أيمن بهجت قمر عندما ابتكر الشاعر أيمن بهجت قمر «أبوالليف» بشكله البدائي وشعره المنكوش وملابسه المهلهلة أراد أن يحرك مياه حياتنا الراكدة ويصدمنا بهذا الشكل الشاذ الذي أطلق لشعره ولحيته العنان! وعندما قرر أيمن بهجت قمر أن يجعله يغني أغاني ركيكة مثل «مستهون بالستات ياخويا دولا مجانين/ دول كربونة وحياة أبويا دولا مجانين/ هانم ولا بمنديل بقوية دولا مجانين». وتستطرد الأغنية إلي أن يصل إلي «اللي فاهمهم راسه تعبانة/ تفهم إيه حموك في كنكة.. كان غيرك أشطر» ثم أغنية «حد فقعني زومبة/ مين فينا مخدش في يوم بومبة.. طلعت من نافوخه/ عيني ع اللي زمان لو خس مكان كان اللي فيه يدوخوا/ أنا جوه مني نصيحة صرخة نفسي أصرخها/ مش أي سمكة ملونة يخدعنا بطروخها». وهكذا أغان شديدة التدني، ولا أنسي طبعا أنا مش خرنج أنا كينج كونج! أعود فأقول عندما فكر الشاعر أيمن بهجت قمر في تلك «الفكيرة» أراد أن يحرك ساحة الغناء بشيء خارج عن المألوف خاصة أن أبوالليف كانت له تجارب في الغناء الجيد إلا أنه لم يفلح ولم يحقق نجاحا يذكر، فأرادوا أن يلقوا بمية نار في وجوهنا، أن يشوهونا، أن يلقوا بحجارة في قلوبنا، أن يشتهر أبوالليف ويصبح أشهر من النار علي العلم.. وبالفعل كان! أما الآن وقد تغيرت الأحوال ولم تتحرك المياه فقط، بل إن أمواجها أتت علي كل ما هو تقليدي أو قبيح، لدرجة أن معظم المطربين متوقفون لا يدرون ماذا سيقدمون في الأيام المقبلة! لم تكن الثورة فقط علي السياسيين الفاسدين، وإنما امتدت لتشمل الفنون، ماذا سيفعل الذين ارتكبوا في حقنا مئات الذنوب؟ ماذا سيفعلون ليكفروا عن ذنوبهم؟ كم من الوقت سنستغرق لنمحو في شهور ما فعلوه بنا في سنين؟ لم يكن أبوالليف هو النموذج الوحيد، وإنما كل من غني غناء مكررا عاديا سيلفظه الناس، كل من استسهل وتعامل مع الأغنية علي أنها «سبوبة» سيلفظه الناس، كل من صمت أثناء الثورة سيلفظه الناس، ولا أحد يستطيع أن ينسي «العلقة السخنة» التي تلقاها طفل الغناء المدلل تامر حسني عندما قرر أن ينزل ميدان التحرير! لم تتغير خريطة السياسة فقط، لكن تغيرت خريطة الغناء لن يتقبل الناس أي شيء، فلن يقبلوا القبيح فيما بعد، فقد ضجوا وضجروا من شدة العادية والاستسهال في الغناء، لذلك نجد أسماء كثيرة أعتبرها في مأزق حقيقي، هي في حقيقة الأمر تغني بلا عقل، فمثلا ماذا سيقدم أبواليف؟ ماذا سيقدم عمرو دياب، إيهاب توفيق، محمد محيي؟ بماذا سيطلون علينا بأصواتهم المشروخة وعقولهم المتوقفة؟.. إنها لأزمة حقيقية. آخر حركة حتي إذا غير كثيرون من مسارهم الغنائي، كيف «سنتطهر» نحن من الهجمات الشرسة التي عانينا منها علي مدي سنوات طويلة؟