سؤال بسيط جداً قد يتبادر إلى ذهن كثيرين وعلى الرغم من سهولة السؤال إلا أن إجابته غاية فى الصعوبة والسؤال البسيط هو ما الذى يجعل أغنية تفشل وأخرى تنجح؟ ما الذى يجعلك تردد أغنية بمجرد سماعها وتنزعج عند سماع أخرى، ما الذى يجعل أغنية تدخل قلبك وتستقر وأخرى تنفر منها وتلفظها روحك؟. وقبل أن أشرح لك عزيزى القارىء تفسير هذه المعضلة فإننى سآتى لك بأغنيتين قدمتا أثناء الثورة، الأولى رددها الناس وحصلت على لقب أحسن أغنية قدمت لثورة الشباب فأثروا بها فاستقرت فى وجدانهم. أما الثانية فقد تحولت إلى مثار لسخرية كثيرين كلماتها غير منطقية، وكأنما أراد صناعها أن يتواجدوا فقط فلم يصيبوا الهدف بل على العكس أصبحت ربما أسوأ أغنية قدمت فى تلك الأيام. والفرق بين أغنية جميلة وأخرى سيئة ماهو إلا خيط رفيع جداً اسمه الإحساس والمشاعر يفسره مقولة ما خرج من القلب لابد أن يستقر كذلك فى القلب. فى هذه الفترة أى فترة الثورة حصلت أغنية يابلادى يابلادى أنا بحبك يابلادى وتستمر كلمات الأغنية قولوا لأمى متزعليش/ وحياتى عندك متعيطيش/ قولولها معلش يا أمى/ أموت أموت وبلدنا تعيش/ طايرين ملايكة حوليا طير/ لحظة فراقك يا حبيبتى غير/ حامشى معاهم رح أسيبك/ وأشوف يا مصر وشك بخير/ قالوا لى يلا على الجنة/ قلتلهم الجنة بلادى أستطيع أن أزعم أننى كلما استمعت إلى هذه الأغنية التى صنعها كل من «رامى جمال» و«عزيز الشافعى» أشعر بقشعريرة تسرى فى جسدى، يغمرنى إحساس عميق بالحزن على شباب مصرى قتل بيد مصرية أتذكر وجوههم الباسمة وأجسادهم التى اخترقها رصاص غادر. حماده هلال هذه الأغنية ببساطة صنعت من القلب لذلك استقرت فى قلوبنا لتعيش لاينفيها أغانى أخرى تقدم فى هذه الأيام. الأغنية الثانية وهى النقيض تماماً للأولى قدمت وكما يقولون بالعامية «برو عتب» أى إثبات وجود اقرأوا هذه الكلمات شهداء 25 يناير/ ماتوا فى أحداث يناير/ راحوا وفارقوا الحياة ثلاث جمل يمكن اختصارها فى كلمة شهداء أى أنه لافرق بين الثلاث جمل فى المعنى. الأغنية كلمات «ملاك عادل» وألحان وغناء «حمادة هلال» وأغنية لفظها المستمع ولم يرددها بل إنه سخر من تكرار المعنى فى المطلع ثلاث مرات، على الرغم من أن حمادة هلال قدم أغنية من أجمل ما قيل للمصريين «والله وعملوها الرجالة» فكان يكفيه فخراً هذه الأغنية ومسألة إثبات الوجود كانت ربما تأتى ببعض من التأنى فى الاختيار حتى تخرج من القلب. فالفرق بين يا بلادى يا بلادى لرامى جمال وعزيز الشافعى وبين أغنية شهداء 25 يناير لحمادة هلال هو الخيط الرفيع الذى يفصل ما بين أغنية تخرج من القلب وأخرى تأدية واجب. آخر حركة أكثر من 25 أغنية قدمت فى الثلاثة أشهر الماضية إلا أنه لن يبقى من هذا الكم سوى أربعة أو خمس أغان الشاطر يعرفهم ويقولى عليهم.. ولكم جائزة.؟