«ارتفع الدولار.. وانهار الجنيه» استمرار لمسلسل شروط النقد الدولى مما أشعل لهيب جيوب البسطاء لينهمكوا فى التفكير كيف يدبرون لقمة عيشهم التائهة بين نار الدولار وانخساف الجنيه. واستكمالا لمسلسل الانهيار لا يعلم المواطن المطحون إلى أين سيعصف به صندوق النقد غدا عندما تضع رقبته تحت مظلة شروط الصندوق. ارتفع الدولار وانهار الجنيه مما أشعل أسعار جميع السلع التى تدور فى فلك البسطاء فى ظل استيراد 06٪ من غذاء المصريين يتم استيراده من الخارج بالعملة الصعبة، بالإضافة إلى استيراد 08 ٪ من المواد الخام، وقد أشار تقرير جهاز التعبئة والإحصاء إلى أن هناك بعض السلع الغذائية التى شهدت ارتفاعاً خلال الأيام الماضية مثل القمح والدقيق، والذى أدى إلى ارتفاع أسعار المكرونة بنسبة 5,21٪ ليرتفع سعرها من 2 جنيه إلى 52,2 جنيه، كما ارتفعت أسعار الألبان بنسبة تراوحت مابين 3 إلى 5٪ نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف وتكلفة الخامات المستخدمة فى التعبئة والتغليف، كما ارتفع أيضا سعر الأرز خلال الأسبوعين الماضيين بعد فتح باب التصدير خلال الشهر الماضى، وكذلك السكر الذى ارتفع بنسبة 51٪ تقريبا ليتراوح سعره مابين 57,4 جنيه إلى 52,5 جنيه بعد فرض رسوم إغراق على وارداته كما ارتفعت أسعار طن السكر، فقد وصل الطن إلى 003 جنيه، بعد أن كان لا يتعدى 051 جنيهاً، بالإضافة إلى 51 ٪ زيادات فى أسعاراللحوم و02 ٪ فى المعادن و52 ٪ فى ورق الطباعة وشهدت أسعار الحديد ارتفاعا ملحوظا، فقد بلغت أسعار الحديد المستورد 016 دولارات للطن بزيادة 01 دولارات، نتيجة لارتفاع الدولار، وأسعار الحديد المحلى بلغت 1044 جنيه للطن، بالإضافة إلى أن أسعار الذهب وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ ثلاثة أسابيع، حيث وصل سعر الجرام لعيار 12 إلى 403 جنيهات، مدعوما بموجة الارتفاعات فى السوق العالمية، حيث إن سعر صرف الدولار محليا مازال المتحكم الأول فى أسعار الذهب، حيث إن سعر الأوقية وصل إلى 5861 دولارا عالميا، وقد وصل سعر الجرام عيار 81 إلى 5,062 جنيها، إضافة إلى الجرام عيار 42 والذى بلغ 5,743 جنيها. وكشف تقرير البنك المركزى أن الجنيه واصل تراجعه، وأنه باع 9,47 مليون دولار للبنوك وكان أقل سعر مقبول هو 0683,6 جنيه للدولار، وكان أقل سعر مقبول أمس الأربعاء، هو 0153,6 جنيه للدولار. وفقدت العملة أكثر من ثلاثة بالمئة من قيمتها مقابل الدولار هذا الأسبوع.
ليلى الخواجة
وفى هذا الإطار أصدرت الشركة القابضة للصناعات الغذائية بيانا لتعلن من خلاله عن توقف عملية الاستيراد للسلع التى ستتأثر بصعود الدولار أمام الجنيه، لحين عودة أسعار الصرف إلى الاستقرار وفى مقدمتها السكر والقمح والزيوت. وأكد البيان أن توقيت هذا القرار حتمى تجنبا لزيادة أسعار السلع المستوردة لارتفاع الدولار مضيفا: إن المخزون الموجود من تلك السلع يكفى حتى نهاية منتصف 3102، فمخزون السلع كالسكر والقمح والزيوت يكفى حتى نهاية يونيو المقبل. الاحتكار!! ومن هنا أكدت الدكتورة ليلى خواجة أستاذ الاقتصاد بكلية اقتصاد وعلوم سياسية جامعة القاهرة: إننا أمام ناقوس خطر ليس بسبب ارتفاع الدولار فقط، بل بسبب جشع التجار ومحتكرى السوق الذين يسيطرون على الأسعار لمجرد جنى الأرباح، حتى ولو على حساب المواطن البسيط، بالإضافة إلى أن كثيرا من الخامات الرئيسية فى قطاع الغذاء يتم استيرادها من الخارج، خاصة الذرة وفول الصويا واللبن البودرة وعبوات السلع الغذائية، وأن زيادة سعر صرف الدولار يعنى زيادة كبيرة فى تكلفة الإنتاج. فضلا عن تحمل المصانع فى الأسابيع الأخيرة زيادات كبيرة فى التكلفة نتيجة زيادة أسعار المياه من 061 قرشا للمتر المكعب إلى 504 قروش، فضلا عن زيادات فى أسعار الكهرباء، ومن هنا قد يصب على عاتق المواطنين. وأضافت د. ليلى أن ارتفاع الدولار سيؤثر بالسلب على جميع المنتجات، فعلى سبيل المثال أن جميع مصنعات اللحوم يتم استيرادها من الخارج وأنها سترتفع بنفس نسب الزيادة فى أسعار الدولار، والتى من المتوقع أن تتجاوز 01٪ خلال أيام قليلة، بالإضافة إلى أن ارتفاع أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج الرئيسية من المعادن والخردة، أصبح مؤكدا فى ظل التراجع الكبير فى قيمة الجنيه. كما أن التخبط الحكومى أمام هذه القرارات سيضاعف من ارتفاع الأسعار ويكون المواطن هو ضحية هذه التخبطات. الخضوع!! ويؤكد أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية: أن الفترة المقبلة ستشهد ارتفاعًا بحوالى 02٪ بأسعار أغلب السلع الغذائية، بسبب ارتفاع سعر الدولار الذى أثر على أسعار السلع المستوردة، علاوة على زيادة أسعار الأسمدة والمبيدات الزراعية، التى تؤثر على جميع السلع الزراعية. وأكد الوكيل أن ارتفاع الدولار سيمثل عبئًا جديدًا لن يتحمله التاجر، وتتم إضافته على المواطن، وليس بالنسب المعلنة فقط، بل تتضاعف بسبب حلقات التداول قبل أن تصل السلعة للمواطن. وأضاف أن الخضوع لشروط صندوق النقد الدولى لا يتحمله الشعب، مشيرًا إلى أن انهيار الجنيه سيؤثر على السوق التى تعانى حالة غير مسبوقة من الركود، بالإضافة إلى أن المواطن يعانى من حالة من التدهور الاقتصادى بشكل كبير.. وحذر الوكيل من نقص فى السلع التموينة الأساسية بسبب ارتفاع أسعار الدولار، مشيرة إلى أن تواصل ارتفاع أسعار الدولار أمام الجنيه يزيد من تكلفة استيراد السلع مع بداية العام الجديد، وأكد أن إجمالى المبالغ التى تم صرفها لاستيراد السلع التموينية والمنتجات البترولية خلال 2102 بلغت 41 مليار دولار، بالإضافة إلى أن استمرار ارتفاع الدولار سيزيد من تكلفة استيراد السلع خلال الفترة القادمة. الفخ!! ويشير نضال عسر وكيل البنك المركزى للسياسات النقدية إلى أننا أمام مأزق حقيقى وضعتنا فيه الحكومة، فارتفاع الدولار هو فخ واضح للخضوع لشروط صندوق النقد الدولى والتى تتطلب تحقيق مرونة أكبر فى تداول النقد الأجنبى داخل السوق المحلية دون تدخل من المركزى ولا يقع فى هذا الفخ سوى المواطن البسيط، أما الأغلبية الحاكمة فارتفاع الدولار يصب فى مصالحهم لأنهم تجار عملة منذ الثمانينيات.. أما عن دور البنك المركزى للخروج من هذا المأزق، فقد قام المركزى بتنفيذ الآلية الجديدة من خلال قيامه بطرح عطاءات دورية لشراء أو بيع الدولار الأمريكى FX Auctionsتتقدم إليها البنوك بعروضها، وهى آلية معمول بها فى العديد من الدول، حيث تستهدف المحافظة على احتياطى النقد الأجنبى وترشيد استخداماته، مؤكدًا أن هذه الآلية لن تؤثر على نظام الإنتربنك الدولارى، وإنما تعد مكملة ومساندة له وسيعملان جنبا إلى جنب، فهذه الآلية تستهدف موازنة قوى العرض والطلب فى الجهاز المصرفى خلال الفترة المقبلة، لتوفير العملة الصعبة للبنوك التى تواجه ارتفاعاً فى الطلب على الدولار من بنوك أخرى تتوافر لديها العملة وينخفض فيها الطلب. احمد الوكيل وأضاف أن التطورات الخطيرة التى شهدتها سوق الصرف أجبرت البنك المركزى على التدخل بسياسات جديدة لضبط إيقاع السوق الذى بدا الأسبوع الماضى خارجاً عن سيطرة السلطة النقدية، موضحاً أنه سيتم إلغاء دور صانع السوق الذى كان يقوم به البنك العربى الأفريقى الدولى وبنك قناة السويس اللذين كان «المركزى» يتدخل عبرهما للتأثير على الأسعار فى سوق الصرف، وكانت تمر عبرهما أى دولارات يطرحها فى السوق، فى المقابل ستتيح الآلية الجديدة لجميع البنوك التعامل مباشرة مع البنك المركزى دون وسيط.
