بحسب أحدث بحث صدر عن المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حول ظاهرة العنف داخل الأسرة المصرية: «منظور اجتماعى وقانونى» فإن أكثر الفئات التى تتعرض للعنف هى المرأة وفى كل الطبقات.. فالمجنى عليهن داخل الأسرة، بحسب بلاغات العنف الأسرى، (80%) إناثاً مقابل (20%) ذكوراً، وهو ما يعد ثقافيا «على حد وصف الدراسة» شيئاً عادياً!!.. العينة أخذت من أقسام الشرطة الأربعة المطرية وقصر النيل والبساتين وروض الفرج ووجد أن المستوى الاقتصادى والاجتماعى يلعب دوراً فى علاقة الرجل بالمرأة داخل الأسرة، وأجريت الدراسة التحليلية على جميع المحكوم عليهم فى جرائم العنف الأسرى والمودعين بسجون المنطقة المركزية بالقاهرة الكبرى وبلغ عددهم 120 شخصا. وتوضح د. فادية أبوشهبة أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية والباحث الرئيسى فى الدراسة بمشاركة ماجدة عبدالغنى، أن «المرأة بالفعل هى أكثر من يقع عليها العنف داخل الأسرة، ومن كل الطبقات، والفرق بين كل طبقة وأخرى أنه فى الطبقات العليا تطلب المرأة الطلاق وكلما تدنى مستواها الاجتماعى والثقافى تصبر وتصبح ما تقدمه حقاً مكتسباً لمن حولها». ما صور العنف التى تقع على المرأة وأكثرها شيوعاً داخل الأسرة؟ تعانى المرأة تمييزاً فجاً بينها وبين الرجل بدءًا من نظرة الرجل لها مروراً بالتمييز فى فرص العمل، وما تتعرض له من إهدار حقها فى الإرث (غالباً فى وجه قبلى) وكذلك بالختان الذى لا يزال يرتكب رغم تجريمه، وانتشار زواج القاصرات، وتعرض بعضهن للضرب فى بيت أبيها أو بيت زوجها والتعامل مع ذلك كثقافة مجتمع. حسب توزيع بلاغات حوادث العنف الأسرى فى الدراسة: 1- أكثر صور العنف الأسرى هو العنف بين الزوجين حيث بلغت غالبية جنايات العنف داخل الأسرة 82%، من المتزوجين فى مقابل 9.5 من العزاب. 2- أكثر جرائم العنف شيوعًا ضد المرأة «السب والهجر ويتصاعد للضرب والطرد ويصل لأقصاه بالقتل والحرق». 3- الزوجات هن غالبية ضحايا العنف الأسرى، بعدهن الأمهات فالأبناء الإناث، ثم الحموات أو زوجة الأب، ويحد العمل من العدوان عليها لخوف الرجل من فقد إسهامها فى الإنفاق. 4- الأسباب الاقتصادية على رأس الأسباب المؤدية للعنف ضد المرأة ثم الاجتماعية كجرائم الشرف وتعدد الزوجات. 5- هناك علاقة بين انتشار العنف فى الأسرة وانخفاض المستوى التعليمى والثقافى للزوج وللزوجة. دائرة من العنف هل أصبحت المرأة ترد العنف بعنف ؟ - مع أن نسب جرائم المرأة أقل كثيراً من نسب جرائم الرجل، فهناك تغير كيفى فى نوعية الجرائم التى ترتكبها المرأة، فقبل ذلك كانت جرائم المرأة حسب عينات تؤخذ من السجون تحدث بعد طول معاناة والوصول لمرحلة الانفجار، فتقتل الزوج أو لتدافع عن نفسها، فأصبحت المرأة مقتحمة لمجالات إجرامية كالسرقة بالإكراه وتزعم تشكيل عصابى لسرقة السيارات، والتهريب ولم تعد مجرد محرض بل أصبحت مرتكبا للجريمة. أما داخل الأسرة فتتأرجح بين الإذعان والاستسلام، أو تلجأ لطلب الطلاق، وهو ليس متاحاً لكل الطبقات، أو رد العنف بعنف مضاد يصل «للقتل». دراسة جديدة لتشريعات جديدة وما الجديد فى البحث الذى سيطرحه المركز قريباً والخاص بالمرأة وحقوقها؟ - هناك مشاكل إجرائية فى النفقة والحضانة والرؤية، ونحن بصدد الإعلان عن بحث من المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وإقامة ورشة عمل مع أساتذة وبرلمانيين هذا الشهر للخروج بتشريعات ولتناول كل ما يتعلق بالنفقة والحضانة والرؤية. ونستعرض آليات تنفيذ أحكام محكمة الأسرة والمشاكل المرتبطة بها وأوجه القصور التشريعى فى العديد من القوانين الخاصة والمعوقات القانونية والإجرائية من فساد من قبل محضرين، وأمناء الشرطة؛ وأيضاً سوء أحوال مكاتب تسوية المنازعات الذى من المفترض عند رفع الدعوى أن يذهب إليه الزوجان لمحاولة الصلح كشرط لرفع الدعوى، والواقع أن المكتب لا يقوم بدوره بل يعطل رفع الدعوى فقط!! المفترض أن تجلس السيدة تحكى مشكلتها وهناك ثلاث موظفات ومحامية ومن تسجل الجلسة والإخصائية، والمكتب فى الواقع ملىء بالبشر فلا تستطيع المرأة التحدث بحرية عن مشكلاتها أمام كل هؤلاء الناس، بالإضافة لذلك لا تكون هناك إلا موظفة واحدة تكتب وتتحدث. المفترض أن يكون المكان مهيأ ومناسباً لحل المنازعات بالفعل كما هو الغرض من إنشائه.. وغيرها العديد من المشكلات الإجرائية، فيجب أن تكون هناك مادة للتنفيذ الفورى، ويجب أن يكون هناك شرطة قضائية مخصوصة بالتنفيذ بدلاً مما يحدث الآن من تقديم الطلب لقسم البوليس ويأخذ وقتاً فى تنفيذه والنسبة الكبيرة لا تنفذ على أرض الواقع، فنجد عند الحكم بالحجز على الشقة للزوجة نواجه بالتحايل عن طريق البيع الصورى الذى يقوم به الزوج لزوجته الثانية مثلا. والحاضنة لا تستطيع تنفيذ الحكم أو نجد البيت مؤجراً مثلاً، أو نفتح الشقة فلا نجد أثاثا رغم وجود حكم بالحجز على المنقولات، أو يقوم الأزواج بكتابة الأثاث باسم الزوجات الجديدات، وما يحدث أن المُحضر يخطر الرجل فيتصرف ويهرب، أو يتصرف بالبيع الصورى أو الإيجار، والمحضرون و معاونو التنفيذ سبب مباشر فى عدم تنفيذ الأحكام. والنفقة لها مشكلاتها وإقامة دعوى النفقة يتطلب توفير عدة أوراق منها حكم الطلاق، ومفردات مرتب الزوج وإثبات دخله، أو السجل التجارى أو الحيازة الزراعية له، مع صعوبة تحديد ذلك، خاصة إذا كان الزوج لا يعمل لدى الحكومة والقطاع العام وهو ما يعرقل تحديد النفقة.. والمنظومة القضائية فى مصر تسمح بضياع الوقت فى القضايا، قضية نفقة تستغرق سنوات والمفروض ألا تستغرق أكثر من 6 أشهر، لكن التأجيل الجلسات وطول الوقت بين الجلسات يعطل الحصول على أحكام. وهناك شق المحكوم له خارج مصر، وكثير من الناس يجهل أن هناك إدارة للتعاون الدولى تابعة لوزارة العدل منوط بها المشاكل المحكوم فيها خارج البلاد. هذه المشاكل تواجه المرأة وتمثل عنفاً ضدها وبالقانون؟ - بالفعل هناك قوانين عديدة حول الرؤية والاستضافة ترتبط بالحضانة، فالحق فى الحضانة يكون للأم، وبعد سن معينة يسأل الطفل حتى الزواج، ومن حق أهل الأب رؤية حفيدهم ولا يجوز أن يقتصر الأمر فقط على الأب، أهل الزوج جميعا لديهم حق فى رؤية الحفيد، ثانيًا، ترتيب الحضانة، فالأم عندما تتزوج تسحب منها الحضانة وكأننا نعاقبها على أنها تزوجت فى الحلال، أو نجبرها على الزواج فى السر أو عرفى أو إقامة علاقة بدون زواج، كى لا تخسر الحضانة وهو ظلم للمرأة وكل هذا سنناقشه فى ورشة العمل هذا الشهر. وبشكل عام القضاء على ظاهرة العنف ومحاصرتها يتطلب مساواة وعدالة اجتماعية بما يحفظ للأسرة الاستقرار والأمان. والمطلوب برامج تثقيفية لتبصير الشباب من الجنسين بمتطلبات الزواج والحقوق والواجبات المتبادلة، والإكثار من مراكز التوجيه الأسرى وتأهيل المتخصصين لمد يد العون، ووجود جهة رسمية أو شعبية تلجأ لها الزوجات المتضررات من العنف لمساعدتهن قانونياً، وإعادة النظر فى قانون الأحوال الشخصية، و إلغاء نظام الوكالة عند عقد القران لضمان موافقة الفتاة، ورفع سن الزواج لعشرين عاماً للفتاة و25 للفتى، والتنسيق بين وزارات العدل والداخلية والتضامن لتحقيق أمان اقتصادى واجتماعى ونفسى للمتضررات من العنف الأسرى وأبنائهن. •