المشهد كان شديد الوضوح في ميدان التحرير ظهر الجمعة الأخيرة وحتي الساعات القليلة قبل المغرب حين قررت جماعة الإخوان المسلمين إنهاء التظاهر والخروج من الميدان بعد أن تحققت الرسالة الأساسية من قرار المشاركة الذي تم اتخاذه قبيل يوم واحد من دعوة ائتلافات شباب الثورة وتيارات سياسية للاحتشاد في ميدان التحرير تحت مظلة مجموعة من المطالبات المحددة، طال انتظار إنجازها من حكومة د.شرف «حكومة ميدان التحرير» والمجلس الأعلي للقوات المسلحة. ورسالة جماعة الإخوان كانت واضحة ومحددة في أنهم رقم قوي يجب أن يوضع في الاعتبار، ليس فقط ضمن أي معادلة سياسية وإنما أيضا ضمن معادلة الفعل الثوري ارتفاعا وهبوطا .. فأرادوا أن يبدأ حشد يوم الجمعة وهم الراية الأعلي وأن ينتهي أيضا في الساعة التي يقررون وهم أيضا الراية الأعلي وفي هذا السياق صدرت التعليمات الإخوانية بفض التظاهرة والخروج من الميدان بين الساعة الثالثة والخامسة مساء فقد أعلنوا موقفهم واحتلوا جزءا كبيرا من الصورة. أما الاعتصام والإصرار علي الامتثال السريع وتلبية مطالب ميدان فهذا شأن آخر، خارج إطار الهدف الإخواني ويجب ألا يكون ضمن تفاصيل الصورة. جماعة الإخوان المسلمين ولا حزبها الرسمي «الحرية والعدالة» ولا الأحزاب التي خرجت من تحت عباءتها وتحظي برعايتها التنظيمية والتمويلية بشكل أو بآخر، لا تريد إفساد فرصتها التاريخية بعد أن أصبحت ضمن المشهد السياسي تنتظر جوائز أصبح الفوز بها قاب قوسين أو أدني، لا تريد مواجهة مع طرف ولا تبحث عن صدام مع طرف آخر، خاصة أن كان هذا الطرف هو المجلس الأعلي للقوات المسلحة. لقد انتبهت ائتلافات شباب الثورة إلي المسعي الإخواني من التواجد في ميدان التحرير يوم الجمعة وأدركت فحوي الرسالة المراد توصيلها وانطلاقا من هذا الانتباه وهذا الفهم رفض شباب الثورة الانتهازية السياسية لجماعة الإخوان وقرروا إبعادهم من بين الصفوف التي تحملت عبء الدعوة والتنظيم لهذا الاحتشاد يوم الجمعة الماضي والتي لم تستجب لها جماعة الإخوان إلا في الوقت الضائع وبعد أن أيقنت أن الحشود ستتوالي علي ميدان التحرير وأن الصورة لن تكون كسابقاتها. رفض شباب الثورة إقامة المنصة الإخوانية وسطهم وأصروا علي أن تكون منصتهم وما يخرج منها كلمات ومطالبات خاصة بهم، لا يعتلي المنصة كادر إخواني ولا يلون الكلمات شعار إخواني .. فقط مطالبات شباب الثورة واضحة ومحددة وهي التي شملها بيان رئيس الوزراء د.شرف بغض النظر عن أنه كان مرضيا أو غير مرضٍ لشباب المعتصمين، وبغض النظر عن الهجوم الذي تعرض له رئيس الوزراء بعد البيان من جانب جماعة الإخوان وكوادرها ومتحدثيها الإعلاميين. المشهد في ميدان التحرير يوم الجمعة الماضية جاء شديد الوضوح محدد المسعي والهدف والرسالة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وللمجلس العسكري وللحكومة ولشباب الثورة .. وهو المسعي والهدف الذي لم يصبح خافيا علي شباب 25 يناير الذين احتضنوا جماعة الإخوان ودافعوا عنها وأيدوها في الأسابيع الأولي للفعل الثوري، وثمنوا من موقفهم في موقعة الجمل، ويوم الجمعة الماضية رفضوا إقامة منصتهم ولكن .. هل فات الوقت؟!؟