أشرق علينا هلال رمضان لأن فى قلوبنا ينابيع للخير، وكلها تنتظرك، ليال مضيئة بالبر، نجل فيها كمال حبك، أفراح قلوبنا بقربك، ونعظم فيها ما كتب علينا وعلى الذين من قبلنا من صوم ترق له النفوس، وتخف له الأبدان فهى فى شغل به عن غيره، إنه عيد الإرادة فى كل عام يشد العزم، ويحفز الرغبة فى العمل، ويرقق القلوب، فى نواصيه الخير، وأيامه بركة . أشرق علينا هلال رمضان، نتسحر ببركة السحور صوامين قوامين، وما بنا من نعمة فمن الله. غبت عاما يا شهرنا الكريم فطال بنا الشوق فى انتظار هلالك فأقبل تتفتح فى أنفسنا طاقات حب. تاقت إليك مشاعرنا، ومن رهفها صارت أرواحنا ترفرف كحمام الحما حول كعبة حسنك. مآذننا تلألأت بالنور، والقباب حملت قبسا من هذا الضوء الوهاج، والناس اتخذوا زينتهم عند كل مسجد فى انتظار قدومك، معلقة بك أبصارنا يا هلال فتشكل فى دنيانا جناحا للوجود يطل على شبابيك الجنة، ننشق عبير بساتينها فيك، نجلس على آرائكها فى تسبيح لياليك، وننتظر قطوفها فى ليلة قدرك. يا هلال رمضان أشرق للطير عهد مع الأفق أن يبلغ مأمنه، والشمس والقمر والنجوم كل فى فلك يسبحون، وليس للمرء فى هذه اللحظات المباركة من كل عام إلا دعاء واحد، وأمنية واحدة : اللهم بلغنا رمضان... وها نحن فى انتظاره، وها أنت يا هلال حلم الفقير برغيف خبزه، وحلم الغنى براحة باله، وأمل كل مواطن بنصر بلاده، وأمل الأمة بأن يتحقق تقدمها على قدر أهل عزائمها. أشرق هلال شهر الصيام، شهر الرحمن، أنر طريقنا لتزهر أعمارنا، وتثمر قلوبنا نضج مشاعرها، وتبدى خير ما فيها وداً وإخاًء ومحبة، وأهلا بك يا فرح القلوب، يا زين الزمان. وما أحلى تلك الأبيات الشعرية التى يقول فيها محمود حسن إسماعيل فى استقبال الشهر الكريم: «سلاما ناسك الزمن / حبيب الروح والبدن / سلام النور والإيمان / سلام الحب يا رمضان. سلام الطائر الظمآن / لنبع لاح فى البستان / سكبت النور للأكوان / وزاد الروح للإنسان».. •