وحيدة بلا ونيس بعد أن فقدت أيضا زوجها فى العام الماضى؟!، لمصلحة من أن تحرم أم من ابنها وهو الوحيد الذى كان يقوم بمراعاتها وخدمتها وهى عاجزة مريضة؟! ما يحدث لا يرضى مسلما ولا مسيحياً ولا يهوديا.. هذا لا يرضى ربنا!! عزاء مايكل تلقاه المسلمون والأقباط لماذا يُقال إن هناك فتنة؟! أدعو الله أن يصبر والدته والابتلاء يلهم الصبر وهى صابرة ومؤمنة وتحتسب ابنها عند الله شهيدا.