منذ بداية ثورة 25 يناير لم أضبط نفسى متلبسة بمشاهدة فيلم على إحدى قنوات السينما ولم أفكر فى الذهاب للسينما رغم أنها من عاداتى الأسبوعية وأصبحت أقضى يومى بين قراءة الصحف فى الصباح ثم التنقل بين القنوات لمتابعة البرامج التى تتحدث عن الأوضاع السياسية الراهنة وإذا كان هذا حال الكثيرين ليس غريباً على منتجى السينما الكبار إغلاق مكاتبهم، الجميع فى حالة ترقب ومتابعة للأحداث ومعظمهم ألغى مشروعاته السينمائية لا أحد يعلم ماذا سيحدث غداً. المشكلة لدى المنتجين الكبار ليست فى طبيعة الموضوعات التى سينتجونها بعد الثورة، جميعهم لديهم موضوعات جيدة ومتنوعة كانوا يحضرون لها ومازالوا مُتحمسين لإنتاجها ومنها ما هو مكتوب خصيصاً لنجوم الملايين وبعضها الآخر البطولة مُسندة للوجوه الجديدة وبالمناسبة معظم المنتجين الكبار غير مُتحمسين لصناعة أفلام عن الثورة فى الوقت الراهن إيماناً منهم بعدم انتهاء الثورة بعد وإن كان هذا لا ينفى وجود بعض السينمائيين مُتحمسين لصناعة أفلام عن الثورة. أذكر فى إحدى مكالماتى لمحمد حسن رمزى وهو أكبر موزع ومنتج سينمائى بعد قيام الثورة قلت له: طبعاً لن توزع أفلاماً من نوعية أفلام «الهانص فى الدانص» أو «حاحا وتفاحة» وفاجأنى مؤكداً أن الموزع السينمائى مثل السوبر ماركت يعرض كل شىء، المشكلة حالياً أن الجمهور لن يتقبل أى فيلم بسهولة حتى إذا كان جيد الصنع لأن الناس ليس لديها أى مزاج لمشاهدة أى عمل فنى. وبالتالى فقد قرر تأجيل إنتاج 6 أفلام دُفعة واحدة منها أفلام لكريم عبدالعزيز وأحمد السقا وأحمد عز والمؤكد أنه ليس على استعداد للمُجازفة فى ظل الوضع الراهن. اللمبى 8 جيجا طبعا كلنا نعلم تاريخ هانى فوزى كمنتج وكيف أنه تصدى لإنتاج نوعية من الأفلام هرب منها مُنتجون كثيرون منها الفيلم الاستعراضى «كريستال» لشيريهان و«بحب السيما» لليلى علوى وغيرها، لكنه كمخرج صنع فيلمين أثارا استياء مُعظم من شاهدهما وهما «أحاسيس» و«بدون رقابة» نظراً لمشاهد العرى والألفاظ الخادشة للحياء فى الفيلمين رغم جودة الأفكار بهما، المهم أن هانى فوزى كان سيبدأ فى إخراج فيلمه الجديد «جرسونيرة» لغادة عبد الرازق فى شهر فبراير الماضى، لكن منتج الفيلم أجل المشروع مثل غيره من المنتجين، الطريف أن مُنتج الفيلم قد يطالب المُخرج بتغيير البطلة بأخرى لأن غادة عبدالرازق كانت تهتف ضد ثوار 25 يناير، لكن المُقربين من صناع الفيلم يؤكدون أنهم فى انتظار رد فعل الجمهور تجاة غادة عبدالرازق فى فيلم «كف القمر» للمخرج خالد يوسف الذى سيعرض قريباً ليحددوا إذا كانوا سيتعاملون معها فى أفلامهم أم لا. للمنتج هانى فوزى رأى خاص فى مسألة نوعية الموضوعات التى ستقدم بعد الثورة ويرى أن أى منتج إذا وجد فيلما لم تتجاوز تكلفته 2 مليون جنيه وحقق إيرادات مُرتفعة المؤكد أنه سيسعى لصنع فيلم مثله والدليل على ذلك فيلم «أولاد البلد» لسعد الصغير ودينا. طبعاً بعد الثورة سنجد منتجين يصنعون أفلاما عن الثورة لكن المؤكد أن الجمهور لن يستمر حاصراً نفسه فى مشاهدة هذه النوعية ولا حتى فى أفلام المُخرجين الكبار أمثال داود عبدالسيد لأن أفلامهم لاتحقق ارقاماً جيدة فى شباك التذاكر، مثلاً فيلم «الكيت كات» لداود عبد السيد نجح لتواجد نجم بحجم محمود عبدالعزيز أما فيلم «مواطن ومخبر وحرامى» لنفس المخرج فسنجد أنه استعان بمطرب شعبى كان بمثابة موضة وقتها وهو شعبان عبدالرحيم، أما فيلمه الأخير «رسائل البحر» فهو لم يحقق إيرادات مُرضية. وكم من أفلام جيدة صنعها مُخرجون مُتميزون لكنها لم تصل للناس وبالتالى حققت خسائر لمُنتجيها. ومنها فيلم «الشوق» لسوسن بدر والمخرج خالد الحجر وكان حال الفيلم سيختلف كثيراً إذا قُدم بشكل تُجارى. المخرج داود عبد السيد له وجهة نظر مُختلفة عن المُنتجين ويرى أن ماكان يُقدم ماهو إلا فن زائف ومُبتذل ولا علاقة له بالواقع.،و طبيعى إنه يختفى بسقوط الواقع السياسى المُزيف ومن يريد تقديم سينما فى المرحلة القادمة عليه تقديم عمل فنى يتسم بالصدق ولة علاقة بهموم الناس واهتماماتهم، طبعاً لا أحد ينكر ان مزاج المُتفرج حالياً غير مُستعد لمشاهدة أفلام وإذا تم تقديم شىء له حالياً لابد من توافر سمة الأختلاف التى تجعله يتجاوب معها وهذا ليس له علاقة بالنوعية التى تقدمينها للمتفرج سواء كوميدى أو دراما أو أى نوعية أخرى. وعما تردد حول نية الإخوان المُسلمين لاقتحام مجال الإنتاج السينمائى يرى المخرج داود عبدالسيد أن الأمر سيكون مكسبا للسينما فى حالة تقديمهم افلاما دينية ذات مستوى فنى جيد، لكننا فى النهاية لن نحكُم على أشياء لم نُشاهدها. الأفلام التى تخاطب الطبقة الشعبية والتى غالباً يكون بها توليفة مكونة من مطرب أو مطربة وراقصة وممثل كوميدى هى الطبخة التى تعتمد عليها عائلة السبكى فى معظم أفلامهم مثل أفلام «موسيقى فى الحى الشعبى» و«أولاد البلد» و«لخمة راس» و«على الطرب بالتلاتة» و«بون سواريه» هذا طبعاً بخلاف قيامهم بإنتاج أفلام لبعض الأسماء من نجوم الملاييين مثل محمد سعد وتامر حسنى وطلعت زكريا وياسمين عبدالعزيز ومى عز الدين ومعظم أفلامهم التى حققت أعلى إيرادات هى التى ذكرتها سابقاً، أما الأفلام الجيدة التى صنعوها واشتركوا بها فى مهرجانات سينمائية مثل «الفرح» وكباريه» و«عزبة آدم» و«الرغبة» فلم تحقق إيرادات جيدة . والمعروف أن عائلة السبكى لديهم قناعة بأن الجمهور يذهب للسينما من أجل التسلية وليس من أجل إرهاق نفسه فى مشاهدة فيلم يتعالى علية. لذلك نجد أغلب أفلامهم تندرج تحت نوعية الأفلام التجارية البحتة.. خبرة عائلة السبكى فى الإنتاج السينمائى تجعلهم دائماً يراهنون على الجمهور فقط لاغير وإيرادات أفلامهم خير دليل على ذلك. السؤال الذى يفرض نفسه حالياً هل ستستمر عائلة السبكى فى تنفيذ نفس سياستها الإنتاجية بعد الثورة ؟. المؤكد أن عائلة السبكى لديها مشاريع سينمائية متنوعة من قبل الثورة ولديهم النية فى تنفيذها وأول هذه المشاريع أفلام «ساعة ونصف» للمؤلف أحمد عبد الله والمخرج وائل إحسان والبطولة فيه لفتحى عبد الوهاب وماجد الكدوانى وكريمة مختار ومحمد إمام ومحمد رمضان. أما الفيلم الثانى فهو «واحد صحيح» لهانى سلامة وبسمة ورانيا يوسف وكندة علوش ويسرا اللوزى تأليف تامر حبيب وإخراج هادى الباجورى. هذا بخلاف أفلام أخرى مثل «غزوة مؤتة» وسيقوم بإخراجه وائل إحسان. أما قنبلة محمد السبكى القادمة فهى تمسكه بإنتاج فيلم «بنات ريكلام» فى المرحلة القادمة والبطولة فيه لغادة عبد الرازق وزينة اللتين كانتا ضد الثورة وستشاركهما البطولة درة وحورية فرغلى. وعن الإنتاج السينمائى بعد الثورة يقول كريم السبكى: هناك بعض السينمائيين يستعدون لتنفيذ أفلام عن الثورة وقد يكون بعضها جيدا والآخر سيئا لكن فى النهاية الجمهور سيذهب للفيلم الجيد سواء كان عن الثورة ام لا. ومن وجهة نظرى صناعة أى فيلم عن الثورة حالياً غير مُلائم لأن الثورة لم تنته بعد وهناك أشياء ليست واضحة وعليها علامات استفهام عديدة لذلك تأجيل أفلام الثورة أراه مُلائماً من وجهة نظرى.