عندما تربط الإنسان قيود يصبح الشارع هو ملجأه ومرساه فيحاول الحفاظ عليه بكل ما يملك.. وعندما يصبح تواجده في الشارع ليس من المصلحة العامة.. لا يفهم لأنه يري أن مصلحته تتعارض مع هذه المصلحة العامة، وحتي إذا طرحنا عليه فكرة الانتقال إلي مكان آخر لا يعرفه.. يدب القلق إلي قلبه فهو لا يثق أن الجهات العليا تستطيع أن تحس بهم وبحاجتهم، فيتساءلون أين كنتم ونحن جائعون أين فرص العمل التي إذا وفرت لأبنائنا كانت ستوفر علينا كل هذا العناء. انتقلت «صباح الخير» إلي الأسواق التي بقدر ما ينتفع منها الناس إلا أن الضرر منها أكبر.. فهي تعد عرقلة للمرور وشكل غير لائق في المجتمع.. تحدثنا إلي بعض البائعين لنسألهم إذا ما كان مقبولا لديهم فكرة الانتقال إلي سوق أخري أم لا. تقول أم محمود بائعة خضروات وفاكهة أن لديها أربعة أبناء أكبرهم شاب في الرابعة والعشرين من عمره والأربعة عاطلون عن العمل علي الرغم من أنهم حاصلون علي مؤهلات متوسطة ما بين دبلوم صنايع ودبلوم تجارة.. وعندما سألتها لماذا تصرين علي البقاء في سوق الفجالة وعدم تركها.. ولماذا ترفضين فكرة أن تقوم الحكومة بتوفير مكان آخر تستطيعين من خلاله البيع والشراء بصورة منظمة؟ فأجابت قائلة: «الحكومة يا ست هانم لو هاتوفر لنا مكان حيكون بعيد وفي «حتة مقطوعة» وإذا حدث وحصلت علي ربح يومي كبير من خلال هذا المكان سيتم إنفاقه بالطبع علي المواصلات.. وبذلك سيتكرر نفس سيناريو العاملين بمنطقة الدويقة عندما خصصت لهم الحكومة مكانا بطريق الوادي الجديد فأصبح البائعون لا يستطيعون الذهاب إلي عملهم لأنهم ينفقون30 و40 جنيها في اليوم علي المواصلات».. وتستطرد قائلة: «سأظل أعمل في السوق ولن أتركها حتي يجد ابني الكبير فرصة عمل وإذا كانت الحكومة تريد أن تخدمني بجد فلتوفر لأبنائي فرص عمل ووقتها سأمكث في المنزل». أما الحاجة خديجة بائعة خضروات وفاكهة ولديها بنتان وولد فتقول أنها تذهب للسوق بصفة يومية «لأن هذه المنطقة دونا عن غيرها رزقها واسع» فلا أستطيع تركها تحت أي ظرف فهي منطقة يحيطها العديد من الفنادق والناس عرفونا وأصبحوا يبتاعون منا كل ما يريدونه وبذلك استطعنا أن «نربي زبونا جيدا» فالفاكهة التي أبيعها هي أفخر أنواع الفاكهة لأنها تأتينا من الخارج.. وتضيف قائلة: «لا أستطيع أن أترك هذا المكان ولكن إذا وفرت الحكومة لنا أكشاكا لا تبعد عن هذا المكان أو إذا سمحت الحكومة بفتح الحدائق المسورة المحيطة بالمنطقة سنستطيع وقتها أن نضع بها البضاعة، «فبفضل هذا المكان نعيش مستورين ونؤمن قوت يومنا». وبالنسبة لعم منصور رجل عجوز ولديه شاب وحيد حاصل علي دبلوم صنايع عاطل عن العمل، عم منصور يعمل بائعا علي «عربية شباشب» كان مقتنعا جدا بفكرة الانتقال إلي مكان آخر ويود لو أن الحكومة توفر له كشكا صغيرا ووقتها سيجعل ابنه هو الذي سيعمل عليه ويديره. أما أم علي بائعة خضروات وفاكهة ولديها شاب يبلغ من العمر22 عاما عاطل عن العمل حاصل علي دبلوم تجارة وفتاة «زوجتها بطلوع الروح».. وعندما سألتها عن رأيها في الانتقال إلي مكان آخر توفره الحكومة بدلا من أن تأتي البلدية وتأخذ كل ما تعبت في جمعه فردت ساخرة: «لا الكلام ده كان زمان قبل الثورة لكن بعد الثورة الوضع اتغير.