نتانياهو للمرة الأولي منذ ثلاثين عاما أعلنت إسرائيل تخوفها من العرب ومن الجيش المصري ، واعترفت علي لسان وزير الدفاع الإسرائيلي ( إيهود باراك ) بأن اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية هي حصن أمان لإسرائيل ولمنطقة الشرق الأوسط ومع أحداث الخميس الماضي والهجوم المتبجح علي الحدود المصرية من قبل إسرائيل وباعتراف دولي من الأممالمتحدة عبر تقريرها الذي أكدت فيه القوات متعددة الجنسيات علي الحدود المصرية الإسرائيلية أن القوات العسكرية الإسرائيلية قد اقتحمت الحدود المصرية وأطلقت النيران علي الجنود المصريين. إسرائيل اعترفت أيضا بأنها متخوفة من المصريين والقيادة العسكرية التي باتت تحكم البلاد وفور اندلاع المظاهرات في مصر مطالبة بحق دماء الشهداء ، واتخاذ المجلس العسكري إجراءات غلق الحدود ، أعلن بنيامين نتانياهو اجتماع ( أزمة حكومي مصغر ) لوزراء الخارجية والدفاع ورؤساء الدوائر الأمنية والاستخباراتية من أجل إيجاد حل يرضي المصريين. وكانت إسرائيل قد أعلنت لأكثر من مرة منذ اندلاع الثورة المصرية أن إسرائيل تخشي علي أمنها مع تزايد المد الثوري المصري وبعض ساستها تطاولوا علي القيادة المصرية بقولهم إن مصر فقدت سيطرتها علي سيناء في محاولة يراها المحللون الاستراتيجيون أنها مؤشر نية إسرائيل القيام بعملية عسكرية علي الحدود. - مخاوف إسرائيلية والسؤال: لماذا تخاف إسرائيل من الثورة المصرية رغم التزام الحكومة المصرية إلي الآن ببنود اتفاقية (كامب ديفيد ) كما تم توقيعها ، ورغم المطالبات الشعبية بوقف الاتفاقية ؟ والإجابة ظاهرة للعيان ، فرغم التزام حكومة الثورة والمجلس العسكري باتفاقية السلام إلا أن التوجه أصبح مختلفا ، فمع الاقتراب من شهر سبتمبر وتحديدا في التاسع من سبتمبر موعد ذهاب السلطة الفلسطينية بدعم مصري قوي وتأييد عربي وأوروبي إلي الأممالمتحدة بطلب إعلان دولة فلسطين واعتراف 143 دولة عالمية. فهذا هو التهديد الحقيقي لأمن إسرائيل، ولذلك فقد قام منذ أسابيع نشطاء مجهولون علي (الفيس بوك) ويدعمهم (المدعو عمر عفيفي) المتواجد في أمريكا ولا أحد يعرف حقيقة علاقته بالثورة المصرية!! بتحريض الجماهير المصرية التي يجهل أغلبها أهمية هذا اليوم بالخروج في يوم 9 سبتمبر تحديدا فيما أطلقوا عليه ثورة الغضب الثانية ضد المجلس العسكري ! غير أن تلك الحملة لم تجد من يستجيب لها إلي الآن. خاصة في ظل نجاح المجلس العسكري في السيطرة علي سيناء. ومن جانب آخر كادت المفاوضات بين وزارة البترول المصرية والشركة المصدرة للغاز في إسرائيل أن تنتهي من تعديل أسعار تصدير الغاز ، وكانت شركة غاز المتوسط قد أجرت عدة مشاورات ناجحة لصالح مصر مع إسرائيل لإنهاء تعديل أسعار الغاز وفقا للأسعار العالمية قبل وقوع أحداث الحدود. وقد نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة ( هآرتس ) الإسرائيلية أن بنيامين نتنياهو قد تعرض لحملة من الهجوم الشديد من قبل المعارضين والمؤيدين لسياسته في الداخل الإسرائيلي وتحميله فشل العلاقات مع مصر التي ربما تؤدي إلي كارثة ليس بمقدور إسرائيل تحملها، ولذلك فهو في اجتماع وزاري مصغر منذ يوم السبت وقد أعلن أحد مستشاريه لجريدة هآرتس أن الهدف الآن هو كبح تدهور الوضع مع مصر والعرب. وعدم مغادرة السفير المصري إلي القاهرة ولذلك لجأ نتنياهو فور إعلانه الأسف والندم علي ما حدث في عملية الحدود إلي وساطة أمريكية ، وأوروبية بين تل أبيب والقاهرة وأعلن مستشار نتنياهو أن ما حدث للجنود المصريين لم يكن مقصودا، وأكد أن القادة الإسرائيليين قد فوجئوا تماما فور إعلان خبر عودة السفير المصري إلي القاهرة. وهم يخشون من المساس (باتفاقية السلام) التي هي أمر حيوي لأمنها القومي. - أكاذيب إسرائيلية وقد أشادت جريدة (يديعوت أحرونوت) في عددها الصادر يوم الأحد الماضي بأن حكومة نتنياهو قد أرسلت توضيحا للمجلس العسكري تتهم فيه قطاع غزة بشن الهجوم من خلال خلية يتراوح أعضاؤها ما بين 10-12 فردا وبعضهم مكث شهرا داخل سيناء وعاد قسم منهم إلي غزة وهذا ما جعلهم يقومون بعملية الحدود يوم الخميس ردا علي هذا الهجوم خاصة أن البعض كان يرتدي زيا مشابها للجيش المصري. ورغم أن هذا مخالف تماما لتقرير القوات الدولية علي الحدود التي تدين إسرائيل إلا أننا سنكتفي بالكشف للرأي العام المصري عن التحذير الذي أرسله الصحفي الإسرائيلي ( آري شافيط ) المحلل السياسي لجريدة هآرتس لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، حيث كشف ( شافيط ) عن خطة نتنياهو في التصعيد للأزمة بين مصر وإسرائيل من أجل الحصول علي مكاسب شخصية في الداخل. ولكنه يحذره من أن التمادي في ذلك من أجل الحصول علي تعاطف العالم مع إسرائيل في ظل هذه الظروف هو بمثابة نوع من الانتحار لإسرائيل ، لأن النتيجة ربما تكون توريط إسرائيل في حرب أخري ، مثل حرب غزة 2006، وقال المحلل السياسي إن هناك تحالفا يعمل علي التأثير علي نتنياهو لخوض عملية ضد غزة لإطلاق سراح جلعاد شاليط ليصبح بطلا إسرائيليا ، غير أنه في تلك الحالة لا ينتظر أن تظل مصر مكتوفة الأيدي ، وأنها ستقوم بتجميد العلاقات مع إسرائيل ووقف الاتفاقية وسينظر المجتمع الدولي لإسرائيل علي أنها دولة تسعي للحرب وهو ما سيفقد إسرائيل الكثير من مكتسباتها الدولية. وفي ظل الثورات العربية لا أحد يمكنه التنبوء بما يمكن أن يحدث ولذلك فإن التحدي الآن أمام إسرائيل هو ثبات العلاقات مع مصر والأوضاع في سيناء، أما التحدي الثاني فهو تجديد الهدنة مع حركة حماس لأن الإسرائيليين لن يرحموه إذا حدثت حرب جديدة مع العرب. وإذا كانت إسرائيل تخشي حقيقة الحرب ، ويحذر مفكروها من اندلاعها ، فهل الحرب ضد إسرائيل هي في صالح العرب الآن وماذا عن يوم 9 سبتمبر القريب الذي أعدت له القيادة المصرية والفلسطينية بعد الثورة لإعلان دولة فلسطين ، فهل يتفرغ المجتمع الدولي لحرب عربية - إسرائيلية جديدة أم لإعلان دولة فلسطين. فمازال لدي مصر لكمات تهديها إلي إسرائيل عبر السياسة الناعمة.