البحيرة: ضبط 8 آلاف طن مواد بترولية بكفر الدوار    رئيس مصلحة الضرائب: تطبيق حزمة التيسيرات الضريبية الجديدة قبل نهاية 2024-2025    سجل أبطال كأس السوبر المصري قبل انطلاق النسخة الجديدة    مادسن يضع برنامج خاص لرجال يد الأهلي لمواجهة الزمالك    نجم الأهلي السابق يحسم موقفه من مفاوضات الزمالك    جامعة الإسكندرية تستقبل وفد ياباني لبحث سبل التعاون بين الجانبين    الداخلية: أتوبيس ترعة شبرا تابع لمكتب رحلات والسائق لم يحكم فرامل اليد    السجن 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في بورسعيد    نائب محافظ دمياط تشهد انطلاق الملتقى التوظيفي الأول للسيدات بالمحافظة    مستشار الرئيس للصحة: لم يكن هناك بديل أو مثيل لبعض الأدوية خلال الأيام الماضية    النائبة إيفلين متى تتقدم ببيان عاجل للإفراج عن سيارات ذوي الإعاقة في الموانئ وإعفاءها من الغرامة    جيش الاحتلال ينشر تحذيرا بإخلاء مبنى في البقاع شرقي لبنان للمرة الأولى    وزير الدفاع اللبناني: متمسكون ببقاء قوات اليونيفيل في الجنوب    إصابة مدنيين بجروح جراء عدوان إسرائيلى على إحدى النقاط بمدخل مدينة اللاذقية    في أول أيام عيد العرش اليهودي.. 300 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى    زيلينسكي يدعو قادة الاتحاد الأوروبي إلى تقديم المزيد من المساعدات قبل حلول فصل الشتاء    قرار جمهورى بتعيين الدكتور محمد سامى عبد الصادق رئيسا لجامعة القاهرة    المصريين: تعيين عباس كامل منسقا عاما للأجهزة الأمنية استجابة للتحديات الراهنة    «البحوث الإسلامية»: بدء فعاليات دورة «تنمية المهارات الدعوية».. الأحد    صلاح ثامنا في قائمة الأعلى أجرا خلال 2024    "سيب ابنك في حاله".. تعليق ناري من شوبير بشأن ما فعله ياسر ريان وتوقيع ابنه للزمالك    محمود جاد يتعرض لإصابة خفيفة في تدريبات المصري أثناء معسكر المغرب    وزير التعليم يستكمل جولته التفقدية بمدرستين بإدارة السيدة زينب التعليمية    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ بنى سويف تنفيذ المشروعات الخدمية والتنموية    «الري» تعلن انطلاق «حملة على القد» للحفاظ على المياه    سجن وفصل وغرامة.. 7 قرارات حاسمة ل كامل الوزير بعد حادث قطار المنيا    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف لتاجر الهيروين بالشرقية    جنايات الجيزة تحيل أوراق سائق قتل زوج شقيقته بالطالبية إلى المفتي    ضبط 22 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    أحمد غنيم رئيسًا تنفيذيًا لهيئة المتحف المصري الكبير.. و«الطيب» لمتحف الحضارة    بتوقيع صابر الرباعي وماجد المهندس.. تفاصيل «ليلة عبد الوهاب» بالسعودية    منها مواليد العقرب والثور.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 وتأثير اكتمال القمر في برج الحمل    من هو الدكتور الطيب عباس الرئيس التنفيذي الجديد لمتحف الحضارة؟    إطلاق البوستر الرسمي لفيلم "الفستان الأبيض" تمهيداً لعرضه بالسينمات    أسوان تحتفل بمهرجان «تعامد الشمس» خلال ساعات.. عروض وفقرات متنوعة    x مراتي يطيح ب عاشق من على قمة شباك تذاكر أفلام السينما (تفاصيل)    ذهب الأم بعد وفاتها من حق البنات يجوز أو لا يجوز؟.. شاهد رد الإفتاء    «الصحة» تعلن اعتماد مركز أورام سوهاج من هيئة الاعتماد والرقابة    عضو ب«الشيوخ»: مؤتمر الصحة والسكان منصة مهمة لتبادل الخبرات والأفكار    محافظ المنوفية يتفقد انتظام سير العمل بمستشفى الجراحات المتخصصة.. صور    الرئيس السيسي يثمن المواقف الإسبانية الإيجابية تجاه قضايا الشرق الأوسط    بعثة الزمالك تسافر إلى الإمارات استعدادا للسوبر المصري    «عبد اللطيف» يتابع انتظام العملية التعليمية بعدد من المدارس في الجيزة    أكاديمية الفنون تصدر عددين من مجلة الفن المعاصر بعنوان «غواص في بحر النغم»    الأمم المتحدة: الدول العربية تساهم ب 5% فقط من الاحتباس الحراري العالمي    اتحاد الكرة: مكافأة خاصة للاعبي منتخب مصر.. وسنتأهل إلى كأس العالم    "المال الحرام".. أحمد كريمة يرد على عمر كمال والأخير يعلق    طاقة الشيوخ توافق على خطة عمل دور الانعقاد الخامس    الصحة اللبنانية: يجب وقف فوري لإطلاق النار لتمكيننا من تنفيذ مهامنا    50 جنيهًا للواحدة.. قرارات هامة من التعليم بشأن صرف مستحقات معلمي الحصة    انفوجراف.. الأزهر للفتوى: تطبيقات المراهنات الإلكترونية قمار محرم    كيف ساهمت «البيئة» في تقليل الانبعاثات؟.. منظومة شاملة لإعادة تدوير المخلفات    «التعليم» توجّه بحصر أعداد طلاب «أولى ثانوي» لتسليم التابلت    «الحوثي» تتوعد الولايات المتحدة وبريطانيا بعد الضربات الأخيرة على صنعاء وصعدة    تعرف على أماكن القوافل الطبية اليوم وغدا.. الكشف والعلاج مجاني    رئيس جامعة القاهرة يوجه بسرعة إنجاز الأعمال بالمجمع الطبي للأطفال    هل يجوز تأدية صلاة الفجر بعد شروق الشمس.. الأزهر يوضح    5 أدعية نبوية للحماية من الحوادث وموت الفجأة.. بعدانقلاب أتوبيس الجلالة وقطار المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراكمات السياسات الرشيدة.. والصبر الاستراتيچى
نشر في صباح الخير يوم 26 - 05 - 2021

للسياسة مُحددات وأطُر. ترسم الدول الكبرَى أطرَ سياساتها على المحيط والإقليم. تختلف منطلقات السياسة وثوابت الدول باختلاف المعايير والمواريث.
للدول مواريث كما للشعوب مواثيق. تتحدد مواريث الدول ومواثيق الشعوب طبقًا للمَكانة.. وحسب التاريخ.
تنطلق السياسة المصرية الخارجية من مقوّمات تاريخية، ومعايير مكانة على خريطة العالم بحُكم الزمن.
منطلقات السياسة المصرية أخلاقية فى الأساس. تتلمّس مصرُ معاملاتها طبقًا لمعايير المبادئ.. قبل براجماتية السياسة ومتغيراتها.
تتحرك مصرُ فى المحيط وفى الإقليم بثوابت أخلاقية قبل أىّ اعتبارات. ترسم مصرُ المصالح وفقًا لمعايير الشرف.. قبل القانون.
الخمسة عشر يومًا الماضية، بأحداثها، وتفاصيلها، وتحركاتها، ومُلابَساتها، من زيارة ناجحة للرئيس «السيسى» إلى فرنسا، إضافة إلى نجاح الجهود المصرية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية عَيّنة من وعاء سياسة رشيدة تنشد حقوقًا بلا اعتداء.. وتسعى لحلول بلا صخب.. وتنفُذ لبواطن الالتهابات بمشارط الحكمة.. وترياق الاتزان.
لا تعتمد مصرُ أبدًا سياسة المسكّنات كما يدمن بعضهم. تعتمد مصر عبدالفتاح السيسى مسئوليات المواجهة، ورجولة الثبات على المواقف مَهما تغيرت الظروف.
تحوز مصر السيسى إصرار الجنود على تحقيق انتصارات مشروعة، والتوصل لأهداف بنُبْل المقاصد.. وعدالة القضايا.
السياسة ميادين قتال هى الأخرى. ساحات السياسة الدولية رقع حروب مكتومة أحيانًا.. وطاولات نزاع هادئ أحيانًا أخرى.
فى الشرق الأوسط تتسارع ديناميكيات السياسة، وتتغير المعادلات كل يوم، وتتبدّل المُلابَسات كل ساعة، وتتعالى طموحات من آنٍ لآخر، بعضها فى غَيَّر مَحلها، وبعضها الآخر فى غيّر مكانه.. يحدث هذا كل دقيقة بالمعنى الحَرفى.. وكل ثوانٍ بالمعنى الدقيق للكلمة.
مع التغيرات ورُغْمَ تلاحُق التطورات تظل سياسة مصر رشيدةً تبدأ وتنتهى من منظور يَعتبر الصدق أقرب الطرُق للحلول. الصدق معادلة طبعتها مصرُ بخاتم «عبدالفتاح السيسى» على جدار الإقليم.

ماكرون يستقبل الرئيس السيسى أمام الإليزيه

(1)
للدعوة التى تلقاها الرئيس «السيسى» من الرئيس الفرنسى «ماكرون» أكثرُ من دلالة وكثيرٌ من الإشارات. مصرُ لاعبٌ أساسىٌّ وشريكٌ فى كل قضايا الإقليم. تمتد الخيوط إلى القاهرة ومنها.
مصرُ الدعم الأول للسودان انتقالًا من مرحلة صعبة إلى آفاق التنمية، بالتطلع إلى الأمام بضمانات وحدة أراضيه.. وحقوق شعبه.
لعبت القاهرة الدور الأهم فى دعم الخرطوم فى سبيل الاستقرار واستعادة الدولة لمؤسَّساتها. جاءت الدعوة الفرنسية تقديرًا للدور المصرى، وإشارة إلى الرقم الكبير الذى تمثله مصر فى دائرة القضايا الإفريقية على العموم.
دعوة الرئيس «السيسى» لمؤتمر دعم السودان فى باريس، ليست فقط إشادة بأدوار القاهرة تجاه الأشقاء فى الجنوب؛ إنما أيضًا دلالة على تطلع فرنسى لمزيد من شراكة مع مصر فى قضايا إفريقيا.. وقضايا إفريقية كثيرة. ترغب باريس فى مزيد من تدعيم الشراكة مع القاهرة نفاذًا إلى باقى العواصم الإفريقية. تؤمن باريس بقوة الشريك المصرى وقدرته على إقرار المعادلات فى شرق المتوسط؛ خصوصًا فى مواجهة أطماع تركية سابقة، بدأت تتهاوَى بعدما انفجرت فى الهواء بالونات العنجهية وتساقطت أمام الواقع هلاوس نظام أنقرة.
تسعى فرنسا لتوسعة دورها فى المنطقة والإقليم، ومصر السنوات الأخيرة بدت شريكًا أقوى، لا يراهن على الصخب.. كما يدمن آخرون، ولا توجّهه براجماتيات المصالح لو تعارضت مع الثوابت ومقتضيات الحقوق.
تدرك فرنسا أن لدى مصر مفاتيح عدة فى ليبيا، وتؤمن باريس أيضًا أن معادلات الحلول فى ليبيا ثلاثة أرباعها فى القاهرة، فيما يتناثر الربع الباقى فى دول أخرى بالإقليم.
الشراكة فى السياسة مصير، لكن مصر تطلب التعاون دائمًا، وفق حرية تقرير المصير.. وفق حرية تحديد التوجُّهات.. ووفق مُطلق الحرية فى تحقيق الرؤى والسير للإمام فى خطوات ترسمها مصر وحدها.. وتبادر بها وحدها وفق ما تراه وحدها.
تدعم مصرُ الرغبات الفرنسية فى التعاون، وفق سياسات النّد بالنّد.. ووفق خريطة المصالح. مصرُ ثالث متلقى للاستثمارات الفرنسية فى الإقليم. بعيدًا عن ثوابتها، فإن حياد القاهرة الإيجابى حرّر إرادة مصر فى تنويع مصادر السلاح، وعليه عقدت مصر وفرنسا أكبر صفقات سلاح من نوعها على مراحل.. توّجتها دفعة طائرات الرافال الأخيرة.
رسَّخَ الرئيس «السيسى» مزيدًا من سياسات مصرية معلومة للجميع تنشد التعاون وتمد أيادى الرغبة فى البناء والتنمية من فرنسا، لكنه فى الوقت نفسه أكد على خطوط القاهرة الحمراء بإرادة قادرة على إعادة رسم الخرائط.. عندما تقتضى الظروف.
يؤمن قصر الإليزيه الفرنسى بأن مصر على قائمة دول عريقة لا تخلط أبدًا المصالح بمنطلقات المبادئ وثوابت الأصول. نجاح زيارة الرئيس «السيسى» لفرنسا تدفع فى الطريق لمزيد من حلول ناجزة لأزمات مختلفة، وفقًا لمعايير القانون الدولى، تحقيقًا لمصالح مشروعة لا حياد عنها.
لا تزال القاهرة تُقر حقوقها بسياسات الصبر الاستراتيچى. فى شرق المتوسط تساقطت الثمار بالصبر الاستراتيچى. دفع الصبر الاستراتيچى مع خطوط حمراء وقت اللزوم بالأوضاع فى ليبيا إلى الطريق للحلول.
فى الجنوب الإفريقى تواصل القاهرة صبرها الاستراتيچى دون أى مساس بحقوقها التاريخية فى مياه النيل. من فرنسا جدّد «عبدالفتاح السيسى» تأكيداته على ثوابت القاهرة فيما يتعلق بالنِّيل كقضية وجود.
تضيف القاهرة مزيدًا من التراكمات فى رصيد سياسات رشيدة، مع الحفاظ على معاملات القدرة.
من فرنسا جدّد «عبدالفتاح السيسى» اطلاع العالم على ثوابت مصر عمومًا، وتوجّهاتها بالنسبة للسودان وإفريقيا. أعاد الرئيس التأكيد على حدود مرسومة.. وخطوط لن تسمح القاهرة أبدًا بتخطيها.
إذا كانت فرنسا أحد أبواب مصر لأوروبا والعالم؛ فإن مصر لفرنسا بابٌ يكاد يكون وحيدًا.. وهو الأكثر اتساعًا لإفريقيا والإقليم.
(2)
ثمّن الرئيس الأمريكى «چو بايدن» الجهود المصرية تجاه القضية الفلسطينية. ثمّن «بايدن» اتزان القاهرة وحكمتها التى أدت إلى التوصل للهدنة فى غزة.
معلوم.. قضية فلسطين ثوابت سياسة مصرية نابعة من التزامات أخلاقية قبل التزامات التاريخ وقبل مسئوليات المكان والمكانة.
فى تحليل منشور قالت المونيتور الأمريكية إن نجاح الجهود المصرية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين عكست سياسات مصرية صادقة، فى التعامل مع القضية الفلسطينية، على عكس سياسات أخرى، لدول أخرى، عادة ما تمارس الشجب الدائم، والتعبير المستمر عن الغضب، دون إجراءات ملموسة ولا تحركات حقيقية على أرض الواقع.
مرّة ثانية، انطلقت مصرُ لإقرار الهدنة فى غزة من معايير أخلاقية، قبل اعتبارات القومية.. وقبل مقتضيات المسئولية. الأزمة فى غزة هذه المرّة لم تكن كسابقاتها، وسط ظروف معقدة، وخيوط شديدة التشابك، بمتغيرات متباينة، وسياق متداخل التفاصيل.
قول واحد: لولا ثقل القاهرة لما وصلت الأمور للتهدئة.
فى الوقت نفسه لم تكن الهدنة هدفًا وحدها، بقدر ما كانت الهدنة سبيلًا لدعوة جدّدتها مصرُ لتحريك عملية السلام فى الشرق الأوسط، وفق الثوابت وتماشيًا مع المرجعيات الدولية.
لا تعرف مصرُ حلولًا وسطًا عندما تستدعى الأمور قرارًا. لم يحدث أن سعت مصر لعلاجات قشرية تكملها المسكنات.. وتخدرها الموضعيات.
جددت مصرُ دعوتها لإحياء عملية السلام فى المنطقة، بمفهوم لا تحيد عنه لسلام قائم على العدل، والشمول ضمانًا لحقوق مشروعة للشعب الفلسطينى على رأسها القدس.
مازالت جهود القاهرة نحو تسوية عادلة للقضية الفلسطينية فى حاجة لمزيد من إرادة دولية لإنهاء معاناة شعب له كل الحق فى الحياة والأرض.
بينما قدر مصر أن تستمر هادئة رُغم مزايدات بعضهم.. وثابتة رُغم تخرّصات آخرين. تبقى مصرُ سندًا صادقًا شريفًا.. فى عوالم المتغيرات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.