«الجيش والشعب إيد واحدة».. هذا ما كان يهتف به الشعب المصري طوال الثمانية عشر يوما والتي هي عمر الثورة، فمنذ نزول الجيش إلي الشارع وحتي تسلمه الحكم أثبت أنه مع الشعب ومطالبه ومع الثورة السلمية. لكن هناك بعض التساؤلات التي تطرح الآن علي الساحة المصرية: هل سيكون الحكم عسكرياً؟ وهل ستفرض الأحكام العرفية؟ ومتي سيرفع حظر التجول؟! وماذا عن الدستور؟ وكيف ستبني البلد؟! لذا ذهبنا إلي المتخصصين فتحدثنا مع اللواء مهندس محمد مختار قنديل - الخبير الاستراتيجي والعسكري. ما هو توصيفك لما حدث؟ - الذي حدث هو ثورة شباب غرضها التغيير، وقد وجد الرئيس مبارك أنه من الأنسب أن يتخلي عن منصبه حتي لا يحدث احتكاك بين الشعب والجيش إذا استمرت المظاهرات علي هذا النحو. - وفي أن هذا القرار تصرف سليم من الرئيس، وقد تقبل الجيش هذا القرار وتعامل معه بمنتهي الموضوعية، وقام المجلس الأعلي للقوات المسلحة علي الفور بإصدار عدة بيانات متتالية، أكد فيها عددا من الأمور المهمة التي تتوافق مع مطالب الشعب وتشمل: 1- إنهاء حالة الطوارئ فور استقرار الحالة الأمنية للبلاد. 2- رعاية مطالب الشعب المشروعة، وعدم الملاحقة الأمنية للشرفاء المطالبين بالإصلاح. 3- ضمان إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة. 4- ضرورة انتظام العمل في جميع مرافق الدولة. 5- التحذير من المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين كما أنه تعهد بالانتقال السلمي للسلطة، وسيعمل علي ذلك خلال فترة حكمه. وما معني أن يتولي الحكم المجلس الأعلي للقوات المسلحة؟ - معني ذلك أن حكم البلد انتقل إلي مجلس لإدارة شئون البلاد يتكون من المشير حسين طنطاوي - وزير الدفاع والفريق سامي عنان - رئيس أركان القوات المسلحة وعدد من قادة الأفرع الرئيسية، وقادة الجيش والمناطق والهيئات والإدارة العسكرية، وهذا المجلس سيضمن وجود حكومة مدنية مثل حكومة الفريق الدكتور أحمد شفيق أو غيرها. وهنا تدخلت متسائلة: وهل هذا يمثل حكماً عسكرياً؟ - فأجاب: ليس بالمعني الكامل حكم عسكري، فالحكم العسكري معناه أن كل الضباط الموجودين في الخدمة هم الذين سيتولون جميع مناصب البلد لكن هذا لن يحدث. فالحكم العسكري هو الذي حدث في ثورة 52، فقد كنت في المدرسة وفوجئت بتعيين الصاغ كمال الدين حسين - وزيرا للتربية والتعليم، وتولي جميع المناصب ضباط في الخدمة. لكن ما يحدث ليس تحكماً في الناس أو وضع قواعد صارمة يسيرون عليها، فهو حكم مدني عادي لكن بقواعد عسكرية تنظم عملية الإدارة. وهناك شيء أود أن ألفت إليه النظر وهو أن حكم القوات المسلحة ليس سيئاً، فالحكومة المدنية الموجودة الآن فيها ضباط لكنهم أنهوا الخدمة، وأصبحوا مدنيين. وما معني الجملة التي نص عليها البيان الثالث للقوات المسلحة «لسنا بديلا للشرعية»؟ - معناها أن ما حدث ليس انقلابا علي الشرعية، لكنه بتفويض من رئيس الجمهورية الذي تخلي عن منصبه ونقل سلطاته إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة. وهل ستطبق الأحكام العرفية، ومتي ستزول حالة الطوارئ. - لا لن تكون هناك أحكام عرفية، وبالنسبة لحالة الطوارئ أعتقد أنها سترفع خلال شهر لكن بعد أن تستقر البلد ويعم الأمن بين الناس وبصفة عامة لن تستخدم حالة الطوارئ إلا في حالة الإرهاب. وماذا عن الدستور من سيقوم بتعديله أو تغييره؟ - الذي سيعدل الدستور هم خبراء القانون الدستوري وعند هذه النقطة سألته: هل سيتدخل المجلس الأعلي للقوات المسلحة في تغييره؟ - من الممكن أن يضيفوا أو يستثنوا أحدا من المجموعة المكلفة بتغييره، لكنهم لن يقوموا بتغيير المجموعة لأنهم من أفضل الفقهاء الدستوريين ولا أحد يشك في نزاهتهم. كما أن الغرض الرئيسي من تعديل الدستور هو إقامة دستور يصلح لمدة 50 أو 100 سنة، وليس دستورا نغيره كل فترة. وإلي متي سيستمر حظر التجول؟ - لقد تقلصت بالفعل مدة الحظر فأصبحت من الساعة الثانية عشرة صباحا وحتي السادسة صباحا وستقل المدة تدريجيا حتي تنتهي وذلك لمنع الجرائم وأعمال البلطجة والفوضي. وهل ستستمر وزارات الدولة ومؤسساتها في العمل كما هي؟ - الوزارات الموجودة حاليا تسمي وزارات تصريف الأعمال وأتوقع أن تظل كما هي، وهذا ضروري فلابد من وجود حكومة تدير البلد حتي لا تتوقف الأعمال وتتعطل. وهل سيكون لذلك تأثير علي السياسة الخارجية لمصر؟ - سياسة مصر الخارجية لن تتأثر علي الإطلاق، فمصر دولة متوازنة سياسيا وعلاقتها طيبة بكل الدول وأنا أريد أن أقول في ذلك: إن مصر لن تلغي معاهدة كامب ديفيد، لكن إن حدث شيء سيكون تغييراً بسيطاً في نصوص المعاهدة. - أما بالنسبة لأمريكا، فقد وقفت متفرجة فقط تنتظر من سينتصر، الشعب أم النظام؟ فالذي يهم أمريكا فقط هو مصالحها. لكن المهم الآن هو أن نحسن علاقاتنا مع دول حوض النيل وأفريقيا. في رأيك.. كيف نبني مصر؟ - مصر ستبني بسواعد أبنائها الشرفاء، وبمساعدة القوات المسلحة فالشعب والجيش إيد واحدة، وسيظلوا هكذا لكن الأهم هو أن يعمل كل مواطن بجهد وإخلاص وأن يراعي الله في عمله، فمشكلتنا في مصر هي أن كل موظف كان يعتبر نفسه فرعونا صغيرا. لذا فأتوجه إليهم بنداء: علي كل موظف أن يسهل مهام الناس ولا يعطلهم، وأن يعمل بما يرضي الله وبكل جد وإخلاص.