توقفت كثيرًا أمام خبر عن تصريحات أعلنها عبدالله رشدى موظف الأوقاف الموقوف عن العمل بسبب تعديه وإساءته للمسيحيين من بنى وطنى، ذلك الموظف الذى ورغم وقفه عن العمل إلا أنه ما زال يمارس هواياته فى تعكير الفكر بما يبثه من جهل وبما يدعيه من علم بشكل يسىء للدين عبر فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى تحصد إعجاب المغيبين للأسف. أما تصريحات رشدى الأخيرة فقد جاءت عن المرأة حينما وجه حديثه للرجال قائلاً: «لا تتزوج بامرأة تفضل العمل عند الناس على العمل فى منزلها هن سيدات ستروكس، ولا تتزوج التى تقول لك شغل البيت مش فرض عليا، واتركها ل بابى ومامى لتنير لهما حياتهما». وأتساءل عن مسئولى الأوقاف والقانون الذين لم يتحركوا لمثل تلك التصريحات ولم يروا فيها إساءة للكثير من الفضليات اللاتى يمارسن العمل بشرف وكرامة لحماية بيوتهن ودعم مكانتهن فى الحياة وممارسة حق من حقوقهن التى لا يعرف أمثال رشدى أن الله منحها للمرأة التى يعتبرها هو وأمثاله معدومة الأهلية والفكر والقرار. هنا لن أدخل فى عمل المرأة وحقها فيه، فهو شأن يخص كل امرأة حسب قرارها وظروفها ورغبتها فى العمل أو المكوث فى البيت. فالمرأة الناجحة هى من تنجح فى كل ما يوكل لها خارج البيت وداخل البيت ودون تعدٍ على حق الأبناء والزوج فى الإحساس بوجودها وتأثيرها. ولكننى أتوقف أمام تلك العقول التى سممت الحياة فى عيون الكثيرين ممن يسيرون وراءهم كالنيام بلا توقف لتفكير أو مراجعة. وأتذكر عبارات رددها لى كوان يو الزعيم السنغافورى الذى بنى بحق سنغافورة وجعلها شيئًا من العدم بدءًا منذ عام 1965. حين قال ذات يوم فى تصريحات له أن التطرف الفكرى والإرهاب الذى يمارسه بعض المسلمين سببه نشر الفكر الوهابى وتمويل الترويج له فى ربوع كثيرة من العالم حتى فى جنوب شرق آسيا التى تنتمى لها بلاده، وأوضح أن مسلمى المنطقة كانوا يمارسون نسخة متسامحة ومعتدلة بسبب اختلاطهم بالعادات المحلية قبل صعود أسعار البترول فى السبعينيات والبدء فى نشر أفكار متشددة، ولذا فالمعركة الحقيقية هى معركة المسلمين أنفسهم. نعم وتلك هى المأساة التى نعانى منها أننا لم نحسم –كمسلمين- مواجهتنا مع الماضى وأفكاره وأفعاله وشخوصه. فتركنا أمثال ذلك الموظف المُبعد من وزارة الأوقاف ممن أطلقوا على أنفسهم لفظ دعاة، تحديد مسار حركتنا فى الحياة وشكل علاقتنا بالله والدين وفقًا لما حفظوه ونقلوه عن الماضى واجتهاده لعصره، لا وفقاً للفهم أو التفكير أو الاجتهاد وفقًا للحاضر وإشكالياته. فأخذوا من الحياة مظاهر التمدن وقشور التدين. فهل نواجه معركتنا؟