من يوم ما «خلع» الرئيس السابق.. وإلي الآن.. وأنا لا أردد بيني وبين نفسي إلا عبارة واحدة.. «اللهم لا شماتة»، ولكن النفس الأمارة بالسوء.. تأبي إلا أن تجعل قلبي يرقص فرحا، والمصيبة أنني أضبط نفسي «شمتانة».. فيهم كلهم.. من أول رئيسهم وانتهاء بأصغر فاسد من الفسدة الذين سمموا حياتنا معنويا وعمليا.. وعلي الرغم من أن رائحة فسادهم كانت تملأ أنوفنا منذ زمن بعيد إلا أنه لم يخطر علي بال أي واحد منا في أي وقت أن يكون الفساد وصل إلي هذه الدرجة التي تكشفت من منتصف فبراير وإلي الآن.. وهي للأسف كما هو واضح لنا.. مازالت قطرة في محيط لم يتكشف كل ما في مياهه من عفن بعد. أصارحكم أيضا أنه بخلاف الإحساس بالشماتة الذي فشلت في السيطرة عليه.. هناك إحساس بالقلق.. قلق أم علي وليدها الذي انتظرته سنوات طويلة.. إلي أن جاء للحياة بعد عملية مخاض صعبة.. نفس إحساسي بالقلق علي ثورتنا التي أعادت لنا الحياة.. أخاف من كل المتربصين بها ومن كل فلول النظام السابق الذين لن يتركونا نهنأ بثورتنا ولا أتمني علي الله شيئاً إلا أن ننام ونصحو فلا نجدهم، لهذا السبب القلق يأكلنا.. ولهذا السبب كلنا متعجلون لمجيء هذا اليوم الذي لا نجدهم فيه أمامنا.. ولكن علي ما يبدو لا مفر أمامنا إلا أن نسيطر علي هذا القلق لدينا. فهناك محاكمات وإجراءات يجب أن تتم ليأخذ كل مجراه القانوني.. ما جعلني أتريث وأرتدي ثوب الواعظين هذا حوار قرأته في المصري اليوم مع المستشار هشام البسطويسي وكرجل قانون أحترمه من زماااان.. اقتنعت بما قاله.. من أن «تباطؤ التحقيقات مع النظام السابق ورموزه لا يعني التواطؤ معهم.. ولابد من اتباع الإجراءات السليمة وإلا سنعلق الأحكام علي الحائط». صحيح أن كلنا كما الشباب متحمسون ومتعجلون أن نشطب كل من أساءوا إلينا.. نشطبهم من حياتنا.. ولكن إذا كنا فعلا نريد أن يعترف العالم بمحاكماتنا.. وأحكامنا، فلابد أن نتروي.. خاصة أننا جميعا ندرك أنه لا شبهة تواطؤ.. كنا جميعا نتابع خطوات التوريث المتسارعة.. تجري أمامنا دون أي التفات إلي وجودنا كشعب.. فلم نكن ندخل في دائرة حساباتهم.. وكنت واحدة من الناس أمتلك يقينا أن الجيش لا يمكن أن يوافق علي حدوث هذا.. عقدت الأمل عليه وانتظرت ولم يتملكني اليأس يوما واحدا.. وما حدث لم يخطر ببالي يوما واحدا.. ثورة شعب.. حماها جيشه.. صحيح توقعاتي لم تصدق بحذافيرها.. ولكن بقي الجيش هو العامل المشترك الأساسي الضامن لتحقيق الحلم.. عندي سؤال واحد أريد توجيهه.. لكل من يلوكون لبانة اسمها.. «نريد عودة الأمن والأمان».. سؤال هو.. هل كان لدينا «أمن» قبل الثورة..؟!.. كان الأمن الموجود هو أمن الرئاسة وأمن المسئولين الكبار، لكن كانت ظاهرة «التثبيت» في الشوارع موجودة.. خطف الشنط من السيدات في الشوارع كانت متألقة.. حوادث القتل في عز الظهر كانت موجودة.. إلي آخر هذه الظواهر التي عانينا منها لسنوات طويلة وصرخنا وشكونا.. ولا من مجيب.. هل سمعتم عن بلد في العالم عاشت شهرا بدون أمن، ولم يحدث فيها عمليات سلب ونهب وفوضي بالدرجة التي تناسب حالة الفراغ الأمني.. ربما كانت أخلاق الثورة هي التي حمتنا.. وربما طبيعتنا كشعب مسالم.. ولكن الأكيد.. أننا تعودنا علي عدم وجود الأمن في الشارع لسنوات للدرجة التي جعلتنا نتكيف سريعا مع عدم وجوده. لهذا يرتفع ضغط الدم عندي كلما سمعت واحدا أو واحدة يتغنون بحب النظام السابق.. لأنهم كما يقولون «كانوا يشعرون أيامها.. بالأمان».. والنبي..؟!