مع استبدال الإعلامى «أحمد منصور» لاسم برنامجه الشهير «شاهد على العصر» وتحويله إلى عنوان «شاهد على الثورة» جاءت الشهادات على الثورة بتفاصيلها عبر برنامجه تكمل فسيفساء اللوحة العظيمة التى نسجها الشعب المصرى خلال أيام الثورة الأولى. أهم الشهادات حتى الآن هى شهادة الدكتور صفوت حجازى التى امتدت إلى عدة حلقات، من أهم ما ورد فيها تلك التفاصيل الملحمية التى رواها حول ما قبل جمعة الغضب «28 يناير» فى مدينة السويس الباسلة، فما رواه الدكتور صفوت حجازى حول المخاطر التى عاشتها المدينة وعاشها مع الشيخ حافظ سلامة عقب تقديم مدينة السويس لأول شهداء الثورة يوم 25 يناير، هى شهادة تكشف وترصد بالتفصيل إلى أى مدى وصلت درجة بطش جهاز أمن الدولة قبل الثورة. استوقفتنى من جديد سيرة الشهداء خلال شهادة الدكتور صفوت حجازى، إنما عبر وقائع أخرى إنسانية فى ميدان التحرير مع ما رواه عن سيدة بسيطة استشهد ابنها الوحيد واسمه «محمود»، فقررت ألا تغادر الميدان ولا تدفن ابنها إلا بعد رحيل مبارك، حيث حكى د.صفوت حجازى كيف أن تلك السيدة قد روت له أن محمود ابنها الوحيد كان قد اتفق على أن يتزوج يوم 11 فبراير، وإذا به يستشهد مع بدايات الثورة، ثم إذا بالرئيس السابق حسنى مبارك يترك الحكم فى اليوم نفسه الذى كان مقررا لزفاف ابنها قبل استشهاده. وبرحيل مبارك قررت الأم مثلما كانت قد أعلنت من قبل أن تذهب إلى المشرحة وتتسلم جثة الابن كى تدفنه، ولأن الأم كانت قد أخبرت د. صفوت حجازى بأن ابنها كان قبل استشهاده قد وعدها بالسفر لأداء العمرة بالتالى فقد اتفق الدكتور صفوت حجازى معها أن يرتب هو لها السفر إلى الأراضى المقدسة إنما بعد أيام عند اتصاله بها فاجأه أن يسمع ممن رد عليه أنها قد لحقت بابنها وانتقلت إلى رحمة الله، ندعو الله لها ولابنها بالجنة بإذن الله تعالى. من الحكايات المدهشة أيضا التى رواها د. صفوت حجازى حكاية حول سيدة ظلت تحمل لافتة تطالب بسقوط مبارك فى ميدان التحرير طوال أيام الثورة وقد روت له تلك السيدة أنها ظلت زوجة لا تنجب لمدة عشرين عاما إلى أن فوجئت بأنها حامل، كان من الطبيعى أن تشعر وقتها بأنها كادت أن تطير من الفرحة هى وزوجها إلى أن جاءتها آلام الولادة فركبت مع زوجها السيارة فى الطريق إلى المستشفى، لكن تصادف أن الطريق كان مغلقا بسبب أن «مبارك» وقتها كان يلقى خطابا فى مجلس الشعب فتقدم زوجها للضابط وأخبره بأن زوجته فى حالة وضع مع ذلك رفض الضابط تماما أن يفتح الطريق وتطور الأمر إلى أن اعتدى الضابط على زوجها بالضرب والرجل حائر لا يدرى ما يفعل وهو فى هذا الوضع الحرج ثم إذا به حين يعود إلى السيارة يجد أن زوجته قد ولدت بالفعل وأن ابنه حلم حياته فى دواسة السيارة والحبل السرى مازال معلقا بين المولود وبين الأم ثم فى المستشفى اكتشفا أن الجنين الذى انتظراه عشرين عاما قد مات. وبعد شهرين إذا بزوجها هو أيضا يموت لا تدرى هل لم يتحمل قهر الإهانة التى وجهها له الضابط وهو فى موقف ضعف أم مات مقهورا لفقد الابن أم متأثرا لأنه لم يتمكن من حماية النعمة التى أرسلها الله لهما، أما الزوجة فقد ظل ثأرها هذا مع الحكومة والداخلية وحسنى مبارك إلى أن كانت ليلة سقوط مبارك ورآها الدكتور صفوت حجازى تجلس فى الميدان سعيدة وإلى جوارها اللافتة التى تطالب بسقوطه، حيث قال لها وقتها وهو يمزح أن هذه اللافتة لم يعد لها داع الآن فإذا بها تفاجئه بأعمق ما يمكن أن يسمعه فى تلك اللحظة فلقد تجاوزت السيدة الثأر الشخصى المباشر وردت عليه قائلة إن ما جرى خطوة على طريق طويل وقامت بتحويل اتجاه اللافتة إلى الناحية الأخرى ليجد المكتوب عليها هو: «ياشرفاء مصر موعدنا فى القدس».