أسعار اللحوم والدواجن بسوق العبور اليوم 5 أكتوبر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 5 أكتوبر    لأول مرة منذ بداية الحرب.. الجيش الإسرائيلي يستهدف طرابلس شمالي لبنان    "بلومبيرج": البنتاجون سينفق 1.2 مليار دولار لتجديد مخزون الأسلحة    الجيش السوداني يغير معادلة الحرب.. وترحيب شعبي بتقدم القوات في الخرطوم    «مبقاش ليك دور».. هجوم ناري من لاعب الزمالك السابق على شيكابالا    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام    حالة الطقس في مصر ليوم السبت 5 أكتوبر 2024: تحذيرات من الأرصاد الجوية    حقيقة وفاة الإعلامي اللبناني جورج قرداحي نتيجة الغارات الإسرائيلية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    بعد عودة تطبيق إنستا باي للعمل.. خبير مصرفي يكشف سبب التحديثات الجديدة    مباراة الزمالك وبيراميدز بكأس السوبر المصري.. الموعد والقنوات الناقلة    ابنتي تنتظر اتصاله يوميا، عارضة أزياء تطارد نيمار بقضية "إثبات أبوة"    إطلاق مشروع رأس الحكمة.. بوادر الخير    الصحة الفلسطينية: 741 شهيدا فى الضفة الغربية برصاص الاحتلال منذ 7 أكتوبر    سلوفينيا تقدم مساعدات عينية لأكثر من 40 ألف شخص في لبنان    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    تشكيل الهلال ضد الأهلي في الدوري السعودي    أرسنال يخشى المفاجآت أمام ساوثهامبتون فى الدوري الإنجليزي    حريق فى عمارة سكنية بدمياط والحماية المدنية تكثف جهودها للسيطرة    اليوم.. محاكمة إمام عاشور في الاعتداء على فرد أمن بالشيخ زايد    تعرف على مواعيد قطارات الصعيد على خطوط السكة الحديد    اعترافات لصوص الدراجات النارية بالغربية: نفذنا 6 جرائم بأسلوب "قص الضفيرة"    لبنان.. مقتل القيادي في حماس سعيد عطا الله جراء غارة إسرائيلية على طرابلس    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    أوركسترا القاهرة السيمفونى يقدم أولى حفلات "الموسيقى الغنائية" اليوم بالأوبرا    28.4 مليار جنيه قيمة أرصدة التمويل العقارى للشركات بنهاية يوليو    ترامب يطالب اسرائيل بالقضاء على المواقع النووية الإيرانية    مصدر يكشف أزمة جديدة قد تواجه الزمالك لهذه الأسباب    رئيس شعبة الدواجن: مشكلة ارتفاع أسعار البيض ترجع إلى المغالاة في هامش الربح    سهر الصايغ "للفجر": بحب المغامرة وأحس إني مش هقدر أعمل الدور...نفسي أقدم دور عن ذوي الاحتياجات الخاصة    عاجل - حقيقة تحديث « فيسبوك» الجديد.. هل يمكن فعلًا معرفة من زار بروفايلك؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    حرب أكتوبر.. أحد أبطال القوات الجوية: هاجمنا إسرائيل ب 225 طائرة    تحذير عاجل من التعليم للطلاب بشأن الغياب    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    الكشف ب 300 جنيه، القبض على طبيبة تدير عيادة جلدية داخل صيدلية في سوهاج    أعراض الالتهاب الرئوي لدى الأطفال والبالغين وأسبابه    الكويت.. السلطات تعتقل أحد أفراد الأسرة الحاكمة    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    تناولتا مياة ملوثة.. الاشتباه في حالتي تسمم بأطفيح    بعد تعطله.. رسالة هامة من انستاباي لعملائه وموعد عودة التطبيق للعمل    لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن عدد من المناطق بالقاهرة اليوم    الحوار الوطني| يقتحم الملف الشائك بحيادية.. و«النقدي» ينهي أوجاع منظومة «الدعم»    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    معتز البطاوي: الأهلي لم يحول قندوسي للتحقيق.. ولا نمانع في حضوره جلسة الاستماع    البابا تواضروس الثاني يستقبل مسؤولة مؤسسة "light for Orphans"    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسألة السلطان سليم
نشر في صباح الخير يوم 14 - 02 - 2018

اهتمت جميع الوسائل العربية والأجنبية بإعلان المهندس عاطف عبد الحميد محافظ القاهرة عن اعتزام المحافظة تغيير اسم شارع سليم الأول، وهو الشارع الأشهر فى منطقتى الزيتون وعين شمس بشرق العاصمة. أرجع السيد المحافظ قراره إلى الدراسة التى أعدها الدكتور محمد صبرى الدالى وهو أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة حلوان والتى انتقد خلالها تسمية أحد الشوارع باسم أحد المستعمرين الذين قتلوا ما يقرب من 50 ألفاً من المصريين فى معركة طاحنة أثناء دخول جيش السلطنة العثمانية المحتل للقاهرة مختالاً بانتصاره على السلطان المملوكى قنصوه الغورى فى موقعة مرج دابق ظناً أنه سيقهر مصر بعد استيلائه على سوريا دون معركة، فأراق جنوده فيها دماء المصريين الذين استقبلوه كجيش أجنبى غاصب ودافعوا عن بلادهم تحت راية سلطانهم الأخير طومان باى.
شارع سليم الأول
أكد السيد المحافظ أنه سيتم إطلاق حوار مجتمعى من خلال رئاسة حى الزيتون مع الأهالى لاختيار اسم جديد للشارع، ومن المتوقع أن يتم اختيار اسم أحد الشهداء الذين سقطوا فى المواجهات مع الإرهاب. للأسف الشديد، غفلت غالبية الصحف ووسائل الإعلام المصرية عن تسليط الضوء على تلك الواقعة المهمة فى حد ذاتها.
تكمن الأهمية البالغة لقرار السيد محافظ القاهرة فى دلالاته الضمنية وليس مجرد الاستنتاجات وبناء التصورات التى سارعت بها بعض المنصات الإخبارية العربية والتى دفعت المسئول الرسمى لنفى وجود خلفيات سياسية للقرار!، يساورنا القلق من ذلك التصريح فلا يوجد مانع على وجه الإطلاق فى أن يكون الباعث على تغيير اسم شارع مر على تسميته أكثر من مائة عام توجهًا سياسيًا واضحًا ويطرح للمناقشة أمام الرأى العام وليس أهالى حى الزيتون فقط مع خالص الاحترام والتقدير لهم. الأمر الذى ينبغى النظر له بصفة أولية الاسم الجديد للشارع، والذى سيقطع الشك باليقين حول حقيقة المغزى من تغيير تسميته فى التوقيت الراهن.
هل نُطلق عليه طومان باى؟
أكاد أسمع بعض الأصوات المتحمسة تنادى بتسمية الشارع باسم السلطان طومان باى الذى واجه جيش الاحتلال العثمانى، ومثّل به عدوه سليم الأول بأن جعل رأسه المقطوع على باب زويلة أحد منافذ القاهرة الرئيسية آنذاك. لا أقصد إحباط أولئك المتحمسين إلا أن حى الزيتون العريق يضم شارعًا باسم السلطان طومان باى ولا عجب فتلك التركيبة المصرية الفريدة التى تضع الشىء ونقيضه فى مكان واحد، سواء كان مرجع ذلك لتسامح مجتمعى غير منكر أو عدم إلمام معرفى من بعض الأجهزة المحلية.
وماذا عن شارع قمبيز؟!
بكل تأكيد إن طرح مسميات بعض شوارع القاهرة التى تبعث على الحيرة والدهشة من الموضوعات المهمة والدالة على حيوية المجتمع، فمن غير المقبول أن يطلق على أحد شوارع مصر الجديدة اسم (قمبيز) وهو أحد أكاسرة فارس قام بغزو مصر فى القرن السادس قبل الميلاد وجرد جيشه لهدم معبد الإله آمون رع فى صحراء سيوة، كما عمد إلى تدنيس جثمان الفرعون المصرى أبسماتيك الثالث -من الأسرة السادسة والعشرين المعروفة بالأسرة الصاوية نسبة لعاصمتهم (صان الحجر) التى تقع حالياً فى محافظة الشرقية- بعد قتله بصورة وحشية لا تليق بأعراف الملوك وآداب الحروب.
بين سليم الأول والحاج نابليون
نعود مرة أخرى إلى السلطان سليم الأول الذى نهب مقتنيات قصور السلطان المملوكى القتيل ومنها آثار للرسول التى تم وضعها فى قصر الحكم العثمانى (طوب كابي) ولا تزال فى المتحف الملحق به إلى يومنا هذا، كما قام بترحيل أرباب الحرف والصناع المهرة إلى الأستانة لتسقط مصر فى غياهب الظلمات لأربع قرون متصلة حتى وصول الحملة الفرنسية. لن يستطيع أى من المؤرخين إنكار تلك الحقائق بمن فيهم أولئك الذى يباهون بما يسمى بعصر (الخلافة) العثمانية بعد اغتصاب سليم الأول للقب من المماليك وتسمى بخادم الحرمين الشريفين عقب ضمه للحجاز التى كانت من أملاك مصر المملوكية عاصمة الخلافة العباسية منذ إعلانها فى القاهرة خلال عهد السلطان ذائع الصيت الظاهر بيبرس. بل لن يتمكن أحد منهم من أن يبرر لك بشكل منطقى أسباب غزو دولة إسلامية لأخرى أقدم منها فى اعتناق الإسلام والذود عن دياره وهزمت جيوشها من أبنائها المغاوير الصليبيين والتتار على السواء. لا تدع ذلك يصيبك بالخلط، فما أكثر من حاولوا لقرون إضفاء الصفات الدينية على استعمارهم للشعوب، يستوى فى ذلك سليم الأول أو الحاج نابليون الذى أشاع أنه اعتنق الإسلام قبل بلوغ الحملة الفرنسية القاهرة لتخدير المصريين، لا فارق بين العثمانيين والإنجليز والفرنسيين والإسرائيليين فجميعهم محتلون قتالهم مقاومة مشروعة وعمل وطنى.
عصر الانكشارية!
الحقائق بازغة كالشمس، سلاطين العثمانيين عن بكرة أبيهم كان همهم غزو الأراضى والشعوب دون تفرقة، وهم من حولوا الدين والعقيدة إلى قومية لا ينافسهم فى ذلك إلا اليهود. منح العثمانيون أعداء الإسلام الذرائع التى يسعون إليها لتشويهه على غير حق، فهم لم يسلكوا فى حكم الشعوب التى قهروها طرق دول الخلافة التى سبقتها كالأمويين والعباسيين. ما زالت كتب المستشرقين والباحثين فى التاريخ الأوروبى خلال العصور الوسطى تتذكر كيف كان العثمانيون ينتزعون أبناء الشعوب المهزومة من عائلاتهم تطبيقاً لما أسموها بضريبة الابن الأكبر ليتم تجنيدهم فى فرقة (الانكشارية) التى كانت تشغل الصفوف الأولى فى كل حروبهم التوسعية. كان تحول العثمانيين بقيادة سليم الأول لغزو الأراضى العربية المستقرة بسبب توقف زحفهم فى أوروبا إلى أبواب فيينا ولم يتقدموا بعدها، بل أخذوا فى التقهقر بظهور القوى الأوروبية البازغة كروسيا القيصرية التى صارت عدوتهم اللدود حتى عصرنا الحالى. ترى هل تذكرنا تلك الملابسات التاريخية بمشاهد شبيهة فى عصرنا؟
أردوغان ورسم خريطة الشرق الجديد
وضع العثمانيون الجدد وعلى رأسهم سلطانهم المزعوم رجب طيب أردوغان على أولوية أجندتهم إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يلائم الإمبراطورية التى يحلمون بها. كانوا يتجهزون منذ صعودهم إلى سدة الحكم عام 2003 فى تركيا العلمانية سابقاً وها هم قد تمكنوا من تغيير الدستور التركى وتحييد الجنرالات بما يضمن لهم السيطرة خلال السنوات القادمة دون منافسة. يرغب العثمانيون الجدد فى ابتلاع سوريا الجريحة وهى لا تزال فى مرحلة النقاهة وإيجاد موطئ قدم لها فى شمالها لعرقلة التمدد الإيرانى من جانب ومنع اتصال الأكراد فى سوريا مع نظائرهم فى الولايات الجنوبية بتركيا ذات العرقية الكردية كديار بكر وكذا كردستان العراق، وذلك وسط أجواء ملتبسة وتدخلات من قوى عالمية وإقليمية جعلت من الميليشيات المسلحة والجماعات المتطرفة مدعاةً لمحاولاتها فرض إرادتها على الشعب السورى الذى تم تشريده بفعل فاعل.
الأمر ليس انتقاماً تاريخياً!!
ألن نرغب بعد كل هذا فى تغيير أسماء شوارعنا بمن يستحقون منا التكريم والتذكير بعظيم أعمالهم لصالح الوطن والشعب؟ ليس فى الأمر انتقام تاريخى أو ما شابه، ولكن تصحيح وضع غير صائب، فإنك لن تجد فى أى دولة فى العالم من يكرم حاكماً أو قائداً أو شخصاً قتل أو شرد مواطنيها وأهان كرامتها الوطنية بتخليد اسمه بإطلاقه على شارع أو منطقة أو مدرسة. لنغير اسم شارع سليم الأول وفى الطريق (قمبيز) كيفما نشاء دون تحسب أو مجاملة، فليس هناك من يمنع إرادتنا الحرة فى وطننا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.