مشكلة يبدو أنها مستعصية علي الحل .. جملة تكررت علي لسان كل من التقيناهم في العديد من المناطق التي لا تزال تعاني العشوائية والفوضي والتعدي علي حرمة الشارع واغتيال حق المشاة وذلك من قبل الباعة الجائلين الذين لا يجدون حرجا في فرض كلمتهم كأمر واقع، وما زاد الطين بلة الغياب القسري لرجال الشرطة بشكل عام وشرطة المرافق بشكل خاص. جولة «صباح الخير» كشفت عن العديد من الصور المرفوضة خاصة إصرار الباعة الجائلين علي عدم التوقف عن تعدياتهم التي تشوه المنظر العام لكثير من المناطق تارة بالأكشاك غير المرخصة وعربات الفول وفاترينات بيع خطوط المحمول وساندوتشات الكبدة، وتارة أخري بافتراش أرضيات الكباري المؤدية إلي الاتجاه الآخر لمحطات المترو لجذب أكبر عدد من المارة الذين يعانون الأمرين، ومنها محطة مترو حدائق المعادي التي تحولت إلي مملكة للباعة الجائلين يرتعون فيها دون محاسبة في ظل غياب واضح لدور شرطة المرافق التي اختفت عن المشهد تماما منذ قيام ثورة 25 يناير. - مشاحنات ومصادمات في البداية قال محمد عبد الباسط - صاحب مقهي - مقيم بحدائق المعادي منذ 20 عاما: لا يختلف حال منطقة حدائق المعادي عن غيرها من المناطق التي غزتها العشوائية في ظل غياب شرطة المرافق لذلك لا نستغرب تزايد الباعة الجائلين الذين أصبحوا يحتلون محطة المترو ويحاصرونها بشكل جبري من كل الاتجاهات، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل امتد إلي سرقة الكهرباء من أعمدة الإنارة الرئيسية لتوصيلها إلي الأكشاك غير المرخصة وعربات الفول والطعمية وفاترينات الكبدة التي تنتهك علنا حرمة الشارع بما يشعر المارة بضيق شديد واحتقان وغليان ربما يظل مكتوما بعض الوقت لكنه في أوقات أخري يتحول إلي مشاحنات ومصادمات بين المارة والباعة الجائلين الذين يدّعون أنهم مضطرون لفعل ذلك من أجل «لقمة العيش» التي يحصلون عليها بشق الأنفس. وأضاف: المشكلة أن كل الباعة الجائلين بمجرد أن يضعوا بضاعتهم في أي مكان يحلو لهم في قارعة الطريق يتصورون أن هذا المكان أصبح ملكية خاصة لهم يرتعون فيه كيفما يشاءون، ولو أن أحدا اعترض طريقهم يفاجأ بألفاظ خادشة للحياء واشتباكات بالأيدي وربما يصل الأمر في النهاية إلي إشهار الأسلحة البيضاء في وجوه المعترضين ولا عزاء لاحترام القانون، ولا أكون مبالغا إذا قلت إن هذا المشهد الفوضوي الذي يستصرخ المسئولين يتكرر يوميا. واستغرب عبد الباسط من تراخي أجهزة الدولة في التعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة متسائلا: لماذا لا تقوم حكومة رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف بتخصيص أماكن بعينها لهؤلاء الباعة الجائلين بأجر شهري للقضاء علي هذه الظاهرة المتفشية بشكل سرطاني من ناحية وضمان تحقيق دخل مادي للطرفين من ناحية أخري. - قنبلة العشوائيات الموقوتة والتقط أطراف الحديث هشام السيد إبراهيم - صاحب مطعم ومقيم بحدائق المعادي -الذي اعتبر أن مشاهد العشوائيات والباعة الجائلين تعد من أسوأ المشاهد التي يمكن أن تشاهدها في حياتك مؤكدا: لو جئنا بالرئيس الأمريكي باراك أوباما لن تحل مشكلة العشوائيات ''القنبلة الموقوتة'' والباعة الجائلين في ظل الأوضاع المتردية للعديد من المناطق الراقية التي تحاصرها عشوائيات عزبة خير الله واسطبل عنتر وعرب المعادي وعزبة نافع وعشش زينهم وعزبة الهجانة وغيرها من المناطق العشوائية التي تصدّر الخارجين علي القانون والبلطجية والباعة الجائلين الذين تجاوزوا كل الخطوط الحمراء وانتشروا في صورة أشبه بوباء ضرب مصر كلها بطريقة مفزعة مستغلين حالة عدم الاستتباب الأمني. وأضاف: للأسف الشديد الأمثلة الصارخة لحالة الفوضي والعشوائية التي تشهدها حاليا كثيرة لذلك لا غرابة في محاصرة كل محطات المترو في مصر بالباعة الجائلين الذين لا يجدون أي غضاضة فيما يفعلون لأنه لا يوجد من يصدهم عن فعلهم من شرطة المرافق التي تخشي القيام بمهام عملها في ظل هذه الأوضاع التي تعيشها مصر منذ اندلاع ثورة 25 يناير. واقترح هشام: إذا أردت أن تغير هذه الأوضاع لابد من وقفة جادة من الدولة لإعادة الأمور إلي طبيعتها من خلال استخدام الحزم والشدة في تنفيذ القانون لوقف هذه المأساة هذا من ناحية ومن ناحية أخري لابد من الاهتمام بتغيير تفكير الناس وسلوكياتهم وتعريفهم بما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات قبل مطالبتهم بالالتزام بالقانون لأنه مادام الناس لا يحترمون القانون ولا يعتدون بالنظام فلا تستبعد أن يضع الباعة الجائلون يوما ما بضاعتهم أمام مقر مجلس الوزراء دون أدني تفكير في الجريمة التي يقترفونها.