دراما السير الذاتية، تظل دائما مثل جراح التجميل الذي كان بيطريا ثم قلب فجأة، الذي يحاول أن يرفع الحواجب فيفقع عين الولية، أو يحاول تكبير الشفايف فتصبح مثل الزلومة، ففي الوقت الذي تحاول فيه هذه الدراما تقديم الشخصية وكأنها ولي من أولياء الله الصالحين، ناقص بس نعملها مقام محندق كده في أي حتة طراوة، إما خوفاً من الورثة، أو الاعتماد علي مصدر واحد للمعلومات، غالبا ما يكون الشخصية نفسها، مثلما حدث في فيلم أيام السادات، مما يدفع المشاهد إلي الإحساس بأنه أهبل، وماشي في زفة، والعيال عمالة ترزعه علي قفاه، فما بالك بقي.. ومؤلف الشحرورة يعترف صراحة بأنه حاول تجميل صورة صباح، طبيعي أننا سوف نشاهد ملاكا صغيرا بجناحين حلوين، بيرفرف وسط البوم والغربان وولاد الأبالسة، ملاك ربنا بلاه بكل العلل والأمراض ولا أيوب، ومع ذلك صابر.. لحد ماربنا ينصره علي عدوينه. والكارثة الحقيقية في محاولة تجميل الشخصية الدرامية استتبعت بالتالي.. اختراع أحداث ووقائع- ليس لتجسيد ملامح تلك الشخصية، أو تكثيف الحدث وإنما لتبرير أخطائها، بحيث تصبح وكأنها لسه يدوب خارجة من قدس الأقداس وديلها طاهر، ثانيا.. محاولة تشويه الآخرين، وتصويرهم علي أنهم عفاريت لابدة للست في الخرابة، عشان تخضها وتلبس جتتها، ولذلك.. نري صباح الطيبة الغلبانة الهبلة ولا رابعة العدوية، تواجه عالما من الأوباش والأندال، بداية من أبيها بتاع النسوان، إللي كان بياخد فلوسها ويرزعها علي خلقتها، وزكي رستم إللي فقعها قلم وقع سنانها، ونجيب شماس إللي خد إللي وراها وإللي قدامها وابنها كمان، وبرضه رزعها علي خلقتها، وأنور منسي القمارتي إللي كان بيسرقها وياخد عمولة من وراها، وبرضه ضربها علي خلقتها، تقولشي صباح دي كان فيها حاجة بتغري الرجالة إنهم يرزعوها علي وشها بالقلم، وهي يا ضنايا تعيط لحد ما احولت، مع أن أنور منسي كان لورد كما يؤكد كل من عرفه، حتي أحمد فراج - إللي الحمد الله لحد دلوقت لسه ماضربهاش بالقلم - بعد ما اتجوزها، عاوزها تتحجب وتقعد في البيت، يعني كل الرجالة طمعانة في فلوسها، وكأنها زكيبة فلوس، جدع إللي يلحق وياخد. الكارثة الأكبر - والتي يتحملها المخرج اختيار الممثلين الذين جسدوا أدوار عبدالوهاب وفريد الأطرش وإسماعيل يس وليلي مراد وعبدالحليم حافظ، والذين نجحوا ببراعة، في أن يجعلونا نكره تلك الشخصيات ونلعن اليوم الأسود إللي شفناها فيه، بالإضافة إلي كارول سماحة التي حاولت أن تجتهد فعلا في تجسيد الشخصية، لكنها افتقدت روح صباح المشعة، وسحرها الجميل. الأهم بقي.. ما قيمة صباح الفنية، غير حكاية الجواز والطلاق لنقدم مسلسلاً كاملاً عنها.. تقولشي داود حسني!!